موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

السبت، 29 مارس 2014

العراق… سراق وأميون وإرهابيون يحكمون

وجهات نظر

مثنى عبدالله
في مثل هذه الايام من عام 2003 انطلقت جحافل الشر كي ترتكب اكبر واقذر جريمة اغتصاب بلد في التاريخ الحديث. شارك البعض فيها بما تملكه يداه من قوة عسكرية ومالية، وهيمنة سياسية لانهم طغاة دوليون، واخرون شاركوا بحشد قواهم العسكرية فقط كي يسجلوا موقفا بانهم مع القوة العظمى، واطراف ثالثة شاركت بالمال والتموين والحرق والتدمير وسرقة كل ما هو ثمين

ومهما تكن نسبة المشاركة في الجريمة فهو جرم كبير لانه وقع ضد شعب ودولة ذات كيان مادي ومعنوي. انها جريمة جماعية ضد مجموعة بشرية تعيش في كيان مستقل معترف به دوليا، فسببت اعاقة دائمة لدورها على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي.
ولان نتائج الفعل الجرمي باتت في حالة تناسل مستمر حتى يومنا الحاضر، على الرغم من انكفاء دور المجرم العالمي الاول واندثار ادوار المجرمين الاخرين، فان هذا الشعب مازال كل العالم يرى رقابه ممدودة وفي حالة ذبح يومي، وخزائنه وثرواته مفتوحة للنهب اليومي، وحدوده واراضيه وسماءه ومياهه في حالة انتهاك يومي.
واذا كان البعض مازال مخدوعا بالمبررات التي سيقت لتبرير الغزو والاحتلال حتى يومنا الحاضر، بسبب تبعيته العمياء للسياسة الامريكية، او امية الوعي السياسي التي يعانيها، او بسبب الحقد والكره الاعمى وحب الانتقام من شعب كامل، فما على هؤلاء الا ان ينظروا الى الواقع الفعلي الناتج عن تلك المبررات والاسباب، ليروا عظيم جرمهم وكارثية فعلتهم النكراء.
لقد سمعنا بانهم شكلوا لجانا للنظر في مصداقية مبررات حرب العراق كما يسمونها، واخرون ندموا ولاموا انفسهم لانهم كانوا جزءا منها، سواء بالسر او العلن، بعد ان لمسوا كارثية الحدث على امنهم القومي وهؤلاء غالبيتهم عرب، لكن هل يُكفِّر تشكيل اللجان ذنبا اعظم، أم انه مجرد محاولة لتجميل وجه الغرب القبيح؟ وهل يُعيد اللوم والندم عجلة التاريخ الى الوراء، بعد ان تغوَل الغرباء في مسك رقبة العراق والتصرف به ضد إرادة الأمة؟ يقينا لا هذا ولا ذاك يمكن ان يعيد للعراق احد عشر عاما من عمره انقضى في التدمير والاستلاب الممنهج. انظروا الى خارطة العراق الجغرافية والسياسية ومقوماته البشرية والاقتصادية والعمرانية والتربوية والعلمية والاخلاقية، لتروا عظم الجريمة وفداحة الخسران.
تمعنوا في الخطاب السياسي السائد فيه لتروا شناعة التثقيف الطائفي، والاجتهاد في اكتشاف العبارات الطائفية التي باتت على السنة كبار المسؤولين فيه. فالعراق اليوم في نظرهم وفي استراتيجيتهم معسكران، معسكر يزيد ومعسكر معاوية، وجيش حُسيني يقاتل اقواما ليسوا حُسينيين، لذلك لا ترفع دروعه ودباباته وسياراته العسكرية علم العراق، بل رايات تشير الى واقعة الطف في كربلاء قبل اكثر من الف سنة. اما جغرافيته فقد تمددت عليها حدود حمراء تشير للكانتونات الطائفية والقومية، فهذه حدود المناطق الشيعية، وتلك حدود المناطق السنية واخرى للتركمان وغيرهم. وهذه حدود المناطق الحاضنة للارهاب وتلك حدود المناطق المكتوية بالارهاب.
وهنالك حدود اكبر ومحمية اكثر للاكراد، بينما في بغداد توجد حدود المنطقة الخضراء لشعب الشيطان المختار، حيث الطغاة والسراق وزعماء الميليشيات وعملاء كل دول العالم. ولان الاهتمام قد انصب كله على حدود الجغرافية الطائفية وليس على المؤسسات والانسان، ولان هذه البقع الجغرافية جرى تصويرها ومحاولة حشدها ضد بعضها بعضا، فان العراق بات يعاني من انفجارات الجغرافية. فحرب الانبار اليوم ليست بـــين حكومة تريد فرض القانون وارهابيين كما يزعمون، بل بين زعماء طائفيين يعتقدون ان الانبار يجب ان تخضع لسيادة جغرافيتهم الطائفية وليس لسيادة الدولة، كي يتم تأمين طريق الحرير الطائفي الممتد من طهران حتى الضاحية الجنوبية في لبنان، مرورا بالعراق وسوريا، لذلك كان الحقد والكراهية واضحي المعالم في عبارات رئيس الوزراء منذ بدايات الحراك الشعبي فيها، بينما يدعي انه رئيس لسلطة ديمقراطية منتخبة، وهذه الصفة التي يطلقها على حاله تتطلب منه ان ينحني اجلالا لصوت مواطن واحد من شعبه، فكيف اذا كان الصوت مرتفعا من ملايين من شعبه؟ فهل يعقل ان يكون ملايين الشعب فقاعة نتنة كما قال، والسلطة هي وحدها من يملك الحقيقة؟
واذا كانت كل هذه الملايين بهذا الوصف أليس من المنطق ان تكون صناديق الاقتراع وقانون الانتخابات والممارسة الديمقراطية، كما يسمونها، فقاعة ايضا؟ بل أليس من المنطقي ان تكون كل السلطات العراقية اكبر فقاعة عرفتها البشرية؟ نعم هي كذلك والادلة على ذلك كثيرة في الحياة السياسية العراقية.
فقد تبين ان كل قوى الجيش والشرطة والاجهزة الامنية والاستخباراتية فقاعة، لانها لم تستطع ايقاف موجة التفجيرات بالاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة حتى اليوم، وان المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية فقاعة لانها لم تستطع تشريع قوانين وتنفيذ خطط تنقذ شعبنا من الجوع والامية والحرمان، ومازال البريء يقتل والمجرم يطلق سراحه، وان هنالك عدم مساواة بين المواطنين. وان القوانين فيه اكبر فقاعة الى حد المهزلة، فنجل رئيس الوزراء لمجرد ان والده المالكي يذهب ويعتقل من دون اية صفة قانونية تؤهله لذلك، وعلى خطاه يمنع ابن وزير النقل طائرة مدنية اجنبية على متنها سبعون مسافرا من الهبوط في مطار العاصمة الدولي، فقط لانه تأخر عن موعد الاقلاع فأراد الانتقام والثار لكرامته واظهار قوة تاثيره الشخصي، ليس في العراق وحسب، بل يمتد ليشمل دولا اخرى، ومع ذلك يبقى الوزير في منصبه ويعقد مؤتمرا صحافيا للدفاع عن نجله وتبرير فعلته، ولم يعلن استقالته كما توقع البعض وتمنى، لان المسؤولية مجرد فقاعة في المفهوم العام لدى ساسة العراق. وكيف له ان يتنحى عن المنصب وقبله نواب ووزراء ورؤساء وزارات كثر كان استغلالهم للسلطة مثله او ربما اكثر. يقول المفكر الفرنسي فوكو: ‘كي يمارس الانسان السلطة عليه ان تكون لديه المعرفة اللازمة، وممارسة السلطة مع المعرفة المتوفرة ينتقل الانسان الى مرحلة جديدة تتطلب معرفة جديدة غير التي استعملها’، لكن الساسة في العراق لا يؤمنون بهذا الفهم وهذا الربط الحتمي في ممارسة السلطة المستندة الى المعرفة، لانهم وببساطة تامة اميون وجهلة بكل المعارف التي انتجها العقل البشري، لذلك اجتاح العراق في عصرهم وباء قتل العلماء كي يأخذوا مواقعهم، كما ان السلطة لديهم ليست سوى اسهم استثمارية يجب ان تدر عليهم المال والجاه، من دون جهد يبذل، لذلك تحول المشهد السياسي العراقي الى ساحة مضاربات مشهورة حتى على الصعيد الدولي.
فهل بعد كل هذا النزف المزمن ما زال من يؤمن بان العراق دولة؟ وهل مازال هنالك من يجــــرؤ على المراهنة على العملية السياسية؟

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..