موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 21 أغسطس 2014

نصّان من التراث الإنساني الخالد: هذا التراب المقدس!

ملاحظة تمهيدية من الناشر:
هذان نصان أدبيان رائعان، قد تبدو بعض المصطلحات فيهما غريبة كثيراً أو قليلاً، عن ثقافتنا، لكنهما في الحقيقة من نصوص الدفاع المجيد عن الوطن في مواجهة المحتل الأميركي الغاصب، والتمسك بتراب الوطن حد الاستشهاد..
هذان نصان يستحقان ما هو أكثر من مجرد القراءة العابرة..


إنهما يستحقان الغور عميقاً في مضامينهما، فهما من بين نصوص التراث الانساني الخالد.

المحرر
......

خطبة سياتل الزعيم الهندي الأحمر أمام الرجال البيض

وجهات نظر
مهند صلاحات 
دأبت كتابات الفاتحين الأوائل على رسم صورة لسكان أمريكا الأصليين وكأنهم حيوانات عجماء وحشية، ولم تجاوز أفلام الغرب الأمريكي هذه الصورة.
وقلما ضمت الكتب التي تؤرخ للأدب الأمريكي شيئاً من أدبيات الهنود حتى يعتقد المرء بأنهم كانوا كائنات أسطورية لم تمس الواقع ولم تشتبك معه فيما يمكن أن ينتج ثقافة وأدباً. لكن ذلك بدأ يتغير على ما يبدو بعد أن فشلت جهود الثقافة الغالبة في إقصاء الثقافة المغلوبة ونفيها. ففي أواخر الستينيات من القرن المنصرم، شرع المنحدرون من أصول هندية في لم شتاتهم والخروج بهويتهم من تحت الرماد والتحليق على ريشة الكتابة بعد أن خسر أسلافهم معركة السلاح. وقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين تقوض الاعتقاد بأن الهنود الأمريكيين قد انقرضوا بظهور عدد متنام من الكتاب والشعراء المنحدرين من السكان الأصليين
وكان فوز الكاتب الهندي-الأمريكي ن. سكوت مومادي بجائزة البوليتزر عن روايته "بيت مصنوع من الفجر" عام 1969 مناسبة لانفتاح العيون على الجيل الجديد من الكتاب الأمريكيين من أصول هندية. وقد استلهم الأسلاف الباقون فحوى الرسالة التي حملتها رواية مومادي، والتي تقول بأن الشخص العالق بين ثقافتين يمكن له أن يجد طريقة للبقاء. وفي ردة فعل على تقويض لغتهم وحياتهم معاً، يكتب الكتاب الأمريكيون الأصليون عن سياق البقاء هذا، ليس في معزل عن احتفائهم بالحياة، إذ عبرت كتاباتهم عن المجتمع والهوية وعن العلاقة الخاصة بين الإنسان وقطعة مخصوصة من الأرض. وهي علاقة تؤكد البقاء الفردي وبقاء الشعب الهندي الأمريكي ككل وبقاء الأرض. وهي فكرة فكرة تستمد وجودها من اعتقاد الهنود بأن حياة الأرض وحياة الإنسان منضفرتين معاً وعصيتين على الفصل
كانت الهزيمة الأخيرة قد حلت بسكان أمريكا الأصليين بعد أربعمائة سنة من فتح كولمبوس عالمه الجديد أمام الاستعمار الأوروبي، عندما قامت وحدة الخيالة الرابعة بذبح عصابة القدم الكبيرة "بيغ فوت" بعد استسلامها في لاكوتا.
وقد أدت تلك المذبحة إلى إنهاء مقاومة السكان الأصليين المسلحة إلى الأبد. وقامت السلطات الأمريكية في أعقاب ذلك بوضع الباقين من الهنود الحمر في محميات، حيث تنبأ المراقبون باختفائهم سريعاً عن وجه الأرض أو ذوبانهم كلية في "البوتقة" الأمريكية العملاقة. وفي السنوات الستين التي تلت المذبحة، حاولت الحكومة الفدرالية القضاء على ما تبقى من الثقافة القبلية. وفي الغضون مرر الكونغرس قوانين مختلفة ترمي إلى تجزئة الأراضي التي تمتلكها القبائل وتفكيك الثقافة القبلية وحملها على الفناء.
كان أول تعرف لي على أدب الهنود الحمر قبل سنين طويلة حين قرأت خطبة الزعيم الهندي الأحمر "سياتل" التي أفلتت بشكل ما في أحد كتب تاريخ الأدب الأميركي. وقد فوجئت بأن يكون هذا هو خطاب سكان أمريكا "المتوحشين" أكلة لحوم البشر كما ذكرهم كولمبوس في مذكراته. تأثرت بالفلسفة العميقة التي ضمتها كلمات سياتل، وبذلك الانخراط العميق في طقس الحياة والارتباط الوثيق بالأرض واهبة الحياة. وفوق ذلك كله، بتلك الواقعية المذبوحة التي تميز بها خطاب سياتل بعد أن أدرك أن لا مناص. وتخلى سياتل للغزاة عن الأرض وهو يستشرف نهايتهم المحتومة التي تشي بها سيرورة التاريخ. وقد استلهم الشاعر محمود درويش روح هذه الخطبة في قصيدته " خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض" في ديوانه "أحد عشر كوكباً" (1990).
كان سياتل زعيماً لقبائل دواميش واسكواميش والقبائل الهندية المتحالفة في الشمال الغربي من أمريكا. وتقول الرواية الأمريكية أنه صادق المستوطنين البيض الأوائل ووقع معاهدة لتقاسم الأرض عام 1855. وبعد أن اعتنق عقيدة الروم الكاثوليك، أدخل بعض الطقوس الكاثوليكية في الاحتفالات الدينية الهندية
وقد بنيت مدينة " سياتل" الأمريكية على المنطقة التي ولد فيها، لكنه لم يرد أن تسمى المدينة على اسمه لأن الأسطورة تقول بأن روحه ستقلق في كل مرة ينطق فيها اسمه بعد موته. لكن الحكومة الأمريكية كافأته بهذا القلق الأزلي.
وكان سياتل قد ألقى خطبة أمام إسحق ستيفنز حاكم مقاطعة واشنطن عام 1845 قبل توقيع معاهدة يسلم بموجبها أراضي قبيلته للمستوطنين البيض. حيث نهض بعد أن فرغ ستيفنز من إلقاء كلمته بكل العظمة التي يتحلى بها السناتور، كما تقول الرواية، والذي يحمل على كاهله مسؤولية أمة عظيمة. ووضع إحدى يديه على رأس الحاكم ثم أشار بسبابته بتؤدة إلى السماء وشرع بإلقاء خطابه الخالد بصوت هادئ ونغمة مؤثرة:
قبل الشروع في قراءة الخطبة لا بد أن ننوه لاسماء ترد عادة دون أن نعرف معانيها والتي إن دققنا بها نجد مدى قذارة الاستعمار الامريكي الجديد ومن هذه الاسماء (أباتشي) والتي هي اسم إحدة طائرات الهيلوكوبتر الامريكية وهي اسم لاحد القبائل الهندية التي تمت إبادتها بالكامل 
كذلك طائرة (بلاك هوك) الأمريكية وهو اسم لاحد زعماء القبائل الهندية التي تم ابادتها كذلك
وهنالك الكثير جدا من هذه الاسماء التي حولتها العقلية العسكرية الوحشية الامريكية الى اسماء آليات عسكرية.
تاتي هاتين الخطبتين المنقوليتن عن ترجمات عربية وتقديم احدى الصحف العربية لكي انقلها لكم اخوتي في تجمع الكتاب كتذكير في حكمة الهندي الأحمر الرائعة التي تميز فيها من ناحية 
ومن ناحية أخرى للتذكير بقضية تخصنا جميعاً وهي أن الشعوب لا تموت ابداً وان الاستعمار مهما طال يومه لا بد لزوال طالما ملكت الشعوب قرارها الحقيقي .
ساترككم مع خطبتين لسياتل وحاليا ان اقوم بعمل دراسة حول الخطبتين الرائعتين راجيا مشاركتي بعض الافكار التي يمكن ان تساعد في اثراء الدراسة 



هذا التراب المقدس!!


تلك السماء هناك،.. ذاتُ السماء التي طالما ذرفت دموع الرحمة على أبناء شعبي لقرون لا تحد، والتي كانت تبدو لنا أزلية وعصية على التغيير، ربما تتغير... هي اليوم صافية، لكنها ربما تحتشد غداً بالغيوم، لكن كلماتي كالنجوم لا تتغير أبداً
وللزعيم الأبيض أن يثق بأي شيء يقوله سياتل كما يثق بعودة الشمس أو عودة الفصول، يقول السيد الأبيض أن الزعيم الكبير في واشنطن يهدي إلينا تحايا الصداقة والنوايا الطيبة، ذلك لطف منه كبير؛ لأننا نعلم أنه ليست به ثمة حاجة إلى صداقتنا في المقابل، فأبناء شعبه كثيرون. وهم مثل العشب الذي يكتنف البراري الفسيحة. أما أبناء شعبي فقليلون مثل شجرات متناثرة في سهل كنسته العاصفة، وقد بعث الزعيم الأبيض العظيم، والذي أخاله طيباً أيضا،ً إلى شعبي رغبته في شراء أرضنا مقابل أن يوفر لنا عيشاً مريحاً. وهذا يبدو عادلاً في الحقيقة، لأن الرجل الأحمر لم يعد له حق يستحق الصون. وربما يكون العرض حكيماً أيضاً، لأننا لم نعد في حاجة إلى أراض فسيحة
مر زمن كان فيه أبناء شعبي يغطون الأرض مثلما يغطي البحر الذي نفشته الريح قاع البحر المعبد بالمحار. لكن ذلك الزمن مضى وانقضى مثلما عظمة تلك القبائل التي لم تعد الآن سوى ذكرى مخنوقة بالنشيج، إنني لن أطيل الوقوف ولا النحيب على أفولنا الأخير في نهاية المطاف، ولن ألوم إخوتنا ذوي الوجوه الشاحبة على التسريع في ذلك الأفول، لأننا نحن أيضاً قمينون باللوم
إن الشباب غرار، وعندما كان يعتري شبابنا الغضب جراء خطب حقيقي أو متخيل، ويشوهون وجوههم بالأصباغ السود، فإن ذلك ربما يشي بأن قلوبهم سوداء، وبأنهم قساة دائماً وغلاظ القلوب، وبأن شيوخنا والمسنات من نسائنا غير قادرين على كبح جماحهم. لكن الأمر لم يكن أبداً كذلك. هكذا كان الحال عندما شرع الرجل الأبيض في الدفع بأجدادنا إلى غرب بلا نهاية. لكن، دعونا نأمل أن العداوات بيننا لن يقيض لها العود، لأننا عندئذ سنخسر كل شيء ولن نكسب شيئاً. إن الشبان يعتقدون بأن الانتقام كسب، حتى لو كلفهم الحياة. لكن الشيوخ الذين يقيمون في البيوت في زمن الحرب، والأمهات اللواتي ربما يخسرن أبناءهن، يعرفون أكثر من ذلك.
والدنا الطيب في واشنطن، والذي أفترض أنه قد أصبح لنا أباً الآن كما هو لكم منذ نقل الملك جورج حدوده أبعد باتجاه الشمال. أقول، والدنا الطيب والعظيم، يرسل إلينا وعداً بأننا إن فعلنا ما يريد، فإنه سيحمينا، وبأن محاربيه الشجعان سيكونون لنا مثل الجدار المنيع، وبأن سفن حربه الرائعات سيزحمن شواطئنا بحيث يكف أعداؤنا القدماء البعيدين في الشمال، (الهيدا والتيسمشين)، عن ترويع نسائنا وأطفالنا وشيوخنا. عندئذ، سيكون أبانا حقاً ونحن سنكون أبناؤه. ولكن، أيمكن لمثل ذلك أن يحدث أبداً؟!
إن ربكم ليس ربنا… إن ربكم يحب شعبكم ويكره شعبي. وهو يلف بذراعيه الحاميتين ذا الوجه الشاحب ويقوده من يده كما يقود الأب طفله الصغير. لكنه تخلى عن أبنائه الحمر إن كانوا حقاً بنيه، بل إن الروح العظيم إلهنا قد خذلنا أيضاً. إن ربكم يجعل من شعبكم أقوى يوماً في إثر يوم، وقريباً ستملأون المدى. أما أبناء شعبي فيضمحلون مثل مدّ ممعن في الانحسار لن يتسنى له أبداً أن يعود. لو كان إله الرجل الأبيض يحب أبناء شعبي إذن لكلأهم بحمايته. لكنهم أشبه بأيتام بلا ملجأ يفزعون إليه في طلب العون، فكيف لنا أن نكون أخوة إذن؟ كيف يمكن لربكم أن يصبح إلهنا وأن يعيد لنا الألق ويوقظ فينا الحلم في عودة المجد الغابر؟ 
إذا ما كان لنا إله سماوي واحد فإنه لا بد إله منحاز، لأنه جاء لنجدة أبنائه البيض. إننا أبداً لم نره. وهو قد أنفذ قوانينه دون أن يرسل ولو كلمة لأبنائه الحمر الذين ملأت أخلاطهم يوماً هذه السهول الفسيحة مثلما تملأ النجوم قبة السماء.. كلا.. إننا جنسان متمايزان، أصولنا مختلفة وأقدارنا متفارقة، وثمة القليل مما نشترك فيه
لنا… رفاتُ أسلافنا مقدسات، والثرى الذي يضمهم جليل، أما أنتم فتجولون بعيداً عن قبور أسلافكم وكأنما دون أن يعروكم ندم. ودينكم كتبته أصابع ربكم الحديدية على ألواح حجرية بحيث لا تملكون له نسياناً، بينما لا يملك الرجل الأحمر له فهماً ولا حفظاً. أما ديننا فهو إرث أسلافنا. إنه أحلام الرجال التي أوحى بها إليهم الروح العظيم في ساعات الليل البهيم.. وهو رؤى شيوخنا المنقوشة في قلوب شعبنا
وأمواتكم يعزفون عن حبكم وعن حب الأرض التي كانت لهم مهاداً حالما يعبرون بوابات قبورهم ويذهبون فيما وراء النجوم. إنهم سرعان ما يصبحون عرضة للنسيان ولا يعودون. أما أمواتنا فلا ينسون أبد الدهر العالمَ الحلو الذي وهبهم الحياة
الليل والنهار ثمّة لا يتساكنان. والرجل الأحمر يهرب من وجه الأبيض كما يفر سديم الصباح المتقلب على السفوح من أمام شمس الصباح.. لكن ما تعرضونه يبدو عادلاً في آخر المطاف وأظن أبناء شعبي سيقبلونه وسينسحبون إلى المحميات التي قدمتموها لهم. وإذن، فسنسكن بسلام كلا على حدة، لأن كلمات الزعيم الأبيض العظيم تبدو وكأنها صوت الطبيعة تكلم شعبي من جوف العتمة الكثيفة التي تتجمع سراعاً حولهم، تماماً مثل الضباب السميك الذي يهوِّم خارجاً من حلكة البحر. لم يعد مهماً لنا أين نصرف أيامنا الباقيات، فهي لن تكون كثيرة. والليل الهندي يعد بأن يكون شديد السواد بلا نجمة أمل تطوف له على أفق، ثمة ريح حزينة الصوت تعول في المدى. وثمة قدر متجهم يضرب وراء الرجل الأحمر على الأعقاب. وأينما حل الرجل الأحمر، فإنه سيسمع صوت الخطوات الواثقة المقتربة، وسيتأهب للقاء قدره المحتوم مثلما تفعل الظبية الجريحة وهي تصغي إلى خطو الصياد المقترب
هي بضعة أقمار أخرى، بضع شتاءات أخرى وحسب، ولن يتبقى من نسل أصحاب الدار العظيمين الذين كان يحميهم الروح العظيم، والذين كانوا يطوفون يوماً على هذه الأرض الفسيحة أو يقيمون في البيوتات السعيدة. لن يتبقى منهم من باكٍ على قبور شعب كان ذات يوم أشد منكم بأساً وأكبر أملاً. لكن، لماذا أندب قدر شعبي في آخر المطاف؟ ثمة قبيلة تتبع قبيلة، وأمة تتلو أمة.. والقبائل جمع أفراد وليست بأفضل حالاً منهم.. والأفراد يأتون ويمضون، تماماً مثل أمواج البحر.. ثمة دمعة أخيرة، وترنيمة موت، ثم يختفون من أمام أعيننا التواقة إلى الأبد. ذلكم هو ترتيب الطبيعة حيث لا ينفع أسى، ربما يكون زمان أفولكم لما يزل بعيداً، لكنه قادم دون ريب، ذلك أنه حتى الرجل الأبيض الذي يسير ربه معه ويتحدث إليه كما صديق لصديق، لن يقوى على الهروب من القدر المشترك. وربما نكون أخوة بعد كل شيء، وسنرى
إننا سنتفكر في عرضكم ملياً، ثم ننبئكم بما نقرر. لكننا إذا كنا لنقبله فإنني أضع شرطي الأول هنا والآن: أن لا تنكروا علينا حق القدوم، دون إزعاج وعن طيب خاطر منكم، لنُلِم بقبور أسلافنا وأصدقائنا وأبنائنا. إن كل جزء من هذا الثرى مقدس في عين شعبي.. كل سفح تلة.. كل واد وكل غيضة.. كل مكان هنا قدسته حادثة سعيدة أو حزينة في الأيام الخوالي التي طواها الزمان.. وحتى الصخور التي تبدو وكأنها تتمدد بكماء مهيبة وهي تسح العرق تحت الشمس على شاطئ البحر، كلها تمور بذكريات الأحداث التي تتصل بأقدار شعبي. والتراب، هذا الذي تقفون الآن عليه، يستجيب بحب أكبر لدوس أقدام أبناء شعبي أكثر مما لأقدامكم، لأن مزاجه دم أسلافنا، ولأن أقدامنا العاريات تفهم لمسته الحانية. والرجال الجسورون، والأمهات المحبات، والعذارى ذوات القلوب السعيدة، والأطفال الصغار الذين عاشوا هنا ومرِحوا لفصل قصير. كل هؤلاء الذين طوى النسيان أسماءهم، سوف لن يكفوا عن عشق هذه القفار الكئيبة، وسوف يلقون التحية على الأرواح الغامضة التي تعود في المساءات مثل الظلال
وعندما يطوي العدم الرجل الأحمر الأخير، وتصبح ذاكرة قبيلتي محض أسطورة تدور بين الرجال البيض، فإن هذه السواحل سوف تغص بالموتى من أبناء عشيرتي الذين لا يحيط بهم بصر وعندما يظن أبناءُ أبنائكم بأنهم وحدهم في الحقول، في المخازن والدكاكين، على الطرقات العريضة أو حين يلفهم سكون الغابات التي بلا دروب، فإنهم لن يكونوا أبداً وحدهم، ولن يجدوا في الأرض الفسيحة كلِّها معتزلاً. وفي الليل، حينما يلف الصمت مدنكم وقراكم حتى تخالونها خلواً من الحياة، فإنها ستكون محتشدة بأصحاب الدار العائدين الذين ملؤوا هذه الأرض الجميلة ذات مرة والتي لا يكفون عن حبها… الرجل الأبيض لن يكون أبداً وحده..
فليكن الرجل الأبيض عادلاً إذن وليرأف بشعبي، لأن الموتى ليسوا أبداً بلا حول.. هل قلت موتى؟.. ليس ثمة موت.. ثمة فقط تبديل عوالم.!



رسالة الزعيم الهندي الأحمر سياتل Seattle إلى شعبه


 بعث الرئيس من واشنطن رسالة يعلمنا فيها عن رغبته في شراء أرضنا.
ولكن كيف يمكنك شراء أو بيع السماء؟ أو الأرض؟
هذه الفكرة غريبة علينا.
كل جزء من هذه الأرض هو مقدس عند شعبي.
كل إبرة صنوبر وكل شاطئ وكل نقطة ندى في الغابات المظلمة وكل ينبوع ماء.
كلهم مقدسون في ذاكرة وخبرة شعبي.
نحن جزء من هذه الأرض وهي جزء منا.
الأزهار العطرة هي أخوتنا.
الدببة والغزلان والنسور هم إخواننا.
كل خيال في مياه البحيرات الصافية تخبر ذكريات في تاريخ شعبي.
رقرقة المياه هي صوت أجدادي.
الأنهار هي أخوتنا يحملون زوارقنا ويطعمون أولادنا.
إذا بعناكم أرضنا تذكروا أن الهواء غالٍ علينا.
أن الهواء يبعث روحه في كل حي يتنفس.
الريح التي أعطت أجدادنا نفسهم الأول في الحياة أيضا تستلم تنهدهم الأخير.
نعرف التالي: ليس مرجع الأرض الإنسان، وإنما الإنسان مرجعه الأرض.
كل شيء في الدنيا مترابط ترابط الدم الذي يوحدنا.
لم يصنع الإنسان الحياة ولكن هو فقط خيط في نسيجها.
كل ما يفعله لهذا العش من نفع أو ضرر سيعود عليه.
مستقبلكم غامض بالنسبة لنا.
ماذا سيحصل عندما تبيدون كل أبقار البافالو؟
ماذا سيحصل عندما تطغى رائحة الإنسان على زوايا الغابات النائية أو عندما تشوب الأسلاك الكهربائية مناظر الجبال؟
هذه هي نهاية العيش وبدء صراع البقاء.
عندما يختفي آخر هندي أحمر مع غاباته ولا يبقى من ذكرياته إلا خيال سحابة عابرة فوق البراري،
هل ستبقى هذه الشواطئ والغابات؟
هل سيبقى أي أثر لروح شعبي؟
نحب هذه الأرض كما يحب المولود الجديد دقات قلب أمه.
فإذا بعناكم أرضنا أحبوها كما أحببناها.
اعتنوا بها كما اعتنينا بها.
حافظوا في أذهانكم على ذاكرة الأرض كما كانت عندما استلمتموها.
حافظوا على الأرض لجميع الأطفال وأحبوها كما يحبنا الله جميعا.
نحن واثقون من شيء واحد ألا وهو أن الله واحد.
لا يمكن أن ينفصل عنه أي رجل سواء كان هنديا أحمر أم أبيض.
لذلك، نحن جميعا أخوة في نهاية المطاف


هناك 6 تعليقات:

غفران نجيب يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم..
لم يكن أمام عطش الجموح المكابر المخادع الغادر للامبريالية أية محددات أخلاقية مهما ضعف شأنها، لسبب بسيط وواضح للجميع في هوس احتكارها لكل شيء ومنها قيم الأرض والسماء وان تصرفت خلافهما (وهو ما حاصل في جميع الأوقات)،والسلوك الامبريالي ونموذجه الأمريكي الصارخ بجشعه وعطشه للدماء ،لا يؤشر لا من قريب ولا من بعيد التزامه بآي محدد أخلاقي ، وهو لا يخضع لغير أملاءات رغبته الجامحة في السيطرة على كل شيء وتسخيرها لما يخدم المصالح الامبريالية في قدوتها وليس في إطارها العام او ما يمكن ان ينسحب على المجتمعات من دون ثمن باهض تدفعه الإنسانية لاداراك ذلك ،والتمتع برضا القوى الامبريالية ،وهنا الأمر لا يقاس او يقارن بالزمن ،لان عقلية الاغتصاب ذاتها منذ تسيدت القوى الامبريالية قيادة مفاتيح المجتمعات ، لم تتغير ولن تتغير ، لا بل زادها التطور في التوجهات العامة والخاصة للمجتمعات وفي وسائل إدامة الحياة، قدرة إيذاء غير مسبوقة في التاريخ ،ولنا فيما مارسته الامبريالية بزعامة الإدارة الأمريكية بحق الأمة والعراق لما يمثله من مشروع قومي لإعادة مجدها ،ما يجعلنا على قناعة تامة ان الرقبة (رقبة الأمة ، كيانها ،حاضرها ، ماضيها )هي المستهدف ،والتاريخ الذي تمثله كامة منتجة للحضارة هو المستهدف بشكل اساس ،والسعي الحثيث في تجريد ابناء الامة من ذاكرتهم وتاريخهم الحاضر والمجيد أساسا في تنفيذ تطلعها في السيطرة على العقول قبل الابدان ، ولا مناص من ذلك الا بالتصدي الحازم انتصارا او استشهادا في سبيل عز وكرامة يفتقر لها الجانب المغتصب ، لان النتيجة هي ذاتها في كل الأحوال كما عبرت عنه محنة السكان الأصليين لما أطلق عليه أمريكا ، وما التتابع الحاقد في كل الفعاليات والإجراءات التي تقوم بها هذه الادارة ضد شعب العراق وثورته الا هو منهجها التي لا يمكن الحود عنه ، فهل لنا غير تصعيد النضال والفعل الجهادي لإعادة مجد غدر به جهارا نهارا وبسكوت مطبق من العالم الذي يدعي التحضر والرقي.

ابو علي ابن العراق يقول...

تحية طيبة
في احدى زياراتي الى تركمانستان صادفت زيارة بروفسور مؤرخ مكسيكي من أصل الجلد الأحمر مستصحبا معه دراسة موثقة متشعبة عن اصلهم يؤكد انهم ينحدرون من قبائل تركمانية عبرت من منطقة تقارب القرنين سيبيريا و ألاسكا ( لاحظ خارطة العالم وستلاحظ المقصود من تقارب أقصى الشرق مع أقصى الغرب بطي الكرة الأرضية ، والجدير بالذكر ان ألاسكا كانت من ممتلكات القيصرية الروسية وهذا دليل ترابطها بمسافة قصيرة مع سيبيريا وقد باعها احد القياصرة الى أمريكا بمليون ليرة ذهب ) وبعد وصولهم الى ألاسكا انحدروا نحو الجنوب طلبا للدفئ والمراعي واشتهروا بتربية الخيول وامتطائها كأجدادهم التركمان ولحد الان بالنسبة للأخير وقد كان التركمان ألأوائل يدينون بوجود اله أوحد يسمونه ( تانرم بكسر الراء ) وكذلك ذوي الجلد الأحمر والفرق بينهم وبين البيض في القارة انهم سكتوا أرضا بدون وجود إنسان قبلهم بينما البيض أبادوا الساكنين فيها وانتقام الرب منهم سيكون من نفس جنس فعلهم ولو بعد حين فأبشر أيها العراقي والافغاني وقبلهم الفيتنامي ان غضب الرب قادم عليهم وربما اقرب مما نتصور .
والله المستعان
مع التقدير

غير معرف يقول...

كلا.. إننا جنسان متمايزان، أصولنا مختلفة وأقدارنا متفارقة، وثمة القليل مما نشترك فيه…

غير معرف يقول...

وعندما يظن أبناءُ أبنائكم بأنهم وحدهم في الحقول، في المخازن والدكاكين، على الطرقات العريضة أو حين يلفهم سكون الغابات التي بلا دروب، فإنهم لن يكونوا أبداً وحدهم، ولن يجدوا في الأرض الفسيحة كلِّها معتزلاً. وفي الليل، حينما يلف الصمت مدنكم وقراكم حتى تخالونها خلواً من الحياة، فإنها ستكون محتشدة بأصحاب الدار العائدين الذين ملؤوا هذه الأرض الجميلة ذات مرة والتي لا يكفون عن حبها… الرجل الأبيض لن يكون أبداً وحده..

عدنان اﻷحمدي يقول...

1
إن كلامي هذا ليس من باب النقد الفني والمعرفي إنما هو إضافة مني تساهم في إضاءةِ واشباع الموضوع معلوماتياً ﻷنه من المواضيع التي أخذت حيزاً كبيراً من أهتمامات المفكرين والكتاب مثل جان بول سارتر وفرانس فانون صاحب كتاب مُعَذَبو اﻷرض ومن الفنانين السينمائيين مارلون براندو والمخرج اﻷلماني فيرنر هيرزوج فعرُّوا ثقافة الغرب اﻷستحواذية على
أراضي وأوطان الغير من سكان العالم وأبادتهم واﻷستحواذ على الثروات الطبيعية والمعادن الغالية كالذهب واﻷحجار الكريمةومن ثم مصادر الوقود والطاقة كالنِفط والغاز وكل ذلك يجري تحت شعار التبشير والتمدين الثقافي بقسميه المعنوي والمادي ورفع مستوى معيشة السكان اﻷصليين البدائيين عديمي الحضارة وهذه هي اﻷكذوبة الكبرى والذريعة السخيفة التي يستطيعون بواسطتها استعمار الشعوب واﻷوطان في حين ان ثقافة القتل واﻷبادةهي الهوية الحقيقيةلفلسفة القوة والبقاء للأقوى أي تطبيق شريعة الغاب التي يعتمدون عليها لحد يومنا هذا فما جرى من اﻷستحواذ على فلسطين بسبب ديني كوعد الرب وتحت شعارات توراتية تلمودية تبيح اﻷبادة لكل اﻷميين الذين
هم من غير اليهود هو تطبيقٌ حرفيٌ لماجرى مع السكان اﻷصليين اﻷمريكيين واﻷستراليين ولقد حاولوا في العراق لكنهم فشلوا بسبب الوعي المقاومي والوطني والعروبي عند العراقيين كما فشلوا مع الفلسطينيين ﻷنهم أحفاد حضارات مؤسِّسَه ﻻ يمكن هزيمتهم كما وان عصر الغزو اﻷوربي ﻷمريكا وأستراليا وبشرية هذا العصر ﻻتشبه عصرنا هذا وسيؤول أي غزو واستحواذ إلى الفشل اﻷكيد وعندما بدأ الوعي البشري بعد الحربين العالميتين يكبر وينضج ويعرف حقيقة ماارتكب اﻵباء من جرائمٍ بحق البشر هؤﻻء نرى اﻷصوات الحرة ترتفع بالتنديد وتحاكمهم كما رفض الممثل العمليق مارلون براندو في بداية الستينيات جائزة اﻷوسكار أحتجاجاً على مافعل أجداده بالهنود الحمرسكان أمريكا اﻷصليين وكان هذا الموقف إلى جانب موقف الملاكم محمد علي كلاي الرافض لحرب فيتنام مع مواقف احرار المثقفين اﻷمريكيين اﻷحتجاجية التي أشعلت الشارع وعلى رأسها الشاعر آلن غينسبيرغ وجماعته البيتكنز حيث أفرزت حركتهم هذه الموجة الهيبية اﻷحتجاجية الرائعة التي اشتدت بعد الثورة الطلابية في باريس والمانيا في ثمانية وستين وتسعة وستين حتى بدأ تضامن اليسار اﻷوربي اﻷلماني بالذات مع الثورة اىالفلسطينية ومقاومتها حيث ساهم هذا اليسار في القتال ميدانياً في فلسطين المحتلة حتى تمت تصفيته أي هذا اليسار بالطريقة المعروفة للرأي العام العالمي/وكان لظهور أفكار فرانس فانون الكاتب المارتينيكي الفرنسي في كتابه معذبو الأرض الذي يكشف فيه ويدين جرائم الغرب إزاء الهنود الحمر واﻷفارقة وما جرى في الغزو من ابادات واسترقاقٍ للبشر وتقدمة جان بول سارتر له أثر كبير في ثورة الوعي هذه لدى بشرية النصف الثاني من القرن العشرين فحين يقول سارترإن اﻷوربي لم يستطع أن يجعل نفسه انساناً إﻻ بخلقِ عبيدٍ ومسوخ ولقد كان عدد سكان اﻷرض ملياردين خمسمائة مليون منهم من البشر والباقي من السكان اﻷصليين فالخمسمائة يملكون الكلمة =يقصد هنا القوة والسلطة والقرار وحق والنهب القتل =والباقون يستعيرونها ويقول الدكتور جمال حمدان في كتابه ستراتيجية اﻷستعمار والتحرير ان الكشوف الجغرافية في القرن السادس قلبت ستراتيجية العالم القديم وان الكشوف في عام 1560 هي ذروة عصر الكشوف الجغرافيه وإذا كانت اركان اﻷستعمار البرتغالي هي التبشير والتجارة واﻷستعمار الستراتيجي الساحلي فإن أركان اﻷستعمار اﻷسباني هي التبشير والمعادن النفيسة والغزو واﻷستعمار اﻷستيطاني وهذا ما يؤكده سارتر في تقديمه لفانون إذْ يقول مخاطباً اﻷوربيين / انكم تعلمون حق العلم اننا سلبنا القارات الجديدة ذهبها ومعادنها ثم بترولها وجئنا بكل ذلك الى بلادنا القديمه /أما فانون فيجهر بالقول والصراخ ان رخاء اوربا وتقدمها جلب من عرق وجثث الزنوج والعرب والهنود ويقول مخاطباً شعوب العالم الثالث علينا ان ﻻ نضيع الوقت في ثرثراتٍ عقيمه أو في لغوٍ يبعث على اﻷشمئزاز فلنترك هذه اﻷوربا التي ﻻتفرغ من الكلام عن اﻷنسان وهي تقتله جماعات اينما تجده /

يتبع

عدنان الأحمدي يقول...

2
لقد أنقضت قرون وهي تخنق الأنسانية كلها باسم مغامرةٍ روحيه /وهنا ستلعب السينما الجديدة اﻷلمانية لعبتها العظيمة في كشف أوربا على حقيقتها تأكيداً ﻷقوال الكاتب فانون في الفلم العظيم / أجويرا غضب الرب /الذي اخرجه فيرنر هيرزوج وحاز على جوائز عالميه واحدث نقلةً نوعيةً في السينما اﻷوربيه والعالمية جنباً الى جنب السينما الفرنسية والمخرج جان لوك جودار / ان فيلم أجويرايدور عن هذه اﻷوربا القديمة المقصودة لفانون وسارتر واوربا الحديثة إذْ لم تتغير ثقافتها المعتمدة والدليل حروبها اﻷستيطانية في الجزائر وفلسطين وفيتنام واستباحتها ﻷفريقيا وتأييدها اﻷعمى الكامل للحركة الصهيونية وتأسيس الكيان العنصر النازي الفاشي القاتل ﻷطفال ونساء وشيوخ غزة وفلسطين المحتله /فهذا الفلم يكشف لجمهور أوربا الحقائق التي يعرفها ويتجاهلها فيقول لنا هذا الفلم ان كل مانعرفه من وجهة نظر المستعمرين هو محض هراء وان من يدعي بأن الكنيسة جلبت للعالم الجديد مبدأ الحرية والمساوات هي اوهام شائعة في الغرب والعالم الثالث ولقد حطم هذا العمل العظيم بمخرجه هيرزوج وممثله العمليق كلاوسكنسكي كل اﻷوهام والزيف الثقافي اﻷوربي واﻷخلاقي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..