عمر الكبيسي
ترتفع وتتزايد وتستمر احتجاجات المتظاهرين والمعتصمين في ساحات محافظات عديدة وتكتظ بمئات الألوف بهم ومنذ أكثر من عشرين يوما بعد أن ثقلت كفة الظلم والتهميش وعدم الاكتراث بحقوق الشعب وخدماته عن تحقيق التوازن بقبان العدل والإنصاف في الرعية ، وأصبح خيار المتظاهرين هو الاستمرار والاتساع في حجم التظاهر والإعتصام لحين رفع المظالم ومنح الحقوق، لم تفت من تصميمهم كل أساليب السلطة بالتبرير والوعيد والتهديد ثم بتحركاتها وردود فعلها المتخاذلة والمتناقضة وتحشيد المظاهرات الهزيلة والإعلام المضاد الواهي.
إصرار المتظاهرين وهاجس الخوف من تظاهرات بغداد والوسط والجنوب المتوقعة وأمام ضغط الرأي العام والإعلام المتصاعد واتساعه ونداءات المراجع الدينية الحكيمة والنخب الوطنية، أجبر المالكي وحزبه وكتلته على الاعتراف بشرعية المطالب وحدوث المظالم والعزوف الى محاولات احتواء المتظاهرين، فجاءت ردود فعلها بتشكيل لجنة حكماء تارة ولجنة وزارية تارة أخرى ولجنة متابعة بما يبدو وكأنه حالة توافق فريد بين قادة الكتل السياسية على تحقيق المطالب والتي سرعان ما اتضح عدم قناعة جماهير ساحات التظاهر بمصداقية الحكومة بتنفيذ إجراءاتها الموعودة مما دفعهم الى تصعيد سقف المطالب بمطلب واحد يضمن تحقيق مطالبهم الأخرى وهو :إسقاط حكومة المالكي ، كونها مازالت تتعمد الإصرار على تبرير جرائمها وتناور في عدم منع حدوثها ورفع الظلم عن ضحاياها وتختلق في طريق حلولها الأزمات والعقبات .
ليس هناك من وقت تحاول فيه لجان و وفود المالكي والكتل السياسية وقادتها تسويفه في اللقاءات والتصريحات المتناقضة ، بين من يريد القفز على مطالب الجماهير وتسخيرها لمقاصد شخصية وبين من يريد النيل منها والنفوذ الى إجماعها بالإختراق أو افتعال العنف للإجهاض عليها ! فكلا الفريقين لن ينالا مقاصدهم ، من له شيمة وطنية ومصداقية ممن حسبوا انفسهم على فريق المتظاهرين ، أن يعلنوا بأقرب فرصة حقيقة ما توصلوا اليه من نتائج بين ان يكونوا قد ضمنوا تحقيق المطالب بنتائج ملموسة وتنفيذات سريعة وتشريعات عاجلة ، وبين أن يعلنوا فشلهم وعدم امكانية تحقيق ما تكفلوا بتحقيقه ، فينسحبوا من هذه المهمة وحينها لا مناص لهم للبقاء في حكومة وعملية سياسية تقتل شعبهم وتستهدف حياتهم ومستقبل عراقهم .
فعل المتظاهرون ومفاوضيهم حينما جابهوا أسلوب التسويف واللف والدوران للجان الحكومية والتفاوضية التي التقت بهم وخرجوا منها رافضين عروضهم و وعودهم بتصعيد سقف المطالب والإصرار بالإستمرار على التظاهر والاعتصام وحتى الإضراب والعصيان .لأنهم أدركوا أن الحكومة والبرلمان من خلال الكتل المعطلة والقضاء المسيّس ،قد تفننوا بتشريع قوانين ظالمة تشرعن الظلم والحيف والإنتقام والتهميش اصبحت تحمي الفساد والتزوير واستغلال الثروة وإثارة العنف واستخدام القوة ، وهم لن يكونوا جادين وصادقين لإلغاء هذه التشريعات والقوانين المجحفة التي تحمي امتيازاتهم .
ليكن شعار الجميع في ساحات الشرف والتظاهر والاعتصام:
نريد تشكيل حكومة كفاءات نزيهة مهنية وطنية من خارج شركاء العملية السياسية القائمة والبرلمان الفاشل، بدلا من حكومة الأزمات والفساد والطوائف، كي تخرج العراق من الواقع الخطير والمتفاقم وتجنبه منزلقات الصدام الداهم ومن خلال حراك جامع ومسالم، تزيل المظالم وتشرع لدستور وطني دائم واضح الأهداف والمعالم يؤسس لحكم وطني مدني موحد سيادي قادم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق