وجهات نظر
نزار السامرائي
بعد يومين من اجتماعات افتقدت إلى
الجدية في بحث أي من الملفات المطروحة، انتهى في بغداد المؤتمر الذي شاءت إرادة من
بيده سلطة القرار السياسي، وسلطة التحكّم بالمال العام أن تسميه بمؤتمر مكافحة
الإرهاب، ولم تفت مراقبي المؤتمر ملاحظة أن المشاركين فيه كانوا يفتقدون إلى
الحماسة حتى أن معظمهم كان سارحا عما يجري أمامه من عروض مسرحية بائسة لملف من
أكثر الملفات إشغالا لكثير من دول العالم المتمدن، مما دفع بها إلى تخصيص الأموال
الطائلة والطاقات السياسية والأمنية للتصدي له، وتحويله إلى مادة في غاية الأهمية
والدقة وتّدرس في أرقى المعاهد الاختصاصية.
باختصار شديد لمواجهة الإرهاب لا بد من توفر عدد
من العناصر المهمة المساعدة على القضاء عليه:
أولا: لا بد من وجود حكومة ممثلة للشعب
ومعبرة عن رغباته وتكون قادرة على معالجة الأزمات السياسية والأمنية في بلادها لسد
الطريق على التطرف الذي يعد الحاضنة الأولى للإرهاب، ولا يتحقق ذلك لمجرد أن تكون
هناك نوايا حسنة، إذ لا بد من أن تقترن النوايا الحسنة بالخطوات السياسية العملية
المؤكدة لحرص الحكومة على السلم الأهلي، وذلك من خلال التعاطي مع توجهات الرأي
العام بإيجابية وعدم الاستخفاف بها أو التعامل معها على أنها مطالب خارجة على
الشرعية والقوانين السارية، لأن سلوكا حكوميا كهذا يعد الوصفة النموذجية التي
تساعد على بروز ظاهرة الإرهاب ونموها حتى تخرج عن السيطرة.
إن واجب الحكومة أية حكومة يتلخص في
التعامل مع كل الشرائح الاجتماعية وبصرف النظر عن العرق والدين والمذهب على قدم
المساواة، وسيأخذ هذا الأمر أهمية أكبر إذا كان المجتمع مؤلفا من عدة مكونات عرقية
ودينية ومذهبية وتسطو على الحكم جماعة لا تتوفر على الحد الأدنى من العدل، فتمارس
أسوأ أنواعالتهميش مع مكونات الشعب وتختار طريق العنف وإرهاب السلطة وعدم التعامل
مع أفراده ضمن قواعد الدستور والقوانين المرعية التي تنص على أن جميع المواطنين
متساوون بالحقوق والواجبات أمام القانون، وفي حالة حصول خلل في هذه المعادلة فإن
الحكومة ستتحمل لوحدها المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن خروج أفراد من المجتمع إذا
ما شعروا بالإقصاء والتهميش وسوء المعاملة على الضوابط القانونية طالما أن الحكومة
لم تعتمد هذه الضوابط في تعاملها معهم أصلا، وعلى ذلك فإن وجود حكومة تمتلك صفة
التمثيل الشرعي والدستوري عليها أن تمتلك شرعية الأداء الناجح بصفة مستمرة وإلا
فإن صناديق الاقتراع حتى إذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة لا تمنح الحكمة شرعية
مفتوحة إلى الأبد، وإلا لما تم إسقاط حكومات ديمقراطية جاءت إلى الحكم عبر أكثر
الوسائل الديمقراطية وضوحا وشفافية.
ثانيا: وجود شعب متفق على جملة من
المشتركات التي تحول دون استئثار كتلة أو مكون بمقاليد الأمور وقيادة البلد بصورة
منفردة، وهذا يتطلب وقفة شعبية حازمة عامةبوجه نزعات الاستفراد بالحكم، لأن شعور
المهمشين بأن مكونات الشعب جميعا على استعداد للوقوف مع الحق ضد الطغيان
والاستبداد بصرف النظر عن منشأ ذلك، سيؤدي إلى هبة شعبية شاملة من أجل وضع حد للانحراف
الحكوميوتقويم اعوجاجه بكل الوسائل المتاحة، وخلاف ذلك وعندما يشعر مكون أو تشعر
كتلة سياسية بأن رأيها محتقر ومطالبها لا تجد أذنا صاغية، فإنهما سوف لن يأسفا على
ما يحصل في الأوساط التي لن تهب للوقوف بوجه الظلم، وربما يتطور الموقف إلى ما هو
أبعد من ذلك، إذ سينخرط أفراد من هذا المكون في الدفاع عن النفس أو يتحول المكون
إلى حاضنة للمستائين من سياسات السلطة القمعية المستبدة، وحينذاك سيجد أعداء هذا
الحراك فرصتهم لإطلاق صفة الإرهاب على أي تحرك سلمي أو غير ذلك مما لا يناسب
مقاسات الحكومة ولا ينسجم مع أهدافها.
ثالثا: وجود أجهزة أمنية حامية للشعب
بكل مكوناته فعلا وليس أداة لقمع فئة لحساب أخرى، وغير خاضعة للتسيس والمزاج
الحكومي المغرض، وتتمتع بالمهنية والحرفية وبالكفاءة بعيدا عن منطق البطش بالخصوم،
لأن وجود مثل هذه المؤسسات والتي تتحرك من دون ردود فعل منفعلة، يعد الدعامة
الأساسية لتطهير المجتمع من أية ظواهر إرهابية حقيقية قد تعصف بأمن المجتمع وتهدد
نسيجه الاجتماعي وسلمه الأهلي.
ولكن علينا قبل أن نذهب بعيدا في هذا
العرض أن نسأل أنفسنا ما هو الإرهاب؟ ومتى يحق لنا أن نطلق وصف الإرهاب على أي عمل
مسلح أو غير ذلك؟ وهل علينا أن ننساق وراء التفسيرات الأمريكية التي ترى في كل عمل
مقاوم لهيمنتها العسكرية والسياسية والاقتصادية ولاحتلالاتها عملا إرهابيا؟وهل يعد
كل ما تعتبره نظم الحكم الدكتاتورية عملا مضادا لها من أشكال النضال السياسي إرهابا؟ ثم ما هو الحد الفاصل بين العمل المقاوم المشروع لكل
أشكال اغتصاب السلطة والاستئثار بمكاسبها واعتبار البلد ضيعة خاصة بالطبقة الحاكمة
ومحاولتها إذلال المعارضين لسياساتها المنحرفة.
لقد ظل مفهوم الإرهاب مفهوما مطاطيا
وخاضعا لمزاج القوى الكبرى ضد الدول الصغيرة وتبتزها بموجبه لانتزاع أكبر قدر من
التنازلات السياسية منها، وبالمقابل فإن حكومات الدول الصغيرة تحاول توظيف مصطلح
الحرب على الإرهاب لإرسال رسائل إلى الدول الكبرى التي اتخذت الموقف المعلن من
الإرهاب معيارا لنوعية العلاقات معها، وتحت لافتة الحرب على الإرهاب تفتك حكومات
كثيرة بالمواطنين في البلدان التي تحكمها مستفيدة من حالة الصمت التي تتعامل فيها
الديمقراطيات الغربية مع الإرهاب الدولي.
هناك تعليقان (2):
عدنان
لو تمعنا بشعار مايسمى بذلك المؤتمر لكان قد دار في اذهاننا الكثير الكثير
شعارهم فضح مدى وقاحتهم: الوطواط ونقطة الدم في المركز إنه رمز إرهابيّ آمريكا وذيولها وصهيانتها وربيبتها إيران ملالي المجوس الفاشيست مصاصي دماء الإنسانيه..هؤلاء المجرمون يتصورون إنه سوبرمانهم ناقذ الإنسانيه!!..إنهم يجرون العالم والإنسانيه الى العدم كهتلر النازي فلماذا كل العالم يدين هتلر.. فمتي يعي ويخلع آقنعة المخادعه عن هؤلاء الإرهابين. فاليعلم الشعب العراقي العظيم كم تعول الإنسانيه عليه وتنتظر منه ويلا يا عراقي يلا لتتراجع آمريكا في زاويتها منكفئه، ليسقط ملالي المجوس في نار زرادشت وتنزوي إيران في حدودها ما بعد الآحواز، لتتقزم إسرائيل وويلها ويلها إذا حاولت فتح ساقيها العاهرتين كما تدعي ما بين النيل والفرات..قزمة كنت يا إسرائيل وستظلين قزمه لحين زوالك لآنك شريره آنت وشعبك اللملوم نقطه.
إرسال تعليق