وجهات نظر
جعفر المظفر
كأنني هنا أمام فلم العراب حيث يجتمع زعماء المافيات لتوقيع الوثائق التي تنظم شرف "الكَرِف" فيما بينهم، والتي ستكون مهمتها الاساسية إقتسام الغتائم والهيمنة على الناس بشكل يراعي القسمة العادلة، ووضع أسس رشيدة لمنع النزاعات بين العصابات المتنافسة بعد توزيع مناطق النفوذ عليها بشكل يتماهى وقوتها على الأرض.
ترى هل يحتاج المسؤولون إلى التوقيع على وثيقة شرف لكي يكونوا شرفاء؟
ألا يعني التوقيع على وثيقة بهذا العنوان أن هؤلاء السياسيين إنما يعترفون بعظمة لسانهم أنهم جميعا لم يراعوا أبدا مقاييس الشرف وخاصة في علاقاتهم مع العراقيين طيلة العشرة سنوات الماضية، والتي هي مجموع عمر نظامهم السياسي الذي نتمنى أن لا يطول أكثر منها .
ألا يعني أنهم إنتبهوا فجأة إلى أنهم محتاجون إلى شرف يوقعون عليه لأن هذا ما كان ينقصهم حقا.
إن مجرد الإقرار بالحاجة إلى وثيقة شرف، ثم تحديد التوقيع كوسيلة للوفاء له، يثبت تماما عكس ما أراد هؤلاء الصغار أن يظهروه، سواء لأنفسهم، فيما بينهم، أو دعاية لها، لأن أول ما أكدوا عليه أن الشرف كان مفقودا طيلة السنين السابقة من عمر نظامهم، ولذا فهم صاروا بحاجة إلى ورقة تعيد تعريفه وتضمن وجوده.
بالنسبة لنا أنها ليست وثيقة شرف، فالنظام السياسي لأية دولة في العالم، حتى لو كانت في أسفل قائمة الدول المتخلفة لا يبنى بهذه الصيغة، وإنما هو يشترط بداية ان ينتهي عصر زعماء المافيات الطائفية لصالح نظام يُمتحن شرفه على ضوء ما يقدمه لشعبه من خدمات وليس على اساس عدد التواقيع التي يتفضل بها ناس داسوا على الشرف منذ أن تقدر لهم ولعصاباتهم فرصة الهيمنة على السلطة.
ثم ألا يحتاج الشرف ويستحق ان يوقع على وثيقته كل من يحمل صفاته وكل من تؤكد صحيفة أعماله على أنه إجتاز بالفعل إمتحاناته الأساسية.
وبمقياس كهذا، أما كان وفاء للشرف أن تكون هناك لجنة نزيهة لفحص صحيفة أعمال كل من وقع على هذه الوثيقة لمعرفة ما إذا كان يمتلك ولو الحد الأدنى من المواصفات التي تمنحه حق الحديث عن الشرف أم لا.
ولنا بعد هذا أن نسأل .. هل يحق لسارق أموال الشعب والكاذب عليه والمتاجر بدمائه والمفرق لصفوفه والمتاجر بمذاهبه ودياناته أن يتحدث بإسم قيمة عليا إسمها الشرف ويوقع نيابة عنها؟
إن الشرف لا يحتاج إلى وثيقة يوقع عليها من يدعي أنه يتحلى به ويلتزم بقيمه، وإنما هو يحتاج إلى وطن يشهد له وعليه.
والوطن الموحد المسالم المتآخي الناهض، هو لوحده، من يملك حق التوقيع على صحيفة الشرف الخاصة بسياسيه.
وخلاف ذلك ستبقى اية وثيقة تتحدث عن الشرف ناقصة للشرف نفسه، وموقع عليها بحبر يجف في لحظة التوقيع.
والوطن الموحد المسالم المتآخي الناهض، هو لوحده، من يملك حق التوقيع على صحيفة الشرف الخاصة بسياسيه.
وخلاف ذلك ستبقى اية وثيقة تتحدث عن الشرف ناقصة للشرف نفسه، وموقع عليها بحبر يجف في لحظة التوقيع.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق