موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 8 فبراير 2012

زمان السوء، وقد عشناه!

كتب الأستاذ نواف شاذل طاقة مقالته هذه عن زمان السوء، مستعرضاً ما جاء في تقريري منظمتين دوليتين، صدرا أخيراً، وأتساءل هل ثمة زمان أسوأ من هذا الذي نعيش فيه؟ حيث يُخوَّن الأمين ويُؤتمن الخائن، ويُصدَّق الكاذب ويُكذَّب الصدوق، وحيث الوطن محض سلعة تُباع وتُشترى أو كرة يتقاذفها عملاء صغار!
ولانملك إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون!




زمان السوء

نواف شاذل طاقة

تروي كتب التاريخ أن التابعي الزاهد ميمون ابن مهران، ويقال أنه ثامن من انتهى إليهم زهد التابعين في البصرة، والذي كان قد عمل كاتبا للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لحين وفاة الأخير سنة 101 للهجرة، كان قد خرج يوما يروم زيارة التابعي الجليل الحسن البصري (21-110 هـ)، مفتي البصرة وأشهر علماء زمانه. ولما وصل دار البصري طرق الباب، فإذا بجاريته تخرج عليه: قالت: مَنْ؟ قال: ميمون ابن مهران. قالت: كاتب عمر بن عبد العزيز؟ قال: نعم. قالت: ما الذي أبقاك إلى زمان السوء هذا؟ فبكى الشيخ وانتحب حتى سمعه الحسن البصري فخرج إليه وعانقه وأدخله الدار.
ليس القصد من هذه المقالة الحديث عن المشاكل والتحديات التي واجهتها الدولة الأموية، بل الحديث عن زمان السوء الذي يتساءل فيه الكثير من العراقيين، في الداخل والخارج، عما أبقاهم فيه إلى هذا اليوم، حيث يسود القتل والخراب في البلاد، وحيث يرد اسم العراق على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، وتتصدر بغداد قائمة أقذر المدن في العالم، ويُقتل فيه أكبر عدد من الصحفيين في العالم، ويتشرد فيه داخليا وخارجيا نحو خُمس سكانه، ويعيش فيه الكثير من مواطنيه في المقابر ويقتاتون على المزابل، وتطول القائمة حتى يصعب حصرها. ولكن الأكثر إثارة هذه الأيام هي التقارير والإدانات التي صدرت بشأن حالة حقوق الإنسان في العراق عن منظمات دولية وأخرى إنسانية تتحدث عن الوضع المزري الذي وصل إليه حال العراقيين.
في هذا السياق، يقول التقرير السنوي الذي صدر هذا الشهر عن منظمة (هيومن رايتس ووتش) المعنية بحقوق الإنسان أن السلطات العراقية شنت خلال سنة 2011 "حملة قمع على حرية التعبير وحرية التجمع، إذْ أرهبت وضربت واحتجزت النشطاء والمتظاهرين والصحفيين". ويمضي التقرير قائلا: "في فبراير/شباط أماطت هيومن رايتس ووتش اللثام عن مركز احتجاز سري تسيطر عليه قوات أمن نخبوية مسؤولة من مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي مباشرة. وأن نفس الوحدات النخبوية تسيطر على كامب أونور، وهو منشأة منفصلة في بغداد يُعذب فيها المحتجزون ...". ويمضي التقرير، الذي يقع في 676 صفحة والذي تقيّم فيه المنظمة حالة حقوق الإنسان خلال سنة 2011 في أكثر من 90 دولة، في وصف بعض الانتهاكات التي قامت بها قوات الأمن العراقية خلال السنة الماضية، ومن بينها احتجاز مئات العراقيين دون توجيه التهم إليهم، وخنق الحقوق المدنية في البلاد، واستخدام العنف وقتل أكثر من 12 متظاهرا في يوم واحد، وما وصفته بقيام "بلطجية بدعم من الحكومة بضرب وطعن متظاهرين سلميين والتحرش جنسيا بمتظاهرات مع وقوف قوات الأمن بلا حراك حول المكان"، وغيرها من الممارسات التي يندى لها الجبين. كما يتضمن التقرير وصفا مريعا لمشكلة التعذيب في السجون العراقية حيث يشير إلى حالات اشتكى فيها المحتجزون العراقيون من أن "المحققين دأبوا على ضربهم وتعليقهم في وضع مقلوب لساعات، وصعقهم بالكهرباء على مختلف أجزاء الجسد، بما في ذلك منطقة العضو التناسلي، وتكرر وضع أكياس بلاستيكية فوق رؤوسهم إلى أن يفقدوا الوعي من الاختناق".
من جانب آخر، أصدرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، نافي بيلاي، بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2012 بيانا أدانت فيه قيام السلطات العراقية بإعدام 34 مواطنا، من ضمنهم امرأتان، في يوم واحد في العراق بحجة ارتكابهم جرائم مختلفة. ونقل البيان عن المفوضة السامية قولها "حتى في حال تطبيق أدق معايير المحاكمات العادلة، يبقى هذا العدد مروعاً ليتم تنفيذ حكم الإعدام بهم في يوم واحد". تطرقت بيلاي في بيانها إلى غياب "نزاهة المحاكمات" في العراق، وإلى النطاق الواسع للجرائم التي يمكن أن يطبق حكم الإعدام بموجبها في البلاد حتى أنه يشمل في بعض الحالات من يتسبب في إحداث أضرار في الممتلكات العامة. وفيما تحدثت عن حالات انتزاع الاعترافات بالإكراه من المعتقلين العراقيين، أعربت بيلاي عن قلقها من إعدام 63 شخصا خلال الشهرين الأخيرين فقط وسط حالة من الغموض تكتنف الأعداد الحقيقية للمعدومين.  
وسط هذه الحالة المخجلة للأوضاع في العراق، قد يكون استذكار جوانب من سيرة الحسن البصري أبلغ ما يمكن أن يُقال في هذه المناسبة حيث تروي كتب التاريخ حادثة أخرى قد تصلح خاتمة لهذه المقالة إذ يُقال بأن الحجاج كان قد بعث في بعض من كبار علماء البصرة من بينهم الحسن البصري لمناقشتهم في أمور البلاد. وتقول بعض الروايات أن الحجاج كان قد همّ بقتل البصري الذي قال له مخاطبا: يا حجاج: كم بينك وبين آدم من أب؟ قال: كثير. قال: فأين هم؟  قال: ماتوا: قال: فاعتبر بهم. فنكس الحجاج رأسه وخرج البصري.
إن السؤال الذي يبرز اليوم هو إذا كان الحجاج قد نكس رأسه خجلا، فهل سيخجل ويتعظ أشباه الحجاج في بغداد ممن جاءوا على ظهر الدبابات الأمريكية؟


 ملاحظة:
نُشر المقال هنا


إضافة:
 لقد قام الحجاج بتوسيع دار الإسلام إلى ما هو باكستان وافغانستان وجمهوريات اسيا الوسطى الخمسة ولا زالت اعماله قائمة تشهد بعظمته رغم قسوته المفرطة، فماذا سيترك الرعاع الذين يحكمون العراق اليوم؟


هناك تعليق واحد:

أبو علي ابن العراق يقول...

فرخ البط عوام -رحمة الله عليك أيها الشاعر شاذل طاقة كنت ابا لنا عندما كنت سفيرنا في موسكو ونحن طلاب بعثة وكنت وزيرا حقيقيا لخارجية العراق وها خير خلف لخير سلف

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..