باعتزاز كبير، تلقيت رسالة من المناضل نزار السامرائي، تحمل هذه المقالة المهمة التي اختصَّ وجهات نظر بها، وهي تطرح قضية قانونية واصطلاحية بالغة الأهمية، ارتأى كاتبنا العزيز أن يعالجها على وفق ماتيسر له من معلومات ومعطيات مهمة، عارضاً، من خلالها، الطريقة التي يدير نوري المالكي بواسطتها شؤون بلد عظيم اسمه العراق!
هكذا يدير المالكي شؤون العراق!
هل هناك تطابق بين مصطلح دولة القانون والتطبيق الحقيقي للقانون؟
نزار السامرائي
كي تحظى السلطة التنفيذية بالاحترام من جانب المواطنين، وكي ينظر إليها على أنها سلطة متمدنة ومتحضرة، يجب عليها ممارسة عملها على وفق ما نصت عليه القوانين المرعية وما يرسمه الدستور النافذ في البلاد، وخاصة ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، وربما تأتي الاعتقالات العشوائية وبمداهات ليلية وبأساليب قمعمية تروع الآمنين من أطفال ونساء، واستنادا إلى دعاوى باطلة ومعلومات كاذبة يقدمها المخبرون السريون الذي تعودوا على العمل في الظلام، لإلحاق أسوأ المظالم بالأبرياء.
ولكن حكومة نوري المالكي التي سطت على مصطلح (دولة القانون)، وألصقته على القائمة التي يرأسها، كانت على الدوام تضرب القوانين عرض الحائط، وتطلق العنان لأجهزة الأمن لممارسة أعلى درجات القمع والاضطهاد بحق كل من تشك بولائه لها أو لا يشاطرها بيع النفس لقوى الشر الخارجية، وتزج بهم في سجونها السرية الرهيبة، وتعرضهم لأقسى برامج التعذيب الهمجي، ويبدو أن هذه الحكومة المأزومة تعيش هاجسا مرعبا من الجهات الأربع، مما تسميه محاولات الانقلاب العسكري الذي يستهدف العملية السياسية برمتها.
خلال الشهور الماضية شنت قيادة عمليات بغداد والأجهزة الأمنية في سائر المحافظات العراقية، وبناء على أوامر مباشرة من مكتب المالكي، حملة اعتقالات طالت الآلاف من المواطنين من ضباط الجيش الوطني، الذي حله الحاكم الأمريكي بول بريمر، ومن موظفي الدولة الذين تم فصلهم من وظائفهم بموجب قانون اجتثاث البعث، بتهمة التحضير لانقلاب عسكري، وتلقف مكتب المالكي المصاب بحالة رعب وهلع من فكرة الانقلاب العسكري الذي يعرف المالكي أنه سيلقي به على رصيف المجهول، تلقف هذه الوشاية اللئيمة بأعصاب مشدودة بقوة الخوف من قابل الأيام الذي ينتظر كل من تآمر على العراق مع المحتلين بصرف النظر عن جنسياتهم وسحناتهم، فأصدر نوري المالكي وبيد مرتجفة أوامره السريعة ومن دون تدبر أو تفكير، بإعتقال الآلاف من العراقيين وزج بهم في أقبية المعتقلات في ظروف قاسية جدا ومن دون إذن قضائي، وتم تعريضهم لحملة تعذيب وحشية انتهكت كراماتهم وإنسانيتهم، وسط ضحكات السجانين من محترفي القتل والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، وكالعادة كان محترفو الكذب في قيادة عمليات بغداد وائتلاف دولة القانون، وقيادات التحالف الوطني الحاكم ووزارتي الدفاع والداخلية اللتين تداران من قبل المالكي شخصيا ووزارة العدل، أيدت وعلى شكل متسرع جدا ما جاء من مزاعم عن الانقلاب العسكري، فهل تأكدت الحكومة من وجود خطة انقلاب عسكري كان البعثيون يخططون له؟
إن الحكومة الحالية التي تعيش أسوأ أحوالها، لم تستطع تبرير ما أقدمت عليه من ممارسات قمعية لم يشهد العراق لها مثيلا من قبل، فذهبت مذاهب شتى في تبرير سلوكها المنحرف، وتعددت الروايات عن مسوغات جرائم إرهاب الدولة ضد العراقيين الشرفاء الذين رفضوا الانحناء أم العاصفة وظلت هاماتهم عالية يتحدون بصبرهم على الظلم والتعذيب، سياط الجلادين وأوامر أسيادهم القتلة الكبار.
وصلتني تسريبات مؤكدة عن لقاء رباعي ضم وزير المالية الدكتور رافع العيساوي ووزير التربية السيد محمد تميم، مع مستشار الأمن الوطني فالح الفياض وعبد الحليم الزهيري أحد مستشاري المالكي المقربين، سأل كل من العيساوي وتميم، سألا الفياض والزهيري عن حقيقة خطة الانقلاب العسكري التي روج لها إعلام المنطقة الخضراء والمرتبط بالتحالف الوطني الحالكم، فأكد عضوا التحالف الوطني أن التحقيقات التي أجريت أكدت عدم وجود هذه الخطة بشكل مطلق، وقالا إن المسؤول عن تسريب هذه المعلومات الكاذبة هو حسين كمال وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات، وقالا إنهما لا يعرفان دوافع حسين كمال لإدخال الحكومة في هذا المأزق، وحين سئل الفياض والزهيري عن أسباب عدم إطلاق سراح المعتقلين الذين تم الزج بهم من دون وجه حق، لم يعطيا جوابا واكتفيا بهز رأسيهما استخفافا بآلام العراقيين ومعاناتهم تحت حكم التحالف الوطني، فهل يوجد بلد في العالم يدار بهذه الطريقة؟ وهل وصل الاستخفاف بمصائر العراقيين إلى هذا الحد الذي لم ممكنا السكوت عليه؟
إن محاولة غسل اليد من جانب ائتلاف دولة القانون، عن هذه الجريمة الجديدة والانتهاكات الصارخة لحقوق العراقيين، والتي تأكد استنادها إلى معلومات ملفقة، من مخبر علني يشغل وظيفة عليا في وزارة داخلية المالكي، إن كان مستشارا المالكي صادقين في اتهامهما لحسين كمال، وإلقاء تبعتها على شخص واحد ومهما كانت أهمية منصبه، ليست أكثر من مخادعة رخيصة، ولا يمكن أن تعفي رئيس الوزراء من المسؤولية الجنائية والقانونية، لما لحق بآلاف المعتقلين الذين وضعوا في السجون السرية في (المنطقة الخضراء) بأوامر منه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية إضافة إلى السلسلة الطويلة من الوظائف التي يشغلها، وبقي على وكيل وزارة الداخلية الكردي حسين كمال أن يبرر موقفه من دون لبس أو غموض، ويجب يبرر الدوافع التي حدت به إلى تلفيق تهمة التحضير للإنقلاب العسكري المزعوم ودفع ثمن جريمته هذه آلاف العراقيين من حريتهم.
لقد تعرض هؤلاء المعتقلون وغيرهم والذين يعدون بمئات الآلاف لتعذيب جسدي منهجي وحشي ونفسي قاس، ومنعت عنهم أبسط حقوقهم الإنسانية وأخضعوا لتعذيب على أيدي قطاع طرق ومهربي مخدرات ومزوري وئائق الدولة وربما كانت هذه أسوأ ما واجهه المعتقلون، لمجرد أن هناك من يحمل موروثا حاقدا على كل من لم يتلوث تاريخه بشائبة التعاون مع المحتلين، فأراد أن يضعهم في اختبارات جديدة عله ينال شيئا من صمودهم وثبات موقفهم، ولكن خيبة الأمل المريرة التي عاد بها هؤلاء الجلادون، يجب أن تبقى درسا تستحضره نفوسهم المريضة كلما أرادوا التقرب من أسوار الوطنية العراقية الراسخة في أعماق الأرض العراقية، وكلما راودتهم أنفسهم بإضعاف النفوس العراقية الكبيرة.
هناك 3 تعليقات:
ثائر
السلام عليكم
لقد عرفنا هذا المناضل صلبآ مكافحآ وقد لاقى ما لاقاه عندما كان اسيرآ لسنوات طويله في الاسر بسجون الملالي وقد كان لغيابه لتلك الفتره الطويله عن وطنه واهله ورفاق دربه وسيله اخرى لتعلقنا بهذا الرجل وقيمه فقد امتاز عنا في اساليب النظال من خلال السنوات الثمانيه في الاسر واقول هنا ان ما لقيناه نحن في وطننا وفي سجون الطغاة لايقل بطشآ عما عاناه هذا الرجل في الاقفاص الايرانيه الحاقده ولعله في مقالته هذه قد استطاع من خلال معايشته لاساليب التعذيب ان يطرح ما هو قريب للذهن فقد استطاع هذا المناضل ان يقرب الصوره للقارئ من خلال المعطيات الملموسه للتبريرات التي يخلقها هؤلاء الطغاة لاجل الايقاع بالمناظلين لسبب أو آخر لاجل الوصول لغايات عديده منها الابتزاز والاتاوات اضافه لذلك بمحاولات تنفيذ ماتطلبه منهم المنظمات العميله والصهيونيه وادواتها وأخيرآ اقولها ونحن المتابعين لما يكتبه هذا المناظل بسرورنا للقاءه هنا على صفحات هذه المدونه الرائعه
استاذنا الفاضل مصطفى كامل تحياتي و إحترامي و جزيل الشكر على تقديمكم هذا المقال للاستاذ و المناضل الكبير الاستاذ نزار السامرائي المجاهد الذي نال ما نال في السجون الصفوية لاكثر من عشرين عاماً. قبل أيام شاهدت لقاء لأستاذنا السامرائي على قناة الرافدين و هو يروي مشاعره عند عودته للوطن عام 2002 كان لقاءا معبرا حقاً أحيى في النفس الشيء الكثير. نعم يا أستاذنا السامرائي هذه هي العصابة الصفوية التي سطت على كل شيء في بغداد و في العراق العظيم و أنت خير من يعرف السم الأصفر الزعاف الذي احتوته قلوبهم قبل اضراسهم لأنك عانيت ما عانيت منه لسنين طويلة فأي منطق أو بقية من عقل يمكن لكلماتك الكريمة أن تستفزها فيهم أو حتى تحرجهم بها و هؤلاء قوم زادهم الدجل و الكذب و النفاق و التقلب و التلون و الإمعان في الوقاحة و الصلف. هؤلاء والله يصدق فيهم قول العلي القدير عز من قائل (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ. اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ). هكذا هو ديدن حكومة المالكي و حزبه و تحالفه هكذا هم و الا ما معنى أن يبقى الابرياء في السجون لعدة سنوات يعذبون و تنتهك أعراضهم و يساوم أهليهم على الافراج عنهم. لقد قالت بهذا منظمات عالمية و اخره تقرير منظمة العفو الدولية الذي أشار الى ذلك غير عشرات الفضائح عن السجون السرية و التعذيب بوسائل عجيبة غريبة. إن الوسيلة السلمية المجدية في هذا المجال هي التحرك على الاعلام العالمي و المنظمات الانسانية الدولية و بكثافة و عدم الكلل من هذا الجانب و محاولة حشد ما يمكن حشده من اصدقاء في مجال حقوق الإنسان. خالص تقديري و إحترامي للجميع
شكرا اخي مصطفى على تقديم مقالة الاخ والاستاذ نزار السامرائي ,, فقط تنويه للاخ ثائر وقد اكد الاخ ابو يحيى ان الاستاذ نزار امضى عشرين عاما في اقفاص الاسر فقد اسر عام 1982 في معركة البسيتين وعام عام 2002 ..
تعليقي هو ان دولة القانون رسمت قانون على مقاسها لتنفذ وتطبق ما تريده هي .. ولا يوجد قانون في العراق بالمعنى الصحيح
إرسال تعليق