وجهات نظر
هيفاء زنكنة
نوقش في احدى قاعات البرلمان
البريطاني، مساء 11 آذار 2014، تقرير منظمة ‘هيومان رايتس ووتش’، الحقوقية
الدولية، الصادر أخيرا، عن اعتقالات وتعذيب واغتصاب النساء العراقيات. وقدمت احدى
النساء المعتقلات، سابقا، من قبل الاحتلال، شهادتها.
تضم منظمة "تضامن"، مجموعة من النساء العراقيات من داخل وخارج العراق، ناشطة في مجال حقوق الانسان عموما، والمرأة خاصة، وتعنى بتجسير العلاقة ما بين الشعوب على اساس المواطنة والمساواة وتحقيق السلام المبني على العدالة. وترى ان مفهوم العدالة، بالنسبة الى العراق وفلسطين خاصة، لن يتم بدون تطبيق القوانين الدولية ومعاقبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعبين.
واذا كان تقرير "هيومان رايتس ووتش"، التفصيلي والموثَّق بدقة حسب شهادات العديد من المعتقلات، الذي قدمت موجزه السيدة زينب خان، قد اثار ضجة كبيرة لفضحه ممارسات النظام الحالي بحق المرأة، فإن منظمة تضامن واظبت، منذ سنوات، على توثيق الجرائم بحقها ونشرها ومحاولة اطلاع الرأي العام عليها، سواء كانت المرأة معتقلة هي شخصيا او مهددة بالاعتقال والتعذيب والاغتصاب، واستخدامها كرهينة لاجبار الذكور من افراد عائلتها على تسليم انفسهم لقوات النظام او للاعتراف بجرائم لم يرتكبوها. لذلك، وكما تذكر الناشطة تحرير عبد الصمد: "لا يثير أي من التفاصيل الواردة في تقرير هيومان رايتس ووتش استغرابنا.
لدينا معلومات عن ممارسات الانتهاك المنهجي لحقوق المعتقلين عبر اتصالاتنا مع الناشطين في مجال حقوق الإنسان داخل العراق وواظبنا على تقديمها إلى النواب والصحافيين منذ تأسست منظمتنا "تضامن"، عام 2006. كما وثق هؤلاء النشطاء إساءة معاملة النساء المعتقلات في أبو غريب أيضا".
بالاضافة الى ذلك، تقول تحرير
بأن "ناشطين عراقيين بلغونا بأسماء مرتكبي التعذيب وقمنا بنشرها في تقريرنا
الى الامم المتحدة، منذ أربعة اعوام، كما أرسلنا التفاصيل في رسائلنا الى اعضاء
برلمان المملكة المتحدة، لكن الحكومة البريطانية لم تقم، حتى الآن، باستخدام
نفوذها على النظام العراقي لوقف الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة"، مما
يؤكد ماقاله سعيد بو مدوحة، من منظمة العفو الدولية، بأن "هناك ثقافة الإفلات
من العقاب في العراق عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان".
ولا تقتصر ممارسة الانتهاكات على المعتقلات، مهما كانت التهمة، بل تتعداها الى الاهانة والتجريح والاستغلال المادي والجنسي، خارج المعتقلات، اذا ما حاولت المرأة او قامت بزيارة قريب لها أو حاولت تقصي اخباره ومكان اعتقاله او التأكد من كونه على قيد الحياة ام لا أثر اعتقاله. وتشير شهادات النساء من ذوي المعتقلين وكذلك التقارير الدولية الى ان الاعتقالات بتهم كيدية وبسبب تقارير المخبر السري وتهمة الارهاب المسلطة على رقاب المواطنين، حسب المادة اربعة ارهاب، تكلف المرأة ثمنا باهظا من الناحية المادية اذا ما ارادت الحصول على خبر ما عن زوجها او شقيقها او ابنها. اذ اصبح استغلال المعتقلين وذويهم مهنة مربحة للسجانين وآمري المعتقلات وقوات الاعتقالات العشوائية. وتزداد المأساة ربحا للجلادين وآمري المعتقلات حين يصدر أمر قضائي باطلاق سراح المعتقل فلا يقومون بتنفيذ القرار بل يبقون المعتقل في السجن كوسيلة للابتزاز المربح، مما يدفع ذوي المعتقلين الى بيع بيوتهم، احيانا، ليتمكنوا من دفع مبالغ الابتزاز الكبيرة.
ولا يتحمل النظام الطائفي لوحده مسؤولية الظلم والانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها المرأة بل تتصدر المسؤولية قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية التي اعطت الضوء الاخضر لاستمرارية الاعتقالات العشوائية والتعذيب وابقاء المعتقلين في السجون على مدى سنوات بدون توجيه تهمة او محاكمة او حتى السماح برؤية محام احيانا. ولم يميز المحتل، في انتهاكاته، بين المرأة والرجل.
ولا تقتصر ممارسة الانتهاكات على المعتقلات، مهما كانت التهمة، بل تتعداها الى الاهانة والتجريح والاستغلال المادي والجنسي، خارج المعتقلات، اذا ما حاولت المرأة او قامت بزيارة قريب لها أو حاولت تقصي اخباره ومكان اعتقاله او التأكد من كونه على قيد الحياة ام لا أثر اعتقاله. وتشير شهادات النساء من ذوي المعتقلين وكذلك التقارير الدولية الى ان الاعتقالات بتهم كيدية وبسبب تقارير المخبر السري وتهمة الارهاب المسلطة على رقاب المواطنين، حسب المادة اربعة ارهاب، تكلف المرأة ثمنا باهظا من الناحية المادية اذا ما ارادت الحصول على خبر ما عن زوجها او شقيقها او ابنها. اذ اصبح استغلال المعتقلين وذويهم مهنة مربحة للسجانين وآمري المعتقلات وقوات الاعتقالات العشوائية. وتزداد المأساة ربحا للجلادين وآمري المعتقلات حين يصدر أمر قضائي باطلاق سراح المعتقل فلا يقومون بتنفيذ القرار بل يبقون المعتقل في السجن كوسيلة للابتزاز المربح، مما يدفع ذوي المعتقلين الى بيع بيوتهم، احيانا، ليتمكنوا من دفع مبالغ الابتزاز الكبيرة.
ولا يتحمل النظام الطائفي لوحده مسؤولية الظلم والانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها المرأة بل تتصدر المسؤولية قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية التي اعطت الضوء الاخضر لاستمرارية الاعتقالات العشوائية والتعذيب وابقاء المعتقلين في السجون على مدى سنوات بدون توجيه تهمة او محاكمة او حتى السماح برؤية محام احيانا. ولم يميز المحتل، في انتهاكاته، بين المرأة والرجل.
وقدمت الشابة العراقية نرمين
الربيعي (27 عاما جنسية سويدية) شهادتها، في الامسية، عما تعرضت له من تعذيب إثر
اعتقالها هي وزوجها المهندس شوقي عمر أحمد عام 2004، اثناء زيارتهما لأهلها
ببغداد. وكانت نرمين حاملا، في شهرها الرابع، عندما هاجم بيت عمها جنود امريكيون
واعتقلت مع الرجال بعد ان تعرضوا للضرب المبرح والتهديد. تقول نرمين واصفة وقائع
اعتقالها وتعذيبها "أخذونا أنا وزوجي في سياراتهم إلى مكان مجهول. بينما كنت
في السيارة، قالوا لي أنني يجب ان اعترف والا اغتصبت. ثم وضعوني في طائرة و نقلوني
إلى مكان الاستجواب. قضيت هناك 16 يوما. خلال ذلك، لم يتوقف الاستجواب للحظة واحدة.
كان المحققون يتبدلون الا ان التحقيق مستمر. ارادوا مني ان اعترف بما يريدونه.
كانوا يشتمون ويستخدمون لغة بذيئة لإذلالي. في أوقات أخرى كانوا يضربونني ويلقون
علي المياه الباردة ويستخدمون الصعق بالكهرباء. هددوني بالاغتصاب إذا لم أعترف.
قالوا انهم سيرسلونني الى أبو غريب ليفعلوا بي مافعلوه بالمعتقلين هناك. لم أكن
أعرف أين كنت، وان وجدت في وقت لاحق أنه كان السجن السري سيء السمعة "معسكر
نعمة". لقد ضربوني كثيرا وعندما علموا انني حامل قالوا انهم سيقتلون الطفل في
رحمي. ثم ركزوا الضرب و الصعق بالكهرباء على بطني". وكانت النتيجة ولادة
الطفلة زينب وهي مصابة بإعاقة مزمنة، وكأن تعذيب الام والأب ليس كافيا. وتواصل
زينب (8 سنوات) الوقوف مع والدتها، امام السفارة العراقية بلندن، للمطالبة باطلاق
سراح والدها الذي لا يزال معتقلا على الرغم من اصدار القضاء امرا باخلاء سبيله بعد
ان انتهت مدة محكوميته.
يدَّعي النظام الحالي بأنه
يتوخى حماية حقوق الانسان خاصة وأنه قام بتأسيس وزارة لحقوق الانسان وتشكيل لجنة
برلمانية متخصصة، غير ان يوميات الواقع الموثقة بالتقارير المحلية والدولية، تشير،
بما لا يقبل الشك، الى ان استحداث هذه المؤسسات يهدف أما الى تخفيف الضغوط الدولية
على النظام، أو بغية تضليل الرأي العام واستخدامها كواجهة بينما يواصل سياسته القمعية
ولكن مع غطاء حقوقي.
ومن يزور موقع وزارة حقوق الانسان سيصاب بنوبة ضحك تشبه البكاء، حين يقرأ البيان الصادر من الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وفيه تحيي الوزارة "تضحيات المرأة العراقية الصابرة … في زمن النظام المباد.. حيث كانت المرأة تعاني من التخلف وسوء الرعاية الصحية والتعسف والاضطهاد"، وكأن الدفاع عن حقوق الانسان يقتصر على فضح ممارسات نظام محدد والصمت على انتهاكات نظام آخر.
ومن يزور موقع وزارة حقوق الانسان سيصاب بنوبة ضحك تشبه البكاء، حين يقرأ البيان الصادر من الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وفيه تحيي الوزارة "تضحيات المرأة العراقية الصابرة … في زمن النظام المباد.. حيث كانت المرأة تعاني من التخلف وسوء الرعاية الصحية والتعسف والاضطهاد"، وكأن الدفاع عن حقوق الانسان يقتصر على فضح ممارسات نظام محدد والصمت على انتهاكات نظام آخر.
ثم ينتقل بنا البيان الى "بعد
عام 2003 عام التغيير" ليسرد لنا الكذبة تلو الكذبة، حتى تبدأ الفيلة
بالطيران محلقة في سماء حقوق المرأة الزاهية.
جاء في البيان الرسمي "اصبحت
المرأة تساهم مساهمة فعالة في تطوير واقعها التعليمي والثقافي والصحي والتربوي إذ
انها اصبحت شريكة القرارات وتبوأت مراكز مهمة في مؤسسات الدولة واصرارا من الحكومة
العراقية في تغيير واقع المرأة ونيلها لحقوقها المشروعة خطت في طريق ذلك خطوات
مهمة لها الاثر الواضح في تطوير وحماية المراة ومنها إقرار قانون الاتجار بالبشر
وقانون العنف الاسري الذي له دور في حماية المرأة … واتفاقية مكافحة التمييز ضد
المراة (سيداو)".
فلندع سلسلة الاكاذيب جانبا
ولنقف عند اتفاقية "سيداو"، الملزمة للعراق، دوليا. أولا وزيرة الدولة
لشؤون المرأة نفسها لاتؤمن بالمساواة اساسا ولاتجد غضاضة في التصريح والعمل وفق
ذلك. ثانيا، وهنا السؤال المهم، ترى ما هو موقف وزارة حقوق الانسان ووزيرة الدولة
من اقرار مجلس الوزراء لقانون الاحوال الشخصية الجعفري (المقترح من قبل وزير
العدل) وتمريره الى مجلس النواب لتشريعه، وهو القانون الذي، اذا ما أقر، سيكون
انتهاكا لحقوق المرأة والطفل معا وكل الاتفاقيات الدولية الملزمة، اذ سيشرعن،
قانونيا، اغتصاب الصغيرات بسن التاسعة، بدعوى انه "تكليف شرعي" وان "هناك
ضرورة لسن القانون لتمثيل الاغلبية" حسب النائبة سوزان السعد، من حزب الفضيلة
الشيعي!
أصبح من الواضح الآن بعد 10
سنوات من الإحتلال وتبعاته، ان حقوق الانسان عموما والمرأة خاصة، قد جُرِّدت من
مفهومها الانساني الشامل لتصبح مفردة يلوكها السياسيون والبرلمانيون، بضمنهم نسوة
المحاصصة البرلمانية والمؤسساتية، كل حسب مصلحته وحزبه وطائفته وقوميته. وبينما
يجب ان تكمن قوة تطبيق حقوق الانسان وفق المعايير الدولية الملزمة للدول حال
التوقيع على الاتفاقيات في عالميتها وشمولها الجميع بغض النظر عن الاختلاف الديني
والعرقي والجنسي، يقوم النظام العراقي بتفتيت هذه الحقوق بانتقائية لا تليق الا
بنظام تنخره الطائفية والفساد من الداخل.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق