وجهات نظر
نزار السامرائي
أوردت مصادر حكومة نوري المالكي أنها
منهمكة بالتحضير لمؤتمر خاص (بالحرب على الإرهاب)، والذي قيل إنه سيبدأ أعماله في
الخامس عشر من آذار الجاري وذلك من أجل تحشيد الجهود المحلية والإقليمية والدولية
لمواجهة ما يطلق عليه رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في عراق
الاحتلالين الأمريكي والإيراني اسم الإرهاب.
ومع أن قائمة بالدول والجهات والمنظمات المشاركة
فيه لم تصدر حتى الآن من جانب الجهات المشرفة على التحضير للمؤتمر، إلا أن من
المرجح أن جميع المشاركين في هذا الاجتماع أو جلهم، يمثلون دولا ترعى منظمات
إرهابية تنوب عنها في تنفيذ عمليات خطف وتفجير وتهجير وقتل على الهوية، ومن ثم
لتدخل الدول المالكة لامتياز تلك الحركات والراعية لها والتي تتحمل تكاليف نشاطها،
طرفا وسيطا للحصول على ثمن مناسب لإنهاء تلك الفعاليات المصممة في دهاليز أجهزة
الاستخبارات، أو أنها حكومات متورطة أصلا بممارسة أسوأ أنواع إرهاب الدولة ضد
المواطنين في البلدان التي تحكم فيها تحت لافتة الحرب على الإرهاب، أو ستحضر
المؤتمر عصابات ومنظمات أسوأ في إرهابها من الجهات التي خصص المؤتمر لشن الحرب
عليها.
لقد اختار المالكي التوقيت الذي تشن فيه
قواته أكبر عملية لإرهاب السلطة في محافظة الأنبار وخمس محافظات منتفضة أخرى،
للإعلان عن دعوته لعقد المؤتمر من أجل تسويق نفسه وحكومته وتحالفه الحاكم، كأطراف فاعلة
في الجهد الدولي للحرب على الإرهاب مصورا للرأي العام العالمي قصف الأحياء الآمنة
في الفلوجة على أنها حرب على الإرهاب، لأن كثيرا من الدول الكبرى وخاصة الولايات
المتحدة بإداراتها المختلفة تضع هذا المسعى على رأس جدول أولوياتها وخططها
السياسية والاقتصادية والأمنية.
ولكن المالكي وبصورة قطعية يريد أن يجلس
مع الكبار ويرتدي حذاء أكبر من قدمه، على مائدة الشيطان كي يصور نفسه كحليف لا بد
منه لضمان إنجاز هذا الهدف، وأن بقاءه رئيسا للوزراء في العراق هو الضمانة الوحيدة
لبقاء العراق دولة تحارب الإرهاب وليست راعية له، لاسيما وأن شعار الحرب على
الإرهاب شعار يصعب فيه تأكيد تحقيق رصيد ميداني يمكن تلمس نتائجه على الأرض، ففضل
المالكي الذهاب إلى عالم افتراضي يقبل الكثير من التأويل والتفسيرات المتصادمة،
لهذا حرص أولا على أن يطرح نفسه بطلا مزعوما من دون قضية ولا جهد أو دور حقيقي، في
المحافل الدولية وعبر وسائل الإعلاموفي مؤتمر يريد أن يعترف له بشرعية قانونية
كطرف معاد للإرهاب وواحد من أبرز ضحاياه في العراق، لكنه أخفق في كسب الاعتراف له
بصفة المحارب المغوار داخليا فذهب متسولا هذه الصفة في الخارج عساه أن يلتحق بركب
مناحيم بيغن الذي كان زعيما لأكبر عصابة صهيونية وهي عصابة الأرغون التي أشاعت
الرعب في أوساط الفلسطينيين أيام الاحتلال البريطاني، ولكنه عندما أصبح رئيسا
لوزراء إسرائيل حصل على جائزة نوبل، وبيغن والمالكي متطابقان في ماضيهما المشترك كزعيمين
لعصابتين إرهابيتين ثم أصبحا رئيسين للوزراء.
