موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 14 سبتمبر 2013

الدين في خدمة السياسة/ 8 والأخيرة: المهدي وصراع الديكة في إيران

وجهات نظر
علي الكاش
"لو إفترضنا إن ما يجري الآن في إيران من أحداث يتم بإدارة الإمام كما إدعي نجاد، فلماذا لايستطيع أن يقضي على العصابات؟ وهل تسعيرة الأرز من تدبيره أيضا؟"  
آية الله مهدوي كني
لم يكن النزاع السابق بين القطبين أحمدي نجاد وعلي خامنئي جديداً، رغم إنه بدأ بالفوران بعد إنتخاب نجاد للمرة الثانية رئيسا ًلإيران. فالواجهة الأمامية كانت نزاعاً دينياً بينهما بسبب إختلاف وجهات النظر حول ظهور الإمام المهدي وعلاقته بالإثنين، وتأثير تلك العلاقة بالساحتين الداخلية والإقليمية. لكن الواجهة الخلفية كانت سياسية خالصة، وبات المهدي قرباناً للصراع بين الديكين.


المهدي وإن كان حبيسا في سرداب سامراء، لكنه حر ومطلق الصلاحيات في إيران منذ أن حشره خميني في الدستور الإيراني عنوة. فقد جاء في المادة (5) منه "في زمن غيبة حضرة ولي العصر(عج) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمّة في الجمهورية الإسلامية بعهدة فقيه عادلٍ وتقيّ، مطّلع بزمانه، شجاع، مدير ومدبّر".
ومن يومها إشتغلت الماكنة الإعلامية الإيرانية بأقصى طاقتها لتوسيع المد المهدوي إلى خارج رقعتها الجغرافية، سيما إن الرئيس نجاد في معظم خطاباته يشير إلى لقاءاته بالإمام المهدي مبشرا بظهوره القريب تحت عنوان (أنت في زمن الظهور) وهو الشعار الذي دغدغ مشاعر الناس منذ زمن الخليفة الرابع ولحد الآن.
ولأن ظهور الإمام له مدلولات جديدة بعد أن فشلت المدلولات القديمة، فإن الإعلام المؤيد للرئيس السابق نجاد تمخض عن إكتشافات جديدة يستشف منها بأننا (في عصر الظهور) بعضها يثير السخط، والآخر يثير التقزز، والمتبقي يثير الفتن. على سبيل المثال شُبه خامنئي بالخراساني. ونجاد بشيب بن صالح رئيس أركان قوات الإمام. وحسن نصرالله بالسيد اليماني. والنفس الزكية بباقر الحكيم. والملك عبدالله الثاني شبه بالسفياني. واعتبر موعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو موعد زفاف الإمام.
ويلاحظ إن توزيع الادوار على شخصيات المسرحية الإيرانية مستمد من طبيعة الموقف السياسي للنظام الإيراني من الدول والزعماء. ومن البديهي أن يزعج هذا الأمر المرشد خامنئي وأنصاره الرافضين لفكرة الظهور على أقل تقدير خلال حكم نجاد.
ويلاحظ أن بعض المراجع ومنهم (علي أصغر سيجاني) يحملون خامنئي مسؤولية تطور قضية المهدي وتقديمها لنجاد على طبق من ذهب. ففي شهر نيسان من العام الماضي ذكر سيجاني "إن ولي أمر المسلمين (خامنئي)نفسه بشر بظهور الإمام المهدي. وأستذكر بهذا الصدد تصريحه عام 2008 بأن العالم اليوم مليء بالجور والظلم ويتعطش العالم لعدالة الإمام المهدي". لكن أنصار خامنئي يرون إن هذا التصريح يظهر شدة الحاجة للإمام، ولا يبشر بالظهور. وهناك فرق كبير بين الحالتين.
تبلور الموقف الشعبي من قضية المهدي بثلاثة إتجاهات:
الأول: يمثله أنصار مرشد الثورة علي خامنئي وأبرزهم آية الله أحمد جنتي. الذين يعتبرون خامنئي النائب الشرعي والوحيد للإمام المهدي ولا يجوز منازعته في هذا الأمر! وإن نيابته عامة للعالم الإسلامي وليست خاصة لإيران فقط. وهي نيابة دينية ودنيوية بصلاحيات مطلقة مما يستوجب طاعته من قبل المسليمن كافة. وهذا الإتجاه يكذب إدعاء نجاد بالإتصال بالإمام المهدي ويقصر هذه المهمة على خامنئي وحده. متمسكين بحديث خامنئي "يدعي البعض حوادث خرافية وغير عقلانية كرؤية الإمام المهدي والتشرف بلقائه، والصلاة وراءه، إنها ادعاءات مخجلة وبدع باطلة هدفها زعزعة إيمان قلوب المؤمنين بالإمام. لابد أن يعرف الناس بأن كل الإدعاءات بشأن الاتصال بالإمام وأخذ الأوامر منه يعد باطلا".
الثاني: يمثله أنصار الرئيس السابق نجاد وأبرز دعاته (اسفنديار رحيم مشائي) وهو صهر نجاد ومستشاره الأول. ويعتبرون نجاح حكومة نجاد إنما مستمدة من رضا ومباركة الإمام المهدي، والتأكيد بأن الرئيس نجاد له إتصالات غير منقطعة بالإمام، ويستمد منه العون والمشورة في القضايا الداخلية والخارجية. لذلك فإن طروحات نجاد بشأن قرب ظهور المهدي هو واقع حال بسبب تلك الصلة المباشرة بينهما.
الثالث: وهو إتجاه وسط يضم الإصلاحيين والبراغماتيين يتزعمه هاشمي رفسنجاني وهو أكثر عقلانية من الإتجاهين السابقين. ففي الوقت الذي يؤكدون فيه أهمية ودور الإمام المهدي في الثورة الإسلامية، لكنهم يعارضون إستخدامه كورقة بيد الأحزاب تستغلها لأهداف سياسية. كما يرفضون ربط الإمام أو إتصاله بالرئيس نجاد أو المرشد خامنئي. لأن الثورة الإيرانية وليدة رجالها وليست وليدة الإمام المهدي. لذلك علَّق رفسنجاني على إدعاءات نجاد بشأن إتصاله بالإمام قائلاً "يدعي البعض أن لديهم اتصالات مع الإمام المهدي، ويحاولون من خلالها خداع الناس، هذه الحالة كانت موجودة دائما وليست جديدة، لكنها اليوم تروَّج بقوة في إيران".

الله إختار خامنئي لزعامة إيران!
أحد أبرز علماء الدين في إيران، آية الله أحمد جنتي، الذي يشغل منصبا مهما في مجلس صيانة الدستور أعلن من حسينية جمكران بأن الله تعالى هو الذي إختار خامنئي لزعامة إيران بعد وفاة خميني "الله هو الذي اختار خامنئي لقيادة إيران وحول إليه مهمة الحفاظ على الثورة الإيرانية وديمومتها. إنه ذخر لأيام الضيق ويحمل مهمة إلهية"! ولم يحدثنا جنتي كيف عرف بإختبار الله تعالى لخامنئي؟ هل عبر الوحي، أما الحلم، أو الرؤية؟ على أي حال لنسبر إغوار هذه الدعوة الجوفاء الصادرة من آية وهو يقف على باب قبره (84عاما) ونفهم السبب؟
ويأتي الطارق سريعا كالبرق محدثا إنه الطمع وحب الذات والدنيا ومظاهرها حبا يعجز الدين عن كبح جماحه وإن الطمع لا يعترف بحدود السن أو قرب موعد ارتداء الكفن! فقد عين خامنئي هذا الآية الدجال بمنصب رئاسة مجلس صيانة الدستور. من هنا عرف السبب فبطل العجب!
أما آية الله مشكيني ويشغل منصب (رئيس مجلس الخبراء) فإنه وضع في أفواهنا لقمة كبيرة لايمكن بلعها أو حتى مضغها بقوله إن "ملائكة الرحمن وضعوا في ليلة القدر من شهر رمضان الاسبق، لائحة تضم أسماء وعناوين نواب البرلمان السابع بين يدي الامام المنتظر وانه وقَّع عليها جميعها".
مشكلة هذا الآية المشكيني (نشكوه لله) أنه عضو في مجلس مهم ينتخب ويقيم إداء مرشد الثورة والحكومة. أي له منصبين سياسي وديني رفيعين ففرَّط بهما كما فرَّط بآخرته!
إذن نستشف من هؤلاء الإمِّعات الذين يمسكون برقبة الشعب الإيراني بأن البرلمان الإيراني غير منتخب من قبل الشعب وإنما من الإمام الذي وقع مرسوم تعيينهم ووافق عليهم جميعا، الجيد منهم والسيء. وملائكة الرحمن هم الذين تولوا مهمة السعاة في ليلة القدر!
إنه تفسير الملالي لسبب نزول الملائكة في ليلة القدر! فلم يفصل لنا الذكر الحكيم الغرض من ذلك، وعجز المفسرون الأوائل والأواخر من معرفة ذلك السر الرباني. لكن العلامة الفهّامة مشكيني توصل إليه وحصره بمسلمي إيران فقط!
نترك الرد على دعوى المشكيني لمواطنه مهدي كروبي، فالحال أشبه بحلبة مصارعة كل يستعرض عضلاته قبل سماع صافرة الحكم!
أراد مشكيني توجيه ضربة لخامنئي تحت الحزام، فإذا بالحكم يحسبها نقطة ضده فيخسر المباراة! والحقيقة إن كروبي كان دبلوماسيا في رده على مشكيني فقد دسَّ السم بالعسل وقدمه بإسلوب راقٍ لخصمه. ففي البداية إمتدحه وأشاد بمكانته الكبيرة في الحوزة العلمية، ولما إسترخى مشكيني قليلا بالمعسول من الكلام. بدأ مفعول السم "رغم إن نظامنا قائم على أسس ومبادئ الاسلام، لكن الشعب الإيراني هو الذي إنتخب أركان النظام، لذلك ليس من المنطق الربط بين إنتخاب الناس والقضايا السماوية والالهية. ومع إحترامنا لنواب البرلمان السابع وأمنياتنا لهم النجاح، لكنهم منتخبون من قبل الشعب وليس من قبل إمام الزمان". وتساءل بحدة "لو كان الامام المنتظر وافق على هؤلاء النواب، فلماذا يقف بعضهم عائقا دون المصادقة على إعتماد زملاء لهم ممن كانوا أعضاءا في البرلمان السابق؟".
وإختفى مشكيني في قبو الخزي لعدم تمكنه من مواجهة كروبي، لكنه أحنى ظهره قليلا ليمتطيه إبنه حسين مشكيني الذي أطلق العنان لنفسه لردم حفرة السيد الوالد قدس سره بقوله "وفقا لأحاديث أهل البيت، فإنه من ليلة القدر الحالية الى ليلة القدر في السنة القادمة، تضع الملائكة بين يدي الإمام المهدي قائمة بالأحداث والوقائع التي تحصل في العالم خلال عام ومن ضمنها أوامر عزل وتعيين المسؤولين، وإن حضرته يوافق على البعض، ويرفض البعض الآخر". ردم الإبن حفرة أبيه، ولكنه حفر لنا بقربها حفرة أعمق وأوسع هذه المرة. فالمهدي بموجب هراء الإبن إله أو شريك للرب وليس إماما! بل ليس مخلوقاً خلقه الرب عزَّ وجل!
لاحظ مستوى الجهل الفادح الذي وصل إليه الشعب الإيراني على أيدي الملالي ليؤمنوا بمثل هذه الخزعبلات!
بموجب هذا الهراء نتوصل إلى أن للإمام المهدي مكتب إعلامي ومراسلين من الملائكة، يزودونه بتقارير يومية بكل وقائع العالم- وبكل اللغات- بما فيها عزل المسؤولين الإيرانيين بإعتباره هو الذي يقرر شأنهم!
بربكم هل هذا منطق بشر له ذرة من العلم والوعي ونحن نعيش في الألفية الثالثة! لو قيل هذا الكلام في العصر الجاهلي وليس الآن لسخروا منه وعابوا قائله! ورحم الله ابن القيم وهو يعلق في كتابه المنار المنيف على هؤلاء الدجالين "لقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل". فهل يصلح هؤلاء الهمج لأن يحكموا إيران ويتخذوا من الاسلام شعارا لإسم جمهوريتهم البائسة؟ وهل يمكن إئتمان جانب من يحوز على هذه العقلية المتخلفة في إمتلاك الأسلحة النووية؟ اليس الأمر أشبه بمنح مجنون بندقية سريعة الإطلاقات؟ وأي مستوى من الوعي المعرفي والثقافي أوصل هؤلاء الدجالين لتزعم الشعب الإيراني ليتقبل مثل هذا اللغو والدجل المكشوف؟
من الجدير بالإشارة لأحد الكتاب من مطايا الملالي (الدكتور نعيم بشير) -المصيبة إنه يحمل لقب أكاديمي عالي- يذكر "إيران هي الدولة الممهّدة لظهور الإمام، لأنها تتمثّل بنموذج حضاري". لاحاجة إلى التعليق على النموذج الحضاري المعجب به الدكتور فقد لمسناه بأنفسنا في العراق والبحرين واليمن ولبنان وسوريا. وخير من يرد على نعيم بشير هو الزعيم الإيراني المعارض (مير حسين موسوي) بقوله "هناك في السلطة من تمادى في توقع ظهور الإمام المهدي، وعلى هذا الأساس خططوا السياسات الخارجية والداخلية للبلاد وزينوها بإطار الخرافة. فالبعض يعتقد أن ظهور المهدي سيكون بعد ستة أشهر أو العام المقبل. ولهذا السبب أوقفوا تنفيذ مشرعات صناعية ونفطية، إنهم يشلون إقتصاد البلاد بحجة الانتظار فقط".

هل نحن في زمن الظهور أم في زمن الرياء؟
توزع رجال الدين في إيران بين حانة خامنئي ومانة نجاد، فقد شهدوا حربا ضروسا جرت في الدهاليز بين الزعيمين. فأنصار نجاد لمَّحوا بأنه مندوب مباشر عن الإمام، حيث ذكر الشيخ علم الهدى إمام الجمعة في مدينة مشهد وهو من أنصار نجاد بأن "الرئيس نجاد يمثل الإمام المهدي في الحكم. وإن الذين يسخرون من هذا الادعاء لا يفقهون حقيقة المذهب الشيعي". كما إن حديث نجاد مع آية الله جواد آملي بعد مشاركته في دورة أعمال الأمم المتحدة في أيلول 2005 بأنه، أي نجاد "كان محاطا بهالة نورانية" خلال إلقاء كلمته، صبَّت في نفس الإتجاه.
وقد صاحب هذا الدجل قيام الملحقية الثقافية الإيرانية في لبنان بنشر دراسات مكثفة حول مكانة المهدي في فكر نجاد بعنوان (الإمام المهدي والمهدوية في خطابات الرئيس أحمدي نجاد) أشرف عليها محمد حسين المستشار الثقافي في السفارة ووزعت مجانا على نطاق واسع داخل وخارج لبنان. كما إغلقت صحيفة (إعتماد) وهي التي تقف بالمرصاد لهفوات نجاد سيما المتعلقة بموضوع المهدي (بالطبع بغمز من خامنئي). وهجم أتباع خامنئي هجوما قاسيا على الرئيس نجاد بسبب نيابة الإمام، ومنهم حجة الإسلام (على أصغري) الذي نصح نجاد بأن "يترك مسائل الإمام جنبا ويتفرغ للاهتمام بمشاكل شعبه العديدة". من جهة أخرى أعترض آية الله (يوسف سعاني) على الإعتماد المتزايد للرئيس نجاد على الخرافات والشعوذة.
وأنبرى حجة الإسلام (غلام رضا مصباحي) للرد على تصريحات نجاد بقوله "إذا كان نجاد يريد القول بان الإمام الغائب يدعم قرارات حكومته فهذا الأمر غير صحيح! فالغائب لا يرضى أن ترتفع نسبة الغلاء في المعيشة 20%"! لكن نجاد ردً بأن الإمام الغائب لم يعترض على حكومته بسبب الغلاء والأزمات الاقتصادية. وأضاف مصباحي بأن "الرئيس نجاد هو الذي يدير شؤون الحكومة وليس الإمام المهدي. ولو أن حكومة الأمام ارتكبت كل هذه الأخطاء وقامت بنشر الفقر والحرمان والأزمات فإن الإيرانيين سوف لا يرحبون بظهور الإمام إطلاقا". إن سبب خلل الحكومة هو نجاد وليس الإمام المهدي! وفي الختام قدم نصيحة ثمينة لنجاد "إرم المسؤولية في شباك الشيطان الأكبر ولا تنسبها للإمام المنتظر، فهذا الأمر يريح جميع الأطراف ويتناسب مع طروحات الثورة الإسلامية".
من جانبه دعا حسين سبحاني- من أعضاء الهيئة الرئاسية في البرلمان- حكومة نجاد الى التصدي لأفكار تيار الانحراف، مؤكدا بأن مستشاري نجاد يهدفون إلى تخريب معتقدات الناس عن طريق وضع توقيت لظهور الامام المنتظر لأجل النيل من هيبة ومكانة الولي الفقيه.
أما (محمد تقي رهبر) رئيس لجنة الروحانيين في البرلمان فقد أطلق لقب (تيار الانحراف) على مروِّجي  ظهور الامام المنتظر من أتباع نجاد موضحا بأن الغرض منه هو التشويش على الايرانيين في يوم تجديد البيعة للمرشد خامنئي. وإن إختيار يوم السبت يصادف ذكرى تنصيب المرشد خامنئي من قبل مجلس الخبراء بعد رحيل خميني، لذلك فإن تيار الانحراف يهدف الى تدمير تلك المناسبة حسب رأيه.
حتى (داوود احمدي نجاد) شقيق الرئيس الايراني، شارك جماعة خامنئي في الحملة ضد حكومة أخيه مؤكد بأن رحيم مشائي- مستشار نجاد وصهره- "يقود تيارا منحرفا داخل الحكومة، ويسعى لعقد تحالفات مع جهات غير موالية للمرشد خامنئي".

خامنئي وولاية الفقيه
ذكر السيد المرتضى علم الهدى حول ولاية الفقيه بأن  مسؤولية تعيين الأئمة تقع على عاتق الله وليس الأمة، بل إنه حرَّم تنصيب الإمام وتشكيل الحكومة في زمن الغيبة. لأن ذلك ليس بأيدي الناس وإنما بيد الله، مؤكدا بشكل قاطع "ليست إقامة الامام واختياره من فروضنا". وهذا الأمر يناقض إعلان المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه نائباًللإمام المهدي وأن طاعته واجبة على المسلمين كافة.
وكانت تلك هي المرة الأولى التي يصرح فيها خامنئي بأنه نائب للإمام المهدي، وأوضح بأن طاعته أمست واجبة كنائب عن المعصوم من قبل المرجعيات الدينية كافة.
بالطبع إن ولاية الفقيه هي أفضل الحلول لخامنئي لأنها، على أقل تقدير، تكتفي بشرطي الفقه والعدل في نائب الإمام، ولا تشترط  فيه العصمة أو النص الإلهي أو الإنتساب لآل البيت. وقد دعم دعوة خامنئي هذه، آية الله جنتي بقوله "يجب على الشيعة أن يتبعوا خامنئي خلال فترة غيبة المهدي بإعتباره الولي الفقيه مثلما كان الإمام علي حامي حماة الإسلام القرآني المحمدي فاليوم يقوم خامنئي بنفس المهمة وإلا إنتهى الإسلام". بمعنى اصبح مصير الإسلام بيد خامنئي وسينتهي في حال مخالفة خامنئي!
وأطرف بدع أنصار خامنئي جرت على يد حليفه آية الدجل (محمد سعيدي) إمام جمعة مدينة قم، فقد خرج لنا برواية تشابه حديث السيد المسيح، عليه السلام، وهو في المهد مدعياً بأن آية الله خامنئي كان قد نطق عند ولادته كلمة (يا علي) وليس يا الله. مستندا إلى رواية حكتها، أو حاكتها، أخت خامنئي لأبيه. وملخصها "أن أخته ذكرت بأن القابلة التي حضرت ولادة مرشد الثورة خامنئي بعد سماعها الطفل القائد يكرر عبارة (يا علي) بصوت عال، صاحت: يحميك علي بن أبي طالب".
لا تستغربوا دجل سعيدي مطلقا! إنه نوع من ردً الجميل للخامنئي فقد عيَّنه إماما لمدينة قم، وقلَّده مناصبا أخرى كرئيس المجلس الثقافي للمحافظة، ورئيس لجنة إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإدارة مكتب ضريح فاطمة المعصومة.
بالطبع إنتهز نجاد هذه الفرصة الذهبية لتحريض رجال الدين ضد خامنئي.بل اعتبر أنصار نجاد إن هذه الدعاوى بمثابة إعلان حرب عليهم. فقد ذكر (مصباح يزدي) الذي يعتبر الأب الروحي للرئيس محمود أحمدي نجاد "إنهم يجرُّون إيران إلى حرب مفتوحة".
يعتبر مستشار نجاد (رحيم مشائي) اللاعب الرئيسي (الجوكر) في الحملة ضد خامنئي من الناحيتين الدينية والسياسية، فهو مصدر ثقة نجاد العمياء ويعوِّل عليه في تأليب رجال الدين ضد خامنئي، كما إن إصرار نجاد على ظهور الإمام المهدي قريباً (إنك في عصر الظهور) من شأنه أن يستقطب رجال الدين والسياسة إلى صفه، ولاسيما المنتفعين والإنتهازييين منهم، وهي الصفة الغالبة على رجال الدين والسياسة في إيران. على إعتبار إن ولاية الفقيه بظهور الإمام الغائب تلغي ولاية نائب الفقية الحاضر شرعا ودستوريا. ومن شأن إستمرار الغيبة دعم حملة خامنئي وتعزيز موقفه إتجاه بقية المراجع الدينية. لذلك كانت ثمرة سقطة مستشار نجاد بظهور المهدي (يوم السبت من العام الماضي) في سلَّة خامنئي. كما إن ثمرة محمد سعيدي بأن خامنئي تحدَّث وهو في المهد قد سقطت في سلَّة نجاد.
أخيرا رحل نجاد ولم يأتِ الغائب! فمن سيكون حلقة الوصل القادمة بين الغائب والحاضر؟ ومن سيُقيم عمل الحكومة والبرلمان الإيراني؟ ومن الذي سيوقع على الأوامر الحكومية وتعيين الوزراء؟ وهل سيحضر المهدي مع الرئيس الجديد حسن روحاني في إجتماعات الأمم المتحدة؟ أم يتركه لوحده يتخبط في الوحل الإيراني؟ لأن صداقته فقط مع نجاد!
سنشهد خلال الخريف الإيراني الدائم تساقط المزيد من الأوراق المهدوية الذابلة. فهل سيستفيد منها الشعب الإيراني لصنع ربيع قادم بلا غيبيات ولا متاهات ولا شعوذات، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة!

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..