ملاحظة تمهيدية من الناشر:
ربط بعض السادة القراء، في تعليقات وردت هنا، بين حادثة قتل المصري حسن شحاته، بالطريقة المعروفة، وقتل الضحايا العراقيين حرقاً، لأسباب ودوافع طائفية لا علاقة لها بإحقاق حق أو رد باطل، أو انتصافٍ لمظلوم، وهذه المقالة، التي ننشرها في أدناه، رد مباشر على فكرة الربط بين الموضوعين، وهي فكرة غريبة ولا مبرر لها، كما سيتضح، وقبل الدخول في التفاصيل، أجدني ملزماً بتقديم بعض الملاحظات الجوهرية:
1. ما يجري في مصر لا علاقة له بما يجري بالعراق، إلا بقدر إشتراك إيران أو العدو الصهيوني بالموضوع.
في موضوعة قتل شحاته تتواجد إيران هناك كما تتواجد في قتل وحرق الضحايا العراقيين، لكن ما لم نسمع إستنكاراً رسمياً (من الأحزاب في السلطة) أو شبه رسمي (من الإعلاميين المعروفين والفضائيات الموتورة تلك) فليس هناك قيمة لمحاولة ربط إدانة هذه الجريمة هنا بما جرى في مصر. العراق يحتاج أن يسمع رأي العرب بما يجري على أرضه فكلهم نهلوا من خيراته وقت عزته وقوته لكنهم اليوم لا شغل لهم بما يحصل فيه من جرائم وإنتهاكات، إلا من رحم ربّي.
2. حادثة قتل شحاته أمر داخلي متروك للقضاءالمصري وفق القانون ووفق الشرع، هذا إن شئنا أن نحكي كما هي لغة العالم ومنطقه بسيادة القانون، لكن في ظل الفوضى التي تضرب مصر منذ سقوط مبارك حيث هتك الأعراض بالشوارع والشرطة التي يفترض بها حفظ النظام وحماية الناس هي المتهمة بهتك أعراض المعتقلين كأسلوب ونهج في التحقيق، والأوراق مختلطة بين معارضة وثوار وفلول وعملاء إيرانيين ومتسرِّبين من حماس وحكومة تقدمت بالإعتذار من حكومة الملالي على قتل مواطن يفترض أنه مصري تم قتله من قبل مصريين مثله، فهل نما لعلم أحد أنّ دولة تعتذر من دولة في قارة أخرى ويفصلهما بحر أحمر وخليج عربي وآلاف الكيلومترات، على مقتل مواطن تابع لمن يعتذر لا لمن يُعتذر منه؟ هل لشيء إلا لكون المقتول تابعٌ لإيران بشكل ما، كما لو كان موظفاً بالسفارة الإيرانية بالقاهرة وتم قتله من قبل مواطنين مصريين!؟ في هكذا حال من (الطبيعي) أن نجد الناس يتصرفون كما حصل في قرية حسن شحاته وينفذون قرارهم بحقه كما يقتنعون. السؤال هنا هو: هل نحن ملزمون بإبداء الإستنكار تجاه قتله من قبل أهل قريته؟ الجواب هو: هل هم ملتزمون بإستنكار ما حصل هنا ويحصل؟ إنه مبدأ المعاملة بالمثل في أبسط أحواله!
3. لا يمكن إجراء نظرة مجتزأة لموضوع كهذا بحيث نعامل شحاته كضحية ونقفز فوق الحقائق من حيث كونه مجرماً. من يتحدى مشاعر أمة الإسلام كلها بجزئها الأكبر (والأكثرية هي التي تسود وفق مبادئ الديمقراطية) فهو يتحمل المسؤولية، وهذا ما أسميه (دور الضحية في إستجلاب البلاء على رأسها).
النظرة المجتزأة تشبه نظرة الذي يرى نصف الصورة: لو تم قتل حسن شحاته لكونه شيعياً فحسب لكانت جريمة، ولكانت جريمة مناظرة لجريمة قتل السنة في بغداد لمجرد كونهم سنة. لكن نحن نتحدث عن رجل حالته يعبر عنها المثل المشهور (عنز أسود في قطيع خرفان بيضاء) خرج عن إجماع الأمة وأعراف المنطقة بتنظيم حفلات متعة حمراء في منطقة ريفية. رجل تحالف مع الخبيث خاسر الخنيث وطعن على الهواء بشرف زوجة الرسول، صلى الله عليه وسلم، التي تمثل رمزاً مقدساً عند أهل السنة (الأكثرية بالعالم بين المسلمين: مرةً أخرى) وربط نفسه ببلد موتور التوجهات يقف وراء كل مؤامرة تحدث في العراق وفي مصر وسوريا ولبنان والسعودية ولبنان والبحرين واليمن والمغرب العربي.. كم يلزم بعد لإدانة هذه الدولة المارقة عن الدين وعن الإنسانية، هي ومن يربط نفسه بها؟ هكذا تصرف من جانب (المسحول) يستلزم عقوبةً لا تقل عن عقوبة الشعراء المذكورين في (4) أدناه: عقوبته متروكة لأهل الفقه والقضاء في بلده وإلا فهو قانون المنطقة الوضعي كما يحصل في كل مكان، وتبقى النقطة المهمة هي أنه مجرد (بيس نفر) لا يعني للعراق وللعراقيين شيئاً.
4. قد يرى البعض أن ترك هكذا شخص هو افضل من ملاحقته ومحاسبته وقتله، لكن التاريخ الذي نعرفه يورد لنا قصصاً مماثلة عن شعراء من المشركين في مكة ممن تناولوا شرف الرسول بأشعارهم الداعرة، مثل كعب بن زهير وهبّار بن الأسود وآخرين، حيث أهدر الرسول، صلى الله عليه وسلم، دمهم، وتعلق بعضهم بأستار الكعبة عقب فتح مكة ورغم أنه، صلى الله عليه وسلم، عفا عن أحد الذين سبق أن أهدر دمهم، عبدالله بن سعد بن أبي سرح، كونه جثا أمام الرسول طالباً العفو فهو، عليه الصلاة والسلام، عاتب صحابته على أنهم لم يبادروا لضرب عنقه إستباقاً للموقف وإنفاذاً لقراره بهدر دمه. أولئك الشعراء لم يفعلوا أكثر مما فعل حسن شحاته: للمقارنة فحسب! فحكم الرسول، صلى الله عليه وسلم، هو فوق كل قوانين الأرض هذه ويشرّفها.
المحرر
.........
فبأي آلاء ربكما تُكذبان!
وجهات نظرأبوالحق
أن تجد (شيعياً) عراقياً يختلف بالرأي مع (سنّي) عراقي بخصوص حديث نبوي أو آية قرآنية أو معتقد سياسي أو معلومة تاريخية، أو مذاق طعام حتى، فتلك هي عين الحياة العراقية وإثبات كونك تتحدث عن مشهد عراقي 100%، وهو الإختلاف الذي قيل فيه انه رحمة. ولا أراه من جانبي إلا نقمة نزلت على هذا البلد ومن إختيار أهله لا من السماء.. أفضل من حال الإختلاف هذا وإزدواجية المذاهب هذه هو أن يكون هناك مذهب واحد لا مذهبان. الأفضل من ذلك حتى هو ألا يكون هناك أي مذهب بالمرة!
الإختلاف كائن في كل شيء تقريباً وصولاً لقياس قُطر عقال الرأس وأسلوب التنزه من البول، وهو لا يعيب ولا يغيظ، فأنت إن إنتبهت لحالك مع إخوانك لوجدت أن ما يجمعك بهم أقل بكثير مما كنت تتمنى قبل تحوّلكم لتكوين عوائل مستقلة والسكن في بيوت منفصلة. الحياة تتفرع كأغصان الشجرة، كل منها يذهب في إتجاه بخلاف الساق والجذور: هذا هو الإختلاف الذي لا بد منه وهو ما يمكن أن يكون محموداً لا ما نراه اليوم ونسمعه في مشهد طائفي مثير لكل مشاعر البغضاء! أن تختلف مع شريكك بالمواطنة على ما لا يقبله الله ورسله فتلك مختلفة جداً ولا أراها من (الزينات).
آخر وأحدث الإختلافات هو موضوع حرق من قيل فيهم إنهم إرهابيون محتملون أو مشتبه بهم، فتلك منذ ظهرت على الساحة العراقية مؤخراً (وقد سبقتها ممارسات حرق بهيئة أقبح لكنها لم تأخذ حصتها من الإدانة والعقاب ولا الرد المقابل ولنا في هذه بالذات حديث آخر نهاية هذه المقالة) والآراء المتضادة تسحب كلّ منها لجهةٍ من الجهات:
السنة يقولون إنها عمليات قتل وحرق غوغائية مدعومة بالشرطة الطائفية مبعثها طائفي بحت، فيما يدافع بعض الشيعة بأنّها ردود أفعال غير مسيطر عليها تعقب مشاهد دموية هي تفجيرات لأسواق أو مقاهٍ أو حسينيات. هو إختلاف آراء مفهوم بغياب المعلومات الصحيحة وبوجود الإعلام الطائفي والحكومي المضلّل. أين وجه الغرابة إذن؟
الغرابة هي في رأي ثالث لا ينتمي للسنة ولا ينتمي للشيعة (أعرف لمن ينتمي بحقيقته)، الغرابة أن تجد من يربط بين إستنكار حرق أولئك الأشخاص وضرورة عدم إستحسان قتل وسحل حسن شحاطه المسجل في النفوس المصرية بإسم حسن شحاته وهو من الخسرين أعمالاً ويحسب أنه يحسن صنعاً!
هل هناك من وجه مقارنة بين الحالتين؟
منذ 10 سنوات والعراقيون يتساءلون عن مصير التحقيقات، التي جرت بزعم الحكومة، في جرائم إرتكبت بحق المعتقلين والمعتقلات، وحوادث تفجير كمرقد علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، وتفجيرات الوزارات، ناهيك عن كل التفجيرات التي إستهدفت الأسواق ومساطر العمال والمطاعم ومواكب زيارات الشيعة وغير ذلك كثير:
أين هي نتائج التحقيقات؟
من هم المتورطون الفعليون؟
من هم الذين كانوا يدعمونهم ويرسلونهم ويمهدون لهم الطرق؟
في ظل هكذا مطالب منطقية وعادلة وملحّة لا يُعقل أن يصار لقتل الذين يتم القبض عليهم بالجرم المشهود. السيناريو الأقرب للعقل السليم هو إعتقالهم وهم على قيد الحياة ما أمكن لذلك من سبيل لعل التحقيق وحمامات الأسيد وهراوات تحطيم الفقرات وجلاوزة هتك العرض وبقية وسائل الإستنطاق، لعل ذلك كله يقود لتعقب منابع الإرهاب التي يحكون عنها ويبغون تجفيفها.
هذا الذي يحصل من تسليم الشرطة للضحايا، أولئك، بيد الرعاع من الغوغاء لا يتفق مع السيناريو العقلاني أعلاه ولا يعني سوى براءة الضحايا من فرية التورط بعمليات تفجير تجمعات الشيعة، ولا يعني سوى كون الضحايا مجرد أكباش محرقة يراد لهم أن يحولوا وجهة الغضب صوب المكوِّن السني ممثلاً بهؤلاء، لتنجو (الشرطة) المجرمة من المحاسبة كما ذكرنا من قبل.
في هذه الحالة يثار تساؤل آخر:
هل التفجيرات تلك هي من عمل منظمات إرهابية (يربطونها بالسنة دوماً) كما يزعمون أم هو من عمل ميليشيات (صفوية) تبتغي إثارة الفتنة، وتلك تصريحات الخنزير الصفوي قيس الخزعلي قد سبقت هذه الأحداث وتوسَّطتها وهو يتوعد بإثارة المواجهة الطائفية رداً على عدم توصل من يمثلون العرب السنة في البرلمان والحكومة إلى تفاهم وتوافق مع من يقابلونهم من أحزاب الشيعة؟
يبدو جلياً أن السيناريو الثاني هو الأقرب للتطبيق والهضم! إن كان قيام شخص (سني المذهب) بتفجير تجمع شيعي (هو معسكر تجنيد لجيش البطاط في حسينية الكسرة وليس تجمعاً مذهبياً جعفرياً كما أشيع) يعطي الحق للغوغاء بقتل وحرق من يقع بأيديهم عقب التفجير، فمن حق (أهل السنة) قتل أي (شيعي) يقع بأيديهم مقابل كل (سني) يتم إعتقاله وفق مبدأ (الكرف)، فالفتنة التي سيلاقيها في الإعتقال هي أشد من القتل بوصف الآية الكريمة! ومقابل كل رجل دين (سني) يتم إغتياله. وبهذه الحالة تتحقق الفوضى التي لا تخدم سوى حكومة المالكي من جهة (كونها ستدفع الرعاع للتحلق حوله والتشبث بإنتخابه لمرة ثالثة كما يخطط ويعلن) وتخدم أهداف حكومة الملالي الساعية لتفتيت العراق واستعادته كما هو الحلم المجوسي.
حسن شحاطه، موضوع المقالة والذي تم قتله وسحله قبل شهور إثر ما ظهر أنها حفلات متعة نظَّمها في بيته بقرية أو كفر من الكفور المصرية، شحاطه ذاك دفع ثمن تجاوزه على أعراف المنطقة إذن وليس تشيعه كما فهمها صرب البوسنة هؤلاء! ليس هناك ريف عربي إسلامي يسمح لهكذا (تلّخانه) بالحدوث! لسنا في السويد حيث تم تشريع قانون يتيح لمن يمارسون (العادة السريّة) في العلن أن يفعلوا آمنين مطمئنين! في إيران التي ربط السفيه نفسه بها، كما يربط أي نغل نفسه لغير أبيه الحقيقي، لا يسمحون بتسمية المواليد إلا من ضمن قائمة محددة: هل تعتقد أنك تستطيع تسمية إبنك هناك بإسم بكر أو عمر أو عثمان أو مروان أو يزيد؟ وإن سألت هناك تحت أيّ بند من بنود الشريعة الإسلامية تم إتخاذ هكذا قرار وهم من يسمّون دولتهم المجوسية بالدولة الإسلامية، للطموك على فمك وجعلوك تبتلع علامة الإستفهام وأختها علامة التعجب! فكيف يمكن تصوّر ممارسة (المتعة) في قرية بصعيد مصر وأن تمر دون عقاب وردع؟ أضف لها تهجم السفيه (في لقاء هاتفي مع قناة صفوية معروفة) على عرض الرسول في فلم موثق على اليوتيوب، إنه تطبيق لمقولة "من أمِن العقاب أساء الأدب"! وما هو فرق فاطمة عن عائشة؟ تلك قدس الشيعة من بين النساء وهذه قدس أهل السنة، بل كلاهما قدس المسلمين، ولا داع للمقارنة أكثر من هذا كي لا نخوض بأفضلية فلانة على فلتانة وننزل لدرك المتخلفين ممن يستأثرون بدور السماء ويقيمون يوم الحساب كل ساعة من قبل الأوان وهم يصرفون الصحابة للنار والأئمة للجنة وعلى هواهم!
إعكسوا الصورة وتصوروا يوسف القرضاوي يهين فاطمة، حاشاها، ويصفها براكبة البغل والمتباكية على فدك. هل كانوا ليتركونه دون هدر دم وتفجير سيارته بعبوة لاصقة؟
عندما تعرَّض سلمان رشدي في الثمانينات لشرف زوجات النبي برواية كلها تهتك وطعن بالشرف الرفيع عمد المجوسي خميني لإهدار دمه، وتسبب هدر الدم للكاتب الهندي ذي وجه النعال بـ(ضرر كبير) حيث ضاعف مبيعات روايته بمئات الأضعاف وجعل منه شخصية عالمية ونداً للإسلام ككل، عدا عن زيادة أرباحه بشكل ما كان ليكون لولا تلك الفتوى الخبيثة، لقد أصبح فارساً بقياس الملكة المتعفنة في قصر بكنغهام: كذا يفكر المجوسي خميني، كذا يدسُّ السم في العسل! لكن أتباعه في الوطن العربي بقوا يمعمعون كالخراف الغبية ويشيدون بقراره ويعتبرونه خير رد وأشرف إجراء! ما فرق سلمان رشدي عن حسن شحاطه من حيث الجرم ولا أقول القيمة العالمية أو الأدبية، وكلاهما إستهدف عرض النبي من خلال شرف زوجاته؟ ومع هذا فقد وجدنا مؤخراً من يطالب بإتخاذ نفس الموقف من قتلة حسن شحاطة في مصر هي أبعد عن مصيبتنا مما كنا نرتجي، فحكومة مرسي عمدت لبناء علاقات مع حكومة المزبلة الخضراء من فورها، ذاك الذي تم إغتياله. كيف يمكن ربط هذه بتلك؟ وما دخلنا بمصر بل ما دخلنا بنفر مصري إسمه حسن شحاته؟ وفي بيئة كبيئتنا العراقية تشهد حرق البشر إبتداءً من الشباب الذين تم إحراقهم في منطقة جميلة أمام حشود الصفويين المهللة لـ(آل البيت) مطلع عام 2006، مروراً بمن تم حرقهم أحياءً خلف السدة في مدينة الشعب أو المخطوفين الذين تم شيّهم وهم أحياء في تنور الزهرة في بوب الشام أو أبناء المشاهدة الذين تم إغتيالهم وقطع رؤوسهم ومن ثم شيّها على منقلة الفحم في مدخل مدينة الحرية الثانية في خضم الرد الطائفي على تفجير سامراء عام 2006.
ماذا تعني مطالب ربط إستنكار وإدانة وتجريم حرق الأبرياء العراقيين بدون محاكمة مع تجريم قتل تافه مصري لا يعدل شريط الحذاء مثل حسن شحاطه ذاك؟
ضحايا الحرق هؤلاء هم عراقيون (من أبناء المذاهب السنية) تم تقديمهم كبش فداء مقابل إخفاق الشرطة الساقطة في واجباتها، تم إسكات الغوغاء المرتعبين والثائرين من خلالهم كي لا يصار لتقصير الشرطة والجيش كما ينبغي، بينما حسن شحاطه متجاوز على شرف النبي، صلى الله عليه وسلم، مجاهر بذلك، عميل لدولة أجنبية تعمل على تخريب النظام في بلده والبلدان المجاورة، كيف يمكن عقد مقارنة بين الحالتين؟
ضحايا الحرق هم عراقيون تربطنا بهم كذا رابطة، حسن شحاطه خنزير بعيد لا يعنينا ولا يشابهنا بجيناته أو قيافته، حتى لو أخذنا الموضوع بنفس الطيبة (ربما يسميها البعض فطارة) التي يسمونها (حقوق الإنسان) فنحن لم نسمع من مصر أو من حوزات العراق الدينية الشيعية بأية إدانة لمقاتل (أهل السنة) تلك عقب تفجير مرقد سامراء! لم يتجرأ أحد منهم على كسر حاجز الصمت المخزي ليستنكر تلك الجرائم! فكيف يمكن تصور طرح الموضوع الشحاطي ذاك على طاولة (حقوق الإنسان)؟
هل تبرعت الحكومة المصرية ووسائل الإعلام سواء في عهد مبارك أو عهد مرسي، لتوقيع إدانة جماعية بحق مرتكبي تلك الجرائم كي نعتبر حسن شحاطه (من بقية أهالينا) فننتصر له ونعتبر مصرعه (مسطرة) للحكم على كل الجرائم التي تجري في العراق من خلالها؟
ناصر الغنام المجرم المرتد والمسؤول عن جرائم بحق العراقيين (السنة) بالذات في أبي غريب والموصل واللطيفية وما جاورها، عائلته تقيم في مصر آمنة مطمئنة، ولولا أنه قد إستودعها في أرض الكنانة لما تجرأ على الفتك بالناس هنا، مرةً أخرى هي مقولة "من أمن العقاب أساء الأدب".
هل باتت مصر في هذه مستودعاً لكل نذل ولص ومجرم طالما لديه (مصاري) ينفقها على العواهر ويقوي إقتصاد البلاد بتوظيف المال الحرام الذي نقله معه؟
لم يتحمل المصريون ولا نقابة محاميهم ولا أزهرهم السكران، لم يتحملوا مسؤولية ملاحقة الغنام (الخسران) وتجريمه وحجز عائلته، أو على الأقل طردهم، لعله يكون عبرةً لمن إعتبر ولعلّ (أهل السنة) في العراق يشعرون أنّ هناك من له قلب يتعاطف مع مصيبتهم هناك بعيداً عبر البحر الأحمر، فعن أيّ شحاطه يتحدث هؤلاء؟
الإنسان مادة لا تفنى ولا تستحدث. الإنسان كتلة ووزن، له لون ورائحة وطعم: قد توحي الفلسفة الغربية بمواقف مثالية من قبيل عدم الرد على القاتل وترك الأمور للسلطة (موت يا جحش علما يجيك العلف)، كذا شهدنا مئات الآلاف من البشر في آسيا وأفريقيا وفي وسط أوروبا كذلك، يموتون قتلاً وحرقاً وتقطيعاً بينما العقل الغربي يلملم شتات أفكاره ويحسبها بحاسبة الخرز تلك ويرتجي توافق البرلمانات والحلفاء كي يشرع بفعل شيء يوقف المجازر.
هي فلسفة ومبادئ، كلها، وليدة ترف فكري وفرط دعة وسكينة بعد حروب تاريخية قديمة وعالمية تركوها خلفهم، لكنها إستدارت وغافلت الكل فاستقرت لدينا. نحن اليوم نعيش الحرب العالمية الثالثة حيث العالم كله يصطرع على أراضينا ويحركنا كبيادق لمحرقة تنفعه هو لا نحن. هكذا مشهد لم يعد يتفق مع فرط الفلسفة تلك، نحن بصدد فلسفة تتفق مع واقعنا المرير، وفي عراق اليوم هذا من عدم هذه الصفات فقد غادر إنسانيته وعراقيته!
نحن لا ندعو للقتل ولا نشرعنه، لكننا نطالب بالقصاص العادل.. (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق