موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الجمعة، 8 أغسطس 2014

السلاح يتدفق من "قوى الشر" على أطراف أسوأ منها!

وجهات نظر
نزار السامرائي
أعلن مجلس محافظة البصرة عن وصول دفعة جديدة من الأسلحة التي كانت حكومة نوري المالكي قد تعاقدت عليها في أوقات سابقة من دون أن يحدد منشأها ونوعياتها، ومصطلح تم الاتفاق عليها في وقت سابق، تطرحه الدول الكبرى التي تريد غسل يدها من التبعات الأخلاقية إن بقي عندها شيء من الأخلاق، والمسؤولية القانونية المترتبة على الجرائم التي ترتكب عن طريق استخدام تلك الأسلحة في غير المهمات المخصصة لها، فالدول عندما تستورد السلاح فإنها إنما تفعل ذلك من أجل درء الأخطار الخارجية المحدقة بها وصيانة أمنها القومي داخليا وخارجيا وحفظ وحدة أراضيها وسيادتها واستقلالها وليس بهدف قمع شعوبها.

وتضع بعض دول العالم قيودا على تصدير السلاح إلى مناطق التوتر والاضطرابات وهذا يتم من الناحية الشكلية فقط، تحت لافتة عدم تشجيع النزاعات المسلحة الخارجية التي يمكن أن تهدد الأمن والاستقرار الدوليين، أما موضوع النزاعات والاضطرابات الداخلية فيحلو للدول الكبرى أن تدخل في سباق لاستعراض حرصها المزعوم على الفرقاء المتخاصمين وحقن دماء المدنيين الأبرياء الذين لا صلة لهم بالنزاعات المسلحة، ولهذا تبادر إلى الإعلان عن سلسلة من التدابير والإجراءات للحد من تدفق السلاح إلى تلك الساحات، ومع أن أحدا لن يستطيع التكهن بمدى التطابق بين المواقف المعلنة والمواقف الحقيقية، إلا أن هناك مؤشرات يمكن الركون إليها لتكوين فكرة عامة عن مدى التزام الأطراف المصنعة للسلاح وخرقها للالتزامات المعلنة، لأنها ترى في صادرات السلاح جزء مهما من تعديل ميزان المدفوعات، وبالتالي فإنها حريصة إلى أبعد الحدود على خوض سباق في مجال إنتاج الأسلحة وتطويرها وتصديرها إلى بؤر التوتر في العالم، وهكذا نرى أن السلاح أصبح سلعة تجارية مربحة وسلعة سياسية لغرض ممارسة الضغط على المستوردين، تماما كما أن تصديره يعني التخلص من الأجيال القديمة وتطوير البحوث في مجال إنتاج أجيال جديدة تواكب ما لدى المعسكر الآخر من حلقات تسليح متقدمة.
ونعود إلى صورة الوضع في المنطقة العربية، فما يجري في غزة حرب تدميرية بكل معنى الكلمة يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني من أجل فرض الحل الذي يضيّع الشعب الفلسطيني ويطمس حقوقه التاريخية في أرضه، ومنع الفلسطيني من مجرد التفكير بهويته العربية، وفي أوج حرب الإبادة الجماعية التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة، وبعد أن أوشكت الحرب الإسرائيلية أن تصل إلى طرق مسدود نتيجة المقاومة الضارية للشعب الفلسطيني مما لم يكن أحد ليتصور وقوعه، أعلنت الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بأسلحة وعتاد حربي من الخزين الأمريكي الثابت في فلسطين المحتلة من دون أن يحتاج هذا القرار إلى موافقات من البيت الأبيض، وقال المتحدث الأمريكي إن قيمة الصفقة بلغت مليار دولار.
في الوقت نفسه كشفت صحيفة الاندبندنت الصادرة في لندن النقاب عن أن الحكومة البريطانية أجازت لـ 130 شركة صناعة سلاح بريطانية لتصدير السلاح إلى إسرائيل منذ عام 2010 وصلت قيمته 42 مليون جنيه إسترليني، وأشارت الصحيفة إلى أن اثنتين من هذه الشركات تزودان إسرائيل بالمكونات التي تتحكم في طائرات بدون طيار طراز “هيرمس” التي يعتبرها سلاح الجو الإسرائيلي العمود الفقري لمهامه في القتال والاستطلاع، كما تزود إحدى هذه الشركات إسرائيل بمكونات دبابتها الأساسية في القتال.
ومع كل ذلك يحاول الغرب الظهور بمظهر الوسيط بين الفلسطينيين وإسرائيل لوقف إطلاق النار بعد أن وجدت إسرائيل أن مهمتها في غزة أصعب بكثير مما كانت تتوقع، ولهذا حاول الرئيس أوباما أن يلقي إليها بطوق النجاة التي تحفظ لها ماء وجهها وهيبتها وتفوقها بوجه العرب جميعا، ولكن أوباما نسي أنه يريد تمثيل دور البطولة في فلم هوليودي اسمه الوساطة، فاشترط على حماس أولا إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي الملازم الأول "هدار غولدن" وكأنه كان يتنزه في جولة سياحية على أحد البلاجات ثم جاءت حماس واختطفته من هناك!!!! أية صفاقة هذه؟ هل علم أن غولدن كان يقود مجموعة ارتكبت جرائم حرب في رفح؟
