موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 27 يونيو 2013

مؤتمر قومي؟ نعم، عربي؟ لا 5

وجهات نظر
صلاح المختار
الحلقة الرابعة هنا
إيّاك تجني سكرًا من حنظل  فالشيء يرجع بالمذاق لأصله

الامام الشافعي
6-   يقول البيان حرفيا (ولمّا كان المؤتمر يعي أن تعقيدات الواقع العربي الراهن لا يمكن معالجتها عن طريق القبول بالاستبداد بذريعة مقاومة التدخل الاستعماري ولا عن طريق استدعاء القوى الاستعمارية بحجة التخلص من هذا الاستبداد). ما الغريب العام  في هذه الفقرة؟ انها حلوى مصنوعة من الحنظل ولكنها مغطاة بالعسل!!! فهي تقدم لنا العسل بكل اغرائه الشرعي، وهو هنا الرفض التام للاستبداد والرفض الاتم للتدخل الخارجي واللذان يشكلان العمود الفقري لموقف كل وطني وقومي عربي، لكن هذا العسل يسخر لاخفاء مرارة الحنظل المتمثل بفتح كل الابواب لكافة اشكال التشرذم باسم الديمقراطية!


ماذا نسمي مساواة رفض الاستبداد برفض التدخل الخارجي مع عزلهما المتعمد عن اهم ما يقرر نوعية الحاجة  لكل منهما، وهو طبيعة المرحلة التي يمر بها التحول، اخذين بنظر الاعتبار اهم منطلقات الوعي والمنهج العلمي وهو ان طبيعة المرحلة وليس الرغبات هي التي تحدد اسبقية كل منهما على الاخرى؟ أليست هذه صورة نمطية لكيفية اخفاء الحنظل بغطاء العسل؟
أيهما اسبق الديمقراطية ام الهوية ؟ من بين ابرز مميزات الالتزام الحقيقي بالفكر القومي اعتبار الانتماء القومي هو الاصل والقضايا الاخرى الستراتيجية والسياسية ، فروع تابعة ، فمن البديهي ان الوجود القومي للانسان - خصوصا العربي لانه يواجه خطر الابادة الفعلي - هو الوعي الاول والابرز في حياته وهو مقرر نمطها وتوجهاتها العامة وفي ضوءه يقرر مواقفه من الاخرين حوله وبعيدا عنه ، وبقوته يتعاطف ويتضامن وينحاز او يعادي ويحارب .. الخ ، فالقومية هي الهوية الوجودية للانسان وتحتوي على بقية الهويات الفرعية ولذلك ليس صدفة ان العربي منذ الاف السنين وقبل الاسلام كان يعتز بعروبته حتى حينما كانت القبيلة هي الاطار التطوري للمجتمع . وبهذا المعنى فالديمقراطية هي اسلوب عمل سياسي لذلك فهي جزء من البنى الفوقية في المجتمع السياسي وتستند عليه وتتقرر قيمتها بقوة وتأثير البنية التحتية ، لذلك حينما تواجه البنية الاخيرة تحديات مصيرية تسخر كل البناء الفوقي ( السياسي والقانوني والاعلامي ...الخ  ) لخدمة هدف اكبر وهو القضاء على مخاطر التحديات.
هنا نواجه السؤال الذي طرحناه في اعلاه لانه يضعنا امام التزوير الفاضح الذي تمارسه عناصر تنتمي للتيار القومي ، او محسوبة عليه ، وهو اما اعطاء الاسبقية للديمقراطية ومتطلباتها على الوجود القومي والهوية القومية بأسم حق تقرير المصير ، كما يفعل ذوي الاصول الفارسية او ضحايا التطرف الطائفي من (القوميين العرب ) في البحرين مثلا ، او باعتبار قيمة الديمقراطية وحقوق الانسان مساوية للوجود القومي في زمن تعرض الشعب لتهديد الهوية والوجود ، كما يفعل بيان المؤتمر القومي الاخير في الفقرة المشار اليها . وفي كلا الحالتين نحن بأزاء انحرافين اولهما يشكل خيانة قومية والثاني يعد تزويرا لمفوم القومية وتسخيرا له في خدمة اهداف لا صلة لها بالفكر القومي والمصالح القومية .
هل الديمقراطية وحقوق الانسان شرط للوجود ومن متطلباته الدائمة ام انها من مكملاته وضروراته وتصبح حتمية في مرحلة تحقيق الاستقلال والاستقرار لكنها في مراحل اخرى تخضع بصرامة للمصلحة القومية العليا ؟ يفهم حتى الطفل بانك كي تكتسب حالة وتصل اليها عليك اولا ان تكون موجودا فالوجود القاعدي هو الشرط المسبق لوجود بقية الصفات التي تترتب على كونك موجودا ، فانا انسان وهذا الوجود يميزني عن بقية الحيوانات ويفرض ضرورات تختلف ، وكوني عربيا يفرض علي وعي انني محاط باعداء تاريخيين لم تعد مؤامراتهم ترف مثقفين يتناظرون في مؤتمرات مترفة بل صارت واقعا يتجسد في اسرائيل وايران اللتان تتوسعان بلا توقف وتقضمان بلا انقطاع اجزاء من جسدنا القومي ووصل التوسع الصهيوني ( الاسرائيلي والفارسي ) الى العراق والان الى سوريا ولبنان وليبيا واليمن رغم انه مبرقع بشتى الاغطية للتمويه على اصوله واهدافه ، وتبرز ايران في مقدمة الاصول التمويهية التي تنفذ المخطط .  
اذن نحن بأزاء قضم متتال وممنهج بدقة تخطيط تأمري بعيد المدى لوجودنا القومي وتفكيك منظم لهويتنا القومية ، ولعل اخطر ما في هذه المؤامرة الوجودية هو انها تتقدم عبر المجازر البشرية وتغيير التوازن السكاني الاصلي بعد ان كانت تتقدم سابقا في مرحلة التمهيد عبر تحطيم الحصانات القيمية ، الاخلاقية الوطنية والقومية  ، للفرد العربي .
علينا ، وبحتمية لا مفر منها ، ان ننتبه لرد العراقي والسوري كما الفلسطيني اصلا ، حينما تقول له : لحل المشاكل احتكموا انتم الضحايا وجلادكم للديمقراطية ودعوها تقرر المصير ولا تحاربوا  ايران الان بل حاوروها فليس من مصلحتنا استعداءها ؟ كيف سيرد هؤلاء المغدورين ؟ دون ادنى شك سيكون رد الاكثر هدوءا وضبطا لاعصابه من بينهم هو : ( طز عليك وعلى ابوك وعلى من خلفّك وعلى ديمقراطيتك وعلى ايرانك ، هل انت غبي ام تتغابى ؟ انا اقتل واذبح واشرد واجوّع وافقد اولادي وبيتي وحريتي وتفقأ عيوني بالدريل او بالسكين وينتزع قلبي من صدري ويلتهمه مخلوق لا صلة بالبشر وتقول لي احتكموا للديمقراطية مع جلاديكم ولا تسمي اخطر الجلادين قاطبة وهو ايران ؟ هل انت مجنون ؟ كيف احتكم للديمقراطية ووجودي يدمر وشرفي ينتهك يوميا ، وبيتي سوي بالارض وملاييني تجبر على مغادرة الوطن والبيت ؟ ولماذا اكشف الجلاد الامريكي والاسرائيلي واتجنب كشف الجلاد الايراني مع انه هو الاشد شراسة وقسوة وهو من ينفذ اسوأ المجازر في العراق وسوريا ؟ لو كان لديك ذرة عقل لقلت لي اولا يجب ان نوقف مسلسل ابادتكم ثم نضمن زوال خطر تهديد وجودكم البشري من ايران وبقية  عصابات الاوغاد الدوليين بعد ذلك ، بعده فقط وليس قبله ابدا ، نستطيع ان نتحدث عن معايير اخرى واساليب نضال اخرى لضمان الديمقراطية وحقوق الانسان ، اما اسقاط الانظمة  فعندما اقوم بذلك وانا اتعرض للابادة كعربي وقوى خارجية تمزق وطني وتستبيح عرضي وتحرمني من اهم الحقوق قاطبة وهو حق الحياة فانني اشارك من يتدخل وادعمه لكي يكمل مهمته الاخطر وهي الغاء الوجود العربي وامامكم مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا وما حصل فيها بعد اسقاط الانظمة واثناء ذلك ، فاذا كان ذلك لا يكفي لاقناعكم بان مصيبتنا الاكبر والاخطر الحالية هي الغزو الخارجي بكافة اشكاله ومن مختلف الاطراف فانكم لستم من كوكبنا ولا تتحدثون لغتنا ولا تفهمون كوراثنا ) .
