سلام الشماع
المستعرقون المنتفعون من العملية السياسية الاحتلالية يتحدثون بلسان واحد، زاعمين أن إرادات إقليمية ودولية هي التي تحرك تظاهرات العراقيين واعتصاماتهم واحتجاجاتهم، وأن دولاً رصدت أموالاً طائلة لهذه الاعتصامات، ضد ما يسمونه "التغيير الديمقراطي في العراق"، لخوف تلك الدول من أن ينتقل إليها هذا التغيير، فتعيش شعوبها "حالة الرخاء" التي يعيشها العراقيون، وتعرف معنى الاستقرار والخدمات الوفيرة والمساواة والنزاهة ونظافة يد السياسيين، التي يتمتع بها العراقيون!
وفي المقابل، يتحدث العراقيون بلسان واحد مطالبين بإسقاط العملية السياسية و"وأد" هذا "التغيير الديمقراطي"!
ولكن الشيخ فائد الشمري رئيس مجلس محافظة النجف الأشرف، وهو رجل معمم، انفرد، عن جميع المستعرقين، بتطعيم خطابه بمطالبة المعتصمين في سامراء بالتراجع عن مطلبهم بإعادة إدارة الروضة العسكرية إليهم، مفسراً ذلك بأنه يضر بالوحدة الوطنية، ولا أدري كيف ظلت الوحدة الوطنية العراقية صلدة وقوية في القرون الماضية وإدارة هذه الروضة كانت بيد أهل سامراء، حتى جاءنا هذا المكتشف العبقري المعمم ليقول لنا: إن إدارة هذا المرقد إذا ظلت بيد أهل سامراء فإن الوحدة الوطنية ستنهار؟
ترى أي مأساة نعيش، أن يدعي أحدهم الحرص على الوحدة الوطنية بينما هو ينفث سمومه الطائفية المقيتة التي أكل الدهر عليها وشرب وظننا أنها دفنت في وادي النسيان؟..
أهؤلاء يستطيعون بناء دولة وقيادة شعب كشعبنا عمقه الحضاري يرقى إلى سبعة آلاف سنة؟
هذا ليس موضوعنا، لكن الذي يهمنا هو ملاحظة الخطاب المسموم للمستعرقين الذي يحاول دق إسفين بين العراقيين، متوهمين أنهم بذلك يستطيعون اختراق صفوف الشعب وإشغاله عن مطالبته بحقه في الحياة وفي إسقاط العملية السياسية وهذه الوجوه التي جاء بها الاحتلال وكلاء عنه في إدارة العراق، ثم هذه العقول التي كانت تطلق عليها صفة الرجعية في القرون الوسطى وليس الآن.
وكان عزة الشابندر كبير مفاوضي دولة القانون تحدث للزميلة ميسم سعدي، في قناة الشرقية الفضائية، بـ"رهاوة"، قائلاً إن الحكومة تسارع لتحقيق ما يتوافق مع الدستور من مطاليب المواطنين، وأن الكثير من المواطنين سيتركون ساحات الاعتصام ويعودون إلى بيوتهم بعد أن يروا أن مطالبهم تحققت ومن يتبقى منهم هم أصحاب الأجندات الخارجية والأهداف السياسية، وأن معركة ستكون بينهم وبين ما سماها الحكومة، ملوحاً باستهداف المعتصمين من طرف خفي.
أقول لهذا الشابندر الذي صرح للشيخ جواد الخالصي في جلسة خاصة أن العراقيين، حاشاهم، لا يقادون إلا بالحذاء: إن تغابيكم لن ينفعكم فالشعب مصمم على إزالتكم أنتم وعمليتكم السياسية، كما أن مكركم لن ينفع في شق الصفوف المصرة على محاسبتكم على كل ما اقترفتموه من جرائم منكرة بحق العراق والعراقيين.
وطبعاً، لاحظت أن خطاب سلطة المنطقة الخضراء والمستعرقين جميعاً أخذ يميل إلى النعومة، التي وصلت إلى حد التوسل بالشعب، مقابل خشونته في بداية الاعتصامات وتهديده الشعب بالإنهاء "إذا لم ينتهوا"، ولكن ذلك لا يفرحني ولا يُفرح أحداً، لأنه مجرد انحناء أمام ريح عاتية ريثما تمرُّ، كما يخططون ويعتقدون.
أمام هذا المكر والمخادعة والمراوغة والمداورة والمناورة التي يمارسها خندق المستعرقين، يتوجب على خندق العراقيين توحيد مطالبهم بالإصرار على إسقاط هذا النظام الظلامي الذي كبَّدهم ملايين الشهداء وملايين المشردين وملايين الأرامل وملايين اليتامى ونهب المليارات الممليرة من ثروات بلادهم، ومازال، ولم يبن طابوقة واحدة مما خربه المحتل طوال 10 سنوات، بل زاد البلاد تخريباً.
أنا واثق أن شعبي لن تنطلِ عليه هذه الخدع الماكرة وهو ثابت عند مطلبه بإسقاط هؤلاء المرعوبين، فأبناء شعبي مؤمنون، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فكيف إذا كانت عشرات المرات؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق