أبو الحسن بين صدر أول رئيس لجمهورية إيران بعد تأسيسها عام 1979، واحد اوائل الذين فروا من سفينة الثورة التي كانت تتعرض للغرق بسبب الحرب مع العراق وقضايا داخلية عديدة، تحدث الى قناة روسيا اليوم، مؤخراً، مقدما رؤيته لمستقبل النظام الايراني.
وفي هذه المقالة يقدم الدكتور عبدالستار الراوي، خلاصة مكثفة لحديث بني صدر.
حديث عن المعاناة والشعور بالإحباط في ظل ولاية الفقيه ..:
بني صدر: الشعـــب الإيــراني قـد يثـور ويطيـح بنظـام المــلالي في أي لحظـة
عبدالستار الراوي
أكد الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر أن الشعب الإيراني قد يثور في أي لحظة ويطيح بنظام الملالي. وقال في البرنامج الحواري “حديث اليوم”، الذي أجراه الكاتب المعروف سلام مسافر في فضائية “روسيا اليوم” مؤخراً إن مأزقاً خانقاً يواجه ولاية الفقيه فالشعب محبط ويعاني من مشكلات جمة ويمكن أن يثور في أية لحظة، ولعل ذلك يفسر إلى حد بعيد الصراعات والتباينات التي تطفو على السطح بين الحين والآخر داخل المؤسسة الحاكمة نفسها.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي المتردي يشكل تحدياً كبيراً بسبب السياسة المضطربة لحكومة أحمدي نجاد، مشيراً إلى أنه في غضون خمس سنوات حصلت إيران على عائدات كبيرة من صادرات النفط تصل إلى ما يزيد عن 700 مليار دولار.. وفتح نجاد الأبواب أمام الاستيراد من الخارج، مما أثّر سلباً على الصناعة المحلية، وارتفعت الأسعار بمعدلات قياسية وهو ما جعل الحياة في إيران مكلفة وصعبة للغاية، واتسعت مساحة الفقر في البلاد. وأكد بني صدر أن النظام الإيراني يعيش في عزلة تامة عن الشعب، بعد أن أقام جداراً عازلاً باسم السلطة الإلهية المقدسة. ووصف الوضع الذي يعيشه الإيرانيون بأنه “غير طبيعي حتى في معايير النظام نفسه”، مشيراً إلى أن أجهزة السلطة تخاف من أي تجمع شعبي وتعدّه شرارة قد تؤدي إلى ثورة على غرار الثورات التي اندلعت في دول أوروبا الشرقية.
وأجاب الرئيس الإيراني الأسبق في البرنامج عن عدد من الأسئلة المعلقة والحائرة والخطرة، متحدثاً عن معاناة شعبه المريرة، وعن ماهية التحديات في المرحلة الراهنة التي تعيش تحت وطأتها جمهورية الفقيه، وقال: إن النظام الإيراني نظام سياسي ذو بعد واحد، الفقيه الأوحد، والحاكم الأبدي، لا شيء قبله أو بعده، نظام لاهوتي، تقوده طبقة ثيوقراطية متحكمة تحت حماية بنادق “حراس الثورة”، يقابل هذه الأحادية الدينية المتسلطة، عموم الشعب. فالحرية الغائبة تحظر على أي فرد من أفراد الشعب الاعتراض فلا يحق لأي من المواطنين التعبير عن رأيه بأي صفة من الصفات وفقاً لحقوق الإنسان. ووصف بني صدر الصراعات الظاهرة والخفية داخل بنية النظام بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة ولاية الفقيه بأنها “معضلة مستمرة بدأت منذ انتصار الثورة وماتزال مستمرة إلى اليوم”، وقال: إن هذه القضية أخذت شكلها الدرامي العنيف يوم كان بني صدر رئيساً للجمهورية؛ إذ بدأ الصدام السياسي منذ الأيام الأولى للجمهورية بين الرئيس المنتخب وبين الإمام الخميني، واستمر على مدى أكثر من ثلاثة عقود بين السيد خامنئي والرؤساء الآخرين بلغ ذروته مع السيد خاتمي، وأصبح حديث الشارع مع أحمدي نجاد، مشيراً إلى أن هذا التداخل مع المؤسسة الدينية أنتج هذا الهيكل السياسي الغريب للدولة. وتحدث بني صدر عن المعاناة اليومية للإيرانيين والإحباط الداخلي، وقال: إن هيمنة المرشد المطلقة على صنع القرار السياسي، دفعت بالبلاد إلى هوة سحيقة من الصراعات، بعد أن أقصت المؤسسة الحاكمة الإصلاحيين بشتى الطرق، وأصبحت أسماء مثل كروبي وموسوي رديفة للآفة القاتلة في الأدبيات السياسية للنظام. كما جرى إبعاد أحزاب بأكملها عن العملية الانتخابية، إلى جانب تطويق جميع الأصوات المناوئة لأحمدي نجاد وللسيد خامنئي، وأنه إذا ما فكر أحد بطرح رأي مغاير لخامنئي فإنه يتهم بالتجسس من فوره!!
وتطرق بني صدر في حواره مع تلفزيون روسيا اليوم إلى الوضع الثقافي، وقال: إن مجتمعاً كالمجتمع الإيراني يشكل الشباب غالبية فيه يجد نفسه أمام ساحة مغلقة لا مجال فيها لحرية التعبير وتكاد تنعدم فيه الجمعيات والمنظمات وجميع أنواع مؤسسات المجتمع المدني، وإن النظام أقدم، في الآونة الأخيرة على إغلاق (بيت الفنانين) وهي المنظمة التي لا يعرف عنها أي نشاط سياسي، كما تم إلغاء المراكز الثقافية في العديد من المدن الإيرانية. ومرّ بني صدر في حديثة إلى الأزمة النووية، وقال: إن النظام الإيراني يحتاج بصفة دائمة إلى خلق عدو خارجي في صورة الولايات المتحدة، وإن ذلك صار جوهر سياسة النظام الداخلية والخارجية، وإن الملف النووي الإيراني يأتي في هذا السياق أيضاً.
وأضاف أن الوضع السياسي في البلاد، الآن، تسوده المخاوف من احتمال نشوب حرب، فوسائل الإعلام في أمريكا والغرب لم تكف عن قرع طبول الحرب ضد إيران، وأدى ذلك إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في إيران والذي لا يعود فقط إلى العقوبات المفروضة على إيران، بل أيضاً إلى مشاعر القلق والهلع التي تدفع المواطنين نحو شبابيك بيع الدولار أو الذهب تحوطاً من احتمالات نشوب الحرب وفقدان العملة المحلية الإيرانية قيمتها تماماً.
وأوضح بني صدر أنه في مقابل فن صناعة العدو الافتراضي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً تحتاج إلى نموذج العدو وتجده في النظام الإيراني لكي تزيد مبيعاتها من الأسلحة إلى بلدان المنطقة. وقال: إن سياسة “تخادم” المصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران قائمة منذ زمن “إنهم في الظاهر أعداء. أما تحت الطاولة فإن الأمر يختلف تماماً، والدليل على ذلك فضيحة “إيران غيت” و«إيران كونترا” والتوافق على احتلال أفغانستان ومن ثم العراق.
وتوصل الكاتب سلام مسافر من خلال حواره مع الرئيس الإيراني الأسبق إلى أن نتائج عدة منها أن إيران في رأي بني صدر لا تحتاج إلى ثورة جديدة، فهي أنجزت هذه الثورة قبل ثلاثين عاماً، لكن ما ينبغي القيام به هو تحقيق أهداف تلك الثورة التي شارك فيها بني صدر نفسه، ولكنه كان أول ضحاياها، وأن نظام ولاية الفقيه لم يعد هو النظام اللائق بشعب إيران الذي يتطلع إلى استعادة حريته المغيبة بأسطورة السلطة المقدسة والحاكمية الإلهية، وأنه آن الوقت لأن تنتهي خرافة الولاية الأبدية وأن يعود رجال الدين إلى حيث كانوا، وان يترك للشعب حرية اختيار حكامه وتقرير مصيره بنفسه من دون سطوة من المؤسسة الدينية.
ملاحظة:
نُشر المقال هنا
ويمكن الاطلاع على نص الحوار الذي أجرته قناة روسيا اليوم مع الرئيس الإيراني الأسبق هنا
هناك تعليقان (2):
قال أحد الزملاء في الفيس بوك قبل اشهر أنه التقى قبل مدة بإيراني في الطائرة وقال له الإيراني ان الإيرانيين متعطشين لأيام كيكوش ( المطربة الإيرانية المشهورة) ويمقتون حكومتهم واصحاب العمايم
لا تعليق لي على كلمة بني صدر .. لكن اتمنى لكل عربي يدافع عن ايران ان يقرأ هذا التصريح ويمعن في قرائته عله يكتشف ان امريكا وايران ليست في حال عداء ابداً بل هم في شهر عسل مستمر ولن يتنهي ..
إرسال تعليق