نواف شاذل طاقة
عشية تبادل للاتهامات بين المسؤولين الأمريكيين والروس الذين حضروا قمة الدول العشرين في سانت بيترسبيرغ بسبب الخلاف السوري، وصلت إلى حد اتهام الرئيس فلاديمير بوتين وزير خارجية امريكا جون كيري بأنه "كذاب"، سألت مراسلة قناة فوكس نيوز الامريكية هنري كيسنجر، أحد كبار مهندسي السياسة الخارجية الأمريكية، إن كان يعتقد بأن العلاقات بين واشنطن وموسكو قد وصلت إلى القطيعة، مشيرة إلى تقارير تتحدث عن رفض رئيسي البلدين عقد لقاء مشترك بينهما أثناء القمة.
اجاب كيسنجر بأنه سيكون في منتهى الدهشة إنْ لم يعقد الرئيسان اوباما وبوتين اجتماعا مشتركا "حتى ولو كان اجتماعا غير معلن".
كان كيسنجر مصيبا، إذ أعلن الرئيس بوتين مساء 10 أيلول أن المقترحات الخاصة بالتخلص من ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية التي تحدث عنها الوزير كيري قبل يومين كانت قد طُرحت خلال اجتماع ثنائي عقده شخصيا مع الرئيس باراك أوباما على هامش القمة.
وهكذا يتضح أن ما بدا وكأنه تعليق عابر من جانب وزير خارجية أمريكا على سؤال عرضي لصحفي أجنبي بشأن سبل تجنيب سوريا الضربة، كان أمرا مرتبا.
أضاف بوتين في حديثه المتلفز بأن "سوريا تمتلك ترسانة كيماوية.. وأن السوريين اعتبروا هذه الترسانة دائما بديلا عن الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل".
بعد ذلك، ظهر وزير خارجية سوريا وليد المعلم على قناة الميادين القريبة من سوريا ليعلن بأن بلاده مستعدة "للكشف عن مواقع الأسلحة الكيماوية والتوقف عن انتاجها وجعل هذه المواقع خاضعة لتفتيش ممثلين عن روسيا ودول أخرى والأمم المتحدة". واضاف المعلم بأن بلاده مستعدة أيضا للانضمام الى اتفاقية حظر استخدام الاسلحة الكيماوية.
ويذكر في هذا الصدد بأن سوريا من بين سبع دول لم تنضم إلى الاتفاقية المذكورة من بينها مصر واسرائيل. ويستند الاتفاق الذي توصلت إليه موسكو مع واشنطن على فهم مفاده بأن التضحية بالترسانة الكيماوية السورية سيكون مقابل تجنيب سوريا ضربة عسكرية أمريكية، وبالتالي بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم فترة أطول.
وهكذا ضحت القيادة السورية بسلاح استراتيجي كانت قد بنت قاعدته منذ عقود طويلة لمواجهة خطر جارتها اسرائيل التي تقول وسائل الاعلام بأنها تمتلك 200 رأس نووي. وقد تمت التضحية بكل شيء لـ(عيون) السيد الرئيس فقط، ولكي يُسعد السوريون يوميا بطلعته البهية.
على أية حال، يقول بعض السوريين بأن لا شيء يدعو للأسف بعد الآن، فالسلاح الذي اعد لضرب العدو الخارجي التاريخي استخدم في نهاية المطاف لضرب الشعب الأعزل، وأن الصواريخ الأمريكية كانت ستسقط على رؤوس السوريين الأبرياء، فالرئيس وحاشيته يعرفون كيف ينجون من مثل هكذا ضربات.
ومما يذكر أن وكالات الأنباء لم تنقل أي تصريح عن مسؤولين روس أو أمريكيين أو سوريين يتعلق بالكشف عن الجهة المسؤولة عن مقتل أكثر من 1400 مواطن سوري راحوا ضحية استخدام تلك الاسلحة، ولم يعد العالم مهتما بمعرفة من قتل هؤلاء الأبرياء!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق