وجهات نظر
جاسم الشمري
رغم الترهيب والترغيب الذي تمارسه
حكومة المالكي ضد العراقيين، فإن المظاهرات ما زالت مستمرة، ومنذ عام تقريبًا، في
ست محافظات في غرب ووسط وشمال البلاد.
الحكومة لم تكتف بالترغيب، بل نجدها
استخدمت لغة الترهيب العلني لقيادات الاعتصامات في ديالى وبغداد والأنبار والموصل
وكركوك وصلاح الدين، ونفذته باغتيالات لرموز مهمة في الاعتصامات، وكذلك ترجمته
باعتقالات عشوائية لأبناء المحافظات الثائرة.
وهنا سأنقل بعض مشاهد الإرهاب الحكومي
ضد أبناء المحافظات الثائرة، خلال شهر من تاريخ كتابة هذا المقال، ففي يوم
7/11/2013، اغتالت ميليشيات طائفية مدعومة من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية، الشيخ
(فاروق سليمان كاظم الجوراني) عقب خروجه من أداء صلاة المغرب بمسجد (محمد رسول
الله)، قرب نقطة تفتيش مهروت في قضاء المقدادية بمحافظة ديالى.
وفي يوم 19/11/2013، ارتكبت المليشيات
الإجرامية جريمة جديدة باغتيالها الشيخ (قاسم حبيب المشهداني) إمام وخطيب جامع
(الحديثي) في منطقة (الغزالية) غربي بغداد، وأحد الناشطين في الحراك الجماهيري.
جريمة اغتيال (المشهداني) نفذت بالقرب
من نقطة تفتيش تابعة للقوات الحكومية عند مدخل شارع (البدالة) في الغزالية، وجاءت
بعد ثلاثة أيام من اعتقاله على أيدي تلك القوات قبل أن يُفرج عنه بضغط من أهالي
المنطقة.
وفي يوم 1/12/2013 اغتيل الشيخ (خالد
حمود محل الجميلي) منظم ومنسق اعتصام الفلوجة في محافظة الأنبار، وأصيب نجله بجروح
بليغة إثر هجوم مسلح استهدفهما شرقي الفلوجة، من قبل مسلحين "مجهولين"
أطلقوا النار من أسلحة رشاشة على السيارة التي كان يستقلها الشيخ (الجميلي) أثناء
مروره بالقرب من (الحي الصناعي) شرقي الفلوجة متوجها إلى ساحة الاعتصام.
هذه الجريمة أكدت -وبوضوح- أن الحكومة
ماضية في غيها، المستمر منذ ثماني سنين تقريبًا، واللافت للنظر أن حكومة المالكي
"الديمقراطية" لم تخف اتهاماتها، للمتظاهرين، ففي يوم 30/11/2013 قال
نوري المالكي في كلمة ألقاها خلال مؤتمر عشيرة بني مالك في محافظة البصرة، إن (تلك
الساحات في المحافظات "المطالبة بالحقوق" أصبحت ساحات للقتلة
والإرهابيين).
وسبق للمالكي أن هدد المتظاهرين في
بداية العام الحالي حينما خاطبهم، "إن صبرنا بدأ ينفد"، وختم كلامه
بتهديد صريح: (انتهوا قبل أن تُنهوا).
خطاب المالكي المليء بالشر، يؤكد أنه
قد أعطى الضوء الأخضر لمليشياته الإجرامية لتنفيذ خطط معدة سلفًا، لضرب قادة
الاعتصامات وتصفيتهم، وأكبر دليل على ذلك جريمة اغتيال الشيخ خالد الجميلي التي
أعقبت تهديد المالكي بيوم واحد فقط.
جريمة اغتيال الشيخ الجميلي، وغيره من
ناشطي الاعتصامات تجعلنا نقف ونتدارس الجهات التي من مصلحتها التخلص من هذه
الرموز، وأظن أن الحكومة والمنتفعين من الأوضاع الشاذة في البلاد، لهم مصلحة كبيرة
في التخلص من الأصوات المنادية بالحقوق والكرامة، وعليه فهم المتهمون بالدرجة
الأولى بالوقوف وراء هذه الجرائم.
والأمر لم يتوقف عند الاغتيالات
المخجلة، بل رافقته اعتقالات في عموم البلاد، وخصوصًا في المدن المشاركة في
الاعتصامات، وفي يوم 13/11/2013، اعتقلت ميليشيات سوات التابعة للمالكي نحو(120)
شخصًا في مناطق: شهربان وكنعان وخريسان بمحافظة ديالى، وكان من بين المعتقلين
الشيخ (رعد النداوي) إمام وخطيب جامع الحي العصري في المقدادية.
التهديدات الحكومية العلنية وغير
العلنية للمتظاهرين لم تتوقف، وهذه الحكومة ما عادت تخجل من توجيه التهم
للمعتصمين، وكل ما يشغلها اليوم هو كيف تقضي على هذه المظاهرات قبل الانتخابات
البرلمانية المقررة في العام القادم؟!
الظلم الذي يسيطر على الحياة في
العراق، هو النبع الصافي المغذي للاعتصامات، وعليه -وفي ظل حكومة المالكي- لا يمكن
أن يجف هذا النبع، لأنها حكومة لم تعترف بوجود الإنسان العراقي، قبل أن تعترف له
بأية حقوق إنسانية وقانونية ودستورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق