علي الكاش
( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
طريق المقاومة الشعبية، طريق صعب وشاق، نتائجه محفوفة بالمخاطر وهي تتناسب طرديا مع طبيعة التحديات وأحيانا تتعدى حدود المعقول وربما تتجاوزه إلى رحبة الخيال.
من البديهي إن من يسلك هذا الطريق سيتحمل نتائج خياره الصعب الذي يجسد خلاصة إيمانه العميق بدينه، وقضيتة الوطنية المقدسة. إنه على دراية تامة بأنه نذر نفسه كمشروع جهادي. وسيأزف الوقت المناسب لترجمته كواقع ملموس، مؤمنا كل الإيمان بأن دعم السماء يأتي مرافقا لسعيه في الأرض ملتحقا به كنديم في توليفة متناغمة وإيقاع سماوي مقدس. فرسالة المقاومة والجهاد مؤداها أن الظلم مهما طال وإشتد على الشعوب المبتلاة بشروره، فإنه يحمل بذور فنائه بين طياته. وهذه حقيقة تدعمها شواهد التأريخ القديم والمعاصر لنهاية الطغاة والمستبدين.
الإنتفاضة ضد قوى الشر والطغيان حق كفلته تعاليم السماء وقوانين الأرض، فالشعوب الساكتة عن ظلمها شعوب تستحق القهر والإستعباد بكل جدارة. والشعوب الخرساء غير الناطقة بحقوقها هي شعوب ذليلة لا تستحق الحياة، والمقابر أولى بها. والشعوب التي لا تقول كلمة حق في وجه سلطان جائر هي شياطين حقيرة إستعيذوا بربٌ الفلق منها. والشعوب التي تقبل بواقعها المأساوي ولا تحرك ساكنا، لا تقل وضاعة عن الطحالب والطفيليات التي تعيش وتأنس في المياه الراكدة. والشعوب التي لا تؤمن مستقبل جيد للأجيال القادمة، هي شعوب عديمة الذمة والضمير. والشعوب التي لا تتخذ من تعاليم الإسلام وقودا لثورتها، لا تلبث أن تنطفيء جذوتها بدون أن تضيء للآخرين دربهم.
من تحت رماد الظلم والعدوان والتهميش والإجتثاث والإقصاء والتعذيب والإغتصاب والتخندق الطائفي المقيت، انبثقت وتطايرت شرارات الأنبار لتشعل خارطة العراق، حتى المحافظات الخامدة حاليا سيصلها الشرار رغم الموانع التي تضعها دول الجوار المعادية للشعب العراقي، والصديقة للنظام الحاكم في العراق. بالتأكيد سيصل محافظات الجنوب الشرار رغم أنف الجميع، لأن الظلم والقهر والفقر والجوع والجهل قد طالها أيضا وبنسب أقل من المحافظات الغربية.
سينتفض الشعب العراقي بأكملة في وجه نظام جائر عدواني خبيث، تتنازعه قوى الشر، ويختفي بين اطلاله اللصوص والعملاء والإرهابيين؟ فلا يمكن لشعب محترم أن يكبت منازع النفس بحماية نفسه وأسرته وماله وشرفه في وطن أصبح كل شيء فيه مستباح من بشر وممتلكات وأعراض؟ ولا يمكن لشعب يحترم نفسه أن يقف مكتوف الأيدي تجاه سلطة لا تحترمه. سلطة لا يؤمن بها، ولا يؤتمن جانبها؟ بل يتقي شرورها بعد أن يأس من خيرها. ولا يمكن لشعب محترم أن يثق بوعود حكومة مجرمة تنتهج أساليب قطاع الطرق بل يشرفونها قطاع الطرق؟ حكومة عميلة نصبها الاحتلال وفرضها على شعب محتل مسلوب الوعي والإرادة. حكومة بلا ضمير ولا دين ولا اخلاق ولا قانون ولا أية مشاعر إنسانية.
لا يمكن لشعب محترم أن يقبل بحكومة إرهابية تدعي محاربة الإرهاب وتمارس في نفس الوقت كل أنواع الإرهاب كالقتل على الهوية والتعذيب والإغتصاب في السجون. حكومة لصوص شرهين ينهبون كل ما يقع أمامهم ويستحلونه بدفع خمس مانهبوه من مال الشعب لعلمائهم الدجالين. لا أحكام ولا حدود للحرام في عرفهم المأفون.
