موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 26 مايو 2012

هل يكون العراق حصان طروادة؟

كتب الأخ العزيز الأستاذ سعيد حارب، مقالاً مهماً عن مآلات القمة العربية التي انعقدت مؤخراً في بغداد المحتلة، وتحوِّل العراق إلى حصان طروادة الذي تتسلل من خلاله إيران، بمشروعها الفارسي، إلى حجرات بيتنا العربي، واحدة بعد أخرى، وهي نفس الفكرة التي طالما كتبنا عنها، ومنها مانشرناه هنا و هنا و هنا، وتحدثنا بشأنه في وسائل إعلام عربية مرات عديدة في ضرورة أن يمنع العرب عقد القمة العربية في بغداد، كونها واقعة فعلياً تحت الاحتلالين الأميركي والإيراني، ولكن مشيئة النظام الرسمي العربي شاءت غير ذلك، وصولاً إلى المخاوف التي يعبر عنها ويشرحها مقال الأستاذ حارب.


هل يكون العراق حصان طروادة؟

سعيد حارب

في حديثه لرئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي أثناء زيارته لطهران، صرح مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي أن بعض الأطراف تعمل "جاهدة للإيحاء بأن العراق يقف خارج العالم العربي. ولكن القمة العربية في بغداد وضعت العراق على رأس الجامعة العربية، ورئيس الوزراء العراقي رئيساً لهذه الجامعة". أما نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي فقد كان أكثر "حماساً" حين دعى إلى " اتحاد البلدين بشكل تام لتشكيل قوة كبيرة على الصعيد العالمي".
ويبدو أن المالكي شعر بشيء من "الحرج"، فأراد أن يخفف من تأثير هذا التصريح فقال: "إن "التوافق السياسي بين إيران والعراق متحقق، لكن هناك حاجة للتوافق الثقافي والعلمي والاقتصادي، وأشار إلى"وجود عزيمة راسخة لدى مسؤولي البلدين لتحقيق هذا الهدف"!
لكن العلاقات المتقدمة بين بغداد وطهران تذهب إلى أبعد من مجرد علاقات طبيعية بين بلدين جارين ، فإيران التي وجدت نفسها معزولة عن العالم العربي خلال السنوات الأخيرة وهي التي حصلت على حضور ملفت لها بعد ثورتها، وجدت نفسها في موقف العزلة، إذ أدت السياسة الإيرانية في المنطقة إلى تراجع التأييد لها في العالم العربي خاصة بعد موقفها المساند للنظام السوري في مواجهة شعبه، مما دفع طهران للبحث عن "اختراقات" في الجسم العربي، ولذا فإن زيارة المالكي لطهران يمكن وضعها ضمن هذا الاختراق.
وعلى قاعدة العمودين المتساندين، فقد استثمر كل طرف الزيارة لصالحة. فعلى الجانب العراقي، فإن المالكي يواجه أزمة داخلية بعد أن تفرد بإدارة الدولة وحاول التخلص من خصومه السياسيين عملياً بعد اتفاقه مع "القائمة العراقية" برئاسة أياد علاوي، والتي تنص على مشاركتها في إدارة الدولة من خلال إنشاء مجلس السياسات الذي لم ير النور على الرغم من مرور سنوات على الاتفاق، ثم بدأ بتفتيت "كتلة العراقية" من الداخل من خلال الانشقاقات التي كانت تصب في صالح كتلة دولة القانون التي يرأسها المالكي، كما عزل خصومه السياسيين داخل مؤسسة الدولة فبدأ بنائبه السيد صالح المطلق الذي يمثل "كتلة العراقية"، ثم دخل في صراع مع طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، الذي كان المالكي يرى فيه خصماً لايمكن التعامل معه، فأصبح الهاشمي طريداً بين الدول ومطلوباً للعدالة في الداخل.
وهيمن المالكي على أهم وزارات الدولة، فهو رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الأمن! كل هذا جعل من المالكي "الرجل القوي!" في العراق ، وقد دفعه ذلك للبحث عن دور إقليمي فكان موقفه من الثورة السورية.
ولعل العراق هو الدولة الوحيدة التي كانت تعترض أو تتحفظ على قرارات الجامعة العربية بشأن سوريا، هذا عدا لبنان الذي اتخذ موقف "النأي " بنفسه عن المشاركة فيما يتعلق بسوريا لظروفه الخاصة.
وجاءت القمة العربية لتعطي العراق "غطاءً " رسمياً للتحرك باسم الجامعة العربية فالمالكي هو "رئيس الجامعة العربية"، كما يقول خامنئي. ومن هنا يمكن للعراق أن يقوم بدور مهم داخل المجموعة العربية بحكم هذه الرئاسة، وهو الدور الذي تبحث عنه إيران في هذه المرحلة ولن يكون هناك من هو أولى من العراق للقيام بهذا الدور. فإيران التي كانت تمني نفسها بـ "تجيير" الثورات العربية لصالحها، وجدت نفسها مرفوضة من الشارع العربي بسبب تأييدها لنظام سوريا، وزادت عزلتها بعد زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة من إيران، وبدى ذلك واضحاً من خلال الإجماع العربي في اجتماع الجامعة العربية، حيث أكد نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية دعم الجامعة للقرارات التي أصدرها مجلس التعاون الخليجي بالتضامن الكامل مع الإمارات والخطوات التي اتخذتها لاستعادة حقوقها، واستنكاره للزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى.
وإيران تشعر اليوم بهذه العزلة على الرغم من إنكارها ذلك، ومحاولتها استثمار الظرف الداخلي والأوضاع الاقتصادية لبعض الدول العربية التي شهدت ثورات والولوج إليها من باب المساعدات الاقتصادية أو المشاريع الاستثمارية لانعدام استقرار تلك الدول وعدم وضوح موقفها السياسي ومحاولتها النأي بنفسها عن سياسات إيران في المنطقة كل ذلك يدفعها للبحث عن "الشريك" الأقرب والأوثق، ولذا فإن العراق يمثل هذا الشريك فهو الذي يمكن أن يكون "حصان طروادة " خاصة تحت قيادة المالكي، فعلاقته بطهران ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لسنوات طويلة حين كانت طهران تحتضن "حزب الدعوة"، الذي يرأسه المالكي، ودعمته في صراعه مع صدام حسين، كما أن العلاقة بين طهران وبغداد ترسخت منذ وصول المالكي لرئاسة الوزراء على كافة المستويات. ولعل المستوى السياسي قد بلغ خطوات متقدمة بدت واضحة من موقف كلا البلدين من سوريا، وكذلك موقفهما من القضايا الإقليمية، فبغداد وطهران تتخذان ذات الموقف من بعض العواصم الخليجية، ولايكاد المرء يُفرق بين الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني والعراقي، فلغة التهديد والمواجهة هي المحتوى لكلا الخطابين كما بدا ذلك واضحاً في تصريحات المسؤولين في بغداد وطهران أخيراً ، ولذا فحين يأتي السيد رحيمي ليدعو البلدين للاتحاد، فإنه لا يبالغ في ذلك فربما كانت هذه الرغبة مشتركة بين البلدين .. لكن لم يحن وقتها بعد!

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..