موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 27 مايو 2012

إرث شاه إيران!

في مقالته هذه، يتحدث الكاتب العربي نقولا ناصر عن إرث شاه إيران الذي استثمرته الحكومات الخمينية المتعاقبة منذ عام 1979، والذي تواصل من خلاله استفزاز العرب في كل أقطار الأمة، وخاصة في أقطار الخليج العربي.
مقال مهم فعلا.

إرث شاه إيران


نقولا ناصر

في السابع والعشرين من نيسان الماضي كتب كوروش زياباري في "طهران تايمز" مستغربا ومستنكرا: "على مدى الأيام الماضية, كنت أتابع الصحافة العربية, ولدهشتي, وجدت أنها تنتهج بصورة جماعية سياسة موحدة لتشويه سمعة إيران حول (جزيرة) أبو موسى. وفي انسجام مع سياسييها ورجال دولها استخدمت وسائل الإعلام لغة بغيضة ضد إيران, وكأنما كانت تتحدث عن عدو لدود كانت على خلاف معه طوال قرون من الزمن." 
ولم يسأل زياباري نفسه عن الأسباب الإيرانية الكامنة وراء حملة وسائل الإعلام العربية تلك.
إن المظاهرات الإيرانية الحاشدة يوم الجمعة الماضي ضد تحويل مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى اتحاد أثارت الاستهجان والاستنكار عربيا في ضوء دعوة الرئاسة الإيرانية مؤخرا إلى وحدة بين إيران والعراق, على خلفية التصعيد الإيراني للنزاع مع الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث التي تحتلها إيران في مدخل مضيق هرمز ومع البحرين على وجودها كدولة وهوية عربية.
وتعرف إيران أن العوامل الذاتية كفيلة بتأجيل تحقيق أي اتحاد أو وحدة بينها إلى أجل غير مسمى, وهي التي قاومت الوحدة بين مصر وسورية وبين الأخيرة والعراق وكانت دائما غطاء عربيا للعداء الأمريكي والأوروبي والاسرائيلي للوحدة بين العرب.
إن قضايا الخلاف الرئيسية الحالية بين إيران والعرب في العراق والبحرين والجزر الاماراتية الثلاث المحتلة في أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى ورثتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن نظام الشاه, لكن الثورة بدل أن تفتح صفحة جديدة مع العرب قوامها الأخوة الإسلامية والجوار التاريخي والتعاون الإقليمي بالتخلي عن إرث الشاة في التوسع الإقليمي والهيمنة فإنها غلبت الأطماع الفارسية على المصالح المشتركة الإسلامية في سياساتها العربية لتتمسك بإرث الشاه كاملا.
وإذا كانت قصة الميكافيلية السياسية الإيرانية التي سهلت الاحتلال الأمريكي ثم تقاطعت معه حد قيام شراكة أمرا واقعا بين الجانبين في العراق قصة معروفة, فإن تمسك نظام الثورة بإرث الشاه في الجزر الإماراتية والبحرين يكشف ميكافيلية مماثلة.
فإيران اليوم تعلن البحرين "المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة" التي "انفصلت" عن إيران بسبب "خيانة الشاه" وهي "من حق الجمهورية الإيرانية وليس السعودية" ولذلك يجب ضمها إلى إيران كما دعت صحيفة "كيهان" التي يشرف عليها المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي منتصف الشهر الجاري.
فهل هذه لغة يمكن أن يرد الإعلام العربي عليها بالترحيب أو الصمت, ناهيك عن كونها لغة سافرة لم تعد تهتم حتى بالتستر بالوجود العسكري الأمريكي المرفوض عربيا أو بالاحتجاجات الشعبية المشروعة في البحرين التي تحظى بتأييد شعبي عربي مبرأ من أي شبهة سياسية?
وإيران اليوم فيها ممثلون منتخبون للشعب يدعون إلى قطع العلاقات مع الإمارات, وقائد جيشها أحمد رضا بورداستان يقول إن كل الخيارات على الطاولة الإيرانية لحل النزاع على جزرها الثلاث المحتلة, ومسؤولو الثقافة فيها يعلنون أنهم سوف يستضيفون المهرجان الثقافي الخليجي التالي في جزيرة أبو موسى, ومسؤولون آخرون يعلنون الاستعداد لإعلان "محافظة جديدة" في الجزر الثلاث تسمى "الخليج الفارسي" عاصمتها أبو موسى. وهذه بدورها لغة لا يمكن أن يرد الإعلام العربي عليها بالصمت أو الترحيب.
وهذه اللغة الإيرانية ليست مجرد تصعيد لفظي عابر. فالزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى المحتلة الشهر الماضي, والتي كانت فتيل التصعيد الراهن, لم تكن الأولى لرئيس إيراني, فقد تزامنت مع الذكرى السنوية العشرين لزيارة مماثلة قام بها الرئيس الأسبق علي هاشمي رفسنجاني عام .1992
إن التذرع الإيراني ب"اتفاق جنتلمان" بين إيران الشاه وبريطانيا عام 1971 لمبادلة احتلال إيران للجزر الثلاث مقابل اعترافها باستقلال البحرين لا يختلف عن التذرع بالوجود العسكري الأمريكي في الخليج لاستمرار احتلال الجزر الثلاث ولا عن التذرع باستضافة البحرين لقيادة الأسطول الأمريكي الخامس للمطالبة بضمها إلى إيران.
يقول المسؤولون الإيرانيون إن تعزيز الحشد العسكري الأمريكي والغربي في الخليج العربي "سوف يزيد الوضع تعقيدا فقط ويقود إلى انعدام الأمن", وهذا صحيح, لكن مثل هذه اللغة الإيرانية تزيد بدورها في تعقيد الوضع وانعدام الأمن وعدم الاستقرار لكل الأطراف المعنية. وهذه سياسات تساعد الولايات المتحدة في صرف الأنظار بعيدا عن كون وجودها العسكري يمثل عامل عدم الاستقرار الإقليمي الأول.
إن الوجود العسكري الأمريكي وهيمنة الولايات المتحدة هما الحجة الرئيسية التي تتذرع طهران بها اليوم للاحتفاظ بالمكاسب الإقليمية التي حققها الشاه على حساب العرب, أو سبق له أن طمع في تحقيقها, لكن هذا الخطاب الإعلامي الإيراني ينطوي على تناقض فاضح مع واقع شراكة الأمر الواقع مع الولايات المتحدة أولا في غزو العراق ثم احتلاله وثانيا مع النظام المنبثق عن هذا الاحتلال في بغداد مما يسوغ للمقاومة والمعارضة العراقية لهذا النظام اتهام رموزه وأركانه ب¯ "العمالة المزدوجة" الأمريكية - الإيرانية.
وهذه الذريعة الإيرانية صحيحة وواقع قائم رفضته وقاومته حركة التحرر الوطني العربية, خاصة في دول الخليج العربي المعنية, قبل أن تظهر الجمهورية الإسلامية إلى الوجود, غير أن المفارقة تكمن في أن تمسك إيران بعد الشاه بمكاسبه الإقليمية وسياساته ذاتها تجاه الجوار العربي المباشر كانت نتائجه عكسية بإحياء المخاوف العربية من إحياء الاطماع الإيرانية.
والحجج العربية الخليجية التي تتخذ من تهديد الأطماع الإيرانية ذرائع لاستبقاء الوجود العسكري الأمريكي والغربي وتعزيزه في المنطقة ليست أقل تهافتا من الذرائع الإيرانية, فهذا الوجود موجود قبل البرنامج النووي الايراني وقبل الثورة على نظام الشاه وقبل ايقاظ الفتنة الطائفية المستفحلة الآن بوقت طويل, ومبادلة احتلال الجزر الثلاث باستقلال البحرين تمت قبل الثورة في إيران, مما يثير التساؤل عن الصحوة الخليجية المفاجئة على الأطماع الإيرانية التي لا تختلف عنها في عهد الشاه الذي أجبرتهم الهيمنة الأمريكية على أن يكونوا في تحالف معه تحت مظلتها دون تصعيد رفضهم لهذه الأطماع أعلى من سقف الاحتجاج اللفظي بلغة دبلوماسية مهذبة في المناسبات من أجل امتصاص الغضب الشعبي العربي فحسب على التخاذل الرسمي في مواجهتها.
ومن المؤكد أن التلويح بالعصا الإسرائيلية كسند مشروع للمواجهة مع إيران يسوغ لدول الخليج العربية التي يهددها ورثة أطماع الشاه في إيران الجنوح إلى السلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى حين التخلص من "الخطر الإيراني" هو لعب بالنار يتجاوز الخطوط العربية الحمر ويغلب التناقض الرئيسي للعرب مع دولة الاحتلال في فلسطين على التناقض الثانوي مع إيران, وإذا صدقت صحيفة "إسرائيل اليوم" الالكترونية في السادس عشر من الشهر الحالي فإنه يندرج في هذا السياق التوقع "من المجتمع الدولي كله, بما فيه إسرائيل, أن يقف إلى جانب البحرين في مواجهتها الحالية مع إيران" كما نسبت الصحيفة العبرية القول إلى السفير البحريني لدى بلجيكا أحمد محمد الدرسي ونظيرته في واشنطن السفيرة هدى عزرا نونو في المؤتمر المركزي الأول للبرلمان الأوروبي في بروكسل مؤخرا.
ويظل أمن المنطقة واستقرارها وثرواتها في مهب الريح طالما استمر التمسك الإيراني بإرث الشاه واستمر تمسك حكومات دول الخليج العربية بالوجود الأمريكي العسكري وغير العسكري.



ملاحظة:
نُشر المقال هنا.



هناك تعليق واحد:

صقر العراق يقول...

ويظل أمن المنطقة واستقرارها وثرواتها في مهب الريح طالما استمر التمسك الإيراني بإرث الشاه واستمر تمسك حكومات دول الخليج العربية بالوجود الأمريكي العسكري وغير العسكري.
والسبب هو ان ايران دائما تتصرف على انها عنصرية وليست دينية او مذهبية وهي رسالة لكل من لايزال يدافع عنها ..
اضف الى ذلك خنوع حكام العرب ورضائهم بما تفعله ايران جعلت تكون يدها الطولا في المنطقة .. وعلى العرب ان يتذكروا ما ان كبل العراق واحتل حتى بدأت ايران تمد يدها ويطول لسانها على العرب فقد كان العراق يقطع يد ولسان ايران اذا ما حاولت ان تبسط هيمنتها على اي بلد عربي وما ان تعرض العراق الى الاحتلال حتى بدأت ايران تصول وتجول ..

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..