موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الجمعة، 28 يونيو 2013

الخروج من الفصل السابع الى النهب الواسع

وجهات نظر
عبد الواحد الجصاني
المقدمة: 
يواصل أركان الحكومة المنشأة في ظل الإحتلال سعيهم الحثيث لتسويق المعاهدة الثنائية مع الولايات المتحدة التي من المفترض التوقيع عليها في نهاية شهر تموز 2008. وركزت تصريحاتهم على أن هذه المعاهدة ستسمح للعراق بالخروج من الفصل السابع معتبرين ذلك منجزا عظيما يستحق من اجله توقيع معاهدة ثنائية مع الولايات المتحدة تحل محل (الإنتداب) الحالي لقوات الإحتلال الأمريكي بموجب قراري مجلس الأمن 1511 (2003) و1546 (2004) وتسمح بإستمرار إحتلال الولايات المتحدة للعراق وهيمنتها على ثرواته. 

فهذا وزير خارجية المنطقة الخضراء هوشيار زيباري يصرح لصحيفة الشرق الأوسط يوم 15 مايس 2008 قائلا (العراق ما زال يقع تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، الذي يجيز للاسرة الدولية ومجلس الامن التدخل وفرض العقوبات وانتهاك السيادة، ونحن نريد التخلص من هذه القيود الدولية ولا نستطيع ان ننجز ذلك الا من خلال تبديل هذا التفويض الدولي بالاتفاق الثنائي مع اميركا). وقوله هذا محض هراء ويدل على جهل مطبق بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. فهنالك اليوم ثلاث عشرة دولة خاضعة لإجراات الفصل السابع، من بينها إيران، والدولة الخاضعة لإجراءات الفصل السابع لا تتخلى آليا عن سيادتها، وإن السعي للخروج من الفصل السابع لا يجب أن يكون ثمنه رهن العراق ومستقبله وثرواته لدولة مارقة كانت هي التي فرضت على العراق إجراءات الفصل السابع الأكثر تعسفا في التاريخ.
وقبل أن نسرد الحقائق حول إجراءات الفصل السابع وأي منها يخضع لها العراق حاليا وكيف السبيل للخروج منها، لا بد من التذكير بإن إتفاق المبادئ الموقع بين بوش والمالكي في 17/11/2007 ومشروع المعاهدة الثنائية الذي يجري التفاوض حوله حاليا وكل القوانين والأنظمة والتشريعات والدستور الصادرة منذ الإحتلال هي باطلة بموجب القانون الدولي ولا قيمة قانونية لها، ولائحة لاهاي لعام 1907 وإتفاقية جنيف الرابعة وقوانين الحرب أكدت على مبدأ احترام دولة الاحتلال للقوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة قبل الاحتلال، وأن سلطة المحتل الحربي بالنسبة للإقليم وسكانه هي سلطة فعلية مؤقتة وليست سلطة قانونية، وإن شعب العراق الذي هزم الآلة الحربية الأمريكية ومعها أربعون جيشا غازيا سيهزم دستورهم وإتفاق مبادئهم ومشروع معاهدتهم وكل ما أورئه الإحتلال.

ثانيا : مجلس الأمن وإجراءات الفصل السابع: 
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يتيح لمجلس الأمن إتخاذ إجراات قسرية في حالات تهديد السلم الدولي والإخلال به ووقوع العدوان، وهذه الإجراءات القسرية تتدرج من موقف الصلات الإقتصادية والإتصالات وقطع العلاقات الدبلوماسية الى إستخدام القوات المسلحة.ولكون مجلس الأمن جهاز سياسي يتحكم به الأعضاء الخمسة الدائمون المنتصرون في الحرب العالمية الثانية فإن لجوئه الى الفصل السابع من الميثاق تمليه بالدرجة الأساس مصالح هؤلاء الأعضاء الذين يتمتعون جميعا بحق نقض أي قرار لا يتماشى مع مصالحهم. وتظهر هذه الحقيقة جلية عند مراجعة سجلّ عمل المجلس. فما بين تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 حتى إنهيار المعسكر الإشتراكي عام 1989 لم يلجأ مجلس الأمن الى إجراءات الفصل السابع إلاّ مرتين عند فرض العقوبات على روديسيا وجنوب أفريقيا، ولم تكن تلك العقوبات فعّالة وجرى خرقها من دول غربية كثيرة. وبعد إنهيار المعسكر الإشتراكي حل نظام القطب الأمريكي الواحد محل نظام القطبية الثنائية. وكان من نتائج هذا التغيير الكبير في موازين القوة الدولية أن أصبحت الأمم المتحدة ومجلس الأمن أداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية. ودشنت الولايات المتحدة هيمنتها على مجلس الأمن بعد احداث الثاني من آب 1990 مستخدمةإجراءات الفصل السابع من الميثاق ليس لحفظ السلم والأمن الدولي بل لتدمير العراق وإبادة شعبه من خلال أكثر من ستين قرار صادر بموجب الفصل السابع. كما إستخدمت الولايات المتحدة خلال هيمنتها على مجلس الأمن إجراءات الفصل السابع ضد دول عديدة أخرى كالسودان وليبيا ويوغسلافيا (صربيا) والصومال وانغولا وهايتي. ومؤخرا أضيفت إيران وكوريا الشمالية ولبنان (المحكمة الجنائية ذات الطابع الدولي) الى الدول المتعرضة لإحراءات الفصل السابع، بينما بقي الكيان الصهيوني الذي إغتصب فلسطين العربية ولا يزال يحتل أراضي دولتين عربيتين منذ عام 1967 محصّنا من إجراءات الفصل السابع بفضل الفيتو الأمريكي.
والخلاصة أن إستخدام إجراءات الفصل السابع أداة للهيمنة الأمريكية على العالم بدأ قويا بالغ التعسف ضد العراق مع بداية نظام القطب الواحد وهو يضمحل حاليا مع إنهيار هذا القطب تحت ضربات المقاومة العراقية. لقد وضعت المقاومة العراقية حدا للعدوانية الأمريكية وفتحت الآفاق لظهور عالم متعدد الأقطاب، ولم يعد مجلس الأمن والفصل السابع سيفا أمريكيا مسلطا على رقاب الشعوب كما كان قبل الغزو الأمريكي للعراق. ويكفي أن نعطي مثالا عن إنحسار الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن من الآتي : كان العراق منذ مطلع التسعينات يعلن بإستمرارأنه خال من أسلحة الدمار الشامل وبرامجها وجال المفتشون العراق من أقصاه الى أقصاه ولم يجدوا دليلا يناقض إعلان العراق، ومع ذلك كان مجلس الأمن يمعن في تشديد العقوبات على العراق. أما اليوم فإن إيران تعلن على رؤوس الأشهاد أنها دخلت النادي النووي وترفض بكل قوة وقف برنامجها لتخصيب اليورايوم وترفض الكشف عن برامجها السرية ومع ذلك لم يتخذ ضدها مجلس الأمن من إجراءات الفصل السابع إلا ّبالحد الأدنى غير المؤثر فعليا على برنامجها النووي، وإيران مدينة بذلك للمقاومة العراقية التي أنهت عصر العربدة الأمريكية في مجلس الأمن.

ثالثا : إجراءات الفصل السابع التي كانت مفروضة على العراق قبل الغزو والإحتلال الأمريكي: 
بعد أربعة أيام من دخول الفوات العراقية الكويت أصدر مجلس الأمن قراره 661 (1990) الذي فرض بموجبه حصارا إقتصاديا شاملا على العراق. ثم أردفه بالقرار665 (1990) ا الذي فرض حصارا بحريا على العراق ثم القرار 670 (1990) الذي فرض حصارا جويا على العراق، ثم جاء ما سمي ب (أبو القرارات) وهو القرار687 في الثالث من نيسان 1991 الذي فرض على العراق مجموعة جديدة من العقوبات والإجراءات وهي حسب ترتيب ورودها في القرار : تشكيل لجنة لإعادة ترسيم الحدود بين العراق والكويت وفرض منطقة منزوعة السلاح يين العراق والكويت وتشكيل قوات دولية (يونيكوم) لفرض إحترام حدود الكويت الجديدة، وتدمير برامج العراق النووية والكيمياوية والبايولوجية والصواريخ مع جميع ما يتصل بها من منظومات ومكونات ومرافق وفرض نظام تدخلي صارم للتفتيش والمراقبة المستمرة وإنشاء صندوق للتعويضات تستقطع أمواله من صادرات العراق النفطية (حددت النسبة لاحقا ب 30% من صادرات العراق النفطية) وحظر بيع الأسلحة التقليدية وأعتدتها للعراق.وتوالت قرارات مجلس الأمن في تشديد العقوبات والإجراءات القسرية على العراق بضمن ذلك فرض تفتيش المواقع الرئاسية ومنع العراق من إستيراد كثير من المواد الإنسانية بحجة أنها مزدوجة الإستخدام ومنعه من أية أنشطة نووية للإغراض السلمية.وحتى البرنامج الذي يفترض أن يكون إنسانيا (النفط مقابل الغذاء) فرض بموجب الفصل السابع من الميثاق (القرار 986 (1995)).

ولقد نصت الفقرتان 21 و22 من قرار مجلس الأمن 687 (1991) على إنهاء إجراءات الفصل السابع المفروضة على العراق عندما ينفذ العراق جميع قرارات مجلس الأمن وفي المقدمة منها نزع أسلحة الدمار الشامل. ورغم تنفيذ العراق لجميع متطلبات قرارات مجلس الأمن لكن لم ترفع أو تخفف أي من إجراات الفصل السابع عن العراق لإن الولايات المتحدة قالتها صراحة بإن رفع العقوبات سيحصل بعد تغيير النظام السياسي في العراق.

وعندما إحتلت أمريكا العراق وتأكد العالم كله أن العراق كان قد نفذ جميع متطلبات قرارات مجلس الأمن وأنه دمر الأسلحة المحظورة منذ صيف عام 1991، إضطرت الولايات المتحدة الى رفع العقوبات عن العراق بالتدريج وحسب ماتمليه مصالحها، فبدأت برفع جميع تدابير الحصار الإقتصادي الواردة بالقرار 661 والقرارات اللاحقة (الفقرة العشرين من القرار 1483 لعام 2003) كما قررت في الفقرة 21 من القرار 1483 خفض نسبة التعويضات المستقطعة الى 5% رغم أن المفروض إلغائها كليا، وأبقت أمريكا الحظر على الأسلحة التقليدية. (الفقرة العاشرة من القرار 1483) كما أبقت على الحظر الخاص بأسلحة الدمار الشامل ومعداتها المذكور في الفقرتين 8 و12 من القرار 687 (1991) (العوامل الكيمياوية والبايولوجية والصواريخ التي يزيد مداها عن 150 كم وجميع ما يتصل بها من منظومات فرعية ومكونات وجميع مرافق البحث والتطوير والدعم والتصنيع، والصواريخ التي يزيد مدتها عن مائة وخمسين كيلومترا والقطع الريسية المتصلة بها ومرافق إصلاحها وإنتاجها والمواد التي يمكن إستخدامها للأسلحة النووية أو أي منظومات فرعية أو مكونات أو أي مرافق بحث أو تطوير أو دعم أو تصنيع تتصل بها)
ثم رفع مجلس الأمن حظر بيع الأسلحة التقليدية للعراق (الفقرة 21 من قرار مجلس الأمن 1546(2004)، ثم قرر المجلس إنهاء ولاية لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش (الأنموفيك) والوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاصة بالإشراف على تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية (الفقرة الأولى من القرار 1762 (2007). كما قرر المجلس إنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء (الفقرة 16 من القرار1483(2003).

والخلاصة فإن ما بقي من العقوبات وإجراات الفصل السابع التي فرضت على العراق منذ عام 1990 وحتى الإحتلال الأمريكي للعراق هي الآتية :
1 – التعويضات للكويت بنسبة 5% من واردات نفط العراق
2 – المعدات الداخلة في صناعة أسلحة الدمار الشامل والصواريخ التي يزيد مداها على 150كم. وقد أوكلت الفقرة 3 من قرار مجلس الأمن 1762 (2007) تنفيذ هذا الإلتزام الى الحكومة العراقية (دائرة الرقابة الوطنية).

رابعا: إجراءات الفصل السابع التي فرضت على العراق بعد الإحتلال الأمريكي: 
عندما تتعرض دولة مستقلة الى عدوان وإحتلال غير مشروع من دولة أخرى، فالمفروض أن تستخدم آليات الفصل السابع ضد الدولة المعتدية لا ضد الدولة الضحية، ولكن في ظل نظام القطب الدولي الواحد طبقت المواثيق الدولية بالمقلوب. فمجلس الأمن المكلف بقمع العدوان الأمريكي على العراق أقرّ بإحتلال أمريكا للعراق وأعطاها صلاحيات وإمتيازات في العراق وبموجب الفصل السابع من الميثاق، وكما يلي :
1 – الفقرة الأولى من القرار 1483 في 22/5/2003 أقرّت بالصلاحيات والمسؤوليات والإلتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على الولايات المتحدة وبريطانيا بوصفهما دولتين قامتين بالإحتلال تحت قيادة موحدة.وهذا الإقرار جرى تعديله بالقرار 1511 في 16/10/2003 الذي قررت الفقرة 13 تغيير تسمية القوة القائمة بالإحتلال الى القوة متعددة الجنسيات تكون تحت قيادة موحدة وأذنت لها بإتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل صون الأمن والإستقرار في العراق (أي أنه أعطاها صلاحيات غير محدودة) وجرى تأكيد هذا التفويض بقرارمجلس الأمن 1546 في 8/6/2004  

2 – إنشاء صندوق تنمية العراق بموجب القرار 1483(2003) وأن تودع جميع عادات النفط العراقي في هذا الصندوق (عدا الخمسة بالمائة التي تذهب الى صندوق التعويضات)، ويقوم بمراجعة حسابات هذا الصندوق محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الدولي للمشورة والمراقبة (الفقرة 12) وحدد القرار الجهة القائمة بالصرف من هذا الصندوق وهي سلطة التحالف بالتشاور مع الحكومة العراقية المؤقتة كما حدد أوجه صرف موجودات الصندوق (الفقرة13). كما قرر المجلس منح ا أموال صندوق تنمية العراق حصانة من المتابعات القضائية المقامة ضدها (الفقرة 22)، ومددت هذه الحصانه لغاية نهاية عام 2008 بموجب الفقرة 3 من القرار 1790 (2007).
وفي قرار عودة السيادة الشكلي (القرار 1546 لعام 2004) جعل التصرف بأموال صندوق التنمية مرهونا بوجه الحصر بتوجبهات حكومة العراق، وأن يستخدم صندوق التنمية بطريقة شفافة ومنصفة ومن خلال الميزانية العراقية، وأن يواصل المجلس الدولي للمشورة والرصد أنشطته في رصد صندوق التنمية، وأن يضاف الى عضوية مجلس المشورة فردا مؤهلا تسميه حكومة العراق ليكون عضوا إضافيا يتمتع بكامل حق التصويت
3 – تشكيل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بموجب القرار 1500 (2003) وجرى توسيع صلاحيات هذه البعثة بالقرار 1770 (2007) لتشمل التدخل في مسائل يعتبرها القاتون الدولي من صميم الشأن الداخلي للدول مثل : تعديل الدستور وتشريع قانون الإنتخابات وإعادة النظر بالتقسيم الإداري للمحافظات وإبداء المشورة في مسائل الحوار السياسي الداخلي والمصالحة الوطنية وغيرها.
والخلاصة، فإن ما فرض على العراق بعد الإحتلال من إجراءات الفصل السابع هو أكثر إنتهاكا لسيادة العراق مما فرض قبل الإحتلال.

خامسا : ما هي إجراءات الفصل السابع التي وعدت الحكومة العميلة إخراج العراق منها: 
رغم التصريحات الكثيرة لمسؤولي حكومة المنطقة الخضراء عن (فضائل) الخروج من الفصل السابع عبر المعاهدة الأمريكية، إلاّ أن أيا منهم لم يوضح ما هي إجراءات الفصل السابع التي سيخرجون العراق منها وكيف، والأسئلة أدناه توضح بعض جوانب هذا الموضوع :
1- هل ستنهي المعاهدة المزعومة إستقطاع نسبة 5% من واردات العراق للكويت؟ لم يعلن أي من مسؤولي الحكومة العميلة ولم يعلن الأمريكان أن الخروج من الفصل السابع يعني وقف التعويضات الكويتيه، وكل ما أعلنه الطرفان هو حث الكويت على إسقاط الديون والتعويضات، أما الكويت فقد رفضت بشدة هذا الطلب، ورفضت أيضا التنازل عن قيمة النفط الذي باعته من حصة العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية وإعتبرته ديونا واجبة التسديد.

 2 – هل سيرفع الحظر على مواد ومعدات أسلحة الدمار الشامل؟ إنه أمر غير وارد مطلقا خاصة وأن حوانب الحظر المشار اليها في مجال أسلحة الدمار الشامل (عدا موضوع الصواريخ) هي أصلا إلتزامات مفروضة على العراق بموجب الإتفاقيات الدولية مثل معاهدة حظر الإنتشار النووي وإتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية وإتفاقية حظر الأسلحة البايولوجية.

3 – هل سنتهي المعاهدة الثنائية ولاية القوات متعددة الجنسية بموجب قرارات مجلس الأمن؟ الجواب نعم ولكن ستستبدلها بما هو أسوأ، أي بوجود طويل الأمد لمدة تتراوح بين 25 الى 99 عاما تحتل فيها أمريكا 400 موقع داخل العراق (هذا ما صرح به مفاوضو الحكومة العميلة) ويمنح الجيش الأمريكي صلاحيات واسعة ويحتفظ بحصانة مطلقة. إضافة لذلك ستمنح المعاهدة الشركات الأمريكية الأفضلية في الإستثمار في العراق وبالذات في قطاع النفط، كما ستربط العراق بنظام العولمة الأمريكي (أنظر مقالنا : ليس عراقيا من لم يستفزه إعلان مباديء بوش-المالكي).وهكذا يصبح الفصل السابع (أرحم) من المعاهدة لإنه أعطى للحكومة العراقية حق إنهاء ولاية القوات متعددة الجنسية في أي وقت تطلبه هذه الحكومة (الفقرة 12 من القرار 1546 (2004) وتكررت هذه الفقرة في جميع قرارات تمديد القوات متعددة الجنسية وآخرها القرار 1790(2007)، كما أن الفصل السابع لم يمنح الشركات الأمريكية أفضليات تجارية، ولم يفرض على العراق شكل سياساته الإقتصادية في المستقبل.

4 – هل ستنهي الإتفاقية الثنائية عمل صندوق تنمية العراق ودور المحاسبين المستقلين المعينين من المجلس الدولي للمشورة والمراقبة في مراجعة حسابات هذا الصندوق؟ الجواب نعم، وهذا مربط الفرس بالنسبة للحكومة العميلة. إنها تشكو الآن من عدم قدرتها على التصرف بواردات العراق إلاّ من خلال الميزانية الإعتيادية، والسرقة والنهب من الميزانية الإعتيادية غير كاف ومتعب ويستوجب تزوير الكثير من الوثائق وحرق البعض الآخر (كما حصل في المصرف المركزي العراقي)، وهي تريد أن تكون موارد العراق بالكامل بيدها بدون أن يسألها أحد كيف تصرفت بها، إنها عندئذ تستطيع أن تعطي لإيران ما وعدتها به من (تعويضات) وأن تنفق على ميليشياتها وأحزابها ومتعها.
ولكن ماذا بشأن إنهاء حصانة موارد العراق الواردة في قرارات مجلس الأمن؟ هل ستستمر هذه الحصانة، أم ترفع؟ المفروض رفع الحصانة مع نهاية عمل صندوق تنمية العراق، وإذا حصل هذا فسوف يتقدم كل من هب ودب لحجز أموال العراق وأرصدته.

5 – ثم لا بد أن يثار سؤال آخر حول إجراءات الفصل السابع التي سلبت أراضي العراق ومنحتها للكويت، هل سيحق للعراق أن يطالب بإعادة التفاوض مع الكويت حول الحدود بإعتبار أن إجراءات الفصل السابع لم تعد قائمة؟ لم يذكر مسؤولو الحكومة العميلة شيئا عن هذا الموضوع، ولن يذكروا.

خامسا : الخلاصة : 
1 – إن تخبط المحتل الأمريكي والحكومة المنشأة في ظل لإحتلال واضح. لقد جرب الأمريكان تحويل الإحتلال المباشر الى إحتلال بولاية من مجلس الأمن وفشلوا في وقف المقاومة العراقية، وإن مسعاهم لتحويل الإحتلال من ولاية مجلس الأمن الى إتفاقية ثنائية لن بنقذهم من المصير المحتوم. العراقيون هم الشعب الذي علم الإنسانية الحضارة ولا تنطلي عليهم ألاعيب المحتل وعملائه ولن يرضوا بأقل من التحرير الكامل لوطنهم.

2 - بالنسبة للتعويضات الكويتية :إن وقفها وإستعادة ما اخذته الكويت ظلما لن يتم من خلال الحكومة العميلة أو أمريكا.إذا كانت الكويت تدعي أن هذه التعويضات حق مشروع عن إحتلال غير مشروع للكويت لسبعة اشهر، فإن الكويت مساهم أساسي في جريمة الإحتلال غير المشروع للعراق المستمر منذ أكثر من خمسة سنوات.وإذا كان ضحايا الكويت يعدّون بالمئات فقد تجاوز ضحايانا المليون وربع. إن للعراق حق ثايت قانونا في مطالبة الكويت بالتعويضات لإستخدام أراضيها ومياهها وسمائها منطلقا لغزو وإحتلال العراق، ويجب أن نذكر شعبنا دائما هذه الحقيقة، وأن نسعى لإبقائها مطروحة في المحافل الدولية والإقليمية، ويمكن لمواطنين عراقيين أن يرفعوا قضايا تعويض ضد حكومة الكويت في أي مؤسسة قانونية يرونها مناسبة، وعندما تقوم الحكومة الوطنية في العراق المحرر ستتولى المطالبة الرسمية بالتعويضات من الكويت ومن كل من شارك في الإحتلال.

3 – أما سحب الدخان التي تثيرها االحكومة العميلة حاليا، بدعوى أنهم يريدون معاهدة تعيد للعراق سيادته ولا تعطي لأمريكا قواعد ثابتة في العراق ولا يسمحون لها بإستخدام العراق منطلقا للهجوم على دول الجوار (إيران)، فإنه لا يعدو عن كونه جزءا من لعبة لوي الأذرع الأمريكية- الإيرانية. ألم يوقع المالكي والحكيم ومعهما الهاشمي والمشهداني والطالباني والبارزاني على إتفاق المبادئ الذي نصّ على قيام أمريكا بحمايتهم من الأخطار الداخلية والخارجية وحماية دستورهم ومساعدتهم في محاربة (الصداميين)؟ فكيف ستحميهم أمريكا إن لم تكن قواتها جائمة في أربعمائة موقع في أنحاء العراق؟ الوطنية ليست خصلة تكتسب أو جلدا يبدّل، إنها إنتماء أصيل وموقف مبدئي. إن من هيأ للإحتلال وساهم في مشروع الإحتلال غير مؤهل للحديث عن الحرية وعن السيادة.إنه لأمر مثير للسخرية أن يعارض عملاء إيران بعض بنود المعاهدة الثنائية بينما يقبلوا بالإحتلال بشكله الحالي وهم يعلمون أن أمريكا ليست مستعجلة على الإتفاقية الثنائية، ولو شعرت أمريكا أن هناك عقبات امام توقيع المعاهدة الثنائية فستمدد الإحتلال بقرار جديد من مجلس الأمن، فماذا ستكون حكومة العملاء فاعلة؟

4 – لقد تعرض العراق خلال ثلاث عشرة سنة الى أكثر إجراءات الفصل السابع تعسفا، وحرمت هذه الإجراءات العراقيين من الغذاء والدواء ومستلزمات أساسية للحياة لكنها لم تستطع كسر إرادتهم.عاش العراق مع إجراءات الفصل السابع دولة مستقلة تحكمها حكومة وطنية مهابة وشعب ممتليء كرامة وأمن داخلي وطيد، وبقيت الوحدة الوطنية قوية وبقي السلم والأمن الإجتماعي يرفرف على ربوع العراق. كان لديهم قائدا لم تنحني هامته لغير لله. والعراق معطاء وأبناؤه لا يعرفون غير النصر قرينا.
والله المستعان

ملاحظة:
نشر المقال هنا في يونيو/ حزيران 2008، ونعيد نشرها اليوم لأهميتها.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..