هل هذا الرد بديهي ؟ نعم بالنسبة للقوميين الاصليين لا يمكن مناقشة كيف يعيش الانسان ( في ظل الديكتاتورية او الديمقراطية ) قبل ضمان حماية وجوده وامتلاك القدرة الفعلية على حماية هذا الوجود خصوصا من التدخل الخارجي الذي اذا حضر يتغير واجب الوطني ويصبح حماية الوجود والاستقلال بدل تحسين شروط العيش ، فهناك المهم ولكن ايضا هناك الاهم . لذلك فان من اهم مفارقات الاحتلال الامريكي في العراق وغيره ، مفارقة محاولة امريكا ومعها الغرب الاستعماري فرض الحل الديمقراطي علينا ورفض الانتفاضة الحالية ودعم حكومة المالكي على اساس (انها منتخبة ) ، وبطبيعة الحال فان ايران ترقص طربا لان فيالقها المعدة سلفا قتلت ما يكفي وهجرت ما يكفي حسب اعتقادها لاعلان امبراطورية فارس فوق انقاض الاقطار العربية بعد ان سلمتها امريكا العراق وتعد لتسليمها البحرين علنا وبلا اي غطاء ! هل رأيتم اين يوصل تغليب الديمقراطية على الهوية من قبل حكومة المؤتمر ؟
هل تتصورون حجم الاحتقار لوعي وقيمة الانسان العربي في العراق مثلا حينما يقول له المؤتمر القومي في بيانه  عالج الامر بالديمقراطية واحترام حقوق الانسان ولا تستخدم العنف لان المالكي منتخب ديمقراطيا رغم انه حرم من كافة حقوقه الانسانية واهمها حق الوجود ؟ او حينما تقول للبحريني العربي الاصيل احتكم للديمقراطية فقط وهو يعلم علم اليقين ان جيوش الفرس قد اقتحمت البحرين منذ عقود واعتمرت العقال والكوفية واخذت تدعي انها من (سادات العرب ) ؟
نحن نفهم لم يطالب حزب الدعوة البحريني ( جمعية الوفاق ) ، ومن التحق به وتبنى حرفيا ستراتيجيته ، بالديمقراطية فهم يريدون تحقيق ما اعلنته ايران رسميا وهو ضم البحرين الى ايران على اعتبار انها محافظة ايرانية عبر استفتاء اعدت امريكا كل ضمانات جعله لصالح ايران ، فهؤلاء اما من اصل فارسي او انهم من اصل عربي لكن طائفيتهم طغت واستبدت وازاحت الهوية القومية لهم ، نحن نفهم ما تقدم ولكننا لا نفهم لماذا يطالب المؤتمر القومي الان في زمن التطهير الجماعي العرقي والطائفي للعرب الذي تقوم به ايران ، بدعم امريكي كامل ، بحتمية الديمقراطية ورفعها الى درجة مساوية لضمان الوجود في البحرين مثلا مع ان مقدمات ضمها الى ايران تزداد وضوحا وتفرض نفسها ! كل ذلك يتم تحت غطاء رفض الاستبداد في تناس كامل لحقيقة بشعة وهي ان ايران التي تقطف اغلب ثمرات الشرذمة يحكمها نظام استبدادي هو الاسوأ في المنطقة ! الا يوجد معيار يحدد متى تكون الديمقراطية حتمية ومتى تكون الديمقراطية حصان طروادة يخترق الامن القومي ومن ثم يدمر الهوية والوجود ؟
 هل الازمة الحالية في البحرين هي ازمة ديمقراطية ؟ ام ازمة هوية ؟ كان كل من انتمى للمؤتمر القومي قبل ذلك الانتماء يؤمن بان عروبة البحرين لا صلة لها بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد ، لسبب بسيط هو ان النظام الحالي في البحرين هو ذاته الذي كان موجودا قبل 30 عاما ، فما الذي تغير ؟ ومن تغير ؟  هل ان سقوط الشاه وقيام النظام الحالي في ايران يبرر تغيير الموقف من عروبة البحرين ؟
في كل العالم في الماضي وفي الحاضر هناك مفهوم اسمه (قانون الطوارئ) يقول بان الحرب عندما تقع، والتهديد للامن القومي حينما يظهر يسوغ تعطيل الدستور والقوانين واعتماد قرارات انية بقوة الطوارئ وقوانينها لا صلة لها بالديمقراطية وحقوق الفرد والجماعة، هنا فالمسؤول الاول عن الطوارئ وتغييب الديمقراطية هو التهديد الخارجي قبل النظام في الداخل . هذا ما طبقه الغرب اثناء الحربين العالميتين الاولى والثانية، بل هذا ما يطبقه الغرب الان وبهستيريا تبعث على الدهشة ، خصوصا امريكا بعد 11/9 /2001 بصيغة اكثر ديكتاتورية وصلت حد ابادة ملايين العراقيين وتجاوز قوانين ودستور امريكا بالتنصت على الامريكي والاوربي، واخر الفضائح هي ما اعلنه الجاسوس الامريكي سنودن حول وجود برنامج عالمي للتنصت على المكالمات والانترنيت وكل ما يتعلق بالاتصالات على مليارات البشر والكثيرون خصوصا في اوربا يطالبون الحكومة الامريكية بتوضيح !
لم يتعرض الغرب لتهديد وجودي يبيد الملايين ، وانما لفقت امريكا اكاذيب التهديد للامن القومي لتفرض ديكتاتورية عالمية فعطلت الكثير من القوانين التي تحمي حقوق الفرد داخلها وشرعت بارتكاب اكبر المجازر خارجها، وهذا ما يفعله الاتحاد الاوربي الذي يعطل اغلب فقرات قوانين حقوق الانسان ومنها (حق التنقل في العالم) ، فهل يستطيع العراقي والسوري الان الحصول على فيزا شنغن؟ الجواب يعرفه من تعذب ويتعذب للحصول عليها! لماذا تجمد امريكا واوربا فقرات اساسية من الدستور والقوانين الان مع انهما القوتين الاكثر استقرارا امنيا وقوة عسكرية ولا تتعرضان لتهديد الوجود نتيجة حرب قائمة ؟ الجواب يأتيك من امريكا والاتحاد الاوربي : انها (ضرورات الامن القومي) التي توجب تعطيل الديمقراطية كليا عندما يتعلق الامر بهدف خارجي وتجميد الكثير من القوانين عندما يتعلق الامر بتهديد داخلي مفترض !
هذه دول لديها تقاليد ديمقراطية عريقة وحينما يبرز تهديد للمصالح القومية وليس للوجود القومي تطبق قوانين الطوارئ فورا . لاحظوا الفرق هذه الدول تضع المصالح فوق الديمقراطية وحقوق الانسان التي تخضع للانتقائية والمعايير المزدوجة ! لماذا ؟ لان هذه الدول تعرف تأثير البيئة في مرحلة ما على القرار والاستقرار. المؤتمر القومي يقع في فخ قاتل (من نصبه؟) وهو اهمال البيئات المختلفة لكي يقفز من نصَّبه لطلب المساواة بين متطلبات الوجود وبين متطلبات الديمقراطية وحقوق الانسان ، فيدين الاستبداد بنفس قوة ادانة التدخل الخارجي رغم الفرق الجوهري والنوعي بينهما ! يعرف وبصورة دقيقة وتفصيلية اعضاء حكومة المؤتمر ان ايران هي احد اهم مصادر الخطر في الوطن العربي عموما  ، ولكنها مصدره الاساس كما في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن لكن من اغرب مميزات حكومة المؤتمر انها  تتستر على الخطر الايراني وتنكره وتدافع عن غزوات ايران عبر التمسك التام بوحدانية مصدر الخطر وهو المصدر الامريكي الصهيوني ومن ثم فان التدخل الخارجي بالنسبة لها لا يقصد به التدخل الايراني الفج والمباشر ، بهذا الانكار للخطر الايراني يجد المغفل نفسه امام امكانية ممارسة الصمت تجاه غزوات ايران الاخطر من غزوات امريكا واسرائيل، وهذا هو المطلوب ايرانيا !
ان ترتيب الاولويات ايها السادة هو جوهر الموضوع الان كما قبل عشرة الاف عام فلا نجاح ولا نصر الا بترتيب  صحيح للاولويات، وفي حالتنا ماذا سنستفيد من حقوق الانسان والديمقراطية اذا قسم العراق او سوريا او ليبيا او اليمن او السودان او مصر وكل الاقطار العربية ، او سلمت البحرين الى ايران تحت غطاء حق تقرير المصير والتقيد بالمعايير الديمقراطية ؟ هل ستبقى هوية عربية سائدة في الاجزاء المقسمة ؟ هل سيستطيع ابن الانبار ان يمارس الديمقراطية في دولة الانبار السنية مثلا مع انها خاضعة لامراء حرب فرضتهم امريكا او ايران ولا يستطعيون الخروج من غرف نومهم الا بعلمهما وموافقتهما ؟ هل يستطيع العربي البحريني بعد ضم البحرين الى ايران استخدام الديمقراطية للحصول على حقوقه القومية ؟ انظروا لعشرة ملايين عربي في الاحواز حرموا حتى من التسمية باسماء عربية بالاضافة لمنع لغة القران من التداول في الاحواز ! ومن يطالب بحقوقه القومية او الثقافية فان الاعدام بالكرنكات جاهز فتعلق الجثث امام العشرات لعدة ايام . لماذا لم نسمع عن ادانة المؤتمر لاضطهاد عرب الاحواز ؟ اليسوا عربا ؟ ام ان عرب البحرين واليمن يستحقون مهاجمة نظمهم من اجل الديمقراطية بينما ايران محصنة ضد النقد ؟
هنا وصلنا الى الجانب التطبيقي المكمل في دعوة البيان الى ادانة الاستبداد واسقاطه، وهو المتمثل في الاجابة على السؤال التالي: هل نجح (ثوار الربيع العربي) في تحقيق ولو جزء من الديمقراطية وضمان ولو جزء من حقوق الانسان، وفي تحقيق الانفراج المادي للجماهير المعذبة من عقود كي نمجد الربيع العربي حتى الان رغم انكشاف كل الكوارث التي لحقت بالامة اثناءه وبسببه ؟ الجواب نجده على الارض بعد (الربيع العربي) اصبحت هذه الجماهير تعيش جحيم التشرد والقتل على الهوية الدينية والطائفية والعرقية بعد ان كانت تعاني من الاستبداد والفساد فقط ! هل زادت معاناة الجماهير ام قلت ؟ طبعا ليس ممكنا لاي عاقل توقع ولادة ديمقراطية من رحم هذه الفوضى الهلاكة ليست فقط للتناقض النوعي بين الفوضى والديمقراطية بل ايضا وهذا هو الاهم لان من اغتصب الوضع العربي وزرع في رحمه حيمن الفوضى والتشرذم هو امريكا وايران وخلفهما طبعا اسرائيل وهذه الاطراف الثلاثة وبمساعدة غيرها من حكام عرب وقوى اقليمية ودولية اخرى لها مصالح ستراتيجية عظمى في تقسيم وتقاسم الاقطار العربية .
وهذا ايها السادة لم يعد محصورا بالعراق والذي كان خاليا من الفتن الطائفية حتى دخلته امريكا وايران محتلتان له ، ما نشاهده اليوم في مصر غزو لها ولكن بدون القوات الامريكية بعد الفشل الستراتيجي العسكري الامريكي في العراق انما غزو اسقاط الدولة بعد تعجيزها وتشجيع ابناء مصر على تنفيذ مهمة امريكا واسرائيل وهي الانخراط في صراعات مهلكة للزرع والنسل لا نهاية لها ابدا حتى توصل مصر الى التقسيم . هذا هو الربيع العربي كما نشاهده في مصر وتونس واليمن  وليبيا وغيرها ، كل الاقطار التي شهدت ( ربيعا ) دمرت او في طريقها للدمار مثلما حصل للعراق وسوريا ، وكل ذلك يتم تحت الغطاء ( العظيم ) تغيير الانظمة الاستبدادية ! فلا الاستبداد رحل ولا الديمقراطية هلت علينا برخاءها !
فقط من له مصلحة فيما وصلنا اليه هو الذي مازال مصرا على امتداح الربيع الصهيوني . اما الملايين التي خرجت لاسقاط الانظمة ، وهي تظن بان الرخاء والديمقراطية ستكون مكافئة تضحياتها ، فقد صدمت وانسحبت وتركت الساحات لمن دربته امريكا في براغ وغيرها او من تعرف كيف تحتويه وتستفيد منه في اغراق الاقطار العربية بحروب اهلية لا تبقي ولا تذر . هنا لابد من طرح سؤال يجتاح ضمير كل قومي عربي وهو : كيف يمكن تبرئة حكومة المؤتمر من تهمة المشاركة المباشرة في نشر الفوضى الهلاكة تحت غطاء دعم انتفاضة لم توصل الا الى الكوارث ؟ هل تستغل هذه الحكومة اسم الانتفاضة لانه ايجابي والانظمة فاسدة وتستحق اسقاطها لكنه لا يخبر البسطاء بان الانتفاضة كي تكون عملا ثوريا يجب ان تكون ثمرة ستراتيجية وطنية بريئة من العفوية والفوضوية وبدون ذلك تصبح اجهاضا مباشرا للمشروع الثوري الحقيقي ؟
حكومة المؤتمر القومي تريدنا تحت اسم الديمقراطية وحقوق الانسان ان نقبل بالمالكي وحكومته ونتصالح معهما مع انهما نتاج الاحتلال وصنيعته الرسمية ، وهذا ماورد في فقرة اخرى من بيان المؤتمر والهدف هو تقديم الفرص التي تحتاجها ايران لاكمال تدمير العراق وتقسيمه وتقاسمه مع امريكا ، وحكومة المؤتمر تريدنا ان نقبل بتسليم البحرين لايران في حالة اجراء استفتاء لتقرير المصير ، وهذا بالضبط ما تحضر له امريكا ، حكومة المؤتمر تريدنا ان نقبل بمساواة المهاجر من يهود اسرائيل الشرقية الى العراق مواطنا له نفس حقوق ابن العراق الاصلي بل انها تريد منا ان نقبل بمواطن اسرائيلي شرقي وزيرا وقاضيا اعلى للعراق ، مثل صولاغ وعلي الاديب وعلي السيستاني ! اليس هؤلاء مواطنين في دولة اسرائيل الشرقية ؟   
والاسئلة التالية حول فقرة نقاشنا والتي تعريها : هل تدخل ايران وبيادقها ( حزب الله وعصابات صفوية من العراق ) في العراق وسوريا وهو امر ثابت وتدخل خارجي من النوع الخطير تدخل حميد لذلك لا تدينه حكومة المؤتمر القومي ولا تتطرق اليه بل تنكره ؟ وهل استبداد المالكي مقبول ومسكوت عنه لانه استبداد تفرضه ايران ؟ في هذه الحالة نجد امامنا معادلة فاسدة ومفسدة : المؤتمر القومي يدعم استبداد المالكي واستبداد النظام الايراني وهو بنفس الوقت يدعم الغزو الايراني الخارجي !!! الا يتناقض ذلك مع النص بان المؤتمر ضد الاستبداد والتدخل الخارجي .
حكومة المؤتمر تريدنا ، بصمتها على الغزو الايراني المباشر العسكري والسكاني بشكل خاص وبدعمها لايران في قضايا اخرى ، ان نقبل بكل ما حققته ايران من تقدم على حسابنا بمساعدة امريكية صريحة لانها (ضمنت ) لامريكا واسرائيل ان العراق لن يعود عربيا ولا البواية الشرقية للوطن العربي بل سيصبح امارات متناثرة يحكمها امراء حرب كلهم حرامية ولصوص وسماسرة .     
تذكروا ايها العرب من المشرق الى المغرب العربي  انه ما دخلت ايران (قرية) الا وافسدتها، وجعلت اعزة اهلها اذلة. وقبل هذا وذاك لا تنسوا ابدا من يحاول التعتيم على الغزو الايراني المنظم فهؤلاء هم نغول الفرس الاشد خطرا من عصابات البلاكووتر وفيلق القدس الايراني . ولكن تذكروا ايضا باننا عقدنا العزم على القضاء التام وبلا مساومات على كل مظاهر الغزو الايراني وادواته في الوطن العربي ، وهذه هي مهمتنا التاريخية والحاسمة في هذه المرحلة .
يتبع..

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..