خليل الياس مراد
العراق بلد غني بشعبه وارضه وثرواته النفطية وبثقله
السكاني وموقعه الاستراتيجي الهام في المشرق العربي، وتعد ثورة تموز عام 1968 ثورة
عملاقة هلل لها الشعب وتوحد خلفها العرب واصبحت نموذجا تحرريا في العالم الثالث، ثورة
قدمت انجازات كبيرة بتحرير الاقتصاد الوطني وامتلكت ثروات وطنية ضخمة بعد تأميم
النفط الخالد، وبدأت ببناء البنى التحتية والقيام بتنفيذ خطط تنموية في جميع
الميادين وهددت المصالح الامريكية ومشروعها الاقليمي شرق اوسطي وشكلت عقبة امام
تنفيذة بشهادة بوش الصغير .
ولم تكتف بذلك بل شنَّت غزوها وعدوانها في 20 اذار 2003
متجاهلة الاجماع العالمي واطلقت في يوم العدوان الآثم (800) صاروخ كروز
من البحر الاحمر شديد التدمير على بغداد. وعندما سئل احد العراقيين العملاء في
لندن ماهو شعورك والصواريخ تقع بكثافة على بغداد وتحول استقرار هذا البلد
الى خراب؟ اجاب بلا حياء: اني استمع في هذه اللحظات الى اجمل سيمفونية. هكذا قال وهو
يرى كيف تدمر بغداد ويقتل العراقيين وتحرق اشلائهم ويخرب كل شيء!
وبعد ان احتل الامريكان العراق كان هاجسهم الوحيد تمرير مشروعهم
الاقليمي وتخريب العراق وهو ما أنجزوه بإصرار ويواصله من بعدهم عملاؤهم.
وبعد 11 عاماً على الاحتلال، ثبت عقم وسذاجة الذرائع
التي ساقها بوش الصغير وتيارة اليميني العنصري، اذ لم تكن تلك الذرائع اكثر من
اكاذيب.
كذب بوش على نفسه كما وصفه الكاتب الامريكي كرستوفر شير
بهدف تسويق او ربما تورية على الاسباب الحقيقية للاحتلال وهي النفط وحماية
اسرائيل وتدمير التجربة العراقية غير الموالية لها.
فقد جرى تدمير لمؤسسات الدولة ومحو هويتها وتفكيك كيانها
التاريخي، عبر نشر ثقافة الفوضى والقتل والاقصاء والتهجير الطائفي والعرقي وتغذية
الحرب الاهلية وروح الكراهية والانتقام في نفسية المواطن العراقي، وبالتالي وضع
مشروع تمزيق العراق الى كيانات عاجزة ومشلولة لتمرر من خلالها الهيمنة الامريكية
والصهيونية على الوطن العربي كله
لقد طالت استراتيجية التدمير والفوضى كل شيء في
العراق. فتاريخ العراق بعد الاحتلال يبدأ بنشر الخراب في بلد عدَّ وبكل المقاييس
انموذجا للتقدم في العالم الثالث، فتم الغاء كل المناسبات الوطنية التي كان
يحتفل بها العراقيون وازيلت سلطتهم المركزية وتم تفكيك النسيج الاجتماعي
والثقافي الوطني بأسره، وصولا الى تدمير اساس التعايش التاريخي بين الجماعات
المؤتلفة للسكان وثقافتها وخصوصياتها المحلية.
لقد كانت احدى علامات الفرقة التي زرعها
المحتل في الجسد العراقي حل الجيش العراقي ذو التاريخ الوطني المشرِّف والاجهزة
الامنية والاعلامية والاقتصادية الاخرى، وبيعت مصانع القطاع العراقي العام
باثمان بخسة للشركات والرساميل الاجنبية، ونشرت المليشيات وفرق الموت في
الشارع العراقي التي خلقت الرعب في نفوس العراقيين ومارافقها من قتل العلماء
والوطنيين المدنيين والعسكريين.
وبعد ان اكملت قوى الاحتلال خططها بتفكيك بنية العراق
الداخلية بدات باشغال القوى العراقية بصراعات باسم الدين والطائفة والقومية، وكرست
مفهوم المحاصصة الطائفية في مفاصل الدولة واباحت سرقة المال العام، واصبح
العراق اليوم دولة طوائف بكل المقاييس تنتهك كل قيم الدولة الحديثة ومقوماتها،
واثبت للجميع ان شعارات امريكا التي شغلت ابواقها ودعاياتها الحرية والديمقراطية
وحقوق الانسان وحكم الدستور والتخلص من الاستبداد مظللة وكاذبة، فالديمقراطية
الامريكية هي لصوصية، وحريتها هي تقييد الحقوق الانسانية، وانسانيتها منتهكة حسب
تقارير الامم المتحدة، وسلطتها جائرة بعد ان خوَّلت امريكا اذنابها وجواسيسها
حكم العراق.
ان امريكا وقواتها التدميرية تفاجأت بظهور المقاومة
الوطنية المسلحة بعد ايام قلائل من احتلال العراق. والتي ألحقت بقوات المحتل خسائر
بشرية ومادية كبيرة، اجبرت ادارتها في واشنطن ان تجر اذيال الخيبة والهزيمة امام
الضربات العراقية الشجاعة والماحقة التي هزَّت اركان البيت الابيض السياسية
والعسكرية في معارك الفلوجة البطلة عام 2004 وماحصل من معارك في العام 2006 .
ان ثورة الانبار والفلوجة الباسلة هي استمرارا لافعال
المقاومة الوطنية التي تكبد ملشيات المالكي وعصاباته خسائر كبيرة في الارواح
والمعدات، وهي ترسم خطواتها وتقدمها نحو ثورة وطنية عراقية عارمة وشاملة تطيح بأركان
العقلية الطائفية الصفوية الى الابد، بإذن الله.
هناك تعليق واحد:
صدقت بكل حرف ويارب النصر القريب باذن الله
إرسال تعليق