الجزء الأول هنا
وجهات نظر
علي الحمـداني
5 ـ الرابحون هم الخاسرون
من الصعب بمكان التنبؤ أو إختيار الرابح أو الخاسر
في كل ماجرى ويجري حاليا .
أنظر الى مصير الإخوان المسلمين في مصر وخلال سنة
واحدة . فعندما أجريت الإنتخابات بعد سقوط نظام حسني مبارك ، إجتاح الإخوان طريقهم
(!!) الى مراكز القوى بعد 80 عاما كانوا فيها في الظل ، ثم تمكنوا أخيرا من السلطة
لكي يحاولوا أن يجعلوا من أكبر دولة في الشرق الأوسط نموذجا لحكمهم .
الآن ، أزيحت حركتهم من مراكز القوة ومن الساحة وذلك
من قبل الجيش المصري وأجبرت على العودة للعمل بالخفاء أو مايطلق عليه بتنظيمات تحت
الأرض ، في وقت يواجه قادتها الكبار أحكاما بالسجن قد تكون أحكاما طويلة .
قبل سنة من الآن ، كان الإخوان في مصر يبدون هم
الجهة الرابحة من الربيع العربي .. ولكنهم الآن لم يعودوا كذلك .
ماحدث للإخوان في مصر لم يكن قطعا بالأخبار الجيدة
بالنسبة لإمارة صغيرة ، غنية ، وطموحة كقطر ولكنه كان حتما الخبر الجيد بالنسبة
للشقيق الأكبر في الخليج .. السعودية .!
قطر ساندت الإخوان في الصراع المصري على مراكز القوى
. وفي المراحل الأولى من الربيع العربي وقفت موقفا مشابها في ليبيا في دعم الثوار
. ولا شك أن تلك الإستراتيجية قد حققت تأثيرها الإقليمي .. ولكن ، هل لاتزال اليوم
تعد كذلك ..؟
6ـ
الأكراد حصدوا المنافع
شعب إقليم كردستان العراق قد بدأ ينظر الى مايحدث
ويتصرف كرابح .. وهم ربما في طريقهم لتحقيق حلم طويل وعزيز لتأسيس دولة خاصة بهم .
هم حاليا يعيشون في المنطقة الشمالية من العراق تحت
مسمى الإقليم الكردي حيث يوجد النفط ويعملون على تطوير إقتصاد مستقل يرتبط مع
الجارة القوية تركيا . هم لديهم علمهم ونشيدهم الوطني الخاص وبرلمانهم وحكومتهم
وقواتهم المسلحة .
لاشك أنهم كانوا المستفيد الأول من تكريس التفسخ في
العراق الذي لم يعد ساسته في بغداد يهتمون بالتركيز على مصالح البلد أو النظر الى
العراق كدولة موحدة حتى.
المستقبل الكردي لاشك لن يكون بدون مشاكل ( هناك
أكراد إيران وتركيا وسوريا ) وهي الدول المجاورة لهم . ولكن داخل الإقليم وفي مدنه
كأربيل مثلا فإن عامة الناس من الكرد ينظرون الى مستقبل واعد تملؤه الحرية
والسعادة .
ماحدث في المنطقة الشمالية من العراق ، كان قد بدأ
بالطبع قبل الربيع العربي . لكن ماحدث جعل الأكراد يستثمرون النفع من الفوضى
والمزاجية التي عمت المنطقة واجتاحتها وذلك لتحقيق نوع من التماسك العنصري لدعم
المتغيرات في منطقتهم والتي قد أخذت طريقها .
7ـ
المرأة هي الضحية
بعض نتائج الربيع العربي ( على الأقل لحد الآن )
كانت محبطة فيما يتعلق بالمرأة العربية التي ساهمت بالإنتفاضات . أذكر من خلال
زحام المتظاهرين واعتصاماتهم في ميدان التحرير في القاهرة في البداية ، كانت هناك
الكثير من النساء المتحليات بالشجاعة والصمود والإصرار يطالبن بالحريات والحقوق
الشخصية جنبا الى جنب مع المطالبة بالحقوق السياسية والتغيير .
الشيئ نفسه
حصل في دول عربية أخرى من دول الربيع العربي .. فماذا كانت النتائج ؟
بصراحة ، كانت محبطة وتحول مسارها ليدفع بالمرأة الى
الصفوف الخلفية لا بل سلب إرادتها .
العراق وإن كان ليس من دول الربيع العربي ، لكن وضع
المرأة فيه قد إزداد تدهورا على كثير من المستويات بعد سقوط النظام السابق .
سمعت شخصيا قصصا من هنا وهناك ، الكثير منها يتعلق
بالإعتداءات الجنسية ، بعضها ومن المخزي أنه حدث داخل السجون والمعتقلات العشوائية
.
يذكر تقرير صادر عن " مؤسسة تومسون ـ رويترز
للإستفتاء العام " أن مصر على سبيل المثال أصبحت الأسوأ في حالات التحرش
الجنسي . ويمكن أن ينسحب ذلك على بقية دول المنطقة بدرجات مختلفة . لايزال العنف
الأسري وهضم حقوق المرأة الشخصية والسياسية والإقتصادية علامات فارقة .
8 ـ قوة مبالغ فيها في إعلام التواصل الإجتماعي
في بداية التظاهرات ، كانت هناك الكثير من الإثارة
في الإعلام الغربي في إدارة مواقع التواصل الإجتماعي مثل تويتر وفيسبوك . جزء من
ذلك يعود الى أن بعض الصحفيين الغربيين يعملون أصلا وفقا لأساليب التويتر
والفيسبوك !
هذا الإعلام الإجتماعي له دور بارز في دول مثل
السعودية حيث يَسمح للجمهور بالتحايل على الإعلام الرسمي والتكلم وفق مواقع
التواصل الإجتماعي مما يظهر الإعلام الرسمي أقل ذكاء أو إعتبار هذه المواقع أكثر
حرية في التعبير .
كان لهم دور أيضا في بداية الإنتفاضات بين الطبقات
المثقفة والليبراليين ، وكانت وجهات نظر هؤلاء غالبا مبالغ في طرحها ونشرها .
هؤلاء الليبراليون العلمانيون تغلبوا في صناديق الإقتراع أولا ثم غلبوا لاحقا ،
وأنا أتكلم عن مصر أيضا ، والسبب أن القنوات الفضائية وإعلامها يبقى صاحب الدور
الأهم في التوجيه الشعبي في بلاد الكثير من الناس فيها لايجيدون حتى القراءة ناهيك
عن إستخدامات الأنترنيت .
قصة باسم يوسف جراح القلب المصري الذي أثّر وبشكل
واضح على الإعلام والخبر التلفزيوني المصري حين بدأ بوضع نتاجاته على الأنترنيت
وتحول بعد ذلك الى ظاهرة عالمية حين إنتقل الى قناة تلفزيونية .
كان باسم يوسف كمن يسحق إعلاميا النظام القائم بشكل
مقصود ولفترة معينة !! وقد فعل الشيء نفسه مع سلفه النظام الإسلامي .
يقول إن المصريين يحبون الضحك ولكن قادتهم لايحبون
أن يضحك عليهم ..
واختفى بعد ذلك بسام يوسف وتوقف من الظهور على
الهواء كإعلامي من عصر إعلام التواصل الإجتماعي .!
9 ـ
سوق العقار في دبي أعاد توازنه
تداعيات الأحداث في الشرق الأوسط لازالت بعيدة وراء
حدود البلدان التي وقعت فيها الأحداث أو
هكذا يقال .
هناك حقيقة اليوم تقول : أن سوق العقارات في دبي بدأ
بالإرتفاع من جديد بعد أحداث الربيع العربي ، وبعد فترة جمود طويلة شهدتها تلك
السوق .
الجواب إذاً ممكن أن يكون : أن تداعيات الأحداث في
بعض بلدان الشرق الأوسط لم تعد بعيدة عن أماكن وقوعها .
أثرياء البلدان المضطربة بربيعها العربي ، أو تلك
التي شهدت تغيير أنظمتها السياسية كالعراق ، أو حتى وجوه من الأنظمة الجديدة مثل
مصر ، ليبيا ، تونس ، سوريا ، بدأوا يبحثون عن ملاجئ آمنه لثرواتهم القديمة ـ
الجديدة .. وحتى أفرادا من عوائلهم وأقربائهم سلكوا نفس الطريق .
أحد أفضل الطرق عربيا من حيث المعالم هو سوق دبي
للعقارات .
ونفس الشيئ ينطبق اليوم على أسواق العقارات في لندن
وباريس ..!! نهوض بعد هبوط إستمر لسنوات .
10 ـ
العودة الى الخرائط القديمة
خريطة للشرق الأوسط كانت قد رسمت من قبل بريطانيا
وفرنسا ، والحرب العالمية الأولى كانت لاتزال مشتعلة ( 1914 ـ 1918 ) أي قبل حوالي
قرن من الزمن . يبدو لي أن معالمها لازالت غير مكشوفة بالكامل بعد كل هذه السنوات
ومتغيرات الأحداث فيها .
دول مثل سوريا والعراق ، كانت قد رسمت آنذاك
بالوضعية التي هي عليها الآن ، ولكن لا أحد يعرف إن كانت ستبقى على وضعها الجغرافي
الحالي بعد خمس سنوات من الآن أم لا ..؟!
لا أحد يستطيع أن يفعل الكثير من أجلها الآن أيضا .
حرب إحتلالية في العراق ، وحرب أهلية في سوريا .. فماذا كان مقابل كل ذلك ؟
ليبيا شهدت حربا أهلية وحرب إحتلالية. تدخلت الدول
الغربية من خلال حلفها العسكري واستخدم الطيران الحربي، ثم سقط النظام. ولكن ..
ماذا حصل بعد ذلك ؟ هل تم تقديم شيئ يذكر لخلق ديموقراطية كما تحدث الغرب ووعد ؟
أوعلى الأقل هل تم تحقيق نوع من الإستقرار أعتقد أن الجواب معروف الآن على مستوى
الأحداث .
سبب قديم واحد يحاول أن يعيد العالم تعلمه . أن
الثورات لايمكن التنبؤ بنتائجها ، ومن الممكن أن تأخذ سنوات حتى تظهر تداعياتها
واضحة .
أليس هذا كله مايجري اليوم في دول الشرق الأوسط ..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق