وجهات نظر
الشيخ الدكتور عبدالحكيم عبدالرحمن السعدي*
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
ومن والاه، وبعد :
فإني لأعجب لأمر هؤلاء المنافقين الذين صدمتهم الفتاوى
المحرمة للمشاركة في الانتخابات القادمة، إذ إنهم حين يسكت العالم يتهمونه
بالتخاذل وعدم بيان الحق، وحين ينطق خلاف ما يريدون قالوا له: هذا ليس من شأنك ولا
من حقك فحقك مقصور على التحدث والفتوى في الوضوء والصلاة والطلاق، وليس من حقك
الفتوى في شؤون البلد ونظام حكمه فذلك سياسة يجب عليك وعلى أمثالك الابتعاد عنها.
وهذا منطق واحد من اثنين:
جاهل بأمر الشريعة الاسلامية التي جاءت بأرقى ما ينظم
حياة الفرد والمجتمع من عبادات ومعاملات وأحوال شخصية وعقوبات ومظالم ونظام حكم
وأخلاق واجتماع.
وثانيهما:
لاهث وراء المصلحة الشخصية يريد تحصيلها بأي ثمن أخلاقي
وغير أخلاقي دون التفات الى مصلحة عامة أو وطن أو مجتمع أو معيار ديني.
واحسب بل أؤكد ان الذين اعترضوا على الفتاوى الصادرة من
كبار علماء العراق بشأن تحريم الدخول في الانتخابات عام 2014 وعدم الاعتراف بها مستندة الى الادلة
الدامغة التي تعزز فتواهم وترفض كل الأقوال والشبه المخالفة لذلك انما هم من النوعين
.
أ-
فهم جهلة بالشريعة وبطبيعة الاسلام الذي هو حكم ونظام
حياة اضافة الى كونه عبادات . ولا أدل على ذلك من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد
اجتمعت فيه السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ، فقد كان قائداً حين تشتد
الخطوب ويداهم العدو ، ومخططاً حين يحتاج المسلمون من يخطط لهم ومعاهداً حين يقتضي
الأمر الهدنة مع الأعداء وسياسياً حين يحتاج أمر المسلمين الى حنكة وفطنة ودهاء
وكل هذا وذاك مقترن بما يوحي اليه ربه (وما ينطق عن الهوى ان هو الاّ وحي يوحى).
والخلفاء الراشدون اقتدوا بنبيهم وقائدهم فالخليفة كان
يفتي في أمر السياسة كما يفتي في الوضوء ويقود الأمة في حروبها ومنازلاتها كما
يقودها في صلاتها وحجها حتى فتحوا البلاد وأصبحوا سادة العباد في مشارق الأرض
ومغاربها.
وكذا التابعون وتابعوهم ومجتهدو الأمة من السلف والخلف
لم يكونوا يوماً من الأيام يفرقون بين العبادات ونظام الحكم والسياسة ، حتى اشتهرفي
السياسة منهم الكثير كإمام الحرمين الجويني والعزّ بن عبد السلام وابن تيمية وقاضي
القضاة أبي يوسف والماوردي وغيرهم كثير.
وهذه مراجع الفقه الإسلامي ومصادره مليئة بالأحكام التي
تنظم شؤون الحرب والجهاد والغنائم والمعاهدات والشورى وكل ما يتعلق بسياسة الدولة
كما هي مليئة بأحكام الطهارات والصلاة وسائر العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية
.فأين هؤلاء المتنطعين من كل هذا حين عابوا على فضيلة العلامة الشيخ عبد الملك السعدي
ومن على شاكلته تدخلهم في بيان الحكم الشرعي من الانتخابات المقبلة ؟ وأين هم من
الفتاوى الصادرة من السيد السستاني والسيد مقتدى وغيرهم من المراجع الشيعية التي
تقود العملية السياسية بنفسها لا بالفتاوى فقط ؟
بل الأشد عجباً أن هؤلاء المتنطعين : ان كانوا
من الشيعة فانهم يرجعون الى السيد السيستاني والسيد الصدر وباقي مراجعهم في أمور
الوضوء والصلاة على التربة ونكاح المتعة وأمور العبادات كلها كما يرجعون اليهم في
أمور السياسة على حد سواء.
وان كانوا سنة فانهم يرجعون الى الشيخ أحمد
حسن الطه والشيخ محمود عبد العزيز العاني وغيرهما من علماء السنة في الداخل
والخارج في أمور العبادات والمعاملات كما يرجعون اليهم في أمور سياسة البلد من
المشاركة في العملية السياسية وتقسيم العراق عن طريق المطالبة بالأقاليم
والفيدرالية وحكم المشاركة في الانتخابات وغير ذلك من أمور السياسة على حد سواء
ولم يقل أحد من هؤلاء المتنطعين انه لا يحق لهؤلاء المراجع والعلماء التدخل في
أمور السياسة ، والسبب في ذلك معروف ؟ ! .
ومن الجدير بالعلم أن السياسة التي ينبغي
لعلماء الدين الخوض فيها – بناءاً على أنها من صميم الدين – هي سياسة الصدق
والاخلاص والمحافظة على الارض والعرض والدفاع عنهما والوقوف ضد الظلم والعمالةوسيادة القانونوتوفير العيش الرغيد والحرية والأمان للشعب.
أما سياسة الكذب والدجل والوعود الكاذبة
والطائفية والتفريط بالوطن والعمالة للأجنبي والتهميش وقمع الأحرار والاعتداء على
الحرائر والفساد المالي والاداري والأخلاقي فتلك سياسة نرفضها ونحرمها لانها ليست
من الاسلام في شيء.
ب-
وهم لاهثون وراء مصالحهم الشخصية حتى لا يُحرموا من هذه
المكاسب المادية الضخمة حتى ولو كان ذلك على حساب ضياع العراق وأهله بل حتى ولو
كان على حساب المكون الذين يدعون ظلماً وبهتاناً انهم حماته وانهم انما يشاركون في
العملية السياسية من أجله.
لذا لا يروق لهم صوت من عالم فقيه مخلص لله ولرسوله غير
دجال ولا منافق ولا مداهن يقف ذلك الصوت حجر عثرة أمام هذه المكاسب من السحت
الحرام.
ونصيحتنا لهم ولأحزابهم وكتلهم ان يتوبوا الى الله وان
لا يخدعوا الناس بمعسول الكلام والإدعاءات الكاذبة والوعود المظللة كما خدعوهم أول
مرّة فأصلوا العراق الى ما وصل اليه من فساد ودمار وتمزق وطائفية.
ونصيحتنا لهم ان ما يقومون به من تشكيك في فتاوى
المخلصين من علمائهم انما هو يصب في مصلحة من يدعون أنهم خصومهم وخصوم مكونهم ، واننا
لنعدّ ذلك جزءاً من المؤامرة التي ابتدأت بتظليل المكون والتعهد لأهله انهم
المنقذون له وانتهت بالتشكيك بعلمائه الأعلام الذين خدموا الوطن سابقاً وما زالوا
يخدمونه الى أن يكتب الله له النصر على الاعداء والمنافقين وأصحاب الأهواء وهذا
اليوم آتٍ عما قريب ان شاء الله تعالى ، والله أكبر.
* أحد كبار علماء
العراق
هناك 12 تعليقًا:
نعم يا شيخنا قلناها ونقولها كما قلتها " هم لاهثون وراء مصالحهم الشخصية حتى لا يُحرموا من هذه المكاسب المادية الضخمة حتى ولو كان ذلك على حساب ضياع العراق وأهله بل حتى ولو كان على حساب المكون الذين يدعون ظلماً وبهتاناً انهم حماته وانهم انما يشاركون في العملية السياسية من أجله." وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون .. صدق الله العظيم
وما اكثرهم يا استاذ ،،،والعدد يتزايد
ستجديهم يوما ما محض هباء منثور، وهو قريب بعون الله تعالى
عجباً ويا كل العجب!!
هم سيهزمون انفسهم ولا حاجة لجنود تهزمهم،،،هؤلاء بصراع مع انفسهم،،،فقط بحاجه الى نفخه خفييييفه ،،،ليتطايروا
وهو كذلك بحول الله تعالى وقوته
اللهم أمين .. لقد اثقلت علينا الهموم جدا وأدهشتنا مواقف المتلونين .. عجبا لهم جميها
بسم الله الرحمن الرحيم ..
اسمعت لو ناديت حيا ، ولكن لا حياة لمن تنادي ،اليس هم ذاتهم من ركع تحت رغبة الشيطان ودمر الوطن والحرث والنسل تحت مسميات ايمان واسلام ما انزل الله بها في دين من الاديان ، اليس هم وليس غيرهم من كان بارعا في تمرير دستور يخدم الصهيونية بامتياز على انقاض اعظم بناء، دولة المواطنة والعروبة والايمان التي اقامها ابن هذه الارض الطيبة ،الم يكونوا الاداة الرئيسية في كل ما يعاني منه ابن الشعب وهم في بروج عالية مشيدة يعيشون على لحس احذية جند الاحتلال وفتات موائده ، ويتعامل مع ابناء جلدته بكل الوحشية التي جاء بها الاحتلال واحقر منها ،مسؤوليات اشراف العراق من العظم والحجم ما لا تعطي اي مجال للمساومة او التخفيف او التأجيل ، بلدكم ايها الاشراف العراقييون مهدد بالزوال بفعل هذه النكرات ، فهبوا هبة ايمان لتعديل الانحراق واجتثاث كل عناصر السوؤ خدم الاحتلال ، فلا مستقبل وضاء لنا بمعزل عن كنس هذه الامعات .الله اكبر حي
على الجهاد ، الله اكبر حي على الجهاد
هؤلاء القوم نفاقهم بائن ............ فالمصالح الشخصية هي هويتهم وانتمائهم
ومن ضيع المكون الذي ينتمون له غيرهم
وما أكثر المنافقين!!!!!!!
وهل وصلنا الى ما وصلنا اليه لولا النفاق والمصالح الضيقة
إرسال تعليق