موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

ما المواضع التي انحرفت فيها الأمم المتحدة عن الطريق الصحيح؟

وجهات نظر
آيلين كوجامان
أنشئت الأمم المتحدة عام 1945 في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، واجتمعت كافة الدول على هدف واحد وهام وهو «حماية السلام والأمن الدوليين وإقامة تعاون ثقافي واجتماعي». وكان هناك شرط واحد فقط للحصول على عضوية الأمم المتحدة، وهو إعلان الحرب على ألمانيا واليابان. وحتى الدول التي لم تشارك بشكل فعال في الحرب العالمية الثانية، مثل تركيا، جرى النظر إليها على أنها فعلت ذلك. ولعل الشيء المثير للسخرية حقا هو أن يجري تشكيل مجلس سلام على أساس «الحرب»!

وقد فرضت الحرب العالمية الثانية ضرورة لإقامة مثل هذا الاتحاد، ولا سيما بالنسبة لتلك البلدان التي شاركت في الحرب. وكانت البلدان الخمسة المؤسسة لمجلس الأمن والتي لها حق النقض (الفيتو) دولا حليفة آنذاك. ولم يراع أحد - أو ربما كان يمكن أن يراعي - أن هؤلاء الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية كانوا بالفعل يمثلون جبهتين مختلفتين تماما.
هذه النقطة التي لم تراجع في وقت لاحق تسببت في مشكلة للأمم المتحدة والعالم برمته، في ضوء امتلاك الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن للأمم المتحدة - بريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين - لحق النقض على كافة القرارات، علاوة على أن استخدام حق النقض من قبل أي دولة من هذه الدول الخمس من شأنه أن يبطل قرارات الأمم المتحدة. ولذلك، فإن البلدان التي كانت تمثل تحالفا خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنها باتت في وقت لاحق تمثل جبهتين مختلفتين أثناء الحرب الباردة، لا تتفق على أي شيء تقريبا، فدائما ما يجري حظر القرارات المتعلقة بإسرائيل بسبب الفيتو الأميركي، في الوقت الذي يجري فيه حظر القرارات المتعلقة ببلدان الستار الحديدي أو الديكتاتورية الماركسية البعثية بسبب الفيتو الروسي والصيني. ونتيجة لذلك، أصبحت الأمم المتحدة غير قادرة على اتخاذ أي تدابير لتحقيق الاستقرار في أي منطقة غير مستقرة، حيث عادة ما لا تخرج القرارات عن مرحلة الإدانة والشجب. صحيح أن هذه المنظمة التي توحد العديد من الدول ولديها قوة سلام تتلقى تدريبا رائعا، هي قوة كبيرة ورئيسة في العالم، ولكن منذ تأسيس الأمم المتحدة، قد نمت الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل كبير، حتى في البلدان التي ذهبت إليها قوات الأمم المتحدة كقوة إنقاذ. وفي الآونة الأخيرة، فشلت الأمم المتحدة، التي تقف مكتوفة الأيدي، في مواجهة الحرب الأهلية في سوريا.
ما المواضع التي حادت فيها الأمم المتحدة عن المسار الصحيح؟ يجري اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن الدولي من قبل خمس دول فقط، ومع تغير ميزان القوى في العالم وعجز تلك الدول عن الاتفاق مع بعضها البعض، تواجه الأمم المتحدة أحد أكبر المآزق التي تعطل عملها بالأساس. لكن فيما وراء ذلك، يتمثل أكبر عامل أدى لهذا الفشل في خطأ ربما يكون قد وقع فيه العالم بأسره، ألا وهو محاولة إنهاء حروب بالمزيد من الجنود والأسلحة.
دائما ما كان للحروب والنزاعات سبب. تنشأ الرغبة في قتل الطرف الآخر على حتمية من اعتقاد أو آيديولوجيا. بالنسبة لشخص عادي، لا يقل شخص يهاجم قرى ويقتل أبرياء، أو شخص يربط حزاما ناسفا حول نفسه ويفجر نفسه في مطعم، أو شخص يقتل شعبه بأسلحة كيماوية، عن كونه وحشا. لكن بالنسبة لمتطرف يعتقد أن الدين يأمر بالوحشية، أو فاشي يرى أن المجتمعات يمكن أن تتقدم من خلال إبادة جماعية، أو ماركسي يؤمن بأن الشيوعية سوف تسود العالم من خلال الحرب، ربما تبدو مثل هذه الأفعال معقولة تماما. الأمر المهم هو تصديقهم الفعلي لها. بعبارة أخرى أن يطبقوا ما يعظون به.
من ثم، تكمن المشكلة في معتقدات البشر، لا في الأسلحة التي يحملونها. بإمكان الأمم المتحدة أن ترسل قوات لمحاربة كل أنواع الوحشية في إحدى المناطق، وتستطيع أن تعلنها كمنطقة خالية من الأسلحة. تستطيع القوات ذات القبعات الزرقاء أن تستعرض نفسها في كل مكان في الشرق الأوسط، ولكن ذلك ليس حلا. فيتعين على الأمم المتحدة أن تركز على أسباب الحروب؛ نظرا لأن الأسباب عادة ما تتمثل في اعتقاد أو آيديولوجيا، فلا يمكن أن يكون الحل سوى اعتقاد أو آيديولوجيا صائبة. بعبارة أخرى، تعليم علمي.
المتطرفون لا يهابون أن توافيهم المنية أو أن يقتلوا، ولكنهم يخشون الأفكار. الماركسيون لا يخافون الأسلحة، بالفعل، فهم يشبون عليها، لكنهم يخشون الأفكار. كلمات ستالين عن هذا الموضوع ذات مغزى: «الأفكار أقوى من الأسلحة. لم ندع أعداءنا يملكون أسلحة، إذن، لماذا يجب أن نسمح لهم بامتلاك أفكار؟» («مختارات تاريخية وأدبية وسياسية» روبرت توريتشيلي، ص 121).
بالطبع، تعتبر الأفكار أقوى من الأسلحة، وهي ترعب جميع هؤلاء الذين يريقون الدماء، لأن كل من يريق دماء يعلم أن أحد مؤيديه الذين فقدوا الإيمان بآيديولوجيته سوف ينبذون القضية على الفور. ولهذا، دائما ما يعتمد المتطرفون على الهراء، ويتجنبون الناس والمصادر التي تعلم حقائق الدين. ولهذا، كان أول الإجراءات التي اتخذها لينين إغلاق كل المؤسسات الصحافية والسماح فقط بتوزيع صحيفة «البرافدا»، التي تنشر الدعاية الشيوعية، وحبس أو قتل كل هؤلاء الكتاب الذين عارضوا الشيوعية. سوف يحاربون قوة مسلحة بكل ما أوتوا من قوة، لكن لن يستطيعوا مقاومة الأفكار.
لذلك السبب، تحتاج دول الأمم المتحدة للاتحاد معا والاتفاق على برنامج تعليمي يمثل أهمية للعالم. تتطلب جهود مكافحة التطرف تعاونا فعالا مع المسلمين المتعقلين والمستنيرين. ينبغي النهوض بالأنشطة العلمية المناهضة للمادية ضد كل الآيديولوجيات الماركسية بأسلوب على درجة عالية من الفاعلية. وحتى إن كان وجود روسيا والصين في الأمم المتحدة يجعل إمكانية النهوض بمثل تلك الأنشطة العلمية مهمة صعبة، فإنه من الممكن أن يجري دعم نشاط علمي يهدف لمساواة الماركسية بالوحشية من قبل الرئيس الروسي بوتين، الذي لا يؤيد الماركسية أو الحرب.
الأمم المتحدة قوة كبرى، لكن ينبغي توظيفها بشكل جيد. تحتاج لأن تكون موجودة كقوة وقائية في الأوقات العصيبة، لكن عليها أيضا أن تدرك أن القبعات الزرقاء لا يمكن أن تحل المشكلات كافة. يجب عدم نسيان حقيقة أن المشكلة تنبع من الأفكار، لا من الناس. ما دامت هناك فكرة خاطئة، فستفضي حتما إلى أناس خاطئين. إذا أرادت الأمم المتحدة بحق إرساء السلام في العالم وأن يكون النجاح حليفها في ذلك الهدف، فإنها بحاجة لتغيير أساليبها. فعليها التركيز على الأفكار الخاطئة، لا على الأشخاص الذين جرى تضليلهم.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..