عمر الكبيسي
كم أنت يا مدينة الفلوجة رائعة وكريمة وأسطورة ، أنت أم الكرم، أنت أم العلماء، أنت مدينة الجوامع والمآذن، أنت أم المقاومة وشمعتها بلا منافس وأنت أم الشهداء، وأي شهداء هم هؤلاء الذين حطموا بالأمس أسطورة الجيش الأقوى في العالم بكل صنوفه وسلاحه والياته وطائراته وقنابله وغازاته، شهداء المقاومة في الفلوجة ضد الغزاة والمحتلين كانوا شجعان الميدان وفرسان الدجى وأبطال التصدي وعناوين الصولة فزعت من ذكر أسمائهم وعناوينهم رتبٌ كبيرة وصنوف مدربة وذئاب كاسرة من أساطيل الجيش الأمريكي، وقواته الخاصة كانت ترتعد من اسمهم وتنهزم من مواجهتهم وتتهرب من مقابلتهم .
نعم أولئك شهداء الفلوجة إبان الصفحة العسكرية والمعارك الصمودية مع جيوش المحتلين العتاة وأسلحتهم الفتاكة. وبقيت الفلوجة مستمرة بعطائها وبمقاومتها العنيدة لغاية رحيل آخر جندي أمريكي منها .
ولكي تبقى هذه المدينة مدينة المقاومة، كان من نصيبها ان تكون شامخة بعطائها في صفحة المقاومة السلمية والحراك الشعبي وهي المدينة التي أبت إلا أن تكون لها أسبقية فيه، فكان لها ساحتان للتظاهر والحراك بدلا من ساحة، وكان لها جمعان بدلا من جمع، فزهت هذه المرة سوحها بعمائم علمائها البيضاء النقية وحكمة شيوخ عشائرها العربية الأصيلة الوادعة ومثقفيها وأدبائها المبدعين، وشبابها الملتزم والملتهب بالحماس الوطني المنضبط، لأكثر من شهر كامل في ساحات الاعتصام لم نسمع منهم هتافا جارح ولا خدشا لمشاعر ولا حتى مشاجرة بسيطة.
ولأنها الفلوجة، ولأنها الأسطورة، ولأنها تخيف من يكيد لها ومن يخشى صنيعها، اختارها الحاكمون الجدد والمتسلطون الأوباش وميليشيات احزاب العملية السياسية المجيَّشة والمنضوية تحت اسم الجيش البديل! هادفين أن تسجل عليها مثلبة يقصد من خلالها سحب المتظاهرين الى صفحة المواجهة المسلحة ونزع طبيعة الحراك الشعبي المناهض من أهم ركائزه المستديمة وهي السلمية ونزع السلاح.
تم الترتيب لإعداد مواجهة مسلحة من خلال إرسال ميليشيات تصدت للمتظاهرين وفتحت النار عليهم وهم في طريقهم لأداء صلاة الجمعة الموحدة في ساحة الاعتصام حاملين سجاديدهم لاغير، فيما كان الخطيب ينادي بأعلى صوته: سلمية سلمية. ويحاول لملمة الجمع الذي انضبط وأطاع واكمل المصلون صلاتهم ليجدوا شبابا منهم بين شهيد وجريح فيما تترك آليات هذا الجيش البائس الساحة وتنسحب بعد أن أدرك آمروها فشل مقلبهم ومخططهم.
نعم قدمت الفلوجة اليوم شهداءها في صفحة بيضاء، وضربت ثانية أروع المشاهد في سلمية شبابها وانضباطية فتيانها وفي صفحة ما كان فيها سفك الدماء، مع جيش سموُّه عراقيا، يعني بطولة أو شجاعة، ليثبتوا للعالم أنهم لم يكونوا في وقفتهم يستهدفون سفك دم أو أذى لجندي أو قوة عراقية.
حياكم الله يا شهداء مدينة العطاء، إنها إرادة الله قبل إرادة الأعداء التي أرادت أن تكون للفلوجة صفحات المجد الخالد والامتياز الرائع في صفحة المقاومة المسلحة مع المحتلين والغزاة شجاعة وبطولة وفي صفحة المناهضة والحراك الشعبي المسالم ان تسطر أروع مواقف العقل والحكمة في إخماد مكيدة الحاكمين الطغاة والمتسلطين بقوة المحتلين ومكر الحاقدين .
يا شهداء ساحة الاعتصام في الفلوجة، يا ضحايا مكر الأوباش والحاقدين، انتم والله بلاسم الحرية وانتم والله طيور الجنة ونوارسها بين الشهداء والصديقين، وانتم والله عرسان حواريها في آخرتكم بعد ان عبدتم طريق النجاة والإنقاذ في دنياكم، انتم حقا شهداء الصفوة والنخوة، ستظل عناوينكم لوامع، بكم عوائلكم فخورة، وبأسمائكم وتماثيلكم شوارع وساحات الفلوجة معمورة، انتم شموع الثورة وحمامات السلام للعراق الراسى على شاطئ الأمن والوئام في قادم الأيام.
كنتم والله في دنياكم نعم الرجال وفي آخرتكم عند الله شهداء فيما كان من واجهكم أشباه رجال متنكرين ولّوا هاربين الى حيث المنطقة الخضراء ملجأ الفاسدين والعملاء .
هناك تعليق واحد:
والنعم من دكتور عمر ومن اهالي الفلوجه ...
إرسال تعليق