وجهات نظر
مثنى الطبقجلي
ما ابغض هولاء الساسة الذين يحاولون ايهام شعبنا اليوم ان العراق قد خرج تماما من تبعات البند السابع الاجرامي بفضلهم، وما اخزاهم حينما يصل خداعهم الى الافتراء على الله وشعبنا المظلوم الذي ألقي عمدا في ظلمات البند السادس الشيطاني، اي بمعنى اننا لازلنا رغم كل ما قيل ويقال لم نغادر عتبة البند السابع تماما كما يحاول البعض من سياسينا المتهالكين على مواقعهم ان يوهمنا بذلك ويفترون به . تبا لهم..
وايا كان صاحب القول او الادعاء الذي حاول ان يطبل لهذا القرار باعتباره نصراً للحكومة العراقية، فإن وزير اعلام جارة السوء الكويت الشيخ سلمان الحمود الصباح قالها بالحرف الواحد "ان العراق لم يزل رهينا لهذا البند" مشيرا إلى وجود آلية بإشراف الأمم المتحدة لمتابعة دفع مبالغ التعويضات التي تبلغ نحو 11 مليار دولار اي ان هذا القميئ، لازال يملي علينا شروطه، فهل حقا كما يدعي المدعون اننا استكملنا إستقلالنا المثلوم واستعدنا السيادة على ارضنا واموالنا واقتصادنا..؟
ان خروج العراق من تبعات هذا البند الذي فرض على العراقيين حصارا جائرا استمر 12 عاما واتبعها بعشرِ آواخر بعد غزو العراق ،كانت الاشد وطأة عل شعبنا، وهو انتقالة للبند السادس بكل آلياته ما تتطلب مراجعة لكل الاتفاقيات الدولية وتحديدا تلك الاتفاقات المزيفة التي ادرجت في دوائر العقود بالوزارات السيادية والبنك المركزي في غفلة من الزمن، لكي نبطل تأثيرها ونخرج المدسوس منها ونرقنها الى الابد، ونحاسب من صادق عليها او ادخلها ضمن سجلاتنا الرسمية..
ولعله من المفيد هنا ان نعرف أن تبعات البند السابع التي جثمت أثاره ومفاسده على صدور العراقين قرابة 22عاما قد افرزت ضمن ما افرزته، ساسة وتجارا بلا اخلاق ووطنية استثمروا معاناة العراقيين ضمن ما كان يعرف ببرنامج الغذاء مقابل النفط، فهل توقف الامر عند هذا الحدود ..؟
الجواب ان اشد انواع الاستهانة بالشعب العراقي جرت بعد عام 2003 حتى غدت البطاقة التموينية هيكلا صوريا لبرنامج كان يؤدي دوره في اطعام جياع العراق وصارت امواله الان تدخل في جيوب ساسة ونواب ووزراء حتى بات المواطن لايستلم من سلة الغذاء العراقي الى الفاسد من مفردات اختصرت الى الطحين والرز والسكر واكثرها من مناشئ لاتحمل سمعة تجارية مرموقة..
وبدلا من ذلك تراجع العراق خلال السنوات العشر المنصرمة الى الدرجات الدنيا في سلم الرقي والتطور واحتل بدلا عن ذلك مواقع متقدمة مخيفة في منحدرات الفساد والغش، حتى انه بات يلامس قاع الدنيا وضاعة واستهانة بكرامة شعبه ،وصرنا نساير دولا مثل الصومال في الفساد المالي والاداري وانعدام النزاهة وضياع هيبة الدولة والحكومة معا، رغم كل ما كان يطلق ويروج له عن مسميات الشفافية وهيئات النزاهة التي امتلئت مكاتبها بالدعاوى التي كان اغلبها يطوى ويركن جانباً لأنها تمس من لاقلب له ولا ضمير..؟
المخادعون هولاء ومن لف لفهم من تجار في السياسة ودكاكين الاحزاب والمرائين الذين لم يشبعوا رغم كل سرقاتهم التي تجاوزت عشرات المليارات، هللوا للقرار الاممي لانهم يعتقدون انهم سيجدون به وسيلة مضافة للكسب الحرام على حساب شعبنا من خلال انفتاح ما يسمى العالم علينا وكانهم لايعلمون ان كل الشركات والمرتزقة من الشركات الامنية قد اخذت نصيبها بفضلهم من اموال شعبنا فما الذي تبقى لدينا حتى نقدمه، وحراس بيت المال العراقي قد فتحوا الخزائن لكل من هب ودب طالما انه سيشاطرهم جزءا من الغنيمة .وكأن اموال العراق محفوظة بأيد امينة..؟
فهل تمكنا فعلا من استرجاع اموالنا المحفوظة في صندوق اموال العراق والمؤمنة بموجب قانون امريكي.؟ الجواب كلا، وبالتالي صارت مسألة الحساب والعقاب والرقابة على اموال العراق وخزينته، تخضع لمقاييس تفرضها عقلية سلطة غاشمة ..؟ وهي مقاييس احادية التوجه لاتخضع لرقابة البرلمان وتنتفي حتما حينما يتعلق الامر بساسة واداريين وخبراء يعدون من كوادر الحزب الذي يقوده والمهيمن هيمنة كاملة على شؤون البلاد..
اما هولاء المرتزقة الذين يوهمون شعبنا بأننا على وشك ان نبدأ مرحلة جديدة تنفتح علينا كل ابواب الرزق في هذه الدنيا موهمين بتصريحاتهم شعبنا بانه سيعيش حياته، نقول لهم :لو تجاوز العراق هذه المحنة فان السادسة هي الاشر وقعا ونتيجة!! وكل هذا لم يأت بفضل جَلدْ الحكومة ومثابرتها، وانما بتنازلاتها عن سيادة العراق في مياهه واراضية لصالح هذه الدويلة المسماة الكويت، التي ستبقى شاءت ام ابت جزءا لايتجزأ من ارض العراق رغم كل التنازلات المهينة التي قدمتها لها ولغيرها حكومة بغداد..
وأول المخاطر التي يجب ان نتوقعها بعد هذه القرار هو وقوف طوابير طويلة من الدائنين على ابواب العراق وامام السفارات مطالبين بديون وهمية اعدوا لها عدتهم بعناية بعدما تمكنوا وبخسة عملاء ومرتشين وادلاء من حرق معظم دوائر العقود والاتفاقات سواء كانت في البنك المركزي العراقي او وزارات الخارجية والنفط والتجارة خلال السنتين الماضيتين، لكي تطمس الحقائق وتضيع الاصول القانونية والوثائق التي يمكن ان نواجه بها المدعين من الدائنين واكثرهم من اصحاب الديون القذرة؟
الدائنون الوهميون وبينهم دول مثل ايران بلا شك بعد هذا القرار وادخالنا في تبعات البند السادس سيتكالبون علينا وسيغريهم المال العراقي والخزائن المفتوحة بغير حراس لاستلابنا اموالنا فوق كل الذي حصل خلال السنوات العشر الماضية ،طالما ان هناك اكثر من حصان طروادة في الداخل مستعد ان يسدد هذه الديون الوهمية حتى وان كانت غير موثقة لكي ياخذ حصته منها، وبينها ما يسمى بتعويضات الحرب العراقية الايرانية ؟ ..هولاء علينا ان نستعد لمواجهتهم عند ابوابنا الخلفية ..
وفي حالة رفضنا طلبات هولاء الدائنين؟ ربما سيثيرون علينا المجتمع الدولي ثانية، فاما نستجيب ونسدد ونبدد من موقع الضعيف ..واما قد تُفرض علينا عقوبات اخرى بموجب البند السادس الذي يترك هذه الامور لترتيبات ثنائية بين الدول، ان لم نستطع ان نُعدَ العُدةَ لهم ونواجههم بالوثائق والمستمسكات التي تفند ادعاءاتهم وبضمنها مطالبات ايرانية بتعويضات الحرب التي فرضتها على العرااق وخسرتها ..
هولاء الدائنين يعرفون جيدا ان اموال النفط المباع الذي كان تحت اشراف وزارة الخزانة الامريكية ضمن ما كان يعرف بصندوق اموال العراق سيتم فتحه لمن هب ودب وللدائنين على مختلف اشكالهم ..بعد اطلاقها، إن لم تشرف عليها ايد امينة تحاسب وتعاقب وتراقب بعين ثاقبة وبضمير وطني لايخشى لومة لائم..
ولعل من المفيد هنا ان نذكر شعبنا ان الجهاز الرقابي الامريكي المكلف بحماية اموال صندوق العراق من التلاعب بها عجز هو نفسه حتى الان من معرفة اين استقر المقام ب22 مليار دولار مسروقة من الخزينة المركزية العراقية بعد غزو العراق ..، وسط اطماع تجار ودول ومنظمات تريد ان تاخذ حصتها من بيت المال العراقي الذي اوشك ان يكون بدون راع؟
ولطالما الانظار اصبحت متوجهة للعراق، فان المطلوب اليوم من الاقتصاديين العراقيين والنقابات المتخصصة والخيرين، وبخاصة عراقيي المهاجر، التحرك الفوري لرصد الاحداث وكشف هذه المطالبات غير المشروعة التي ستتقدم بها دول وشركات وتحريك الراي العام لمواجهتها واجبار البرلمان لاتخاذ قرارات تحمي الاموال العراقية واعادة الثقة بالبنك المركزي ومنع التدخل في ادارته، وأن حماية اموال العراق من الضياع تتطلب من وزارات وزارة الخارجية والمالية والتجارة وديوان الرقابة المالية والبنك المركزي ان تستبق الاحداث وتوثق ديون العراق للدول وان يطرد كل دائن او مدع ممن لايمتلك وثيقة رسمية معترف بها مستهدفا بها ابتزانا وسرقتنا وخداعنا بمطالب وهمية ، ومن قبلها يطرد كل من يروج لهذه الديون.. بلسان عراقي اعجمي ..
وقديما ضرب مثل عراقي (عينك على مالك دوه) لازالت تتردد اصداؤه كثيرا في اوساطنا كلما ألمَّتْ لائمة : اي ان المال السائب يفسح المجال للسرقات فما بالكم ان لدينا لصوصا صاروا بمنزلة المحترفين في فن السرقة ،وتحديدا سرقة قوت شعبهم؟
ولانني لا اريد ان اكون متشائما في نظرتي للامور فلا اجد حتى الان ما يفرح في مراسم اخراجنا من تبعات هذا البند ،لاننا ان لم نع بعد دورنا وكيف نواجه مستقبلنا ومن هم الذين سيتحملون مسؤولية الحفاظ على اموال الشعب العراقي ،فان عشر سنوات اخرى تنتظرنا حتى نخرج من تبعات السادس؟
من هنا فان الواجب الوطني يتطلب منا ان نستشعر ونتحسس الاخطار القادمة بوعي وادراك عميقين لهذه المرحلة الخطرة من تاريخ العراق، وندرك ان البند السادس الذي ادخلنا فيه لايقل قذارة عن وحل السابع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق