موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

نعم من حقهم أن يشمتوا بمختار العصر

وجهات نظر
مثنى عبدالله
حتى قُبيل ساعات قليلة من رضوخه لأمر من أتوا به، كي يغادر ساحة السلطة، كان الغوغاء والميلشيات الذين رعاهم يجوبون شوارع العاصمة وبعض المحافظات العراقية، وينصبون سرادقاتهم في ساحة الفردوس في بغداد، رافعين صوره ولافتات تمجد دوره وترفع من مقامه بما يوازي مقام سيدنا الحسين، منددين بالمرشح الجديد لرئاسة الوزراء ومطالبين اياه بأن يرفع يده عنها

كانت تلك اللافتات تظهره حُسين الزمن الحاضر ومُختار العصــــر. كان احد اعوانه يصر عبر احدى القنوات الفضائية، بان لا قيمة لكل الاعتراضات الدولية والاقليمـــية والمحلية، التي ترفض ولايته الثالثة، حتى وصل به الغلـــو للقول بأن قرار ما تسمى المحكـــمة الاتحادية سوف يصدر لصالحه، وستُجرّم به رئيس الجمهورية بتهمة خرق الدستور، وتعــــيد المالكـــي الى الولاية الثالثة، وكـــأن المتحـــدث كان يحـــمل في جيبه قرار تلك المحكـــمة، او انه واثق منها الى درجة اليقين، بعد ان اعتاد ان تكــــون قـــراراتـــها لصالح مخـــتار العصـــر طوال السنوات المنصرمة.
على الجانب الآخر كانت الغالبية العظمى من العراقيين ترقب بتوق أي فرصة للخلاص من الطاغية، على الرغم من أن الآليات التي تعمل بها العملية السياسية لا تعطي املا يُرتجى من ان تغيير الوجوه هو بالضرورة تغيير للسياسات، فالتزويق اللفظي الذي تم احاطتها به والنعوت والصفات الديمقراطية التي الصقت بها، اثبتت السنوات الماضية زيفها، بعد ان اكد الساسة الجدد هذا الزيف في سلوكهم السياسي على الصعيد الداخلي والخارجي، وفي طريقة تحملهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم بعد تصدرهم مواقع المسؤولية. لقد فشل الجميع وليس المالكي وحده في اقامة دولة المواطنة، بعد ان غابت كل الآليات والمؤسسات الدستورية المستقلة التي بشرنا بها الغزاة المحتلين، وتحولت كل تلك الهياكل الدستورية الزائفة التى صنعوها، الى ادوات خاضعة لسطوة زعماء الكتل السياسية وامراء الطوائف والمليشيات، اضافة الى املاءات الخارج الدولي والاقليمي.
لقد غابت فكرة القانون واهميته كأساس لكل تركيبة اجتماعية عن اذهانهم تماما، واستعاضوا عنها بالسلوك المذهبي والطائفي كمحرك للانسان العراقي، فاستعدّوا طائفة ضد اخرى، ومذهبا ضد مذهب، وحاولوا جاهدين صناعة تاريخ للعداء بيـــن ابناء الشعب الواحد والوطن الواحد، حتى دفعوا بعض العامة والخاصة للبحث عن حلول ترقيعــية للهروب والخلاص من المأزق الوطني، فارتفعت لافتات تطالب بالاقاليم اوالانفصال او الذهاب الى المجهول.
هل تذكرون النائبة البرلمانية المتنفذة والمقربة من المالكي، التي اعلنت جهارا أنها تريد ان يُقتل سبعة من السنة عندما يُقتل سبعة من الشيعة؟ هذا مثال واحد من امثلة كثيرة تبين المستوى السياسي والاخلاقي الذي تدار به العملية السياسية، كل ذلك بات عامل ضغط كبير مُسلّطا على المواطن في هذا البلد، تدفعه للهرب من الواقع المعاش، بل تدفعه لكراهية كل شيء يربطه بالوطن، وهذا سلوك يصنعه تراكم الكتلة الحرجة، كتلة الاحتجاج على الواقع البائس في ظل انعدام وجود قوى سياسية او وجاهية اجتماعية قادرة على انقاذ الناس، فيحصل انسداد في افق التفكير للعامة وتصبح حلولهم جميعها انتحارية، بعد ان جربوا كل ما طلب منهم فعله.
لقد ذهبوا للانتخابات على أمل الحل فوجدوا ان السلطة التشريعية التي انتخبوها فيها الكثير من امثال النائبة التي ذكرناها انفا، ثم تشكلت سلطة تنفيذية تم تسخير كل اجهزتها لاعتقال وتعذيب وخطف وقتل المواطنين، واستُعبدت السلطة الثالثة وهي القضائية وباتت في رحل رئيس الوزراء تحكم له كيفما يشاء، وعندما عاد العراقيون مضطرين الى عصر ما قبل العقد الاجتماعي وتكوين المجتمعات، طلبا للحماية واحقاق الحقوق من سلطة شيوخ العشائر ورجال الدين، وجدوا ان البعض من هؤلاء انغمسوا في السياسة وباتوا يمدون موائدهم الى المحتلين واعوانهم وازلامهم، ويهزجون الى مضطهديهم وقاتليهم ويلقون القصائد العصماء في حضرتهم
نعم لقد تشفّى الكثير من العراقيين وهم يشاهدون الطاغية الذي خلعه من أتى به الى السلطة، ويستمعون الى خطابة الاخير الذي بدا فيه فارغا تماما من تلك العنجهية التي كان عليها في خطاب سابق.
يقينا لقد مرت في ذاكرة الكثير منهم صور ابنائهم المغيبين في السجون السرية والعلنية، وفق المادة اربعة ارهاب سيئة الصيت، وعادت ملامح احبائهم امام عيونهم الذين قضوا نحبهم على ايدي المليشيات الحكومية المتنفذة، وشعر الكثير ممن امتهنت كراماتهم ظلما بفداحة ما تعرضوا له.
قد يتشفى المظلوم وهو يرى الظالم قد ذُل، لكنها لحظة عابرة تعود بعدها الى الذاكرة وبقوة صورة الظلم وبكثافة اكبر من ذي قبل. لذلك نسمع اليوم عن مطالبات كثيرة بان يقف الطاغية امام العدالة للقصاص منه عن كل الجرائم التي حصلت في عهده، لكننا لا نرى الى ذلك سبيلا، لان الجميع مُشارك في كل الذي جرى، كما انه لا وجود لاستعداد دولي لفتح هذه الصفحة، لان القوى الدولية هي مشارك فاعل في رسم صورة المشهد العراقي.
لا تخدعكم البواكي الدولية وصرخات المنظمات الانسانية التي سمعتموها من اجل الايزيديين والمسيحيين في شمال العراق، فهي ليست خالصة لوجه الانسانية، بل هي خالصة لوجه المصالح الغربية التي تريد تثبيتها في شمال العراق على وجه الخصوص، واسألوا انفسكم لماذا قتل السوريون من كل الطوائف والمذاهب والاديان ولم تتحرك الغيرة الانسانية الاوروبية، ولماذا تقتل اسرائيل الفلسطينيين في غزة ويبقى الصوت الاوروبي لصالح (اسرائيل).
اسألوني من يبكي المالكي الان، سأقول لكم ان بواكيه هم الزعامات السنية التي اعطته ولاءها بالسر وبعضهم بالعلن، طمعا في منصب وموقع وجاه في الوزارة التي كان يزمع تشكيلها، وبواكيه ايضا اولائك الذين صعب عليهم ان تشيح عدسات التلفاز عنهم، بعد ان شملهم الاجتثاث، فعادوا بأمر منه الى مواقع في الجيش والاجهزة الامنية والشرطية وبعض المواقع المدنية، فأصبحوا مالكيين اكثر من اعوانه الاصليين. سيبكية بعض المعممين الذين باتوا محسوبين على الحاشية الاقرب وامراء الميليشيات. اللهم لا شماتة، هكذا قلت وانا اتابع المالكي في خطابه الاخير، لكن احدهم كررها على مسامعي مرات عديدة اللهم شماتة.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..