من المعروف أن من يريد تقديم أوراق
اعتماده للإدارة الأمريكية كصديق صدوق وحليف وفيٍ يمكن أن يَعتمد عليه في الشدائد
والملمات، عليه أن يرتدي الملابس التي يتطلبها الدور الذي يريد تأديته في مسرحية
(الشيطان يعلن الحرب على الشر)، وبات من المعروف اليوم أن من لا تقبل الولايات
المتحدة ضمه إلى حلف الحرب على الإرهاب فلن يعترف به في هذا الحلف مهما أقسم بأغلظ
الأيمان وجاء بأعمال خارقة حتى لو كانت من وزن أفلام رامبو، ومهما قدم من براهين
وأدلة على أنه ضحية لهذا الداء الذي زرعت الولايات المتحدة نبتته الأولى في العالم
ثم طفقت في شن الحرب عليه وعلى من استورده استجابة لإرادة واشنطن وبناء على
رغبتها، وفي المرتين كانت الولايات المتحدة هي الرابح الوحيد وفي كلا الحالتين كان
الآخرون هم الخاسرين، لأنهم في لعبة غير متكافئة والخديعة تلعب فيها الدور البارز،
وهناك من لا يزال يعتمد معيارا أخلاقيا في علاقاته الدولية التي تضم عدة نقاط لا
مكان للمبادئ والقيم والأخلاق بينها.
ومن هنا اختار نوري المالكي الأراضي الأمريكية
ليغازلها عن قرب ويعلن من واشنطن بالذات نيته بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب،
فهناك لمثل هذا الإعلان طعمه الخاص، ومع ذلك فإن زيارة المالكي لواشنطن نهاية
تشرين الثاني الماضي لم تؤت أكلها في تتويج المالكي ملكا عربيا على عرش مكافحة
الإرهاب فماضيه معروف ويخنقه في كل وقت ولن يمحوه احتلاله لمنصب رئيس الوزراء
والقائد العام للقوات المسلحة، لاسيما وأنه يمتلك سجلا جنائيا عن جريمة التفجير الانتحاري
لمبنى السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية بيروت نهاية عام 1981 عندما كان
مسؤولا عن المكتب العسكري في حزب الدعوة الإرهابي الحاكم بالتعاون مع المخابرات
السورية وجهاز الاطلاعات الإيراني، وكذلك العمليات الإرهابية التي نفذها انتحاريون
في بغداد عام 1982 والتي طالت وزارة التخطيط ومبنى الإذاعة والتلفزيون ومبنى وكالة
الأنباء العراقيةودور عرض سينمائي، أدت إلى مقتل العشرات من المواطنين العراقيين
المدنيين، والذين ما تزال دماؤهم دينا برقبة نوري المالكي شخصيا وحزب الدعوة
الحاكم، فيما لو حرك أولياء الدم دعاوى قضائية لاستعادة حق مسلوب، وملاحقة رئيس
الوزراء الحالي وزعيم عصابة الدعوة على ما ارتكب من جرائم إرهابية.
فهل يصلح شخص مثل المالكي لتأدية دور
الضحية ورفع صوته بالوقوف ضد الإرهاب؟ وهل يدلنا على وصف نستطيع إطلاقه على
الجرائم التي ارتكبها حزب الدعوة الإرهابي الحاكم في عقد الثمانينات من القرن
الماضي وسجلت على أنها إنجازات جهادية لامعة للحاج جواد المالكي؟
هذه هي مفارقات الزمن العراقي الرديء
الذي تحكمه عصابة من الذئاب وهم يتزيون بزي الحملان الوديعة.ملاحظة من الناشر:
لمزيد من التفاصيل عن السيرة الإرهابية (العطرة) للمجرم نوري المالكي، مع الصور، يرجى الضغط هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق