موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 7 ديسمبر 2013

في ذكرى تفجير السفارة العراقية في بيروت

وجهات نظر
نواف شاذل طاقة
في مثل هذه الايام، قبل 32 سنة، ألمت بنحو 60 عائلة عراقية ولبنانية فاجعة كبيرة، حين أقدم انتحاري، تردد أنه من أنصار حزب الدعوة العراقي، على تفجير نفسه داخل مبنى السفارة العراقية في بيروت.

حول هذه الجريمة، يقول مُحدثي أنه كان في مبنى السفارة في بيروت في ذلك اليوم المشؤوم وكان على وشك التوجه إلى مكتب المستشار الصحفي في السفارة حارث طاقة في الطابق الأول من المبنى، لكنه صادف في طريقه عاملا لبنانيا كان يقدم الشاي لزوار السفير، فدعاه إلى مطبخه الصغير لتناول الشاي معه. ورغم رفض محدثي الذهاب معه إلاّ أن صانع الشاي كان مصرا على دعوته حتى بدا وكانه يجر محدثي جرا باتجاه المطبخ.
وحال وصولهما إلى المطبخ الصغير، يقول محدثي، انه سمع دوي انفجار هائل اعقبه انهيار اجزاء من المبنى، اصيب صاحبي على اثره برضوض وكدمات في رأسه لا زال يعاني من آثارها حتى يومنا هذا. وعلى الجانب الثاني من المطبخ الصغير، كان مكتب السفير قد انهار تماما وتسبب في استشهاد السفير العراقي في لبنان السيد عبد الرزاق لفتة. أما الطابق الأول من مبنى السفارة، الذي كان يفترض بأن يتوجه إليه محدثي، فقد كان الدمار فيه شاملا. فهناك، أي في الدائرة الصحفية، استشهد المستشار الصحفي حارث طاقة ومساعدته السيدة بلقيس الراوي، زوجة الشاعر العربي الكبير نزار قباني، ولم يعثر على رفاتهما إلاّ بعد مرور نحو اسبوعين من التفجير.

المرحوم حارث طاقة
مصادفة حزينة
كانت وفاة حارث وبلقيس في ذلك المكان مصادفة غريبة وحزينة، إذ أن الشاعر شاذل طاقة، شقيق حارث، الذي ارتبط بعلاقة صداقة قديمة بالشاعر نزار قباني قبل أن يصبح وزيرا لخارجية العراق بوقت طويل، كان من بين ثلاثة ادباء ذهبوا إلى بيت والد بلقيس الراوي في بغداد لطلب يدها لنزار سنة 1972. وتوطدت العلاقة بين الاسرتين بعد زواج نزار قباني بالسيدة بلقيس، وكثرت اللقاءات في بغداد وبيروت، غير أن وفاة شاذل سنة 1974، حالت دون تواصل العلاقة. وكانت آخر مراسلة بين الاسرتين قد جرت بعد وفاة شاذل من خلال برقية تعزية بعث بها نزار قباني إلى والدتي قال فيها " كان حبيبكِ .. وكان حبيبنا .. وكان زين الرجال".
وبعد تعيين حارث في منصبه في بيروت سنة 1981، عادت العلاقة العائلية التي كانت تربط الاسرتين لتتجدد، غير أن الأقدار شاءت ثانية أن تطفئ جذوتها.
حول هذه الحادثة، تقول زوجة حارث أنها امضت مع أطفالها الثلاثة نحو اسبوعين تترقب من شباك شقتها المطل على مبنى السفارة المنهار علّ زوجها يخرج حياً، إذ كان مقررا أن يحتفلا سوية بعيد ميلاده الخامس والثلاثين خلال ذلك الاسبوع.

المرحومة بلقيس الراوي

بلقيس من جانبها، لم يفترض أن تكون في مبنى السفارة في تلك الساعة المشؤومة، فقد حدثتني شقيقتها بأن طفليها كانا وحيدين في الدار وأنها كانت قد خططت لتعود إليهما في وقت مبكر من ذلك اليوم، لكنها وجدت أن حجم العمل في المكتب كبير وعليه قررت أن تواصل عملها ذلك اليوم. وعوضا عن توجهها إلى دارها، كلفت أحد المستخدمين بالذهاب إلى محل تجاري لاستئجار أفلام فيديو للاطفال والذهاب بها إلى طفليها كي يمضيا الوقت لحين عودتها إليهما. ولم تعد إليهما أبدا.
لقد كان تغييب الموت للاحبة في وقت مبكر تجربة عصيبة على كل من عرف هؤلاء الضحايا الأبرياء، غير أن وقع الحدث المأساوي هذا كان أشد وطأة على الأرامل والأيتام الذين تركتهم تلك المأساة. فبعد 32 سنة مررن ببطء وثقل على هذه الأسر المنكوبة، سيكون من العسير على أي شخص أن يصف أهوالا ومعاناة مست زوجات شابات وأطفالا يتامى ورجالا فقدوا حبيباتهن في أية مقالة مهما اتقن كاتبها بلاغة الوصف.
ولعل اهل العراق اليوم الذين يكتوون يوميا بلظى الارهاب والتفجيرات والمفخخات التي تستهدف مساجدهم وحسينياتهم ومقاهيهم وشوارعهم وأسواقهم الشعبية لتختطف أحبتهم وفلذات أكبادهم أدرى بما تخلفه مثل هذه المصائب من مآسٍ وآلام وجراح لا تندمل.

عمل اجرامي متقن
عودة إلى تفجير السفارة العراقية في بيروت، يقول محدثي أن سيارة نوع فولفو كانت قد هيئت بشكل متقن لتكون شبيهة تماما بسيارة السفير العراقي في لبنان. وقد تسللت هذه السيارة إلى مبنى السفارة ظهيرة يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 1981،وهي تحمل علم العراق مما دفع حراس السفارة إلى الاعتقاد بأن السفير كان خارج السفارة وأنه عائد إليها. وصادف أيضا أن العارضات الحديدية لحماية السفارة كانت عاطلة في ذلك اليوم، مما لم يترك مجالا لحراس السفارة للتأكد من السيارة بشكل كامل.
وهكذا تمكنت هذه السيارة المفخخة من الوصول إلى مبنى السفارة العراقية الجديد الذي كان معلقا على أربعة أعمدة لتنفجر تحت مكاتب الدائرة الصحفية مباشرة وتنهار السفارة بالكامل.

البحث عن القاتل
ثمة أهمية خاصة تكتسبها اليوم ذكرى العمل الارهابي الذي طاول مبنى السفارة العراقية في بيروت، إذ تتزامن مع تفجير مشابه وقع قبل نحو شهر في بيروت نفسها طاول السفارة الايرانية فيها.
ففي الحادثة الأخيرة، انتفضت السلطات اللبنانية للبحث عن الجناة، وما هي إلا أيام معدودة حتى أعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان القاضي صقر صقر عن التعرف على هوية احد الانتحاريين الضالعين في تفجير المبنى الايراني في بيروت.
ولم يقتصر نجاح السلطات اللبنانية في الكشف عن تفجير السفارة الايرانية فحسب، بل أن مساع لبنانية ذات صلة بتفجيرات أخرى مشابهة وقعت لمؤسسات أجنبية في الثمانينات لاقت هي الأخرى نجاحا من حيث القدرة على التعرف على مرتكبيها ودوافعهم.غير أن جريمة السفارة العراقية لا تزال مقيدة ضد مجهول، على الرغم من توافر الكثير من المعطيات والأدلة التي قد تساعد في تحديد هوية الجاني.
في هذا الصدد، حضر مأتم حارث في بغداد عدد من المسؤولين العراقيين في حينه وقالوا صراحة للعائلة بأن جهاتٍ حكومية سورية وإيرانية خططت لتفجير السفارة العراقية في بيروت وأن العمل قد نفذ بواسطة تنظيمات عراقية متطرفة عميلة لإيران، قد يكون من بينها حزب الدعوة العراقي الذي كان ناشطا في سوريا ولبنان، والذي يحكم قادته العراق اليوم. علما أن كُتابا وصحفيين عراقيين كانوا قد أشاروا خلال السنوات القليلة الماضية إلى اسماء محددة تورطت في ذلك العمل المشين، غير أن الاسرة لا تمتلك أية معلومات دقيقة بشأن المنفذين وهوياتهم.
واللافت في هذا الصدد، أن مسؤولين في حزب الدعوة العراقي كانوا قد نشروا علنا شهاداتهم بشأن تورطهم في عمليات مسلحة ضد العراق. في هذا السياق، فإن جابر الجابري وهو أحد عناصر حزب الدعوة، والذي شغل بعد احتلال العراق منصب الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة العراقية، يعترف في رسالة شخصية نشرتها وسائل الاعلام بأنه كان يتلقى تدريبات عسكرية في سوريا في الفترة ذاتها. ويضيف الجابري في رسالته آنفة الذكر بأنه تدرب على "حمل السلاح في الدورة العسكرية الأولى التي أقامها حزب الدعوة في جبال الزبداني على يد ضباط سرايا الدفاع السورية عام 1980"، وأنه انتقل بعد ذلك التاريخ بسنوات للقتال في مناطق عديدة من بينها لبنان والعراق. وليس سراً أن النظام السوري في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد كان النظام العربي الوحيد الذي انفرد في مساندة إيران في حربها ضد العراق بصورة علنية.

معرفة الحقيقة
اليوم، وبعد مرور 32 سنة على تلك الجريمة النكراء، فإن القضاء اللبناني، ممثلا بشخص القاضي صقر صقر، مطالب بالتحقيق في هذه الجريمة، والسعي إلى كشف الحقائق لمعرفة من خطط، وموّل، ونفذ، تلك العملية الارهابية.
إن إماطة اللثام عن جريمة تفجير السفارة العراقية في بيروت تعد اليوم أسهل من الناحية العملية إذ أن العديد من كبار قادة حزب الدعوة الحاكم في العراق يتواجدون وأسرهم في لبنان، وباتوا يمتلكون قصورا وضياعا، وأصبحت لهم حسابات مصرفية كبيرة، وعليه فإن التحري عن تلك الجريمة التي ربما يكون عدد منهم شاهدا عليها أو ضالعا فيها لن يكون عسيرا.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

هناك 4 تعليقات:

Ishtar Babel يقول...

شكرا لنشركم اخي مصطفى كامل تلك المعلومات في غاية الاهمية حول ذكرى تفجير السفارة العراقية في بيروت...

Haider Der يقول...

اخ مصطفى نعزي العراقيين بذكرى الفاجعه الاليمه وليرحم الرب شهدائنا
مع الاسف اننا نعيش في بلد يصبح الخائن العميل في السلطه ويعتبر مجاهد والوطني يغيب في غياهب السجون او يهجر الى بلدان نائيه

غير معرف يقول...

سالم
الرحمه والغفران لكم نسال الله تعالى بذلك .... ولك اخي عبدالرزاق لفته السفير الشهيد ولك اخي حارث طاقه ولكل الشهداء بعونه تعالى وهم ينعمون بجناة الخلد وليخسأ الخاسؤون العملاء الانذال

على مصطفى ياسين يقول...

والمدن الأخرى هو نفسه الذي قام بتفجير السفارة وهو نفسه الذي قاد موجة اغتيالات ضد شخصيات عراقية وعربية لمجرد انها (غيرموالية) للولي الفقيه!! فبوركت كل الاقلام التي تفضح وتوثق لهذا التأريخ الاجرامي الاسود لبؤر الارهاب هذه التي تهيمن على السلطة الآن في بلدنا العزيز وتفتك بابناء شعبنا العظيم....انها جرائم حزب الدعوة، ثم المجلس الاعلى وجناحه الارهابي قوات بدر....ان العالم يجب ان يعرف تأريخ هذه الاحزاب وجرائمها فلا يكفي ان نظل نكتب لبعضنا البعض لا يدّ من الكتابة عن هذه الحوادث بلغات اجنبية ـ الانكليزية ـ خاصةويمكننا نحن ـ اصدقاء وجهات نظر ـ ان ننشرها ونوزعها على اوسع نطاق

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..