موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 19 يونيو 2013

من صور (الوفاء) لشهداء العراق

وجهات نظر
جاسم الشمري 
حينما تجول الذكريات بالنفس الانسانية فإنها تنسلخ من الواقع لتذهب بصاحبها بعيداً حيث الأيام الماضية، البعيدة والقريبة، بكل تفاصيلها الجميلة والمؤلمة، حيث الأفراح والأتراح، والراحة والمتاعب، والحياة والموت.
حينما نتذكر ما حلّ بالعراق الغالي بعد عام 2003، لابد أن نذكر- وباستحقاق ممزوج بالاعتزاز والتقدير- شهداء العراق الذين وقفوا بوجه القوات الأمريكية الإرهابية الغازية، وضربوا أروع الأمثلة بالتضحية والفداء والرجولة.


الشهداء، هذه الطبقة المتميزة من الناس، التي آمنت بأنها قادرة على بذل حياتها رخيصة؛ من أجل حرية الأوطان، وحفظ الأعراض، واستمرار الحياة الإنسانية، وبذلت من أجل ما آمنت أرواحها رخيصة، هذه الطبقة لا يمكن لكل البشر أن يردوا لهم الجميل الذي أسدوه للحياة الإنسانية، ليس في بلدانهم وحسب، بل لكل الشعوب الحرة في أرجاء المعمورة.
وحينما نذكر قافلة الشهداء في العراق لا بد أن نذكر أحبابنا وأصدقائنا وأخوتنا، الرجال، الشهداء، الذين وقفوا برجولة لا مثيل لها أمام آلة الغدر الأمريكية الجبانة؛ ليعلموا أمريكا والعالم بأن  القوة لا يمكن أن تنتصر دائماً، وأن إرادة الشعوب الحية أكبر وأقوى مئات المرات من الصواريخ والدبابات والطائرات!
ما جرى– ويجري- في العراق منذ 2003 أمر مخجل ومثير للازدراء، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية سخرت ترسانتها العسكرية من أجل مواجهة شعب أعزل لا يملك إلا ايمانه بالله تعالى، والاستعداد للتضحية من أجل القضية التي يؤمن بها، ويمتلكون أسلحة لا تقارن بما يملكه الجيش الأول في العالم، وعلى الرغم من هذا البون الشاسع بين القوتين انتصرت ارادة الشعوب الحرة، واضطرت أمريكا، صاحبة القوة الأولى بالكون، للخروج من العراق وهي تجر أذيال الخيبة والخسران، بل إن رجال المقاومة العراقية جعلوا أمريكا تغير استراتيجيتها في المنطقة والعالم، وهذا ما أكده العديد من الباحثين والمفكرين العسكريين والمدنيين.
وبعد أن مرت الأيام، وتسلق من تسلق، من السياسيين وغيرهم، في مهزلة العملية السياسية والانتخابات التمثيلية، وكل ذلك على حساب دماء شهداء العراق، وجدنا أنفسنا أمام عصابات خارجة عن القانون وتحكم باسم القانون، وترتكب أبشع الجرائم من قتل واعتقال واغتصاب وترهيب للمدنيين العزل، وكأنهم هم من قاتلوا أمريكا واجبروها على الخروج من بلاد الرافدين، وإن استلامهم لزمام الأمور هو نتيجة طبيعية لتضحياتهم الكبيرة، وهذا ما لا يمت للواقع بصلة لا من قريب، ولا من بعيد، حيث إن أغلبهم جاؤوا بحمايات أمريكية وبدبابات وطائرات الاحتلال!
وهنا لابد من طرح بعض الأسئلة، التي تغافل عنها بعض رجال العملية السياسية، وغيرهم، والتي تظهر حالة التناقض الواضح بين الأمس القريب واليوم، بين من وقف برجولة وصدق مع قضية وطنه، وبين من وقف مع المحتل وتعاون معه، ومن بين هذه الأسئلة:-
1-     هل هذه القافلة الضخمة من الشهداء، والتي خلفت ورائها جيشاً من الأرامل والأيتام، سارت من أجل أن يُنصب المالكي، ومن معه على سدة الحكم في العراق، وهم الذين يفعلون ما يفعلون بالمواطنين اليوم بسبب، أو من دون سبب؟!
2-     هل من الوفاء للشهداء ترك المبادئ التي من أجلها بذلت هذه النخبة من العراقيين أرواحها؟!
3-     محاولة بعض الشخصيات والتجمعات التسلق على المبادئ لا يمكن أن يكون حلاً للمشكلة العراقية المعقدة، بل هو ضرب من الخيال، ونوع من الأوهام التي لا علاقة لها واضحة بأرض الواقع!
وهل يظن هؤلاء أنفسهم أنهم أدهى من غيرهم؛ حينما يريدون ركوب الموجة وتزوير التأريخ القريب، وتجاهل دماء الشهداء، والتضحيات الكبيرة التي بذلتها المقاومة العراقية الباسلة، وكل ذلك باسم السياسة؟!
هؤلاء الشهداء الذين رووا بدمائهم ثرى العراق الطاهر لا يليق بنا، إن كنا نعتز بديننا أولاً، ونحترم أنفسنا ثانياً، أن نتنكر لتضحياتهم الثمينة، التي لا تقدر بثمن من أثمان هذه الدنيا الزائلة.
من صور الوفاء لشهداء العراق أن تتمسك القوى الوطنية الحرة بالثوابت التي لا خلاف عليها بين العقلاء، وأن تعرف هذه القوى أن الصدق والإخلاص والصبر والمثابرة من الأسباب التي تقود لتحقيق أهداف العراقيين بالخلاص من نتائج الاحتلال الأمريكي، ومحاولة اللف والدوران على الجماهير، لا يمكن أن تكون سبيلاً للعلاج، بل هي نوع من أنواع الانهزام، وأن الجماهير العراقية اليوم هي أكثر وعياً من السابق، وأنا لا أريد أن أُسمي هذه القوى العراقية؛ لأن كل شخصية، أو تجمع هم أعرف بحالهم إن كانوا من الثابتين على المبادئ أم لا؟
الثمرة الحقيقية لدماء شهداء العراق لم تقطف بعد، وهي ليست الخروج الأمريكي الرسمي من أرض الرافدين نهاية عام 2011، وحسب، وإنما هي عودة الحقوق والحرية والكرامة والسلم والأمن والأمان لجميع العراقيين، وهذا ما نرى بداية أثره بالمظاهرات السلمية المستمرة منذ أكثر من (160) يوماً في أكثر من ست محافظات عراقية!
العراقيون سيجنون ثمار التضحيات الكريمة الثمينة التي قدمها أبنائهم من الشهداء وأصحاب المبادئ، وحينها لن يجد أصحاب المصالح الشخصية والفئوية الضيقة مقعداً لهم في القافلة القادمة؛ لأنهم لا يحبون العراق بصدق، ولا ينتمون إليه بإخلاص، وهذا بعض الجزاء الذي يستحقونه!


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..