وجهات نظر
عبدالستار الراوي
عدَّ الاصلاحيون فوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية ، لحظة تاريخية، من المحتمل أن تفتح أمامهم آفاق لاعادة الاعتبار لحركة التغيير الخضراء وإستعادة تيار الاصلاح لمركزه في ميدان العمل السياسي، بعد أن احتكر التيار المحافظ، السلطة طوال السنوات الثماني الماضية، الذي يجعل الحركة الخضراء تجدد آمالها، هو الانحسار الكبير لولاية الفقيه وتراجع شعبية المرشد الاعلى في الشارع الايراني، منذ انتفاضة صيف 2009، وماتلاها من احداث عام 2011.
وجاء فوز حسن روحاني الساحق على منافسيه من المحافظين، ليعزز موقف دعاة الحرية والتغيير .
إنّ الذين منحوا ثقتهم لروحاني، يمثلون قوة وسطية ظهرت وتبلورت بعد مضي 34 سنة على الثورة. الأمر الذي تجاوز تأثير قواعد حرس الثورة والباسيج ومليشيات حزب الله الايراني ، وتجاوز أيضا دور مدينة قم في الحياة السياسية، وهي القوى التقليدية التي ظلّت الأقوى تأثيرا بعد قيام الثورة.
قدّمت الانتخابات الايرانية نموذجا جديدا لرئيس معمم ولكن من طراز آخر، لأن الشيخ حسن روحاني الذي يقال أنه يجيد 4 لغات، درس العلوم الإسلامية في حوزة قم ثم درس القانون القضائي في طهران وحصل على الدكتوراه في القانون من جامعة غلاسكو باسكتلندا، يحاول أن يعيد التوازن للدولة الايرانية، من خلال تأكيداته المعلنة على اهمية إنتهاج سياسة معتدلة ، ونهج عقلاني، لمعالجة الملفات العالقة ، عن طريق الحوار والانصراف إلى البناء والتنمية، وفق المصالح العليا للبلاد ، دون افراط او تفريط .
في اول موقف له بعد انتخابه، اشاد الرئيس الايراني المنتخب بـ"انتصار الاعتدال على التطرف"، وعلى الصعيد العلاقات الدولية، قال روحاني هناك فرصة سانحة لإقامة علاقات صداقة بين إيران والعالم وان حكومة التدبير والامل ستسعى للتعامل البناء مع العالم سواء في المجال الاقتصادي او السياسي او الثقافي الذي لا يكون عن طريق الشعارات والتطرف ولا يكون طريق المحور الواحد والانانية بل عن طريق العقلانية.
وطالب الرئيس الجديد "الاعتراف بحقوق" ايران على الصعيد النووي. وكان روحاني وعد بمزيد من المرونة في الحوار مع الغرب الا ان فوزه لن يحمل تغييرا كبيرا في السياسة الايرانية في ملفات استراتيجية مثل النووي اوالعلاقات الدولية التي تخضع لقيادة مباشرة من المرشد الاعلى علي خامنئي.
في ضوء ماتقدم فإن من الصعب الجزم أو التأكيد على نجاح روحاني في تحقيق سياسة خارجية معتدلة، أو ان تكف إيران عن تدخلاتها في الشأن الخليجي والعربي، إذ يتعين علينا، أن نتذكر أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية مقيدة إلى حد كبير في هذا المضمار، فالذي يرسم السياسة الخارجية هي مؤسسة المرشد، لذلك سيظل دور الرئيس الجديد محدودا الى حد كبير، مالم يحاول أن يشق طريقا سياسيا مستقل نسبيا عن هيمنة السيد خامنئي . إن تقييم سياسة الرئيس الايراني الجديد سابق لعهده، وعلينا اعتماد مبدأ النسبية وحساب الاحتمالات، والتريث قبل اطلاق الاحكام ، سلبا أم إيجابا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق