موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 21 يناير 2013

يريدون منا عملها على الطريقة البريمرية مجدداً!


يحيى العراقي 
حين تقرأ أو تسمع لهم أو تتحاور معهم تجدهم ثورجية من الطراز الأول يلونون صفحاتهم بقصائد عن سبارتاكوس وبعضهم عن الحسين (عليه السلام) ويعلقون سيف سيمون بوليفار في خصرهم تاركين أصابعهم تداعب قبضته قبل أن يبدأوا طقوس تطبير تذكرهم بصولات هذا السيف، في فمهم يسكن عقب سيجار كوبي يصكون عليه الأسنان إتباعاً للمرجع الأعلى للثوار والثوريين في العالم (بحسب مزاميرهم) أية الله العظمى أرنستو تشي غيفاراً (قدس سره الشريف).



إحتاروا في شعر رأسهم هل يتركوه كثاً أشعثاً إقتداءً بهذا الغيفارا أم يحلقوه مبرزين صلعتهم إقتداءً بالحجة لينين.
يذكرونك في كل لحظة مراراً وتكراراً بزهدهم وورعهم الثوري الفريد ومبدئيتهم وموضوعيتهم التي لا نظير لها في عوالم الشهادة والغيب وكيف أنهم وحدهم دون سواهم من إنس وجان عرفوا الحقائق وحازوا المبادئ والحكمة فيما غيرهم سذج لازالوا يحبون في طرقات المعرفة أو يجرون خلف نزواتهم وأطماعهم ويتبعون خطوات الشيطان الأكبر.
كتبوا طويلاً وتحدثوا بصخب عن المشاريع الإجرامية الإمبريالية الأمريكية الخبيثة وطرقها الملتوية الماكرة في التسلل إلى النفوس وإستثارة الأحقاد وكيف أن تلك المشاريع مهدت مبكراً لجريمة إحتلال العراق عبر شيطنة النظام الوطني المستقل وقادته ورموزه وكيف إنساقت خلف ذلك قوى سياسية عراقية معارضة خائنة مذمومة منادية بمطالب ورافعة لشعارات تطعن بالسلطة ليس من منطلق المظالم السياسية لحاكم ديكتاتور متسلط مستبد في مقابل شعب مضطهد بمختلف طوائفه ومذاهبه وأعراقه وأثنياته بل من منطلق المظالم المذهبية والطائفية والأثنية والعرقية .. صدام حسين تم الطعن به في تلك البروبوغاندا بإعتباره حاكماً عربياً سنيأً يضطهد الشيعة والأكراد ويحاربهم ولا يتيح لهم أي حق من الحقوق بما في ذلك المشاركة الحقيقية في السلطة بما يتناسب وحجومهم السكانية التي يدعوها ..
أكثر من هذا فقد ظهرت في هذا السياق في ذلك الوقت ولاحقاً خطابات عالية الصوت تقول أن صدام أو بعض الحكام من قبله ليسوا هم بشخوصهم المشكلة وإنما مجمل ثقافة ومسلك الطائفة العربية السنية التي تمسك بالسلطة منذ 1400 سنة وتضطهد أصحاب المذاهب والأفكار والقوميات والشعوب، وهنا يتذكر كثير منا تصريح النائب بهاء الأعرجي من على شاشة فضائية البغدادية العراقية عام 2010 حين قال: الغالبية في العراق، والمذهب الذي يأخذ القاعدة أو الأغلبية في العراق كانت عليه المؤامرة منذ يوم أبو بكر لحين حزب أحمد حسن البكر

