وجهات نظر
مأمون السعدون
بعد فشل الجولة الاخيرة للمفاوضات النووية
بين ايران ومجموعة 5 + 1، والقرار الاميركي بالتدخل العسكري في العراق بتنفيذ
ضربات جوية ضد الارهاب، ومأزق اميركا في عجزها عن تحقيق نتائج حاسمة (!) لوّح
(جواد ظريف) وزير خارجية ايران للاميركان والغرب بصفقة لخصها بقوله "ارفعوا
عنا العقوبات واطلقوا لنا برنامجنا النووي وسنتعاون معكم".
ويأتي تصريح (وليد المعلم) وزير خارجية
سوريا في مؤتمره الصحفي بتاريخ 25/8 بقوله "اننا مستعدون للتعاون اقليمياَ
ودولياَ في مجال مكافحة الارهاب" وهي رسالة موجهة الى الاميركان تأتي رفداَ
للتحرك الايراني وانسجاماَ مع سياسة طهران وخدمة لمخططاتها واطماعها على حساب
العرب، وهذا لم يكن غريباَ على نظام الملالي ولم تكن هذه الصفقة فيما يسمى
بالتعاون في مكافحة الارهاب جديدة! وبالذات فيما يخص الموقف العدائي والتآمري تجاه
العراق على وجه الخصوص اضافة الى العرب والمسلمين بشكل عام.
فالتأريخ شاهد على التحالفات الفارسية مع
اليهود والقوى الصليبية التي ادخلت القوى الاستعمارية الى منطقتنا وتحديداَ منطقة
الخليج العربي، وان عقد الصفقات التآمرية الى جانب التسويف والمماطلة والغدر
"الفرس يضمرون بخلاف ما يظهرون" هو ابرز ما يميّز السياسة الفارسية التي
اصبحت اكثر وضوحاَ في ظل حكم اهل العمائم!
فايران كانت، ولم تزل، لا تتوسع الاّ على
حساب الجيران العرب فاحتلوا بابل وفق صفقة تآمرية مع اليهود، وتسببوا في الاطاحة
بالدولة العباسية وسقوط بغداد على يد هولاكو بعد خيانة (ابن العلقمي) الوزير
الفارسي، ثم كان الاحتلال البويهي الفارسي لبغداد ومن بعد السلجوقي فالصفوي.
وفي العصر الحديث واصل الفرس تآمرهم وعقدوا
اكثر من صفقة مع الاميركان والكيان الصهيوني (فضيحة ايران/ غيت) اثناء حرب الثمان
سنوات 1980 - 1988، ورغم فشلهم واصلوا التحالف والتعاون مع الاميركان في عدوان
1991 وما صاحبه من غدر واستباحة لمحافظات الجنوب والفرات الاوسط اثناء انشعال
العراقيين في الرد على المعتدين ومن ثم مشاركة ايران لاميركا في تدمير واحتلال
العراق عام 2003 وفق صفقة مفضوحة تطلق فيها يد ايران في المنطقة، ووضع العراق تحت
نفوذها، وهذا مافضحته تصريحات نائب الرئيس الاسبق (ابطحي) ورئيس البرلمان
(لاريجاني) بقولهم "لولا ايران لما دخلت اميركا بغداد وكابل "واقرار
واشنطن من ان تعاون طهران يخدم المصالح الاميركية وفق صفقة تخرج " العراق من
معادلة التوازن الاستراتيجي العربي والاقليمي لصالح كل من ايران واسرائيل"!
والملف النووي الايراني كان احد ابرز
الاوراق الايرانية للمساومة والتسويف واطالة الوقت لتحقيق مسعاها في امتلاك السلاح
النووي لاسيما وانها تقف اليوم على ابواب نادي الدول النووية وانها بحاجة الى
الاموال الطائلة لتغطية الكلف الباهضة لامتلاك الطاقة النووية، وهذا لايتحقق الاّ
بالغاء العقوبات الاقتصادية الدولية المؤثرة وبالذات على قطاعي النفط والطاقة
والتداول المالي الخارجي،ولخشية الحكام من تأثيرات استمرار العقوبات على الوضع
الداخلي المتفاقم، اذ طرح الوفد الايراني المفاوض في جولة مباحثات بغداد مع مجموعة
5 + 1 في ايار/مايس 2012 صفقة تتوقف فيها ايران عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وان
لا تتعدى نسبة الـ 5% مقابل تخفيف العقوبات وبالذات على القطاعين النفطي والمالي،
وتقديم مساعدات تقنية في مجال الطاقة.
لم يحصل شيء لأن الوفد الدولي لم يلمس جدية
لدى الجانب الايراني!
وفي جولة مباحثات موسكو التي تلت محادثات
بغداد والتي جرت في 18/6/2012 اعيدت الكرة ولم تفلح طهران في ذلك الاّ في كسب
الوقت والسباق مع الزمن لولوج النادي النووي مستغلة السياسة اللينة والنفس الطويل
للاميركان والمجتمع الدولي، وفي مطلع شهر ايلول/ سبتمبر من نفس العام نقل (نوري
المالكي) الى وفد الونغرس الاميركي الذي ضم (جوزيف ليبرمان وجون ماكين) في زيارته
لبغداد رسالة القيادة الايرانية الى الادارة الاميركية التي تضمنت صفقة توقف
بموجبها ايران برنامجها النووي لمدة 10 سنوات وانهاء حالة العداء مع (اسرائيل)!
وابرام عقد بين واشنطن وطهران للتعاون في مكافحة الارهاب مقابل إلغاء العقوبات
المفروضة عليها والابقاء على النظام السوري!
وقد انفضح الهدف من ان طهران كانت تناور لكسب
الوقت ومنع انهيار (نظام بشار الاسد) امام المعارضة السورية التي لولا التدخل
الايراني المباشر واشراك المليشيات الطائفية العراقية واللبنانية واليمنية
المرتبطة بطهران ومساعدة روسيا والصين لأطاحت بالنظام السوري، وبعد زوال هذا الخطر
اضحت سوريا ورقة ضغط اضافية لدى طهران الى جانب العراق واذرعتها في المنطقة ودول
الخليج العربي والاستمرار في برنامجها النووي، لإدراك ملالي ايران من ان امتلاك
السلاح النووي سيعزز دورها الاقليمي في صراع التنافس في المنطقة العربية ذات
الموقع الهام والثروات النفطية الغزيرة لانها، بالنسبة لاميركا والغرب، سواء كانت
بـ (تاج شاهنشاهي ام بعمائم زائفة) فهي حليفة موثوقة، وان ايران النووية لن تشكل
تهديداَ للمصالح الاميركية والغربية اوالكيان الصهيوني الذي يرتبط بعلاقات وثيقة
مع ايران الملالي بخلاف الشعارات والتصريحات النارية الايرانية الزائفة ضدهم، اذ
يؤكد لاريجاني رئيس البرلمان ان " ايران لن تعادي اسرائيل، وان المفاعلات
النووية الايرانية لن تهدد الامن الاسرائيلي"! وهذا ما اكده (ديفيد ليفي)
وزير خارجية الكيان الصهيوني السابق كذلك.
وتأتي الصفقة البازارية الايرانية الاخيرة
التي اطلقها ظريف" التعاون مع الاميركان في محاربة الارهاب مقابل اطلاق
برنامجها النووي ورفع العقوبات المؤثرة" في ذات السياق ولنفس الاهداف طالما انها
ستتيح لطهران التدخل العسكري السافر في العراق وبما يدعم السلطة الطائفية الموالية
ويجبر اطراف العملية السياسية على المشاركة في حكومة (حيدر العبادي) وبما يجهض
الثورة العراقية، او على الاقل يعيقها ويحد من تقدمها باتجاه العاصمة بغداد،
بتوجيه الضربات لمعاقل الثورة تحت ذريعة "الحرب على الارهاب".
اذ اشارت الانباء الواردة من طهران تحرك
الالاف من الحرس الثوري وبعض قوات النخبة والاليات والدبابات باتجاه العراق، وبما
يدحض تأكيدات ظريف في زيارته لبغداد 25 و26 من الشهر الحالي من انهم لن يرسلوا
قوات الى بغداد!
فملالي ايران، المعروفين بالدهاء والخبث والحيلة
والكذب، ادركوا ان واشنطن قد تورطت في قرارها الجديد على الساحة العراقية وانها
بحاجة الى تعاون ايران بهذا الصدد طالما ان الطرفين يهمهما بقاء السلطة العميلة
المهددة بالسقوط، وضمان مصالحهما واطماعهما في المنطقة.
وبالنسبة للساحة السورية تناقلت الانباء من
ان اميركا ستوسع حربها على الارهاب لتشمل الاراضي السورية وستقوم واشنطن، الاسبوع
المقبل، بتنفيذ ضربات جوية مماثلة لضرباتها في شمال العراق بعد عملية ذبح الصحفي
الاميركي!
وهذا ما يفسر الاستعداد السوري الذي اعلنه
وزير الخارجية للتعاون مع اميركا! والتساؤل..هل تنجح صفقات التعاون الاميركي ـ
الايراني على الساحة العراقية بعد ان اتسعت شرارة الثورة الشعبية وسيطرة الثوار على
اكثر من 40% من الاراضي العراقية؟ باعتراف الاميركان ان السلطة العراقية عاجزة
تماماً، وان الضربات الجوية التي تقوم بها مقاتلات اميركية وطائرات بدون طيار منذ
اكثر من اسبوعين، لن تحسم الموقف على الارض، كما ان ايران موجودة عسكرياَ في
العراق، وهي تشارك القوات الحكومية والمليشيات المرتبطة بها في المواجهة مع الثوار
وانهم عجزوا ولم يستعيدوا اي هدف او موقع رغم المجازر البشعة والبراميل المتفجرة
وكل التحشيد الطائفي،فلن يضيف هذا التعاون اي شيء ولن يغير من الواقع في المواجهة
على الارض، فالثوار صامدون وعازمون، بعون الله، على تحرير البلاد وتخليص الشعب من
كل مخلفات المحتلين ومن الوجود الاجنبي وبالاخص الفارسي البغيض وسلطتهم المتهاوية.
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق