وجهات نظر
جاسم الشمري
التطورات السياسية
الجديدة في المشهد العراقي، التي لم تحسم بعد، أفرزت رئيس وزراء جديد، كُلف قبل
أيام من قبل رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم، رئيس الحكومة الجديد هو حيدر
العبادي.
انضم العبادي باكراً
إلى حزب الدعوة، نفس حزب المالكي، ثم أصبح مسؤولاً عن تنظيمات الحزب في بريطانيا في عام
1977، وعضواً في القيادة التنفيذية لعموم الحزب في عام 1979، قبل أن يتولى مسؤولية
مكتب الشرق الأوسط للحزب عام 1980.
بعد الاحتلال، أصبح العبادي وزيراً للاتصالات، وانتخب
في 2006 عضواً في أول مجلس نواب دستوري ممثلاً لمدينة بغداد، وقد ترأس لجنة الاقتصاد
والأعمار بين عامي 2006 و2010، قبل أن يتم اختياره الشهر الماضي نائباً
أولاً لرئيس مجلس النواب الجديد.
الثلاثاء
الماضي، قال العبادي في خطاب التكليف "إن العراق يواجه اليوم العديد من التحديات،
التي تستهدف وحدته ونسيجه الاجتماعي ومكوناته، مما يتطلب تظافر جميع الجهود لمواجهة
خطر الإرهاب، وأدعو جميع القوى السياسية المؤمنة بالدستور والعملية السياسية الديمقراطية
لتوحيد جهودها، والاستجابة للتحديات الكبرى، التي يواجهها العراق".
وختم خطابه
بالقول "أشيد بالجهود الهائلة، التي بذلها دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي
ومجلس الوزراء على طريق مواجهة الإرهاب وبناء الدولة، حيث سيبقى المالكي أخاً، ورفيق
درب، وشريكاً أساسياً في العملية السياسية".
نهاية خطاب
العبادي تؤكد -بما لا يقبل الشك- أنه غير معارض لسياسات المالكي السابقة، وإلا
لكان الأولى به – على أقل تقدير - أن لا يشيد بجهود المالكي في ما أسماه " طريق
مواجهة الإرهاب وبناء الدولة"، وذلك احتراماً لأبناء المحافظات المنتفضة،
التي عانت – وما زالت - من هول ظلم
المالكي وقواته الأمنية، ولم يكلف السيد العبادي نفسه بمحاولة تطمينهم، أو بث روح
الأمل في أنفسهم المرهقة من هول القصف الحكومي المستمر على مدار الساعة!
وهنا نريد أن
نسأل السيد العبادي: أي دولة بناها المالكي وأي إرهاب حاربه وعليهما قدمت الشكر
للمالكي؟!
الدولة التي
بناها المالكي، والإرهاب الذي حاربه المالكي، هو الذي جعل الخبراء يعدون العراق
أخطر بلد في العالم!
في يوم
24/7/2014، أكد خبراء بريطانيون من شركة مابلكروفت المختصة في تحليل المخاطر:
" أن العراق أخطر بلد في العالم، يليه أفغانستان وباكستان والصومال".
وأكدت الشركة
البريطانية مقتل (9529) عراقياً منذ بداية العالم الحالي، وحتى مرحلة إعداد
التقرير!
عن أي دولة
يتحدث العبادي، والعراق اليوم من الدول التي عرفت بالخراب في كافة مجالات الحياة
السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية؟!
في يوم
الثلاثاء الماضي، وبعد التفجيرات الإجرامية التي ضربت منطقة الكرادة وسط بغداد،
ثارت موجة من الغضب الشعبي ضد نقاط التفتيش الحكومية المنتشرة في المدينة، وكان
النتيجة هروب كافة منتسبي نقاط التفتيش، حيث اعتبر الأهالي تلك السيطرات الحكومية
يداً للحكومة تبطش بالمدنين، وهي في ذات
الوقت عاجزة عن حمايتهم!
اليقين الذي لا
يخالطه أدنى شك هو أن المرحلة العراقية اليوم بحاجة إلى أفعال جادة ومثمرة،
والعراقيون ليسوا بحاجة لمزيد من الخطابات السياسية الإعلامية.
الفلوجة
والكرمة والصقلاوية والموصل وديالى وتكريت ما زالت - حتى اللحظة - تُقصف بالبراميل
المتفجرة، والطائرات المقاتلة، والمدفعية الثقيلة، فهل من يريد أن يبني أو ينطلق
انطلاقة جديدة يستمر بذات النهج الدموي لمن سبقه؟!
المالكي
والعبادي كلاهما من مدرسة حزب الدعوة، ومن غير المنطقي أن نقول: إن نهج لعبادي
سيكون مغايراً لنهج المالكي، لا أرى أن توسيع منطقة الأمل بقدوم العبادي يمكن أن
تغير من الواقع المرير شيئاً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق