موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 16 مارس 2014

صناعة الارهاب في العراق

وجهات نظر
مهند العزاوي
اصبح الارهاب من ابرز الظواهر النازفة في المجتمعات بشكل عام، وفي الدول العربية بشكل خاص، وفي العراق بشكل واسع ، حيث اصبح الارهاب صناعة متقنة تشترك بها مخابرات الدول والشركات والحكومات والمنظمات الارهابية والجريمة المنظمة في تقاطع مصالح قل نظيره بشكل يخرق السلم والأمن الاهلي.

وتعد ظاهرة الإرهاب من مظاهر العنف التي تفشَّت في المجتمعات العربية، فمنذ أوائل السبعينات من القرن الماضي وكلمة "الإرهاب" ومشتقاتها من أمثال "إرهابي" و "الإرهاب المضاد" وغيرها قد غزت بالفعل وسائل الاعلام وخطابات السياسيين والحكومات.
ولعل الارهاب في العراق اصبح منظومة تدار من الدول المتورطة بدماء العراقيين ومن الباحثين عن المناصب، والمهتمين بصرف الانظار عن الفساد الهائل، والفشل المتكرر، والقتل خارج القانون، ومناخ المليشيات الحاكمة والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان، ويبدو ان المال العام العراقي المنهوب بات يعلم طريقه لجيوب ممثلي المنظمات الاممية المختصة بالمراقبة والمسائلة عن حقوق الانسان والقانون الدولي ، وكذلك لخزائن الدول ووسائل الاعلام المشاركة بسوق الارهاب في العراق .
مصطلح الارهاب
أضحى مصطلح "الإرهاب" من أكثر الاصطلاحات شيوعا في العالم منذ غزو العراق 2003، وأصبح الإرهاب الذراع المخيف لتهديم الدول وتمزيق المجتمعات، وفتح بوابات الاستنزاف المالي والبشري في كل مكان، وليوجد حتى الان تعريف قانوني رسمي للإرهاب متفق عليه دوليا يجسم شكل وطبيعة الارهاب ومعايير التجريم ونوع الفعل المتسق بالإرهاب، مما اتاح استخدامه بشكل هلامي وواسع، وأصبح عتاة الارهاب يستخدموه لأجل مكاسب سياسية، بعد ان استخدمته الدول الكبرى لتبرير الغزو النفوذ واستعمار الدول وخلق الاضطراب فيها، ويعرف البعض الإرهاب بأنه "استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي"، أو انه "القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الابرياء من أجل كسب سياسي"، أو "الاستخدام غير القانوني للعنف ضد الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين للإذعان لأهداف سياسية"، أو هو  باختصار  "استخدام غير شرعي ولا مبرَّر للقوة ضد المدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف سياسية"، ويبدو أن التعريفات تتفقٌ على العناصر الثلاثة للإرهاب: العنف، أو التهديد به، واستهداف المدنيين الأبرياء، أي غير المتحاربين، لتحقيق أهداف سياسية أو تنفيذًا لدوافع سياسية.

الارهاب الوافد للعراق
يعاني العراق من الارهاب الوافد الذي جعل من العراق مسرحا لصراع الاجندات الدولية والإقليمية باستخدام التنظيمات المسلحة والمليشيات وفرق الموت المخابراتية ، ويعد هذا عمل عدواني يجرمه ميثاق الامم المتحدة وفقا لأحكام المادة (51) ، لأن الدولة التي ترعى الإرهاب ضد دول أو مجتمعات أخرى إنما تكون قد تورَّطت في حرب غير معلنة معها ، وبالتالي تصبح مسؤولة دوليًا عن هذه الحرب ذات الشحن المنخفضLow – Intensity Warfare، وإذا كانت أعمال "إرهاب – الدولة" تتمُّ غالبًا بشكل غير مباشر فإنها قد تُقدِم أحيانًا على أعمال إرهابية مباشرة عن طريق قواتها المسلحة النظامية ومخابراتها وقوات لامتناظرة (المليشيات) ضد دولة أخرى أو ترويع السكان المدنيين فيها، وذلك من أجل تحقيق أغراض سياسية معيَّنة وينطبق هذا على التدخل الايراني المباشر بالعراق منذ عام 2003 وحتى الان، ويصنَّف عملاً عدوانيًا بصرف النظر عن ذرائع الدفاع عن النفس إذ انها تخالف العمل أحكام المادة 51 وشروطها من ميثاق الأمم المتحدة ، وهذا ينطبق على الارهاب الوافد للعراق .

سوق الارهاب في العراق
اصبح الارهاب منظومة ايديولوجية وعسكرية ومالية وبشرية، وأضحت صناعة متقنة تقود لسوق اقتصادي بشع وقوده البشر والمجتمعات ، ولعل سوق الارهاب في العراق الاكثر رواجا في العالم، حيث اصبح يستقدم غالبية شركات الامن القومي الاسرائيلية والغربية والأميركية والإيرانية والروسية والصينية  والعربية تحت يافطة "الحرب على الارهاب"، دون الاخذ بنظر الاعتبار مظاهر فشل التجربة السياسية في العراق، وغياب القانون، واندثار المؤهلات المهنية للقيادات والأفراد القائمين على ملفات الامن والدفاع ومكافحة الارهاب، وكذلك غياب الطبقة السياسية الواعية التي تبحث عن مشروع تنمية وبناء الوطن والمواطن، ولعل غالبية احزاب السلطة والمخول لهم دوليا ومحليا وإقليميا بإدارة العراق ما بعد الغزو هم من ذوي خلفيات ارهابية وقادة مليشيات مسلحة ومن ذوي السوابق الجنائية مما يخلق مناخ العسكرة والمليشيا والإرهاب، وبذلك اصبح سوق العراق المضطرب يجذب بأمواله المباحة خزائن الدول والشركات على حساب امن وسلامة المواطن العراقي ومعيشته وحريته ورخائه، واستبدالها بالأسلحة والاعتدة والواقيات ضد الرصاص والسيارات المصفحة والكلاب والأجهزة الكاشفة ووو والقائمة تطول وصولا الى تجارة السجون.

اشكال الارهاب في العراق
الدور الدولي: حيث تعمل مخابرات دول العالم وبلغت الاحصاءات عن وجود نشاط لأكثر من 65 جهاز مخابرات دولي وإقليمي وعربي ويتصدرها كل من ايران وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفقا للتأثير والانتشار.
استراتيجية السلطة: تمارس السلطة استخدام العنف المفرط بما يتسق مع ثقافة المليشيا سلطة ناهيك عن سياقات الامن والاقتحام العنيف التي اعتنقت كعقيدة وافدة من شركات الامن القومي الخاصة السالفة الذكر والتي تجعل من المواطن عدو افتراضي في كل مكان اضافة الى التنكيل والقتل خارج القانون والتعذيب والاغتصاب في السجون.
 الاحزاب: غالبية الاحزاب المتنفذة بالعراق وبعض الاحزاب الطائفية تمتلك مليشيات وسجون وتمارس الترهيب والاغتيالات في العراق بشكل منظم.
 المليشيات: في العراق الان ما يقارب 12 ميليشيا طائفية تعتنق الطائفية السياسية، وتمارس نشاطها بشكل علني امام انظار السلطة وبالتنسيق مع قواتها، وهذه الميليشيات لم تكن موجودة قبل غزو العراق.
 الفساد: اصبح الفساد بالعراق منظومة متكاملة تمارس الدعاية والترويع والتضليل والإرهاب لبسط نفوذه بالعراق.
التنظيمات المسلحة كالقاعدة وداعش التي تشكلت أواخر أبريل/ أوائل مايو 2013 في سوريا، صناعة مخابراتية اقليمية، فهذه التنظيمات لم تكن موجودة قبل غزو العراق وقد جرى استقدامها للعراق من افغانستان عبر ايران التي تؤمِّن ملاذاً وتدريباً لها وتسهِّل مرورها لغرض فرض الاضطراب والإرهاب وتوظيفه سياسياً وامنياً وتبرر تدخلها.
الجريمة المنظمة: يعجُّ العراق بعصابات الجريمة المنظمة كالمخدرات وتبييض الاموال والاتجار بالبشر والسلاح والقتل والاغتيالات والقائمة تطول.
الجريمة المحلية: في كافة المجتمعات هناك مجتمع الجريمة الجنائية والتي تطورت اساليبها وإشكالها، ولعل ابرزها عمليات الخطف والابتزاز وسرقة البنوك والاغتيالات وأصبحت هذه العصابات رديف للإرهاب.
الاعلام الموجَّه: اصبح الاعلام الوجه الناطق للإرهاب عندما يغيِّب الحقائق ويجرِّم الحقوق ويلمِّع القتلة ويحضُّ على القتل عبر الشاشات، خصوصا ان في العراق ما يقارب 250 وسيلة اتصال تحرِّض على القتل فقط لمكافحة الارهاب.
يبقى الملف الامني العراقي مرتهن بالملف السياسي، وفي ظل غياب السيادة والرؤية الوطنية والمهنية، وسيادة فلسفة حكومة المذهب وجيش الطائفة، وفتح ابواب العراق وحدوده للمليشيات والتنظيمات الارهابية، وتعاظم روح الكراهية والضغينة الداخلية، فإن الامن يبقى مفقوداً، ويبقى العراق مرجلا للعنف ومصنعا للإرهاب بدعم دولي وإقليمي وحكومي وغير حكومي وحزبي، ليتفق الكل على ادامة سوق الارهاب بالعراق.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..