علي الكاش
(لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
إستغربنا من إطلاق تسمية إحتفال بإطلاق سراح (335) سجين من معتقلات المالكي العلنية، من بينهم اربع نساء، من بين المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب ووشايات المخبرين السريين، عليهم لعنة السماء والأرض، ولعن الله من فكر في هذا القانون، ومن صاغه، ومن دوَّنه، ومن صوَّت له، ومن حثَّ على التصويت عليه، ومن عمل بموجبه كمخبر سري، ومن إستمع لوشاية مخبر سري، ومن حكم بها، ومن نفذ الحكم بموجبها.
أليس هناك العذر الكافِ لإتخاذ (رونالد. ك) الأمين العام للانتربول قرارا بتأريخ 20/12/2012 نص على عدم التعامل مع القضاء العراقي المسيس، الذي يعمل بشريعة المخبر السري، علاوة على خضوعه لرغبات جهات متنفذة في السلطة، مما يجعل الأحكام الصادرة غير حيادية وغير نزيهة.
تم الإحتفال العجيب بحضور ذوي المعتقلين الأبرياء، وعدد آخر جاءوا ليتعرفوا على المطلق سراحهم لعل من بينهم أحدا من ذويهم (!) ممن أختفوا وفقدت اخبارهم ولم يعرف مصيرهم.
ومَثل دولة القانون في الحفل التنكري لحقوق الأبرياء (حسين الشهرستاني/ إيراني) وهو رئيس اللجنة الوزارية للنظر في شؤون السجناء، وحسن الشمري وزير العدل، ومحمد السوداني وزير حقوق الإنسان، وعدد آخر من الإرهابيين من بينهم مسؤولين عن دائرة شؤون المخبرين السريين!
لكن السؤال المحير هو الإحتفال بماذا؟
هل هو إحتفال بمناسبة إطلاق سراح أبرياء مضى على إعتقال بعضهم اكثر من ثمان سنوات دون جريرة أو ذنب؟
هل هو إحتفال بمناسبة صدور ثلاث أو أربع قرارات من القضاء لإطلاق سراحهم وعدم تنفيذ السلطات التنفيذية لتلك القرارات دون أن نعرف السبب؟ فأحد المطلق سراحهم (مهدي صالح) ألقي القبض عليه عام 2009 واطلق سراحه عام 2013 لبراءته. وقد ذكر بأن المحكمة أصدرت أربعة قرارات ببراءته ومع هذا لم يفرج عنه!
أهو إحتفال بمناسبة تقديم إعتذار حكومي فقط! لمن تعرض الى التعذيب والتغييب والترهيب في أقبية دولة القانون ودهاليزها المظلمة؟
هل هو إحتفال بمناسبة قضاء أبرياء ربيع شبابهم، وشيوخ خريف عمرهم لعدة سنوات في السجن لأسباب طائفية بحتة؟
هل هو إحتفال بمناسبة تطبيق نص دستوري مشلول ينص على إن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"؟
هل هو إحتفال بمناسبة إطلاق سراح (330) معتقل من محصلة لما يزيد عن (5000) معتقل شهريا من قبل أجهزة الحكومة؟
في شهر تشرين الثاني 2012 كان عدد المعتقلين في بغداد فقط (8025) متهما! موزعين على النحو التالي (2089) رئاسة إستئناف بغداد/ الرصافة، و(811) رئاسة إستئناف بغداد/ الكرخ، و(5125) معتقل في لجنة التحقيق المركزية.
ثم يظهر لنا الشهرستاني مع وزير الظلم الشمري ليصرحا بأن عدد المعتقلين بتهمة الإرهاب يبلغ (13000) من ضمنهم (182) امرأة! علاوة على (15800) آخرين من ضمنهم (500) امرأة عن جرائم أخرى! حسنا أين بقية السجناء طالما إن محصلتكم الشهرية في بغداد فقط (8000) متهما؟ ناهيك عن المعتقلين في بقية المحافظات، خصوصا الأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل! فقد ذكرت السيدة لقاء الوردي النائبة في البرلمان بأن عدد المعتقلين في عموم العراق (97000) عراقي لشهر كانون الأول/2012 فقط! مضيفة "إن أغلبيتهم من الأنبار وديالى وتم تلفيق التهم عليهم، أو إعترفوا نتيجة الضغوطات التي تمارس ضدهم".
هل يتبخر السجناء في معتقلات دولة القانون؟ أم يصح الخبر بأن بعض المتهمين وفق المادة/ 4 إرهاب (أهل السنة) نقلوا فعلا الى الجارة اللدود إيران! كما تناقلته وسائل الإعلام بغية ترويج كذبة تببيض السجون؟
سوَّد الله وجوهكم يا سفلة بماذا تحتفلون؟ بعاركم المطلق، بخزيكم المتكامل، وبطائفيتكم كاملة السم!
الا تعلمون بأن إحتفالكم هذا تزامن مع حفل إطلاق سراح الإرهابي إسماعيل اللامي (أبو درع) الذي برأته السلطة القضائية النزيهة كنزاهة أبو درع؟ حيث أسقطت محكمة الرصافة جميع الدعاوى المقامة ضد (سفاح السنة) بناءً على توجيهات رئيس دولة القانون شخصيا! لغرض اتاحة الفرصة له لينظم مجاميعه الارهابية، بغية إستهداف ابرز العناصر الوطنية المنظمة لتظاهرات الأنبار والموصل!
بماذا تحتفلون، أخزاكم الله؟ متجرأين على الله بتوزيع نسخ من القرآن الكريم على السجناء الذين أطلقتم سراحهم؟ فأين أنتم من كتاب الله العزيز؟ وهل تحترمون حقا شرع الله وأنتم جنود ابليس؟
لو كنتم تعترفون بالله عزٌ وجلٌ وتحترمون القرآن الذي وزعتموه على الأبرياء! ما كنتم رميتم في غياهب السجون مئات الآف من الأبرياء بتهمة الهوية المذهبية؟ عجبي لمن يديه ملخطة بدماء الأبرياء، ويمسك بلا حياء المصحف الشريف ظاهرا بمظهر الأتقياء!
عندما ذكرنا بأن الشيعي بريء مهما تعددت جرائمه، والسني متهم مهما تعددت فضائله! وعندما وصفنا قانون الإرهاب بأنه (قانون إرهاب السنة) لأنه لا يطبق إلا على أهل السنة، إنزعج البعض من القول الصريح ووجد فيه نوعا من التجريح للطائفة الشيعية! رغم إننا نتكلم عن شيعة الشيطان (شيعة بوش) وليس اشقاءنا شيعة الرحمن (شيعة آل البيت) ومع هذا! هل يمكن أن يجيبنا هذا البعض عن كيفية إطلاق سراح كبار الإرهابيين مثل قيس الخزعلي وموسى دقدوق وآخرهم أبو درع؟ فهل هذا يدل على نزاهة القضاء؟
قبل أن تجيب وتصدر حكمك! لنقرأ سوية تصريح (منير حداد) حيث فيه زبدة القول. ليس إحتراما منا لهذا الوغد! ولكن لأنه قريب بل هو الأقرب من ساحة القضاء العراقي. فقد شغل سابقا رئاسة محكمة التمييز، وهو محسوب على العملية السياسية. بمعنى ليس ضمن توصيفات المالكي وشراذمه كأزلام النظام والتكفريين والظلاميين والمروانيين والنواصب وغيرها من التسميات المستهجنة. فحداد من صلب الحكومة العميلة ولم يلد خارج رحمها القذر.
يذكر حداد بأن "90% من دعاوى المخبر السري في المحاكم العراقية هي كيدية". مضيفا بأن مهمته -أي المخبر السري- تؤدي إلى"قتل الكثير من أبناء الشعب العراقي. وإن هناك عميات تنكيل تمارس ضد أبناء بعض المناطق لأغراض التغيير الديموغرافي، وإن كثير من الضباط يقومون بتعذيب أبناء العرب من أهل السنة". وطالب المالكي بإعاد النظر في قانون المخبر السري.
إذن القضاء العراقي يعمل وفق شرع المخبر السري وليس شرع الله! ولا خير في قضاء يعمل على الوشاية، ويعطي الحصانة للمخبر السري بعدم الإفصاح عن هويته، و كذلك عدم حضور جلسات الحكم! إذا كانت هذه الفوضى القضائية تحدث في دولة تسمي نفسها (دولة القانون)! فلا عتب على (دولة شريعة الغاب). ثم يعترف حداد بأن كثير من الضباط (الشيعة) يعذبون أهل السنة وفقا لشرع المخبر السري! أي إن 90% من المعتقلين يعذبون على تهم كيدية! فأين العدالة في دولة القانون؟
حسين الشهرستاني في حفله المعيب خاطب المعتقلين بقوله "أعتذر بإسم الدولة العراقية إلى أي واحد منكم تم إعتقاله والإحتفاظ به هذه الفترة، وثبت بعد ذلك براءته. فهذه الأمور تحدث ليس في العراق فقط، لكن في كثير من الدول"!
عجبا! تحدث في كثير من الدول! هل هناك دولة في العالم تعمل بشرع المخبر السري؟ هل هناك دولة تتهم (30000) مواطن من شريحة واحدة بالإرهاب؟ هل هناك دولة أطلق رئيس وزرائها (11000 متهما بالإرهاب العام الماضي فقط لثبوت براءتهم، كما تبجَّح المالكي مزهوا! علما إن البعض قد توفي داخل السجن، وبعضهم عًذب وغيرهم عًوق! هل هذه مكرمة تستحق الزهو؟ أم إعتراف بجريمة بحق الأبرياء وجب محاكمته عليها؟ وماذا بشأن تعويض المعتقلين عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بهم؟ وهل تمت محاسبة من كان له اليد في اعتقالهم ابتداء من وزير العدل والقاضي والمحقق والمخبر السري؟ الا يخجل (وزير الظلم) الشمري وزميله في العمالة وزير (حقوق الشيطان) من تصريحاتهم السابقة بنزاهة القضاء وعدم اعتقال الأبرياء، ونفيهم التعذيب والإغتصاب في السجون. هل السجون العراقية تشبه فنادق الخمسة نجوم كما صرح الشمر...ي؟
لقد تسربت وثيقة مرسلة من وزارة العدل/ دائرة العلاقات العدلية- التي ينفي وزيرها ظاهرة التعذيب في السجون- معنونة الى لجنة حقوق الإنسان في البرلمان برقم 3126 في 21/11/2012 تشير الى وفاة (34) معتقل في سجون وزارة الدفاع! دون وجود تقارير طبية عدلية وتشريحية للمتوفين!
بالطبع لأن الوفاة جاءت نتيجة التعذيب! وإلا لماذا لا توجد تقارير طبية توضح سبب وفاتهم؟
الأنكى من ذلك مطالبة الشهرستاني للسجناء المطلق سراحهم بقوله "ارجوكم التعاون مع أهلكم وشعبكم لمنع الإرهابيين الحقيقيين من النيل من هذا الشعب"!
عجبا! يطلب من المتهمين بالإرهاب غير الحقيقيين بالتعاون مع جلاديهم للقبض على الإرهابيين الحقيقيين! أليس هذا إعتراف من الشهرستاني بأن هؤلاء ليسوا إرهابيين حقيقيين؟
كما إنهم يطالبهم بالتعاون مع الأجهزة الحكومية للقضاء على الارهابيين! بمعنى العمل كمخبرين سريين! كفى الله أهل السنة شرورهم.
ثم ماذا فعلت حكومة دولة القانون مع الارهابيين الحقيقيين كمقتدى الصدر وقيس الخزعلي ودقدوق وابو درع وصولاغ وحاكم الزاملي؟ فمنهم من ترقى لوزير ونائب في البرلمان، ومنهم من ينتظر!
هل فهم الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي بأن مطالب أهل الأنبار هي مطالب منصفة، وغير تعجيزية، ولا داع للمطاولة والمناورة بشأنها. فالبرلمان يرميها بسلة الحكومة، والحكومة ترميها بسلة البرلمان. والشعب ينتظر الفرج!
هل أدرك العرب والمسلمون حقيقة ما يجري في كواليس الحكومة الطائفية بإعتراف نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني(رئيس لجنة التفاوض مع المتظاهرين) الذي صُدم (حسب قوله) بنتائج التدقيق في ملفات وزارة الداخلية. فقد اكتشفت اللجنة إقصاء (35000) منتسب من أهل السنة في وزارة الداخلية فقط خلال الفترة (2010-2012) وان معظمهم كانوا ممن حاربوا تنظيم القاعدة، وبعضهم تعرضوا الى إصابات وإعاقات وتشوهات! وأكتشفت اللجنة كذلك بأن (90%) من المدراء العاميين والضباط في وزارة الداخلية هم من الشيعة فقط! فمقابل (120) مدير عام شيعي يوجد (10) من أهل السنة وهم على شاكلة (سعدون الدليمي) أي موالين للمالكي!
هل أصبح العالم على بينة مما يحدث من مظلومية لأهل السنة على أيدي الصفويين الجدد؟
هل فهموا ان جراح أهل الأنبار عميقة جداً ومؤلمة بما فيه الكفاية لذلك دوَّت صرختهم بشدة في أعنان السماء؟
هل أدركوا بأن إنتفاضة الأنبار هي انتفاضة الإيمان على الكفر، والصلاح على الفساد، والحق على الباطل، وإنتفاضة المظلومين على الظالمين؟
وهل سيبقون بموقف المتفرج على حمام دماء أهل السنة في العراق الصفوي؟ ألا يكفِّرون عن خطيئتهم بدعم إنتفاضة الأنبار لعل الله يغفر لهم؟ ولعل العراقيون يتسامحون معهم؟ فالفرصة سانحة اليوم وقد لا تتوفر غدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق