وجهات
نظر
العباسية
نيوز
عندما يصل كاطع الركابي
الملقب بـ(أبو مجاهد) ووظيفته الرسمية مدير عام (متفرغ) في مكتب رئيس الحكومة نوري
المالكي إلى دبي التي يحبها ويعشق لياليها ويستمتع بأجوائها، فان دارته الأنيقة
المطلة على الخليج في جزيرة (النخلة) تتحول إلى (مضيف) يرتاده رجال أعمال وتجار
كبار ومقاولون وسماسرة وأبناء اسر وبيوتات تجارية عراقية (قديمة وحديثة) يقبلون
بحجة السلام عليه وتهنئته بسلامة الوصول واللقاء به، ولكن مهمتهم الحقيقية تتمثل
في عقد صفقات تجارية او استحصال موافقته على عقد او مقاولة او تمشية (معاملة)
استيراد متلكئة لأي سبب كان في إحدى الوزارات او الجهات العراقية.
ويعد (ابو مجاهد) اليوم واحداً من أباطرة المال والتجارة في
العراق، وهو صاحب نفوذ في أوساط حزب الدعوة رغم انه بمرتبة صغيرة فيه، ومسؤول مهم
في حكومة المالكي، قادر على التلاعب بوزرائها ووزاراتها حسب ما يشاء، وكثيراً ما
يلجأ الوزراء إليه في حل المتاعب والمضايقات التي يتعرضون لها من مراكز قوى
متنفذة، فيجدون الحضن الدافئ والتفهم المطلوب ولكن (كل شيء بحسابه) كما يقول المثل
الشعبي العراقي.
ويتندر رجال الاعمال والتجار المحسوبين على كاطع
الركابي، كيف لجأ إليه وزير الزراعة الحالي عزالدين الدولة الذي استقال من منصبه
تحت ضغوط آل النجيفي (اسامة واثيل) واكتشف بعد استقالته انه خدع من الأخوين، في
حين عد المالكي استقالته تحدياً له واتخذ قراراً بتعيين احد وكلاء الوزارة بدلاً
منه، فما كان من الدولة إلا شد الرحال إلى دبي وقابل (أبو مجاهد) وشرح له ملابسات
استقالته معرباً عن ندمه واستعداده لتقديم كل ما يؤمر به (الشيخ) إذا أعيد إلى
منصبه.
وبالفعل ما ان عاد أبو مجاهد
الى بغداد حتى كان قرار المالكي بعودة عزالدين الدولة إلى منصبه قد صدر، ورجع
الأخير وهو ناقم حد العظم على آل النجيفي ووزير مطيع في خدمة الركابي الذي استحوذ
على جميع استيرادات الوزارة من المستلزمات الزراعية، ووصل إلى قيام وزير الزراعة
بمنح ملايين الدولارات لأقارب أبو مجاهد في الناصرية من تعويضات الفلاحين
المتضررين من الفيضانات رغم انهم جميعاً ليسوا أصحاب أراض وليسوا مزارعين.. كل ذلك
لـ"خاطر" الشيخ كاطع.
ويحرص أبو مجاهد إتمام صفقاته واللقاء مع شركائه التجاريين في
دبي التي يزورها في الشهر مرتين، ويقضي هناك اسبوعاً في كل زيارة، اعتقاداً منه
بان هذه المدينة الساحرة البعيدة عن عيون (الحساد والمنافقين) سواء في حزب الدعوة
او في أوساط مكتب رئيس الحكومة، تسمح بالاجتماع مع من يرغب من رجال الاعمال وأصحاب
المليارات والتداول في الشؤون التجارية والمالية بمعزل عن أجواء بغداد التي تختلط
فيها رائحة الدم وحوادث العنف والتفجيرات التي تهيمن على المشهد السياسي
والاجتماعي والتجاري.
وينقل عن رجل اعمال (كبيسي)
يقيم في دبي ويرتبط بعلاقات وثيقة تجارياً ومالياً مع (ابو مجاهد) انه سأله في اخر
لقاء معه عن رأيه بتصريحات امين بغداد وكالة نعيم عبعوب التي قال فيها ان الخدمات
في بغداد افضل من (دبي) فكان رده بان عبعوب حمار.. وسكت.
ويرفض (ابو مجاهد) الخوض في قضايا سياسية خلافية مع زواره
والمتعاونين معه، ويقتصر مناقشاته معهم على موضوعات (البزنس) و(الكومشن) وتفاصيل
الصفقات والعقود والمقاولات، ولكن هذا لا يمنعه من التحول إلى مدافع شرس عن (ابو
اسراء) اذا شعر ان احدهم أبدى ملاحظة او رأياً حول رئيس الحكومة بأي شكل من
الاشكال.
ويعتقد كثيرون من المتعاملين مع (ابو مجاهد) ان الاموال التي
جمعها منذ تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة في منتصف العام 2006 وصدور قرار بتعيين
كاطع الركابي مديراً عاماً في مكتب رئيس الحكومة حتى نهاية العام 2013 لا تقل عن
20 مليار دولار، وفق حسابات تقول أن ما يحصل عليه (ابو مجاهد) في العام الواحد لا
يقل عن 3 مليار دولار عن عمولات وإيرادات وهدايا ومكافآت وتمرير عقود وتوقيع
صفقات، ويرون ايضاً ان التسهيلات التي يحظى بها في اوساط الحكومة العراقية تؤكد
انه ربما يكون شريكاً مع المالكي او ابنه احمد ويشيرون بهذا الصدد ان (ابو مجاهد)
وحده الذي سوى المشاكل والخلافات بين احمد نوري المالكي وشريكه السابق نمير
العقابي، ففي خلوة واحدة جمعت بين الركابي والعقابي في دبي تلاشت الخلافات وانتهت
المشاكل وعاد العقابي الى مربض فرسه في لندن باقل الخسائر، ورجع كاطع الى بغداد
محملاً بـ(النصر)، والمعلومات تشير الى ان (التسوية) بين ابن رئيس الحكومة وشريكه
المشاكس تضمنت تنازل الاخير عن عقود شركته الامنية مع الجهات الحكومية وقيمتها 60
مليون دولار سنوياً والتخلي عن عقود مع امانة بغداد ووزارات التجارة والصناعة
والكهرباء والنفط والاسكان قيمتها الإجمالية بحدود 85 مليون دولار اضافة الى تحويل
ملكية 120 سيارة مختلفة الأنواع والأغراض من بينها 30 سيارة مصفحة.
ومما ينقل عن سطوة (ابو
مجاهد) على وزراء المالكي، ان وزير التجارة الكردي خيرالله حسن بابكر اصدر قراراً
بالتنسيق مع زميله الكردي ايضاً مجيد حمد امين وزير الصحة منع بموجبه دخول نوعيات
معينة من السجائر الاجنبية الى العراق بسبب منافستها لنوع من السجائر يملك وزير
التجارة حصة فيها، وهذا النوع يتميز بانه مرغوب من فئات واسعة من المدخنين
العراقيين ربما لرخص سعره.
ففي زيارة واحدة استغرقت 15
دقيقة الى مكتب الوزير بابكر خرج ابو مجاهد ليس في الغاء قرار الوزير وانما فرض
عليه عمولة على كل صندوق دخان تستورده شركة الوزير الكردي.
وكثيرة هي الحالات والمناسبات التي كان فيها كاطع الركابي صاحب
الدور الاقوى والقرار الاخير، ففي احدى المرات ضغط على وزير الكهرباء كريم عفتان
الجميلي وطلب منه الغاء عقد كان الوزير قد ابرمه بالحروف الاولى مع شركة ايطالية
لبناء محطة كهرباء حرارية في قضاء هيت بمحافظة الانبار وحول العقد وقيمته مليار
و200 مليون دولار الى شركة يونانية لان وكيل الشركة الاخيرة رجل الاعمال العراقي
المقيم في العاصمة الاردنية علي شمارة نسق مع (ابو مجاهد) بهذا الصدد.
وفي المحصلة.. فان نماذج مثل
كاطع الركابي وغيره من الاثرياء الجدد ممن يسمون في الاوساط الاقتصادية
بـ(الطفيليين) ما كان لها ان تبرز وتحتل الصدارة في توقيع عقود ومناقصات وصفقات
مالية والحصول على عمولات من عمليات الاستيراد الواسعة النطاق في العراق، لولا
الفساد الذي ينخر وزارات حكومة المالكي واتساع حجم الاختلاسات فيها اضافة الى وجود
وزراء مرتشين ووكلاء وزارات ومدراء عامين ومسؤولين وضعوا في مواقع حكومية مرموقة
وفق محاصصات طائفية وعرقية ومحسوبيات حزبية وفئوية ومناطقية.
وبالتأكيد فان تساهل رئيس
الحكومة وشراكة ابنائه واقاربه في الكثير من العقود والمقاولات وعمليات الاستيراد
هي التي افرزت ظهور اشخاص مثل (ابو مجاهد) ليتبوأ مكانة رفيعة في الحياة التجارية
بالعراق، فهذا الرجل الذي هاجر من مدينته (الناصرية) الى الكويت في عام 1980 بسبب
اعتراف احد اقاربه عليه وهو ناشط في حزب الدعوة واعدم فيما بعد، اضطر الى الاشتغال
مساعداً لقصاب عراقي من اهالي مدينة الشطرة كان يملك محلاً لبيع لحوم الاغنام
العراقية المرغوبة في الكويت، وبعدها اضطر الى التوجه الى ايران نتيجة (وشاية)
اتهمته بالضلوع في رمي السفارتين الامريكية والفرنسية في الكويت بالمتفجرات منتصف
الثمانينات.
ومن طهران التي عاش فيها
معدماً الى دمشق وحي السيدة زينب تحديداً عندما احتضنه جواد المالكي قبل ان يحول
اسمه الى (نوري) والحقه بالعمل في مكتب حزب الدعوة الذي استمر فيه من عام 1990 الى
2000 عندما نجح في التوجه الى استراليا لاجئاً فيها ولم يعد الى العراق الا في عام
2005 والجنسية الاسترالية في جيبه، وعاد للعمل مع المالكي مرافقاً وحارساً وسائقاً
عندما كان الاخير يتولى رئاسة لجنة الامن والدفاع النيابية في الجمعية الوطنية
ويشغل في الوقت نفسه عضوية لجنة اجتثاث البعث، وكانت انطلاقته الاولى نحو عالم
المال والتجارة في نهاية العام 2006 عندما صدر قرار وقعه المالكي بتعيينه مدير
المراسم والتشريفات بدرجة (مدير عام) في رئاسة مجلس الوزراء، ومن هذا الموقع سطع
نجم كاطع الركابي واصبح واحداً من اباطرة المال والتجارة في العراق الذي يئن من
وطأة الفساد والانهيار الاخلاقي والانحطاط السياسي وما ازال.
كاطع الركابي (ابو مجاهد)
يقود اليوم معركة (علاقات عامة) وليست معركة تجارية او مالية كما كان عليه في
الفترة السابقة، هو اليوم يستخدم صداقاته وعلاقاته وشراكاته وصلاته الاخطبوطية مع
اصحاب الاموال ورجال الاعمال والصناعة والتجارة لدعم ولاية ثالثة لسيده وولي نعمته
نوري المالكي، وهو لا ينكر في جلساته مع الاصدقاء والشركاء ان (ابو اسراء) يواجه
حملة ليست بسيطة لابعاده عن موقعه الرئاسي، لذلك فان نصيحة او تحذير (لا فرق) كاطع
الركابي لمن يلتقيه في دبي ان يدعم فوز المالكي بولاية ثالثة حتى (يعم) الخير،
ويستمر (الشغل) وذلك لن يتم الا بالتبرع الى (ائتلاف دولة القانون).
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
هناك 6 تعليقات:
فوكاها مساعد قصاب ياريت قصاب
هكذا يدار العراق اليوم بمثل هؤلاء الجهلة اللصوص.
ان ( كاطع الركابي ) نموذج لمن يتسلط على رقاب العباد في عراقنا الصابر
هل تعلم ياسيدي انه مرشح للبرلمان حاليا
أثناء قرائتي للمقال تكونت صورةفي مخيلتي لدلالين سوق الهرج داخل قبة البرلمان وأروقة القصر الرئاسي,هذه هي الحقيقة المؤلمة لكل العراقيين..والذي يؤلم أكثر أن كل معاول الهدم هذه تخرجت من مدرسة حزب البعث مع كل إحترامي وتقديري اللامتناهي لمخلصي الحزب من الغيورين على أمتهم
السيد حسين النعيمي
شكرا لاهتمامك
ومع انك وجهت تقديرك اللامتناهي للبعثيين المخلصين، ومع انه يوجد الصالح والطالح في كل مجتمع، نقول انه لا علاقة للبعث الاصيل بهذه المعاول الهدامة التي أشرت اليها..
المثال المضروب هنا هو مثال دعوجي بامتياز..
مع تقديري
إرسال تعليق