الولايات المتحدة سخية في تجهيز معدات الموت والدمار لاثنتين من الحكومات التي تخدم مشروع الأمن القومي الأمريكي، أولا إسرائيل ومن أجلها ارتكبت واشنطن أكبر أخطائها الاستراتيجية حينما غزت العراق واحتلته عام 2003، وثانيا حكومة نوري المالكي التي راهنت كثيرا على دورها في ضبط إيقاع الأوضاع في المنطقة، وكما أعلنت الحكومة الأمريكية تزويد إسرائيل بالسلاح من دون حاجة لإجراءات التعاقد المعتادة، فقد أعلن المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل البحري جون كيربي أن بلاده قررت تجهيز حكومة المالكي بـ 5000 صاروخ من نوع هيل فاير "نار جهنم" بقيمة 700 مليون دولار، وتطلق هذه الصواريخ التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن" من طائرات سيسنا ضد الدروع والآليات، وكانت الولايات المتحدة قد زودت حكومة المالكي 466 صاروخا في تموز الماضي ليصل عدد الصواريخ التي تسلمتها حكومة بغداد إلى 780 صاروخا منذ بداية عام 2014 حتى نهاية تموز الماضي، وفي الشهر الحالي سيتم نقل 366 صاروخا من النوع نفسه، هذا غير ما كانت الولايات المتحدة قد أعلنته من تجهيز حكومة المالكي بـ 14 مليون قطعة عتاد حربي من بداية العام الحالي وحتى حزيران الماضي.
هذا يضع حكومة المالكي في سلة واحدة مع إسرائيل سواء من حيث التطابق في البرامج التي تخدم الأمن القومي الأمريكي أو ضبط أوضاع الطاقة في منطقة الإنتاج الاستراتيجي لها، أو في برامج التخادم المتبادل.
لكن المحير من الناحية العلنية فقط أن حكومة المالكي تحصل على تجهيزات عسكرية وجهد جوي ومتطوعين من إيران التي يفترض بها أنها تخضع لعقوبات تصدير السلاح واستيراده وأنها تتصدى هي وقوى الممانعة المزعومة للمشروعين الأمريكي والصهيوني، فكيف يفسر لنا متفيقهو التحالف الشيعي الحاكم هذا التطابق في المواقف بين الشيطان الأكبر ودولة الولي الفقيه؟ بل كيف يستخرج لنا مجتهدو حوزة قم الدينية حكما مذهبيا مقنعا لهذا الزواج الذي ظل سريا ردحا طويلا من الزمن، حتى ظهر حمله الفاضح ويوشك أن يولد سفاحا مخلوقا خرافيا من التناقضات؟ وإيران تشارك بجهد مماثل في دعم الحكومة العلوية في سوريا حتى يبدو المشهد أمامنا وكأنها لوحة سريالية.
أما روسيا التي تقدم الدعم الفتوح للنظام السوري في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب السوري، وفي مشاهد باتت لا تشرف أحدا في المجتمع الدولي الذي يقف متفرجا على القتل الأعمى في المدن السورية، روسيا نفسها أعلنت بشكل رسمي أنها اتفقت مع وفد ترأسه وزير الثقافة الجنرال سعدون الدليمي على تجهيز حكومة بغداد بأسلحة وطائرات مروحية وغيرها من العتاد الحربي ومن المحتمل من البراميل المتفجرة، بقيمة مليار دولار وهو رقم يساوي قيمة الصفقة الأمريكية لإسرائيل، ويبدو أن السلاح الآخذ بالتدفق على إسرائيل والنظام السوري وحكومة المالكي يتحرك بموجب جهاز سيطرة عن بعد والهدف منه أولا وقبل كل شيء القضاء على البناة الحقيقيين لمنظومات الدول.
ولكن ما هو تأثير هذا السلاح على الأرض؟ قام الكيان الصهيوني منذ عام 1948 ولكن تفوقه التسليحي لم يمكنه من أن يصبح جزء من الخارطة السياسية السكانية للوطن العربي، ونظام الرئيس بشار ومنذ ثلاث سنوات تتدفق عليه الأسلحة من حلف الشياطين الكبيرة والصغيرة ولكنه أخفق في إثبات جدارته بالحكم، أما المالكي فالحديث عنه يحمل رونقا جذابا تحكي فصوله المعارك الأخيرة التي شهدتها مدن العراق،
 فالسلاح الذي حصل عليه لن يترك تأثيرا حقيقيا على الأرض، فالمدفع يلزمه إصبع والإصبع يلزمه قلب قوي وشجاع وعقل يؤمن بعدالة المعركة وليس بروح الانتقام، إن السلاح وحده لن يصنع النصر ولنا في هزيمة قوات المالكي من الموصل خير مثال، أما عجز تلك القوات عن دخول الفلوجة على الرغم من مضي سبعة شهور ونيف فإنها مادة تصلح أن تدرس في أرقى المعاهد العسكرية في العالم.
كما أن طائرات بشار الأسد تدخل على مرأى من الرادارات الأمريكية لتقصف بالبراميل المتفجرة أهدافا مدنية داخل الأراضي العراقية، ولكن أمريكا لا تحتج ولو من باب المسؤولية القانونية كبلد له اتفاقية أمنية مع حكومة المالكي، في الوقت الذي تعلن واشنطن تأييدها للثورة المسلحة ضد الرئيس السوري، غالب الظن أن هذه التقاطعات والتداخلات والتصادمات تشيب الرضيع.
من يقاتل من؟ نحن نعرف ذلك، ولكن على الآخرين الأغبياء معرفة ذلك أيضا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..