موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الجمعة، 21 مارس 2014

نزع أحاسيس الأمة!

وجهات نظر
خلف الحربي
حين ينزع طبيب الأسنان العصب من أحد الأسنان فإنه يحيله إلى قطعة مريحة لا حياة فيها ولا ألم، والألم في أحيان كثيرة هو الدلالة الأولى على الحياة، حيث تصبح هذه القطعة مثل حجر لا ينبض فيه شيء فتتآكل مع مرور الأيام، وهذا ما يحدث اليوم في عالمنا العربي، حيث لم تعد عمليات التخدير كافية لتقبل الانهيار الكبير فجاءت مرحلة نزع الأحاسيس من جذورها.

فيما مضى من السنين كانت عملية التخدير أو الإلهاء تتم عبر تقنية بسيطة تتلخص في إغراق المواطن العربي بمشاكل يومية لا تنتهي فينسيه انقطاع الكهرباء المتكرر ما يحدث لأهلنا في فلسطين ويبعده غلاء الأسعار عن ما يحدث لأهلنا في العراق.. وهكذا ما أن يصحو من غفوته الاضطرارية حتى يتم إغراقه بسيول من الفن الهابط أو إدخاله في نفق التعصب الرياضي أو غير ذلك من التفاهات التي تساعده على العودة إلى النوم الطويل العميق بينما تشتعل الحرائق حول فراشه الممزق.
اليوم لم يعد كل هذا كافيا، حيث دخلنا في طور جديد يشبه عملية نزع الأعصاب، حيث يتم حرق سوريا بشكل يومي ودون انقطاع حتى يصل الناس إلى قناعة بأن هذا هو الوضع الطبيعي، بينما يتم قصف غزة كلما شعر الجيش الإسرائيلي بالملل فيشعر العرب أن ما يحدث هو أمر معتاد، وكذلك يتم تفجير العراق والاستمرار في محاولة طمس هويته حتى يتعايش كل العرب -بما فيهم العراقيون- مع هذا الوضع المرعب حتى يصلوا إلى الدرجة التي يقتنعون فيها أن المسألة لا تحتاج أي مبادرة لإعادة الأمور إلى نصابها، وفي اليمن حيث تتقاسم المليشيات والقبائل السيطرة على المحافظات المختلفة لم يعد هناك من يكترث بالسعي لإنقاذ هذا البلد العربي من الأوضاع التي يعيشها.
حاولوا أن تتذكروا ردود فعلكم تجاه ما يحدث لأشقائنا في سوريا قبل سنتين ودرجة تفاعلكم مع الأحداث ذاتها في هذه الأيام، قارنوا غضبكم تجاه ما يحدث في غزة بحالة التبلد التي تسيطر على الجميع هذه الأيام، حتى مذيعو الأخبار اختفت من حناجرهم نبرة الاهتمام بما يحدث في عالمنا العربي فتركزت أحاديثهم على ما يحدث في القرم!، إنها بالضبط عملية نزع الأعصاب وهي ليست بالأمر اليسير فهي تحتاج إلى سنوات من الضرب على الرأس حتى يفقد العقل قدرته على التركيز.
كانت الحكمة العربية تقول: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ولكن التفكير فيما يحدث للثور الأبيض أصبح سلوكا مترفا، حيث أصبح كل ثور لا يشعر بما يحدث له حتى لو أكلت قدميه وأجزاء من جسده فلا يشعر بحقيقة الخطر حتى وهو يعيش في داخله، إذا سمع انفجارا في الشارع الخلفي شعر بالفرح لأن بيته لا يزال سليما وإذا أعماه الدخان القادم من الغرفة الأخرى تمدد سعيدا في غرفته ظنا منه أنها بعيدة عن الحريق!.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..