موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

هل يدمر نتانياهو سلاحه الكيماوي، بعد أن تعهد بشار بتسليم سلاحه للأمم المتحدة؟

وجهات نظر
ميشيل الحاج
ردود الفعل كثيرة حول قيام سوريا بالتوقيع على معاهدة حظر استخدام السلاح الكيماوي، وتعهدها بوضعه تحت إشراف دولي لتقوم هذه الجهات بإتلافه. بعضها رحَّب بهذه الخطوة، والبعض عارضها أو سخر منها. وكان السيناتوران غراهام وجون ماكين من أبرز المعترضين على الاتفاق الأميركي الخاص بالسلاح الكيماوي السوري، باعتباره وسيلة للحيلولة دون تنفيذ الضربة العسكرية الأميركية ضد الحكومة السورية. فغراهام وماكين، كانا من أبرز المتحمسين لتنفيذ ضربة، بل ضربات، عسكرية موجعة لسورية في مسعى لإسقاط النظام السوري.

والواقع أن ماكين قد ذهب بعيدا في اعتراضه على الاتفاق الاميركي الروسي، بل  ذهب إلى حد استخدام  ألفاظ بذيئة لا أستطيع ترجمتها بشكل مباشر لكونها تتنافى مع الذوق والأخلاق، إذ قال "كذا" لروسيا و "كذا" للصين. وأقوال السيناتور ماكين ليست من ابتداع خيال شخص ما، إذ أنها موجودة على فيديو منشور على صفحة يوتيوب، وصدرت عنه عندما كان يدلي بتصريحات غاضبة لعدد من القنوات التلفيزيونية ومنها شبكة ABC الأميركية .
فأقوال السيناتور حقيقة لا يمكن إنكارها. ولعل ماكين كان متأثرا جدا بسنوات أسره في فيتنام الشمالية،  مما جعله ناقما على الشيوعية. ولكن إذا كانت الصين شيوعية النظام، وبالتالي تستحق غضبه من هذه الناحية، فإن روسيا ليست دولة شيوعية، بل هي دولة رأسمالية كالولايات المتحدة والدول ألأوروبية. وربما زاد الأمر تعقيداً إعتقاد السيناتور ماكين أن سوريا دولة يسارية تميل نحو الاشتراكية، وكانت حليفة للإتحاد السوفياتي السابق الذي كان شيوعيا، وأصبحت بالتالي حليفة لروسيا الاتحادية بالتبعية لكونها من حلَّت محل الإتحاد السوفياتي في مواقع النفوذ في المنطقة. ومن هنا ينطلق السيناتور نحو سوريا برؤية متشددة متأثرة بسنوات أسره في فيتنام، وبصداقة سوريا السابقة للإتحاد السوفياتي الشيوعي المذهب. وحبذا لو يدعي لزيارة سوريا ليكون صورة مختلفة عن تلك التي كونها لدى لقائه بالمعارضة السورية المتواجدة في تركيا، والتي إلتقى بها مطولا لدى زيارته لتركيا ولمناطق الحدود التركية حيث اللاجئين السوريين ورجالات المعارضة السورية الذين رسموا له صورة قاتمة عن النظام السوري السياسي.
ولكن كما كان هناك معارضة للاتفاق، فقد كان هناك ترحيب به. وكانت الصين وبريطانيا وفرنسا من المرحبين. بل ذهب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الذي كان مستأسدا في تصريحاته ضد بشار الأسد، إلى إطلاق الوعود بدعم المعارضة، ولكن ليس للإرهابيين في المعارضة السورية. ولعل تلك هي المرة الأولى التي يجري فيها التمييز رسميا بين المعارضة السورية المعتدلة والمعارضة الإرهابية كما سماهم أولاند. فلم يسبقه إلى ذاك التمييز إلا الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأميركية، الذي كرر في أكثر من مناسبة، أن عملا عسكريا ضد سوريا، قد لا يكون في مصلحة الولايات المتحدة، لأنه قد ينعش القوى المعارضة التي قد لا يكون تزايد قوتها في مصلحة الولايات المتحدة. وكان يشير بذلك إلى الفئات المتشددة في المعارضة التي أعلنت رسميا ولاءها لمنظمة القاعدة.
ولكن أقل المرحبين بذاك القرار، إضافة للواء سليم إدريس، رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، إضافة إلى عدد كبير من المعارضة السورية  كان"نتانياهو"، رئيس الوزراء الصهيوني، الذي أبدى شكوكه في صدق النوايا السورية، متناسيا أن (إسرائيل) لديها مخزون كبير من السلاح الكيماوي. وقد أكدت صفحة كاملة في Wikipedia وهي نوع من الانسيكلوبيديا، وجود أسلحة كيماوية لدى (إسرائيل)، وأنها تنتج في المعهد الصهيوني للإبحاث البيولوجية. وكتب حول هذا الموضوع  Bill Richardson  في عام 1998 مؤكدا وجود أسلحة كيماوية بكميات كبيرة لدى (إسرائيل)، علما بأن طائرة العال الصهيونية الرحلة 1862 والتي تحطمت في عام 1992، كانت تحمل ما اعتقد التحقيق الذي أجري حولها  كميات من الأسلحة الكيماوية. وحاولت (إسرائيل) أن تنفي ذلك، علما بأن (إسرائيل) كانت قد وقعت في عام 1983 معاهدة نبذ استخدام الأسلحة الكيماوية. لكن الكنيست لم يصادق أبدا على هذه المعاهدة. ومن هنا يبدو أن مهمة الوزير جون كيري الآن هي إقناع نتانياهو بالمصادقة على هذه المعاهدة، والأهم من ذلك هو إتلاف  تلك الأسلحة الكيماوية وتدميرها!

الفوسفور الأبيض الصهيوني في غزة
 فلا يوجد مبرر بعد الآن لاحتفاظ (إسرائيل) بتلك الأسلحة الكيماوية طالما أن سوريا ستضع أسلحتها الكيماوية تحت إشراف دولي يقوم بتدميرها، في وقت كان قد جرى من قبل تدمير السلاح الكيماوي لدى العراق أيضا. وذلك مع التذكير بأن (إسرائيل) إذا قامت فعلا بتدمير مخزونها من السلاح الكيماوي، ستكون ما زالت محتفظة بكمية كبيرة من الرؤوس النووية التي تذكر دراسة "ويكيبيديا" سابقة الذكر، أنها تتراوح بين 75 و 400 رأس نووي، مما يمنحها تفوقا باهرا على كل دول المنطقة مجتمعة بما فيها الدول العربية وإيران.
والواقع أن استخدام السلاح الكيماوي من قبل دولة ما هو أمر نادر وقليل الحدوث. وهي إذ تمتلكه، إنما لاستخدامه في معرض الدفاع عن النفس إذا استخدمه عدو لها، فتستخدمه عندئذ في معرض ذاك الدفاع عن النفس. وقد لاحظنا أن العراق الذي امتلك مخزونا كبيرا من السلاح الكيماوي جمعته كله فرق التفتيش الدولية ووضعته في موقعين، كان احدهما هو موقع المثنى الذي اصطحبني فريق التفتيش الدولي معه في التسعينات لمشاهدة كيفية تدمير السلاح الكيماوي. والواقع أنني قد فوجئت بكميات السلاح الكيماوي التي كانت متواجدة لدى العراق.  ومع ذلك لاحظت أن العراق لم يستخدم قط أي من تلك الأسلحة الكيماوية في حربه عام 1991 سواء في القتال ضد الأميركيين أو ضد(إسرائيل). فقد أطلق العراق قذائف وصواريخ باتجاه القوات الأميركية المهاجمة، كذلك على تلك القوات الأميركية المتواجدة في القواعد السعودية، ومع ذلك لم يحمل أي من تلك القذائف سلاحا كيماويا. وكذلك أطلق الرئيس صدام حسين 43 صاروخا على (إسرائيل)، لكن أيا منها لم يتضمن أيضا مواد كيماوية رغم تواجد العديد منها لديه، والتي شاهدتها بنفسي مجمعة في موقع المثنى. وإذا كان العراق قد أطلق الكيماوي على إيران في حربه معه في الثمانينات، فقد فعل ذلك، كما فسَّر العراقيون الأمر، بكونه جاء ردا على استخدام إيران للسلاح الكيماوي ضد العراق.
والحديث عن السلاح الكيماوي يذكرني بزيارتي لموقع المثنى السابق ذكره، حيث جمعت كمية الأسلحة الكيماوية العراقية. فقد شاهدت هناك كيفية التخلص من الأسلحة الكيماوية. وكان يتم ذلك بأساليب عدة أذكر الآن ثلاثة منها.  فالأسلوب الأول هو خلط المادة الكيماوية الضارة، بمواد كيماوية أخرى تحول المادة الضارة أو القاتلة إلى مادة كيماوية عادية. الأسلوب الثاني الخاص بالقذائف الصغيرة التي تطلق عبر تشغيل شفرات في مؤخرتها. والشفرات هي عبارة عن مروحة من نوع خاص كتلك التي نشاهدها في مقدمة موتور السيارة. فيجري العمل على تشغيل تلك المراوح – الشفرات إلى أن تستنزف قوتها وقدرتها على الانطلاق، فتصبح القذيفة غير فاعلة لأنها غير قابلة للإطلاق بعد أن استنزفت شفراتها التي تطلقها. والأسلوب الثالث هو إطلاق القذائف على أن توجه نحو منطقة غير آهلة بالسكان. ولذا يجري فحص اتجاه الريح قبل الإطلاق حتى لا يحملها الريح إلى جهة آهلة بالسكان فتؤذيهم، بل يتم توجيهها بعد التأكد من اتجاه  الريح نحو جهة غير آهلة بالسكان.

لكن ماذا سيحدث الآن؟
هناك سؤالان:
الأول: هل يوافق نتانياهو على تصفية السلاح الكيماوي الصهيوني؟
والثاني: لماذا وافقت أميركا الآن فحسب على تصفية السلاح الكيماوي السوري، ولم توافق على اقتراح مشابه، كما ذكر البعض، قدمه بوتين لها عام 2012؟
لن نعرف في القريب العاجل إن كان نتانياهو سيوافق أو لا يوافق على تدمير سلاحه الكيماوي.  وبالتالي فإن علينا أن ننتظر. أما بالنسبة  للأمر الثاني، فهو أمر محير حقا إذا تأكد أن بوتين قد عرض حقا تدمير السلاح الكيماوي السوري منذ عام 2012، لكن الولايات المتحدة استخفت في حينه بذلك. فهل كانت الولايات المتحدة تريد الإبقاء على السلاح الكيماوي السوري كورقة تستخدمها عند الحاجة، كما لو تراجعت قوة المعارضة وبدأت تعاني من خسائر، فاحتاجت أميركا بالتالي إلى التدخل عسكريا مستخدمة تدمير السلاح الكيماوي مبررا لتدخلها؟
قد لا نعرف أبدا حقيقة ما حدث. لكن لا بد أن نلاحظ أن "لافيروف" وزير الخارجية الروسي كان يتحدث في البداية بلهجة ليِّنة مؤكدا ن روسيا لن تتدخل عسكريا إذا نفذت أميركا ضربة عسكرية ضد سوريا. وهنا تصاعدت لهجة التهديدات الأميركية مطمئنة لتلك التصريحات الروسية اللينة. ولكن "بوتين" بدا مغتاظا عندئذ إزاء تصاعد لهجة التهديدات الأميركية، فبدأ يطلق عندئذ التصريحات المتشددة بلهجة أخذت تتصاعد يوما بعد آخر، في وقت سكت فيه لافيروف (أو أسكت) عن الإدلاء بأية تصريحات. وهنا بدأ "بوتين" الذي ظهر وكأنه مغتاظ من خديعة أميركية عانى منها، يدلي بتصريحات قوية منذرة ومهددة، "أنا سأقف مع سوريا". "إذا هاجمت أميركا، فسوف أستأنف شحن الصواريخ التي كانت موضع اتفاق مسبق، ومع ذلك أوقفت شحنها لسوريا. بل سأزود سوريا بصواريخ أحدث، بل أحدث كثيرا".
وهنا أدرك الأميركيون جدية "بوتين"  الغاضب. وهكذا استمعت له الولايات المتحدة في مؤتمر قمة العشرين الذي عقد قبل أيام في بطرسبيرغ، عندما كرر عرضه بتدمير السلاح الكيماوي السوري. فالقناعة كانت تامة لديه بأن سوريا لن تستخدم الكيماوي إلا في معرض الدفاع عن النفس. ومع ذلك فإن بقاء ذاك السلاح  في سوريا إنما سيشكل وسيلة للتهديد والابتزاز، مع استخدامه كمبرر لقصف سوريا كلما اقتضت الضرورة ذلك. فالصداقة السورية الروسية أمر ضروري وموقف إستراتيجي لروسيا، وقد بات ذلك من الواضح الآن للولايات المتحدة. فروسيا الاتحادية لن تتخلى عن سوريا، علما أن أميركا قد لا تكون راغبة في الوقت الحاضر بتخلي روسيا عن سوريا. فما تريده حاليا هو مشاغلة سوريا عن (إسرائيل) وعن المشاريع الأميركية في المنطقة، وذلك عبر حرب طويلة تخوضها سوريا لسنوات. وهي إذا ما احتاجت مستقبلا لأن تقصف سوريا بغية إعادة التوازن بين القوتين المتقاتلين إذا ما بدأت القوات السورية تتفوق على المعارضة، فإنها سوف تجد المبررات لذلك كعدم التزام سوريا بعملية التفتيش على سبيل المثال، وهذه أكذوبة استخدمت مرارا ضد العراق في التسعينات. كما أنها (أي أميركا ) لا تريد في الوقت الحاضر انتصار المعارضة، بسبب مخاوفها من وصول المعارضة المتشددة المنتمية للقاعدة إلى السلطة في سوريا. وهذا آخر شيء تسعى إليه أميركا إن صحَّ فعلا تفهم الوضع القائم على الساحة السورية، حيث تشكل تسع من الجماعات  المقاتلة في سوريا من أصل عشرة، منظمات إسلامية التوجه وبعضها شديد الانتماء للقاعدة. فالولايات المتحدة تريد في النهاية تحقيق مصالحها، وتحقيق مصالحها لا يقتضي الدخول في مواجهة كبرى مع روسيا، كما لا يقتضي المغامرة بإتاحة الفرصة للمعارضة السورية المتشددة بالوصول إلى السلطة في سوريا. فهذا آخر شيء تتطلع إليه الولايات المتحدة!


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..