وقد ظهر هذا التوجه جلياً واضحاً في محاكمات القائد الوطني والقومي الشهيد صدام حسين وطبيعة التهم التي وجهت له والأحكام الجائرة التي صدرت بحقه وفي طريقة تنفيذها ..
من هذه المنطلقات والأفكار البائسة المنحرفة المصممة لإيذاء الشعوب والأمم ومنها شعبنا وأمتنا ظهرت فكرة المحاصصة في تكوين تشكيلات المعارضة العراقية ونسب تمثيل كل فصيل فيها بإعتبار ما يدعيه من تمثيل لحجم عددي معين لطيف مذهبي أو طائفي أو أثني أو عرقي، بإعتبار ذلك حلاً لمشاكل تم صياغتها وقولبتها وتأطيرها بأشكال معينة خدمة لمخططات ولمشاريع هيمنة من هذا الطرف أو ذاك، فكانت هذه هي البذرة الخبيثة التي إحتضنتها ورعتها الولايات المتحدة الأمريكية وتكفلت بنشرها بالتعاون مع جمهورية إيران الإسلامية بإعتبار أن إيران هي صاحبة الحق الأصيل في الملكية الفكرية لهذا الإبداع الجهنمي الذي يمثل سدى ولحمة مشروعها الإمبراطوري الصفوي الخبيث الذي إنطلق عام 1979 تحت شعار تصدير الثورة.
هكذا وعبر ظهور أحمد الجلبي أواخر عام 1992 كحلقة وصل بين الولايات المتحدة وإيران لتنسيق العمل وتقديم الدعم للأحزاب العراقية المعارضة وظهور ما يسمى بالمؤتمر الوطني الموحد كإطار جامع لتلك القوى المشبوهة للمعارضة العراقية تم تثيبت فكرة المحاصصة ونسبها.
وعلى هذا المنوال تطورت الأمور لاحقاً حيث جرى عقد مؤتمري لندن نهاية عام 2002 وصلاح الدين بداية عام 2003 ضمن مراحل الإعداد والتمهيد لغزو العراق، وتم فيهما تكرار نفس فكرة المحاصصة لتتكرس لاحقاً وبقوة على الأرض من خلال حضور السفير بول بريمر إلى بغداد عقب إحتلالها في نيسان من العام 2003، وشروعه بإعتباره رئيساً للسلطة المدنية الممثلة لقوى الإحتلال بتطبيق هذه السياسة الخبيثة المنحرفة التي رسمت مبكراً فبدأ بعملية إجتثاث شاملة وعميقة للكفاءات الوطنية المهنية من مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة العراقية هي وما تحمل من فكر وطني مهني بعيد عن روح المحاصصة وإستبدالها بمؤسسات قائمة على المحاصصة بعيداً عن المهنية و الكفاءة مبتدئاً بتأسيس ما سمي في حينه بمجلس الحكم المكون من 25 كرسياً والذي كانت حصة الأحزاب الطائفية الشيعية فيه 50% زائد واحد.
لقد كرَّت خرزات مسبحة الأحداث في عراق ما بعد الإحتلال على هذا المنوال طيلة السنين الماضية وجرى نشر فكرة المحاصصة في كافة مفاصل الدولة، وجرى تثبيت النسب على هذا المنوال في مختلف مفاصل السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ليكون ذلك عرفاً سياسياً سائداً أفرز أمراضاً عديدة كان من بينها إختفاء المهنية والكفاءة وطغيان الحزبية والسكوت عن الجرائم والفساد، وإنحدار البلد إلى هاوية التخلف في كل شيء بشهادة الجميع.
اليوم وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على الجريمة المستمرة المتواصلة ومع تصاعد وتيرة الحراك الشعبي المنتفض الثائر على الظلم والفساد نسمع كلاماً غريباً عجيباً من بعض هؤلاء المثقفين والكتاب الحكماء الثورجية حد النخاع في تعاملهم مع هذا الحراك ..
فبعد صمت لعدة أيام إزاء الحدث الكبير المفصلي الذي يجري على أرض العراق حيث كان يأمل فيه هؤلاء الثورجية المضبوطين جداً (خط ونخلة وفسفورة، كما يقال في العراق) أن يتم القضاء على هذا الحراك كما سبق وأن جرى القضاء على سابقه في شباط/ اذار من العام 2011 وما تبعه من حراكات تالية مما يكفيهم مؤونة مواجهته ومهاجمته وإنتقاده، إلا أن إستمرارية هذا الحراك المبارك أحرجتهم ودفعتهم لإطلاق نغمة هارمونية مركبة محيرة يمتزج فيها الحق بالباطل ليمرروا عبر ذلك واحدة من أخطر وأخبث الأفكار والمواقف والفريات وليقوموا بواحدة من أكبر الجرائم بحق شعبنا.
كتب السيد الدكتور إبراهيم علوش الثورجي القومي اليساري الجذري إبن المناضل الفلسطيني المعروف وهو الذي طالما شنَّف أسماعنا بالكلام الطيب عن العراق والنظام الوطني وهاجم الأمريكان وجرائمهم الكبرى ومشاريعهم ومؤامراتهم الخبيثة الدنيئة ومحاصصتهم الطائفية كتب يقول عن أحداث العراق الحالية:
نوري المالكي وحزب الدعوة يمثلان نهجاً طائفياً دموياً طائشاً بكل تأكيد، ولكن “الحراك السني” ليس أقل طائفية، ولا أقل خطراً وطيشاً، خاصة أن عبق البترودولار يفوح في أجواء كل الإقليم، وفي الوسط السني في العراق بالذات.
باختصار، أي حراك لا يطرح قضية وطنية، بدلاً من التفاهات والشعارات الطائفية والتقسيمية، ولا يقوده رجالٌ ونساءٌ شرفاء وطنيون وقوميون من السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين، هو حراك مشبوه.


الكلام العام الذي لا خلاف كثير بشأنه من إنتقاد المالكي وحزبه أو الإشتراط في أن يطرح الحراك قضايا وطنية .. من الواضح أنه جرى تقديمه كإطار خادع يتم عبره تمرير أفكار خطيرة تهاجم أهلنا الشرفاء البواسل المظلومون و تطعن بتحركاتهم بشكل مؤذي.
فبأي شيء أكثر سوءاً من هذا الإفتراء القبيح يمكن أن يطعن المالكي وزمرته وحزبه الظالم العميل اللعين ومن ورائهم إيران أهلنا وتحركاتهم الوطنية الشريفة المشروعة ...
إن عبارة عبق البترودولار يفوح في أجواء كل الإقليم، وفي الوسط السني في العراق بالذات ... لا تختلف كثيراً عن إتهامات المالكي للمتظاهرين بتظاهرهم مقابل 100 دولار .. إنها تهمة خسيسة وخبيثة مصممة لإفراغ الحراك الشعبي من أسبابه المشروعة المعلنة التي تمثل جرائم كبرى للسلطة وهي قفز على المظالم التي تقصم ظهورهم الناس والتي شهد بها الجميع وشكلت الدافع الأساسي لخروجهم. إنها محاولة قبيحة لزيادة مأساتهم عبر الطعن بتحركاتهم ودوافعهم
والأنكى من ذلك أن هؤلاء الثورجية المضبوطين جداً كما قلنا (خط و نخلة و فسفورة) والذين طالما صدَّعوا رؤوسنا بنقدهم الشديد للمحاصصة الطائفية والعرقية والمناطقية والجهوية اللعينة بإعتبارها بضاعة أمريكية بريمرية خبيثة فاسدة تم إدخالهم للعراق وتلويثه بها بعد الإحتلال في العام 2003 نراهم اليوم وفي هذا المقال وفي غيره نراهم ينقلبون إلى داعين ومروجين لذات الأفكار التي إنتقدوها بعد أن يلبسوها ثياب مزركشة .. حيث هم يضعوها الأن كأحد شرطين هامين للقبول بالحراك وإزالة الشبهات من حوله.
يقول السيد إبراهيم علوش، وعلى منواله آخرون:
أي حراك:
1.     لا يطرح قضية وطنية، بدلاً من التفاهات والشعارات الطائفية والتقسيمية،
2.     ولا يقوده رجالٌ ونساءٌ شرفاء وطنيون وقوميون من السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين، هو حراك مشبوه.
السيد علوش (و أمثاله عديدون) يريدون حراكاً يشترك في قيادته رجال ونساء وطنيون وقوميون .. وهذه عبارة لا إشكال فيها بحد ذاتها لكن حين ألحقت بها عبارة "من السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين" في سياق الإشتراط الملزم المقيد وإلا تم الطعن بالحراك ووصمه بالمشبوه جعلها عبارة بريمرية ملغومة بإمتياز .. فهي تعيدنا إلى قصة إشتراطات المحاصصة الأمريكية الإيرانية البريمرية التي خبرناها وخبرها معنا الناس وتحدث عنها الثورجية كثيراً والتي هي نقيض القاعدة السليمة التي عاشت عليها الأمة لأزمان طويلة و التي تعيش عليها أغلب دول وشعوب العالم من أن قيمة وقدر العمل ومشروعيته لا تتأتى من تركيبة القائمين به بل هي تكتسب من طبيعة العمل نفسه وهويته وتوجهه والفكرة والقضية التي قام عليها والأهداف والمرامي التي يسعى لها. إذ من الممكن و كما يعلم الجميع أن يجتمع قادة من كل المذاهب و الإثنيات وألوان الطيف ثم لا ينتج عن ذلك أي أمر مفيد كما هو جاري اليوم فيمن يتسلمون السلطة في عراقنا الان وعلى النقيض من ذلك فقد يقوم فرد أو مجموعة أفراد من طائفة معينة أو عرق معين بعمل وطني جبار بالنيابة عن أهلهم وأصدقائهم و عن الأمة و كم شاهدنا أمثلة عديدة على ذلك في تاريخنا وفي تاريخ الأخرين.
رغم أن الكلام شائن معيب و لا يصح أن يصدر من رئيس للوزراء (!) هو في موقع يلزمه القانون بخدمة جميع العراقيين وإحترامهم إلا أننا لا نستغرب أن يقول القرد المالكي أبو المحابس وزبانيته من شابندر وشلاه وغيرهم عن الأبطال من أهلنا في الفلوجة والرمادي والموصل وسامراء الذين خرجوا يتظاهرون منتفضين مطالبين بحقوق العراقيين أنهم مرتزقة يستأجرون بالمال، فالنتن المالكي وزبانيته لا يفقهون معنى الدولة ومعنى المسؤولية هم ينظرون للأمر على أنه سلطة محضة كذلك فإن الأبطال المتظاهرين هم في النهاية خصوم وساعين لتقويض سلطتهم وهتك سمعتهم ..
المستغرب هو أن ينحدر هؤلاء الثوريون الذين يفترض أنهم يعرفون جيداً (ومن خلال علمهم الموسوعي بالثورات والثورات والمقاومين والأحرار) تاريخ أبطال الفلوجة والرمادي ومأثرهم في مقاومة الأشرار الأمريكان ثم بعد ذلك يصمون هؤلاء وأهلهم وحواضنهم بأنهم حفنة مرتزقة وعبدة للمال.
ألهذا الحد يعبد هؤلاء الولي السفيه ويخلصون له!
تباً لهم.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..