وجهات نظر
عمران الكبيسي
أشعر بالحرج ولا تسعفني
اللغة في البحث عن عنوان يعبر عن مأساة العراقيين، فاستعارة لفظ أعاصير أو براكين
أقل مما ينبغي أن نصف به ما يجري في العراق، حيث تعصف رياح الموت والقتل بالمجان
بجميع المحافظات والمدن، فلا يعرف القاتل لِمَ يَقتل؟ ولا القتيل لِمَ قُتل؟
أليست مهمة مجلس الأمن
حماية الأمن والسلم العالميين؟ أين الحماية التي يفترض أن يضمنها المجلس لدول
العالم الثالث من عدوان دولة كبرى على دولة دونها لا قبل لها على صد العدوان؟ أم
السلم والأمن للدول العظمى فحسب؟ أليس من مسؤولية التحالف الدولي الذي أقامته أميركا
وإنجلترا لغزو العراق من دون موافقة مجلس الأمن تحمل نتائج حملته الظالمة التي
تسببت بأعاصير الدمار والهلاك الذي حل بالآمنين؟ ترى لو لم يقم التحالف بغزوه
الجائر هل يحل بالعراقيين ما حل بهم بسبب الحماقة الأميركية وتبعية السياسة
البريطانية لأميركا وطقوس السمع والطاعة؟ ألم يكن العراق بلدا آمنا مستقرا قبل
الاحتلال؟ وما ذنب الشعب المستباح ليتحمل وزر خطأ ارتكبته دولة عظمى باغية وحلفاء
لها؟. الأعاصير لها مواعيد محددة قد تأتي مرة في العام، يوما أو بعض يوم،
لكن أعاصير الموت العراقي مستمرة طيلة أيام السنة بلا هوادة، أعاصير الطبيعة تضرب
كل من تصادفه في طريقها إلى الشواطئ بلا تمييز، لكن أعاصير الموت في العراق سهامها
انتقائية موجهة نحو النخبة والصفوة والرموز شيوخ الدين وأئمة المساجد، العلماء
وأساتذة الجامعات والأطباء، رؤساء القبائل وقيادات التظاهر، نكهة الموت في أعاصير البحار
مدنية هواء وماء، يسبقها تحذير ويتلوها دعم وإسناد وعمليات بحث وإغاثة، أما أعاصير
الموت العراقي فتأتي بالزي الرسمي لقوى الأمن، على متن سيارات الدولة العسكرية،
تداهم بيوتا مخصوصة فجأة، تسوق ضحاياها أمامها، تفصل الرؤوس عن الأجساد تصطحبها
لتتقاضى الثمن، وتبقى جثث المغدورين ملقاة في الترع وعلى المزابل يعثر عليها
المواطنون ولا تعرف لمن، ولا معين ولا مغيث، ولا سؤال ولا جواب.
الغريب أن الحكومة العراقية
تلقي بالمسؤولية على القاعدة ولا ننفي ضلوع القاعدة ببعض التفجيرات وليس كلها،
ولكن لماذا تغض الحكومة النظر عن مليشيات طائفية لها قواعد في بغداد والمحافظات
الجنوبية مدعومة لوجستيا من إيران وحزب الله، تهدد وتقصف دول الجوار العربية
وتتوعد علانية المتظاهرين في المحافظات الغربية، ولا أحد يتهمها بالضلوع بمثل هذه
الاعتداءات والاغتيالات الغاشمة؟ فإذا لم تكن لها يد إجرامية فماذا تعمل؟ ولماذا
هي موجودة؟. وكثيرا ما تربط الحكومة ما يجري في العراق بما يجري في سوريا والأمر
مختلف، في سوريا قتال ومواجهات بين أطراف متناحرة يعرف فيها كل طرف انه قاتل أو
مقتول، أو تقصف الدولة مناطق ثائرة عليها، أما في العراق فيقتل أصحاب الكفاءات
المسالمون والحكماء العقلاء الرافضون للفرقة والإرهاب، الداعون لوحدة الصف، وفي كل
هذه الجرائم لا تعلن الدولة القبض على أحد المجرمين ولا نسمع بتحقيقات ومحاكمات
رغم تكرار سيناريو الجرائم، ولا يعرف حتى اليوم من هم هؤلاء القتلة؟ ولا إلى أية
جهة ينتمون ومن وراءهم؟ كأن الحكومة لا يعنيها الشأن، ولعلها تجرم الضحايا وتدين
الأبرياء، والله المستعان.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق