وجهات نظر
مكي النزال
منذ سنين وأنا اقرأ وأشاهد وأسمع صراخ كتابنا وسياسيينا ومثقفينا ومحللينا عن دور إيران في العراق وكون إيران اللاعب الأساسي والمسيطر الأكبر على المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في بلد تسوده الفوضى ويسيطر عليه الفساد والاضطراب في ظل احتلال دمَّر فيه كل شيء.
كنت قد حذرت في عدة لقاءات تلفازية من انحراف البوصلة باتجاه الضرر الإيراني ونسيان المسبب الأول وصاحب الدور الأكبر المستمر في العراق الذي هو الاحتلال الأمريكي وأن اي طرف آخر مهما كان فاعلاً ما هو إلا ذراع لهذا الاحتلال الذكي الذي ظنه الكثير منا غبيًا حين انطلت عليهم لعبته بسبب تسخيره للإعلام والسياسيين وقدراته الهائلة في الإقناع وجر الأفكار لما يشاء.
بعد أن خرَّب هذا الاحتلال ودمر وفكك وأجرم وأمعن في جرائم الإبادة وإشاعة الفوضى كان لا بد له من تقديم (شماعة) يعلق عليها فعلته النكراء وكان قد جهز هذه الشماعة سلفًا وقبل ان يفكر في غزو العراق وتنفيذ مخططه الرهيب فيه. فالولايات المتحدة دولة استعمارية خطيرة وليست تحبو في عالم السياسة الامبريالية، وكونها الدولة الحاكمة المنفردة بحكم العالم لم يأت من فراغ.
كل ما تقدم لا يعفي إيران من لعب دور سيء بكل المقاييس في العراق فهي تقود المشروع الطائفي وتدرب وتمول مليشيات القتل وتستبيح العراق من شماله لجنوبه وتعمل على بقائه مضطربًا متخبطًا بالفوضى وتحاول جاهدة أن يقتل العراقي أخاه بسبب العرق والطائفة بعد تعايش دام قرونًا طويلة في ظل حكومات متعددة.
وعلى المحلل أن يعرِّج على أدوار لجهات أخرى بعضها ظل خفيًا والآخر ظهر على استحياء وهي أدوار مكملة للصورة التي رسمها الاحتلال بعناية ومكر، وهي أدوار الكيان الصهيوني وتركيا والدول العربية المجاورة ومصر. هنا يجب التنويه إلى أن العالم لا يسير متفرقًا وإنما يتحرك كمنظومة متكاملة من يرفض الدخول فيها يحل عليه غضب حكام العالم ولا يلبث أن يزال ليحل محله من يرضى بالواقع مهما كان مخالفًا لتوجهاته أو مصلحة بلده.
وعودة على بدء نقول: إن العراق ما زال بلدًا محتلاً وأن البلد الرئيس في هذا الاحتلال هو الولايات المتحدة الأمريكية تؤازره دول العالم بأسره وواهم من يظن أن هنالك دولة تسير عكس التيار وإن ظهر موقف معارض هنا أو هناك فهو موقف مخطط له ومتفق عليه.
نعم..، إيران تحتل العراق وتعمل فيه بجد ومثابرة لكنها ليست دولة قائدة وإنما موجهة لتكون الذراع الضاربة لجسم الاحتلال الكبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق