موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 9 مايو 2012

إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده!

كم هي نبيلة وانسانية، إذن، مهمتنا، كعرب حملة رسالة خالدة، في التصدي للمشروع الفارسي الخبيث الذي يستهدف إلتهام الأمة العربية وافتراس الانسانية من بعدها!
إنها المهمة التاريخية التي يستعرضها مقال الخبير القانوني والدولي المعروف الأستاذ بدرالدين كاشف الغطاء، الذي تنشره وجهات نظر، مؤكداً بروحه العروبية الصادقة سبل مواجهة العدوانية الفارسية، وإعادة التوازن في منطقتنا بما يخدم كل شعوبها، والإنسانية في أفقها الرحب الأوسع.

رسالة الى بلاد فارس:

إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده 
بدرالدين كاشف الغطاء
أولا : ينتاب دولة ولاية الفقيه الصفوية هذه الأيام هياج جنوني ضد العرب، فقد أعلنت يوم 23 أبريل/ نيسان 2012  نيتها ضم العراق ، جمجمة العرب ، إلى إيران .
جاء ذلك على لسان النائب الأول لرئيس جمهوريتها محمد رضا رحيمي خلال إستقباله نوري المالكي يوم 23أبريل/ نيسان 2012 ، حيث قال إن إيران والعراق روحان في جسد واحد، ودعا إلى إتحاد البلدين بشكل تام لتشكيل قوة كبيرة على الصعيد العالمي .
ثم كرر رحيمي هذا التصريح ومن أرض الأحواز العربية المحتلة يوم 30أبريل/ نيسان 2012 .
وتعقيبا على هذا المقترح صرّح أحد المقربين من المالكي النائب عن إئتلاف دولة القانون ابراهيم الركابي  يوم 3 مايو/ أيار 2012 قائلاً : إن الوحدة مع إيران مطلوبة اذا كانت هناك تهديدات من دول اقليمية اخرى مثل تركيا. ثم أيّد مقتدى الصدر المقيم في قم إتحاد العراق وإيران وقال يوم 5 مايو/ أيار 2012 إنهما فعلا روحان في جسد واحد .
وفي جبهة الإمارات العربية المتحدة  صعّدت ولاية الفقيه من إستفزازاتها وتحركاتها العدوانية وهدّد نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزايري دولة الإمارات العربية المتحدة بدفع (ثمن باهض) إذا واصلت المطالبة بجزرها الثلاث ، ونشرت إيران ألوية من مشاة البحرية التابعة للحرس الثوري مع أنظمة صورايخ هجومية على الجزر الاماراتية الثلاث واعلنت أنها ستنشئ محافظة فارسية جديدة سمتها (محافظة خليج فارسى) تكون عاصمتها جزيرة أبو موسى.
وفي البحرين زاد سعار عملاء إيران وأعمالهم التخريبية وتظاهراتهم التي تنادي بإسقاط النظام والدولة .
وفي جبهة الأحواز كثفت إيران من قمعها لثورة الشعب العربي الأحوازي المتصاعدة.

ثانيا : وبالتزامن مع هذه الهجمة العدوانية ضد الدول العربية خففت إيران من تشددها إزاء قرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ملفّها النووي، وأبدت الإستعداد للتفاوض بروح إيجابية لتنفيذ قرارات المجلس والوكالة ، وفعلا عقدت جولة محادثات مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا (مجموعة خمسه زائد واحد) في إسطنبول في شهر أبريل/ نيسان 2012 ، وقدم ممثل إيران في هذا الإجتماع سعيد جليلي وعوداً بالتعاون ولمّح إلى إمكانية تحقيق تقدم في موضوع وقف التخصيب ونقل بعض اليورانيوم المخصب الى خارج إيران، مما حدا بكاترين اشتون وزيرة خارجية الإتحاد الأوربي إلى القول إن إجتماع إسطنبول كان بنّاءً ومفيدا، ووافق الستة على طلب إيران عقد الجولة التالية للمحادثات في بغداد  في أواخر شهر مايو/ أيار 2012 ، وصرّح وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قائلا  (اذا كنا في لقاء اسطنبول خطونا خطوة واحدة الى الامام، فاني واثق بأننا سنخطو عدة خطوات اخرى الى الامام في مؤتمر بغداد).
كما إستأنفت إيران حوارها الفني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وستعقد جولة محادثات فنية في منتصف شهر مايو/ أيار 2012  تركز على إمكانية فتح منشأة برتشين العسكرية للتفتيش والنظر في طلب الوكالة تفتيش مواقع أخرى .
وكجزء من حملة العلاقات العامة تجاه الغرب توقفت إيران عن التهديد بغلق مضيق هرمز وتوقفت مطالباتها بإنسحاب الأسطول الأمريكي من الخليج العربي .

ثالثا : من الواضح ان هذه الإستراتيجية الإيرانية الجديدة  بالتساهل مع الغرب والتشدد مع العرب هدفها نقل بؤرة التوتر من الأطار الدولي إلى الأطار الإقليمي ، ومن الموضوع النووي إلى نزاع مع العرب على الحدود والمياه والثروات . ويمكن إستقراء الأسباب الأساسية التالية لهذا التغيير في الإستراتيجية الإيرانية :

1 – منذ عام 2003  ، حيث بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم مجلس الأمن، النظر في معلومات قدمتها أمريكا تشير إلى وجود برنامج  نووي سري إيراني يهدف لإنتاج القنبلة النووية ، وإيران ترفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومجلس محافظي الوكالة، مدَّعية أن هذه القرارات سياسية ومبنية على معلومات كاذبه وأن إيران حرّمت على نفسها إنتاج أوإستخدام أسلحة الدمار الشامل بفتوى المرشد الأعلى الخميني أكدّها بفتوى لاحقة وريثه خامنئي .
وبالمقابل سعت إيران إلى إجراء حوارات ثنائية ، مباشرة وأحيانا عن طريق وسطاء ، مع الولايات المتحدة الأمريكية حول ملفها النووي . وعرضت إيران على امريكا استعدادها لتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن والوكالة بخصوص برنامجها النووي مقابل أن توافق الولايات المتحدة على إعطاءها دورا مركزيا في المنطقة الممتدة من جبال طوروس إلى مضيق هرمز، أي أن تعيد أمريكا لإيران دور (شرطي الخليج) الذي سبق أن أوكلته سابقا لشاه إيران مع إضافة العراق وسوريا إلى مجال إيران الحيوي ، لكن أمريكا تجاهلت عروض إيران وأصرّت على الإحتكام إلى (الآليات الدولية) .
ومن أجل دفع أمريكا لقبول عرضها حول ملفها النووي، لجأت إيران إلى تضخيم حجم إنجازاتها النووية وإدَّعى أحمدي نجاد أن إيران أصبحت فعليا عضوا في النادي النووي ، لكن هذه المحاولات لم تفلح في إقناع أمريكا بالموافقة على تجميد برنامج إيران النووي مقابل تقاسم النفوذ في المشرق العربي، بل على العكس إستخدمت أمريكا ودول الإتحاد الأوربي مزاعم إيران بتحقيق إنجازات نووية ورفضها تنفيذ القرارات الدولية لتشديد العقوبات الدولية والفردية عليها وأهمها وقف إستيراد الغرب للنفط الإيراني ووقف التعامل مع البنك المركزي الإيراني، وبذلك زادت عزلة إيران الدولية وتعمَّقت أزمتها الإقتصادية.
وإزاء شعور إيران أن سياسة إبتزاز أمريكا بهذه الطريقة غير مجدية ، قررت تغييرها تحسبا لفرض مزيد من العقوبات الدولية والفردية عليها ، وبالذات تنفيذ قرار الإتحاد الأوربي بحظر إستيراد النفط الإيراني في يوليو/ تموز 2012 .

2 – الحشد العسكري الأمريكي الأخير في الخليج العربي وتهديدات إسرائيل بشن غارات جوية على منشآت إيران النووية جعلت إيران تخشى من سيناريو غارة إسرائيلية على منشآتها النووية، تكون إيران عندها مجبرة على الرد وتنفيذ التهديد الذي وعدت به طويلا وهو إستهداف القوات الأمريكية في الخليج العربي وغلق مضيق هرمز. وعند تنفيذ أي من هذين التهديدين أو كليهما ستظهر إيران بمظهر المعتدية على الولايات المتحدة ومصالحها التجارية الحيوية، وسيخوِّل الكونغرس الأمريكي الرئيس الأمريكي إعلان الحرب على إيران كعمل من أعمال الدفاع عن النفس .
قد يرى بعض المختصين هذا السيناريو غير واقعي بإعتبار أن الغرب وصنيعته إسرائيل يجمعهم مع إيران تحالف ستراتيجي ضد الأمة العربية، وهذا الرأي له مسبباته المقنعة تاريخيا ، لكنه لا ينفي إحتمال تصادم الحلفاء الأشرار، فهؤلاء كعصابات المافيا تجمعهم المصلحة وعندما يختلفون على تقسيم الغنائم يبطشون ببعضهم بلا شفقة، وتجربة أوربا الإستعمارية خير شاهد ، فأوربا بدأت مرحلة الغزو الإستعماري لبقية أجزاء العالم منذ القرن السادس عشر ، لكن صراع دولها على المستعمرات أدخلها في حروب طاحنة ضد بعضها، آخرها الحربان العالميتان الأولى والثانية .

3 – أسدت روسيا والصين النصح لإيران بإبداء المرونة في ملفها النووي وبخلافه فإنهما لن تستطيعا معارضة قرارات جديدة في مجلس الأمن تشدد العقوبات على إيران . 
كما أن نوري المالكي ، وخلال زيارته الى طهران في أبريل/ نيسان 2012، نصح القيادة الإيرانية بالمرونة في الملف النووي ، وقال لهم إن أي مواجهة عسكرية أمريكية - إيرانية حتى ولو كانت محدودة ستؤدي إلى حصول إضطرابات داخلية في العراق يكون النفوذ الإيراني في العراق أول ضحاياها.
وقال المالكي إن الوضع الداخلي العراقي متفجر وإن شركائه في العملية السياسية لا يؤتمنون وإن أنصاره مرعوبون وبعضهم يستعد للهروب إلى الدول التي تتواجد فيها عوائلهم وأرصدتهم ، وحث المالكي الإيرانيين على  عدم التمسّك بأسبقية رفع العقوبات على وقف التخصيب، كما نقل لهم طلبا أمريكيا بإن يعيد المرشد خامنئي التأكيد على فتواه السابقة بحرمة صناعة وإستخدام أسلحة الدمار الشامل.
ويقول مطلعون على إجتماعات المالكي في طهران أن القادة الإيرانيين طمأنوا المالكي على وجودهم في العراق وقالوا له إن مشروع الوحدة  الذي يقترحونه يهد ، من بين أمور أخرى ، إعطاء الغطاء لدخول القوات النظامية الإيرانية إلى العراق في حالة تعرض مصالح إيران وعملائها لخطر جدّي في العراق .
4 – كانت إيران تهدد بزلزال إقليمي مدمّرإذا حصل عليها إعتداء عسكري، وكانت تعوّل على دعم سوريا ولبنان (حزب الله) وغزة ( ركة حماس)  والخلايا الفارسية النائمة في الدول العربية وفي مناطق أخرى من العالم ، لكن أحداث الربيع العربي والتطورات الدموية في سوريا والضغوط التي يتعرض لها حزب الله في الداخل وإنقطاع خطوط تموينه من سوريا والسياسة البراغماتية التي أخذت تنتهجها حماس، ومن ذلك إختيارها دولة قطر مقرا جديدا لقادتها، ومراقبة دول الخليج العربي الدقيقة لعملاء ولاية الفقيه المحتملين فيها، جعل مراهنة إيران على زلزال إقليمي مدمّر، خاسرة سلفا.
5 – ومما أغرى دولة ولاية الفقيه بخيار تعويض تنازلاتها في الملف النووي بتشدد وعدوانية سافرة  ضد العرب هو الحفاظ مكاسب الفرس التوسعية الإستيطانية السابقة والسعي لتحقيق مكاسب جديدة على حساب العرب ، وأيضا إعتقادها أن المواجهة مع العرب خسائرها لا تذكر ومكاسبها وافرة، كما أن المواجهة مع العرب يمكن تسويقها إلى الشعب الفارسي بسهولة، على العكس من اي مواجهة مع الغرب أو مع أمريكا. 
إن قرونا من التثقيف العنصري الشعوبي خلقت لدى كثير من الفرس صورة نمطية للعرب كونهم (بدو متوحشون يطاردون السحالي في الصحراء – الشاهنامه للفردوسي) وأنهم (لصوص ومجرمون يتقاتلون فيما بينهم -  سفرنامه لناصر خسرو)  وأنهم أعداء للحضارة الذين دمروا الإمبراطورية الساسانية وسلبوا ممتلكاتها  في القادسية الأولى . 
وكما قال الدكتور عبد الله النفيسي فإن الفرس (من المرشد إلى أصغر موظف في الخارجية إلى كبار الضباط في الجيش إلى الحرس الثوري إلى وزارة الاستخبارات تجمعهم مسألة واحدة وهي أن دول الخليج تابعة لإيران تاريخيا ، والأمر الثاني أن هناك ثأرا تاريخيا بيننا وبينكم أيها العرب الذين غزوتمونا بماتسمونه الفتح الإسلامي وقضيتم على حضارتنا الفارسية ، ونحن الآن سنحت لنا الفرصة للأخذ بهذا الثأر التاريخي).
والمفكر والأستاذ الجامعي الإيراني الدكتور صادق زيبا يؤكّد هذا الفهم بقوله (نحن لم ننسى هزيمتنا أمام العرب في القادسية ، ففي أعماقنا حقدا تجاه العرب وكأنه نار تحت الرماد يتحول إلى لهيب كلما سنحت الفرصة) .
وتبدو الصفوية والشعوبية الفارسية في أجلى صورها بقول الخميني بعد إعادة إحتلال القوات الإيرانية لمدينة المحمرة عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية ، حيث قال (لا يوجد أفضل من شعبنا ولا حتى شعب رسول الله في صدر الإسلام) .
رابعا : والسؤال الذي تثيره هذه التحولات في ستراتيجية ولاية الفقيه هو : ماذا سيكون رد فعل  العرب؟  
وقبل الجواب لا بد من إستذكار حقيقة تاريخية هي أن الأمة العربية أمة ناهضة تتسم بالحيوية والقدرة على الإبداع وقابلية التجدد وبتعاقب الإنبعاث بعد كل غزوة بربرية تتعرض لها ، ويتناسب انبعاثها دوماً مع حجم التحدي ومدى القدرة على حشد طاقات الفرد من اجل المصلحة القومية. هذه الحقيقة ، تضاف إليها حقيقة أخرى وهي أن مكاسب الفرس المتحققة في الأرض والمياه والجزر والثروات العربية هي مكاسب ظرفية بنيت على مبدأ (القدرة والفرصة) والغدر والعدوان، وهي لا تملك الشرعية ولا المشروعية ولا الديمومة ولا القبول الإقليمي والدولي، لذا فإن نتائج هذا الصراع محسومة سلفا لصالح الحقوق العربية ، وعاجلا أم آجلا ستتحول مكاسب إيران الظرفية إلى هزائم على المستويات السياسية والأخلاقية والتاريخية .
صراع العرب مع العنصرية الفارسية طويل ومعقد ومتعدد المسارات ويحتاج إلى الحكمة والصلابة معا ، وأدناه بعض المقترحات على طريق هزيمة العدوانية الصفوية:
1 – ثورة شعب الأحواز العربي تزداد عمقا وإتساعا يوما بعد يوم ، ويزداد إصرارها على طرد الغزاة الفرس. تسعة عقود من القهر والتفريس والتطهير العرقي لم تستطع إلغاء هوية هذا الشعب العربي وهو سائر اليوم بثبات في طريق الإستقلال. المطلوب من العرب تقديمه لنصرة إخوتهم الأحوازيين كثير، ومن بين المقترحات العاجلة أن تعلن الدول العربية إعترافها بالمنظمة الوطنية لتحرير الاحواز (حزم) وتحث بقية المجاميع والفصائل الاحوازية للتحالف مع (حزم) واعلان (دولة الاحواز العربية) في المنفى وقبولها في مجلس التعاون الخليجي وفي جامعة الدول العربية .
2 - شعب العراق إنتصر على الفكر الطائفي الفارسي الصفوي الذي جاء مع الإحتلال الأمريكي- الإيراني عام 2003 ، وهذا الإنتصار هو الذي فتح الباب للسقوط النهائي، القريب بعون الله، لما تبقى من المشروع الصفوي في العراق. أمّا  مشروع ضم العراق لإيران فهو فقاعة لا تخيف العراقيين بل شبّهوه برفسة البغل المحتضر، لكنه بالمقابل كشف مدى إيغال ولاية الفقيه في هدف تمزيق الأمة العربية ، فهذا أحد عملائهم المدعو ناصر الياسري يقول في ندوة عقدت ببغداد العروبة يوم 6 مايو/ أيار 2012 (هناك مشروع اتحاد العراق مع الشقيقة الكبرى ايران، حيث يربط الدولتين المذهب والدين، وان الاتحاد الذي يقوده الولي الفقيه هو اقوى من اتحاد تربطه القومية العربية). 
إن إعلان إيران سعيها ضم العراق يحمل إستفزازا كبيرا للعرب، ورد الفعل المناسب عليه هو البدء بخطوات جدية لتحقيق الوحدة العربية لمواجهة الخطر الصفوي وغيره من الأخطار.
أمّا خير رسالة تضامن يوجهها العرب لشعب العراق المقاوم اليوم فهو أن يسحبوا إعترافهم بالحكومة  الطائفية الصفوية  في العراق ويعترفوا بالمقاومة العراقية كممثل شرعي ووحيد لشعب العراق .
3 - الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها إيران لخلق موطيء قدم لها في الوطن العربي هي  التشيع. ليس عيباً أن نعترف إن إيران حققت بعض النجاحات في اللعب على الوتر الطائفي في بعض دولنا، وليس عيباً أن نعترف أن محاربتنا للطائفية بطائفية مقابلة يمثّل خدمة كبرى للفرس الصفويين، لإننا بذلك نجيّر التشيّع العربي العروبي المعتدل الرافض لولاية الفقيه وبدعها وخرافاتها لصالح التشيع الفارسي الصفوي . 
التشيع العربي مدرسة فقهية يمثلها مذهب الإمام جعفر الصادق وتتواصل مع المدارس الفقهية الأربعة الأخرى فكريا وإجتماعيا (يندر أن تجد عائلة عراقية ليس فيها تنوع فقهي)  بينما التشيع الفارسي الصفوي تيار سياسي مجوسي جوهره الردة عن الإسلام وإحتقار العرب.
خطاب التشيع الفارسي الصفوي يصل إلى مواطنينا عبر ثلاث قنوات هي التخلف والجهل وضعف الهوية الوطنية. 
لإن اليمن أفقر دولة عربية، ولإن إقليم صعده أفقر الأقاليم اليمنية نشرت ولاية الفقيه طائفيتها البغيضة بين الحوثيين هناك رغم أن الحوثيين وأتباع المذهب الزيدي عموما لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالإثني عشرية ولا بنظرية ولاية الفقيه، وعندما تصل التنمية والعلم إلى صعدة تختفي الطائفية.
حاول الفرس نشر تشيعهم الصفوي في العراق إلاّ أن حكومة العراق الوطنية تصدَّت لذلك من خلال التنمية والعلم وترسيخ الهوية الوطنية، فقد قامت حكومة العراق منذ أواخر ستينيات القرن الماضي بتكثيف حملة نشر العلم والمعرفة في ربوع البلد مع إعطاء الأولوية للمدن والقرى المتخلفة والنائية، وقضت على الأمية وفتحت المدارس في أعماق أهوار العراق وفرضت التعليم الإلزامي ودعمت الثقافة ونشر الكتب حتى صارت مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ، كما أن خطة التنمية الإنفجارية في العراق وفَّرت فرص العمل الكريم لجميع العراقيين,  كما سعت الحكومة إلى إزدهار الحياة السياسية وكانت الأحزاب العراقية (البعث والشيوعي والقوميين العرب والأحزاب الإسلامية الوسطية) ذات برامج وطنية ومفتوحة العضوية لجميع العراقيين، وفي ذات الوقت منعت الدولة تشكيل الأحزاب على أساس طائفي أو ديني متطرف. وبهذه المشاريع التنموية والتعليمية وبإعلاء الهوية الوطنية على الهوية الطائفية، وبثلث الثقل الديموغرافي والجغرافي والتسليحي لإيران الغازية، جرّع العراقيون الخميني وجيشه المعتدي السم الزعاف في حرب الثمان سنوات،  وبهذه الروح الوطنية هزم العراقيون الإحتلال الأمريكي وهزموا المشروع الفارسي الصفوي الذي جاء مع الإحتلال الأمريكي عام 2003 .
4 – إن قبول إيران بالتفاوض مع الغرب لتنفيذ قرارات مجاس الأمن، وهو جهاز سياسي يخدم بالأساس مصالح الدول الخمس دائمة العضوية، ورفضها عروض الإمارات العربية المتحدة المتواصلة بعرض النزاع على محكمة العدل الدولية ، وهي الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة ، يفضح إزدواجية معايير ولاية الفقيه.
من الضروري في هذه الفترة تكثيف الحملات الإعلامية التي تفضح هذه الإزدواجية وحشد الدعم الدولي لمطلب التقاضي أمام محكمة العدل الدولية بشأن عائدية الجزر الإماراتية الثلاث، ولا بدّ أن تجد هذه الحملة لها صدى لدى أعضاء مجلس الأمن من أجل إصدار قرار ملزم  يطلب من إيران قبول ولاية محكمة العدل الدولية في موضوع الجزرالعربية .
5– إضافة إلى جهد الدولة ، تشكَّلت في أجزاء من الوطن العربي، وبالذات في العراق ومصر والبحرين وتونس والكويت، منظمات مجتمع مدني على شكل جمعيات شعبية لمقاومة التغلغل الفارسي الصفوي في المجتمعات العربية، وآخرها في تونس حيث تشكلت (الرابطة الشعبية لمناهضة المد الفارسي) وتزامن تشكيلها مع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى تونس من أجل أن توجه رسالة واضحة للصفويين بإن لا مكان لكم في الوطن العربي، ومطلوب من الحكومات العربية تشجيع الجمعيات التي تعزز الوحدة الوحدة الوطنية وتزيد من تماسك النسيج الإجتماعي في أوطاننا.
خامسا : العنصرية الصفوية الفارسية لم يقتصر أذاها على العرب بل عانت منها شعوب إيران وعانى منها شعب فارس الذي حجبت عنه الحقائق وأصبح أسير وهم التفوق العنصري والشعوبية، وسوّق الصفويون للفرس إنتصارات ظرفية غير شرعية على العرب ليتغنون بها، وفوق تلك الأضرار الدنيوية فإن الصفوية أبعدت شعب فارس عن رسالة الرحمة المهداة والنعمة المسجاة ورحمة الله للعالمين وخاتم رسل الله أجمعين صلوات الله عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، وحري بنا نحن العرب حملة رسالة الإسلام أن نعيد فتح بلاد فارس، فكريا هذه المرّة، وأن  نتوجّه بخطابنا الإعلامي والدعوي إلى شعب فارس لتوضيح الحقائق ومساعدتهم على التخلص من شعوذة ودجل ومروق الصفويين، وتلك مهمة ستجد تجاوباً كبيراً، فقد مهّد لها كثير من المفكرين من بلاد فارس ومنهم علي شريعتي.
إن هزيمة الفكر الصفوي ستفتح الباب واسعا أمام علاقات جديدة بين بلاد فارس والعرب تسودها أخوَّة الدين والمصالح المشتركة والعدل والإنصاف وإعادة الحقوق إلى اصحابها .
قال رسول الله صلى الله عليه  وعلى آله واصحابه أجمعين (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده) صدق رسول الله.
والله المستعان
بغداد 8 مايو/ أيار 2012


هناك تعليقان (2):

سناء الجاف يقول...

كيف هلك كسرى وسمومه لاتزال تسري في الجسد الصفوي --نعم هم اسلام لكن افكارهم ومخططاتهم كلها ترجع الى اصلهم الا وهو كسرى.

أبو يحيى العراقي يقول...

صدق الرسول فيما يثبت عنه و لكن بعيداً عن البحث الديني في الأحاديث و أسانيدها و معانيها و مدلولاتها فلذلك بابه و مختصيه الادرى و الأكفأ لذلك فإننا سنحاول أن نركز جهودنا في باب السياسة. لاشك أن الموضوع هام جداً و ما عرضه أستاذنا بدر الدين كاشف الغطاء في مقالته كذلك هو الاخر هام حيث يأتي على موضوع ساخن و مفصلي في تاريخ العراق و المنطقة و لابد من معالجة المسألة برؤيا و تحليل إستراتيجي ، كذلك يجب أن تكون خطوات رد الفعل العربي مصممة على ذات المستوى. لقد عرض أستاذنا كاشف الغطاء الموقف الايراني على أنه سياسة جديدة لإيران تتراخى فيها مع الغرب في مجال الملف النووي و ذلك بالتزامن مع تشددها تجاه العرب و خصوصاً في منطقتي العراق و الخليج العربي و قد عدد أستاذنا الفاضل كاشف الغطاء الاحتمالات للاسباب التي قد تكون كامنة وراء هذا التحول في السياسة الخارجية الإيرانية. بتقديري المتواضع لا أظنه تحولاً بقدر ماهو مناورات إيرانية على أكثر من جبهة و بأكثر من ورقة. إيران لا تتنازل عن شيء لأنها في إستراتيجيتها التوسعية تعتبر كل الأشياء مهمة و هي بحاجة ماسة لها جميعاً في مشاريعها و كل منها يساعد الاخر في إنجاز التأثير و تحقيق الهدف حيث هي لازالت في مرحلة الصعود و البناء و لم تصل بعد إلا مرحلة الترف و الزهد ببعض الاشياء ، هي فقط تخدع و تناور فهي على جبهة النووي لاتفكر بالتراجع لا عن التخصيب و لا عن بناء مكونات السلاح النووي الاخرى بقدر ما تقدم بعض الفتات و الشكليات على طريق المماطلة و التسويف لتأخير تطبيق بعض العقوبات القاسية و خصوصا في ميداني البنك المركزي و الحظر النفطي و كذلك تأجيل الاستعدادات لأي ضربة عسكرية محتملة و هما نقطتان كان أستاذنا الفاضل بد الدين قد ذكرهما بإعتبارهما أساس للتحول في الخيارات فيما هما بنظري أساس للمناورات. كذلك فإن هذه المناورات السياسية الايرانية هي من أجل سبب هام لم يأت على ذكره أو لم يركز عليه أستاذنا الفاضل كثيراً مع أهميته في السياسة الإيرانية ألا و هو الوضع على الساحة السورية و تأثيراته الجيو استراتيجية الهامة على عموم مجالها الحيوي و ساحة نشاطاتها و تعبئة إمكاناتها. فالوضع على هذه الساحة (بغض النظر عن رأينا بالنظام و المعارضة) و إحتمالاته المتوقعة سبب رئيسي في المناورات السياسية الإيرانية. و هنا قد يبدو ما أقوله مشابه لما ورد في الفقرة (4) من الاسباب التي عددها أستاذنا العزيز بدر الدين في الفقرة ثالثاً من مقاله و التي يراها أدت للتحول في سياسة إيران إلا أن ما ورد في تلك الفقرة كان خليطاً غير متجانس ضاع في وسطه أهمية و حيوية و حساسية الموقف في سوريا بالنسبة إلى إيران فالربيع العربي لم ينزع من يد إيران أوراق بل ضاعفها أفرزنا الوضع السوري منه أما موقف حركة حماس فيرغم إبتعادها بعض الشيء و نقل مقرها خارج دمشق الا أن علاقاتها و علاقات قادة و رموز فيها و الى جانب ذلك موقف حركة الجهاد كل ذلك لا زال على حاله في العلاقة و التحالف مع إيران كذلك فإن ظروف حزب الله في لبنان المتحالف مع إيران لازالت جيدة و هو مسيطر تماماً في الساحة اللبنانية. هكذا هي الحقائق و الوقائع على الارض. أضف إلى ذلك قضية هامة جداً يحصل فيها بعض اللبس حيث يختلط الاعلامي بالاستراتيجي. فهذه الأطراف في الحقائق الاستراتيجية لا يتوقع لها أن تشترك في أية ردة فعل ضد أي ضربة عسكرية صهيونية أو أمريكية تجاه المنشأت النووية الإيرانية لأن ليس من مصلحة أيران و لا حلفائها توسيع نطاق المواجهة و تصعيدها مما يعرض إيران و المواقع الحليفة لها الى الضرر و الدمار واسع النطاق الذي يتعدى حدود تخريب المنشأت النووية و يتيح فرصة إصلاحها مستقبلاً. المواجهة المفتوحة الواسعة هي مجرد دعاية إعلامية تطلقها إيران قبل الضربة بأمل منعها لأن تطبيقها في الواقع يعود بالضرر على إيران و حلفائها بأكثر من عودته على الولايات المتحدة و الكيان الصهيويني و حلفائهم. تحياتي و تقديري

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..