كيف يمكن لشعب الإلتزام بمسئولياته الوطنية والوظيفية والاخلاقية تجاه حكومة إنتهازية، هي أول من يتنصل عن مسئولياتها الدستورية إتجاه شعبها؟ حكومة ترفض الدكتاتورية السياسية، ولكنها تؤمن بالدكتاتورية المذهبية.
كيف يمكن لشعب يحترم نفسه أن يرضى بحكومة تزعم حرية الرأي والعقيدة نظريا، وترفض ممارستها فعليا؟ وهل يمكن للحريات أن تتنفس في ظل انعدام الخيارات؟ وهل يبقى للحريات من معنى عندما تفرض الحكومة واقعا مذهبيا أحادي الجانب يتربص في الظلام لأي خيار آخر ويغتاله بكواتم الصوت؟
كيف يمكن لشعب واعي احترام جيشه وشرطته وقواته الأمنية وهي تمارس القمع والتعذيب ضده؟ وكيف يحترم جيش هزيل مستهتر. أسد على أبناء جلدته وجرذ مع أعداء الشعب. جيش يمارس اللطم والنحيب في ساحات التدريب. ويدعون بكل صلافة إنه جيش العراق وليس جيش الطائفة! كيف يحترم الشعب جيشا ملحدا يسُب الصحابة وأمهات المسلمين بمكبرات الصوت بلا حياء لإستفزاز مشاعر طائفة كبيرة ومهمة من الشعب؟ كيف يحترم الشعب جيشا يضع شعارات طائفية مقززة على عجلاته ومدرعاته العسكرية تحض على تجريم الآخر وتطلب بالثأر منه؟ كيف يحترم الشعب جيشا يستعرض قواته المشلولة في شوارع ترفع فيها صور الخميني والخامنئي؟
كيف يحترم الشعب جيشا يسجن المدنيين من الأبرياء على الهوية، ويمارس أشد أنواع التعذيب ضدهم، ويعلق جثث الشهداء على أعمدة الكهرباء في دولة تسمي نفسها ويا لسخرية الأقدار دولة القانون! وتحكمها احزاب إسلامية.
كيف يحترم الشعب جيشا وشرطة وأجهزة أمنية 90% من مسئوليها وضباطها من طائفة واحدة ومعظمهم يجهل القراءة والكتابة؟ وكيف يحترم الشعب قوات الجيش و جلها فيروسات مضرة من عناصر الميليشيات الاجرامية أدمجت قانونا في الجيش وسرعان ما انتشرت الفايروسات بين كل عناصره فأفسدتها.
كيف يحترم الشعب جيشا ترك حدود الوطن سائبة لذئاب دول الجوار؟ يدخلون ويخرجون بلا قانون ولا ضوابط. ويرابط أمام حدود المحافظات ليحبس أنفاس ابنائها؟
كيف يحترم الشعب الجيش ولا نقول جيشه لأنه جيش النظام والطائفة، وليس جيش الشعب، وهو يرى شراذم من الزنادقة يمنعون صلاة يوم الجمعة(لا تخادع) في ساحة الإعتصام في الأنبار، ويدخلون بلا وازع ضمير بين صفوف المصلين في عجلاتهم المدرعة، لغرض تفرقتهم وبث الرعب في صفوفهم.
كيف يحترم الشعب جيشا طائفيا يطلق بكل إستهتار الرصاص عشوائيا على المصلين فيقتل ويجرح 70 شخصا من بينهم أطفال لم يبلغوا الحلم؟ مصلون مسالمون لم يحملوا سلاحا إنما سجادات للصلاة ليتقربوا من الله تعالى في يوم الجمعة المتزامنة مع المولد النبوي الشريف! فإذا برصاص الجيش الأرعن تتطاير فوق رؤوسهم لتقطع عليهم ذكر الله عز وجلٌ وتفتك ببعض منهم.
لا نقول لقوات هذا الجيش المستهتر الذي أطلق النار على المتظاهرين سوى تكرار ما خاطبهم به فضيلة خطيب الجمعة في الأنبار بقوله" سيأتي دوركم!".
ولأن الدين النصيحة. سنعيد عليهم ما وعظهم به سماحة الشيخ عبدالملك السعدي وافر الظل بقوله "انحازوا إلى شعبكم الكريم وحافظوا عليه، ولا تنفذوا أوامر ظالم يحتمي بكم أمام شعب أعزل. لا تكونوا درعا حاميا لظالم سينقلب عليكم. الحاكم يزول والله باق والشعب باق والأرض باقية والحساب قادم. الحكام سيهربون هم وعوائلهم وأنتم ترملون نساءكم وتيتمون أطفالكم". وكما جاء في المثل" ولات ساعة ندم".
هذا هو الوعظ الصائب المنطلق من وحي الإيمان بالله ورسالة نبيه المصطفى. تذكروا كيف وقف الجيش المصري موقفا شامخا بحياده امام المتظاهرين ضد نظام مبارك، لقد كان موضع تقدير وإحترام كل شعوب الأرض. وأنتم الذين تصوبون بنادقكم ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة بشكل سلمي وحضاري، ستكونوا موضع ازدراء واحتقار شعوب الأرض قاطبة. إنه درس بليغ وان كنا نشك في جيش لا يعرف حدود الله بأن يعرف حدوده أو حقوق الشعب.
يدعي المالكي بأن نظامه، اللقيط، ديمقراطي الصبغة! لكن الديمقراطية تؤمن بأن الشعب وليس الحاكم هو مصدر السلطات. وحق التظاهر مكفول دستوريا! فلماذا يمنع الجيش التظاهرات وهي ذات طابع سلمي وحضاري ولا تتقاطع مع الدستور؟ ألا يشكل هذا إنتهاكا للدستور نفسه الذي تنهق به حكومة دولة القانون؟
وأين مجلس النُوّام مما يحدث من إنتهاك للدستور؟ هل مناقشة عرض مسلسل الحسن والحسين عند النواب أهم من مناقشة مطالب الجماهير المنتفضة وعدوان الجيش عليها؟ الا لعنة الله على الظالمين! إن ما يختلج انفسكم يا نواب من شرور لا يختلف عما يختلج نفس ابليس من شرور!
ولم لا؟ وأنتم خدمه الأذلاء والساهرون على تنفيذ مخططاته النكراء.
مع تطورات الإنتفاضة المجيدة، أكدت معظم فصائل المقاومة الوطنية الباسلة ومشايخ القبائل والعشائر العربية الأصيلة ذات النخوة المعتصمية مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه حماية المتظاهرين، وحذروا الطغمة الصفوية الحاكمة من مغبة العدوان على المتظاهرين العزل. وقد حصل العدوان كما نوه المالكي سابقا " ينتهوا أو يُنهوا" فنفَّذ وعده! لذا حان الوقت لتفذوا أنتم أيضا عهدكم. وكلنا ثقة وأمل بكم. فأنتم النخبة الوطنية الشريفة لا غيركم.
الشهداء رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته عاهدوا بأن يكونوا مشاريع إستشهاد للقضية المصيرية، وقد التزموا بعهدهم وقدموا أنفسهم فداءا للوطن والشعب. لذا فإن أرواحهم الزكية في عليين ترنوا إلى فصائل المقاومة الوطنية وشيوخ العشائر بالإلتزام بعهدهم وأخذ الثأر لهم. وجعل المجرمين عبرة لمن اعتبر.
لقد أزفت الساعة واشعل المالكي بنفسه فتيل الثورة من خلال العدوان على المتظاهرين الأبرياء، ومع فظاعة جريمته النكراء خرج بكل صفاقة مدافعا عن مرتزقته الجبناء ليصرِّح بأن المصلين هم من استفزَّ الجيش وليس العكس! وكالعادة ألقى اللوم على "تنظيم القاعدة ومجموعة من المغرر بهم"!
إن هذا الوغد الصفوي الحقود لا يمكن إصلاحه، ولا يؤتمن جانبه، ولا يرتجى منه خيرا. فديدنه الشر والكذب والعمالة والنفاق والخسة. وإن لم يكن الرد عليه صاعقا هذه المرة فإنه شروره وعدوانه وتجاوزاته ستزداد، وقد جرَّبناه وخبرناه وعرفنا معدنه الصِدأ.
أما من يطالب المالكي بإحترام دم العراقي! فنسأله بدورنا: من لا يحترم العراقي هل سيحترم دمه؟ لله درٌكم على دماءكم الثقيلة! وهل عُرف عن المالكي تجاوبه مع مطالب الشعب سابقا وحاضرا؟
أما أن تطالب كتلة تشريعية لها ثقلها في البرلمان مرجعية النجف بإستبدال المالكي! أي أن تطلب السلطة التشريعية قرارا من المرجعية الدينية مما يدخل ضمن صلاحيات البرلمان، ولا يدخل ضمن صلاحية المرجعية! فلا يسعنا إلا أن نضرب كفاً بكف، ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
هناك تعليق واحد:
الهالكي واتباعه والفرس المجوس سيذهبون الى مزبلة التاريخ
إرسال تعليق