كتب المهندس صلاح الأمين المقالة التالية التي يوضح فيها جانباً من أسرار قصف المفاعل النووي العراقي من قبل العدو الصهيوني في يونيو/ حزيران 1981.
ويسرد السيد الأمين، في مقالته التي اختص بها وجهات نظر مشكوراً، بعضاً من الجوانب الفنية التي رافقت العدوان الصهيوني المتزامن مع العدوان الخميني على العراق، استناداً إلى تجربة شخصية عاشها السيد الأمين أثناء عمله في أحد قواطع الدفاع الجوي المكلفة بحماية العاصمة العراقية وقتئذ.
العدوان الصهيوني على مركز الابحاث النووية العراقي
صلاح الأمين
في السابع من يونيو/ حزيران عام 1981م، وخلال الحرب العراقية –الايرانية قام الطيران الصهيوني بقصف المفاعل النووي العراقي، العديد في الغرب حاولوا اعطاء الحق للكيان الصهيوني بضرب المفاعل العراقي ( حيث كتب احد المعلقين "ان امريكا والتحالف الذي معها كان ممكن ان يواجهوا القوة النووية العراقية خلال حرب الخليج في عام 1991م ومرة ثانية عند احتلال العراق في عام 2003م لو لم يدمر الفاعل العراقي من قبل الكيان الصهيوني في عام 1981م") ولكن معظم العراقيين اعتبروا الغارة الصهيونية جريمة وعملا ارهابيا تقوم به دولة راعية للإرهاب وهي الكيان الصهيوني.
العمل الارهابي الصهيوني بضرب المفاعل النووي العراقي أحدث تساؤلات وتفسيرات عديدة طبقا للاتفاقيات الدولية في منظور القانون الدولي.
هل هو مسموح وعمل قانوني واعتباره دفاعا عن النفس طبقا للقانون الدولي للفقرة الخاصة رقم 51 من اتفاقيات الامم المتحدة؟
انني أتساءل هنا ماذا تكون ردود الفعل لو ان الدول المجاورة للكيان الصهيوني استخدمت نفس المنطق الصهيوني ومن ايدها بجريمتها هل سوف يقبلون ويؤيدون تلك الدول ان تضرب المفاعلات الصهيونية كونها تمثل تهديد مباشر من قبل العدو الصهيوني؟
لنبدأ بوصف منظومة الدفاع الجوية التي كانت متوفرة حول موقع المفاعل النووي العراقي في التويثة جنوب بغداد قبل الغارة الصهيونية عام 1981م.
تم احاطة الموقع للمفاعل النووي العراقي بساتر او سد ترابي بلغ ارتفاعه 50م من كل الاتجاهات، وكانت الفكرة من هذا السد او الستر ان يجبر الطائرات للعدو ان ترتفع قيل الوصول للموقع مما يسمح لوحدات الدفاع الجوي العراقية حول الموقع من اكتشافها وتدميرها او اصابتها.
لقد كان لموقع المفاعل العراقي وحدات دفاع جوية خاصة به مختلفة من صواريخ مقاومة للطائرات سام 3 وكذلك مدافعAA المضادة للطائرات واجهزة رادار للارتفاعات المنخفضة P15 P12 & اضافة الى وحدات الدفاع الجوية المنتشرة حول بغداد وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات من نوع سام 2 وسام 3 والبالغ عددها 12 بطارية صواريخ اصافة الى وحدات المدافع المضادة للطائرات ومنظومات رولاند الفرنسية وهي للارتفاعات المنخفضة.
There is another consideration, which is difficult to establish through published sources, which is that of the education, training, proficiency and competencies of the SAM battery crews operating Syrian and Iraqi systems during this period.
Surface to Air Missile Effectiveness in Past Conflictsوكان مثبتاً اعلى الساتر الترابي بالونات مملوءة بغاز الهيدروجين او غاز الهيليوم على ارتفاعات عالية لمنع تحليق الطائرات فوق الموقع وخاصة ذات الارتفاعات الواطئة.
اضافة الى ما تقدم فإن مدينة بغداد تحوي على دفاعات جوية أخرى غير التي ذكرناها.
كانت على المناطق الحدودية من الغرب والجنوب وكذلك الشرق محطات انذار مبكرة وهي عبارة عن رادارات متنوعة هناك ولكن بعد مدة من بدء العدوان الايراني تم سحب بعض من تلك محطات الانذار المبكر من الغرب موقعH3 للتركيز على الجبهة الشرقية للعراق.
عند بدء العدوان الايراني على العراق كانت محطات الدفاع الجوي (سام 2 & 3) تعمل 24 ساعة بدون توقف ولكن بعد مرور سنة من العدوان وبسب الاستهلاك للأجهزة والمعدات وخصوصا ان الاتحاد السوفيتي السابق قنن من تصدير المواد الاحتياطية للعراق صدر توجيه من القيادة ان يكون تشغيل محطات الصواريخ كالاتي:
1. تشغيل صباحي مبكر لمدة ساعة لغرض الفحص من صلاحية المحطات وجاهزيتها ثم تطفئ ويبقى الطاقم القتالي جاهز داخل المحطات لأي طارئ.
2. تشغيل مسائي وهو ايضا لغرض الفحص والجاهزية للمحطات مع بقاء الطواقم القتالية جاهزة داخل المحطات لأي طارئ.
كان الطيران العراقي مكلف بمراقبة الأجواء العراقية، وكانت لمدينة بغداد مظلة جوية للمراقبة تبدأ صباحا عند الفجر وتنتهي مساء عند الغروب.
في يوم 7 يونيو/ حزيران 1981 مساء وحيث ان جميع محطات الرادار ومحطات الصواريخ اطفأت والمظلة الجوية لمدينة بغداد انهت الواجب وهبطت، ماهي الا دقائق سمعنا اصوات انفجارات تهز العاصمة الحبيبة، وقتها كنها في موقع البلديات حيث توجد بطارية صواريخ سام 3 وصدفة كان امر اللواء العقيد ناطق (وهو من الآمرين الذين احترمهم ذو كفاءة ومقدرة عسكرية رائعة) في زيارة تفقدية للموقع والاطلاع على جاهزية العمل.
بعدها سمعنا صفارات الانذار وتم اعادة تشغيل المحطات وبسرعة وحسب المواصفات تحتاج الى حوالي 5 دقائق لتكون جاهزة للعمل.
وقد ركضت انا بدوري الى محطة الرادار P15 وتم التشغيل ولكن شاشة الرادار كانت بيضاء بالكامل أمامي (لا يمكن روية أي هدف عليها لأنها مضاءة كلياً) وهذا يعني وجود تشويش الكتروني على محطات الرادار، وقد حاولنا تلافي الامر بتغير نطاق التردد (الذبذبة) التي تعمل عليها المحطة ولكن بدون فائدة حيث ان التشويش كان قويا وذو نطاق واسع غطى نطاق الترددات لمحطات الرادار العاملة.
" This was also mentioned in Peter Scott Ford's study "Israel's attack on Osiraq: a model for future preventive strikes". He wrote that:
" Approaching the initial point, where the F-16s would make final preparations to strike the target, the final two F-15s climbed away from the strike formation and turned on their radars and external electronic counter-measure pods. These aircraft served the dual purpose of protecting the F-16s from hostile aircraft as well as hostile search radars"
اما محطات توجيه الصواريخ فقد تم كشف الطائرات الصهيونية مدبرة وعلى مسافة 60 كم باتجاه الجنوبي الغربي لمدينة بغداد وباتجاه الحدود السعودية وهذا يعني انها خارج منطقة القتل للصواريخ سام 3.
متى وكيف تم كشف الطائرات الصهيونية؟
تم الكشف عن الاهداف الصهيونية اولا من خلال قاطع الدفاع الجوي او الانذار المبكر، حسب ما تم سماعه لاحقا كان هماك نائب ضابط /رئيس عرفاء في محطة الانذار المبكر قرب الحدود السعودية منطقة عرعر، وعند ذهابه للوضوء لصلاة المغرب لمح طائرات تطير على ارتفاع منخفض جدا بحيث ان رمال الصحراء تتطاير خلفها وكانت مطلية بالعلم العراقي ولكنه شك انها عراقية فسارع الى الاتصال والإخبار بما رأى.
(Twenty-three years ago, Israeli fighter pilots whistled relaxingly in the relative calm of the 100-foot low-level ingress, "( ISRAEL’S ATTACK ON OSIRAQ: A MODEL FOR FUTURE PREVENTIVE STRIKES? By Peter Scott Ford)
وتم نقل التبليغ للقاطع الاول في بغداد ولكن كما تم تناقله ان القاطع الاول اعاد الطلب بالتأكد من المخبر حول صحة ما رأى وتم التأكد والرجوع للقاطع الاول، وحسب التوقيتات التي سجلت لتلك الاحداث تم الـتأخر في اصدار امر الانذار الى محطات الصواريخ حول بغداد بنحو خمسة دقائق.
Peter Scott Ford's study mentioned that king Hussein of Jordan did warn Iraqis there was an Israeli attack.
King Hussein of Jordan was vacationing in Aqaba during the attack. Seeing the planes pass over his head, he immediately notified the Iraqis to warn them that they may be the targets of an Israeli attack. It appears that Iraq never got the message as communication errors prevented the message from reaching Iraq.
ردة الفعل وتعقيدات ما بعد الحادث
بعد حصول الحادث الغادر تم ارسال مجموعة محققين من القصر الجمهوري لبحث في اسباب الحادث وعدم اسقاط او اعتراض الطائرات الصهيونية المهاجمة.
وكانت ايام صعبة حيث شعر كل الضباط في الدفاع الجوي بالإحباط لما جرى وكذلك التأثر الواضح لكل القادة في الدفاع الجوي وكيف فوتت هذه الفرصة من ايدينا اضافة للمسؤولية المناطة بنا للدفاع عن العاصمة الحبيبة.
بعد انتهاء التحقيقات والتي شملت كل محطات الصواريخ حول بغداد ودراسة التوقيتات للحادثة وهي كلها مسجلة وهو اسلوب وسياق عمل متبع في حينه وظهور الاسباب، كانت للنتيجة بعض الارتياح ولكن بقيت الغصة والتأثر في صدورنا.
الدروس والحسابات الصهيونية للغارة على موقع المفاعل
1. ان اختيار الوقت المناسب للغارة الصهيونية كان اختيارا دقيقا ومدروسا جيدا من جميع الجوانب لتقليل المخاطر التي يواجهها الطيارون الصهاينة. وبالرجوع لما تقدم نجد ان اختيار موعد اطفاء محطات الدفاع الجوي وكذلك هبوط المظلة الجوية فوق مدينة بغداد اضافة الى ان وقت الغروب حيَّد المدافع المقاومة للطائرات المتواجدة فوق الساتر الترابي المحيط بالموقع من جهة الغرب وهو اتجاه غروب الشمس وهو الاتجاه الذي سلكته الطائرات بعد ضرب الهدف.
2. النقطة الاخرى هو التركيز على الجبهة الشرقية كون الحرب تدور هناك وكل الجهود كانت صوب الشرق.
3. ان المفاعل كان مهيئاً قريبا للفحص الاولي والتجهيز الكامل، وحسب مصادر مختلفة منها صهيونية، وهذا قد يكون سبب في ان تدميره لا يسبب اضراراً نووية او بيئية.
4. According to Israeli intelligence, the summer of 1981 would have been the last chance to operate against the reactor, without putting the population of Iraq in danger of nuclear fallout, since by then, the reactor wasn't operational and was not loaded with it's nuclear fuel.
كان الطاقم الفرنسي المكلف بنصب وتشغيل المفاعل في اجازة صيفية الا واحدا منهم قتل في الغارة.
ولكن السيد توفيق منصور في مقاله المشار له يشير إلى أن: الخسائر البشرية تمثلت في شخص واحد فرنسي ويقال أنه كان عميلاً للموساد حيث تواجد حين القصف داخل المفاعل لمتابعة الموضوع وإرشاد الطائرات لبعض الأمور أو تحضير بعض ما يتطلبه الموقف داخل المفاعل لكنه تأخر في الخروج أو الهروب ساعة الصفر !!.
Back in June of 1991, then-Defence Secretary Cheney gave a photograph of the Iraqi nuclear reactor at Osirak to the man who had commanded the Israeli air force during the raid on the site in 1981. "With thanks and appreciation for the outstanding job he did on the Iraqi Nuclear Program in 1981," Cheney wrote, "which made our job much easier in Desert Storm." Cheney may have forgotten that the Reagan administration condemned the raid when it took place, as did most nations. And he may not be aware that the Israeli raid, far from crippling Iraq's nuclear program, actually accelerated it. The raid was a tactical success but a strategic failure.”
المصادر:
عبدالإله الراوي: لماذا تم تدمير المفاعل النووي العراقي ولم تقصف المفاعلات الإيرانية ؟
الكاتب
صلاح الامين، مهندس خريج الجامعة التكنولوجية، أدى الخدمة الإلزامية من 1978-1980م بصفة ضابط احتياط حيث تم تدريبه من قبل خبراء روس في دورة استمرت ستة اشهر في معسكر التاجي وكان الاول على مجموعة مهندسي الرادار P15 حيث كرم بهدية من الأب القائد الرئيس احمد حسن البكر، رحمه الله.
تم استدعاءه لأداء الخدمة في الحرب العراقية الايرانية ورقي الى رتبة ملازم اول ثم تم تسريحه من الخدمة عام 1985 وخدم في الجامعة كمعيد ومن تم اشترك في حرب الكويت مع لواء الصواريخ في منطقة الجهراء.
ملاحظة من الناشر:
يمكن الاطلاع على المقال المعنون من قتل يحيى المشد؟ وكيف فشل "الموساد" في اختراق البرنامج النووي العراقي؟ للأستاذ سرور ميرزا محمود، لمزيد من المعلومات بشأن المساعي الصهيونية لتدمير واختراق البرنامج النووي العراقي، كما يمكن الاطلاع على المعلومات القيمة التي احتواها كتاب معالم وأحداث غير مكشوفة في البرنامج النووي الوطني العراقي، من تأليف السادة ظافر سلبي، زهير الجلبي، عماد خدوري، والذي سبق أن نشرنا عرضاً تفصيلياً عنه هنا.
هناك 3 تعليقات:
كان الطاقم الفرنسي المكلف بنصب وتشغيل المفاعل في اجازة صيفية الا واحدا منهم قتل في الغارة.
هذا هو السر الذي كشف بعد حين ..
قرأت ذات مرة في كتاب ولا اتذكر عنوانه او كاتبه لكن لربما كتاب الحرب الصليبية الثامنة للكاتب المصري الراحل الفريق سعد الدين الشاذلي .. وقال الكتاب ان الصهانية اتفقوا مع الشركة الفرنسية المصنعة لمفاعل تموز ان يقوموا بتزويد الكيان الصهيوني بملف المفاعل والتحصينات وكم يبلغ عمق المفاعل تحت الارض وقد تبرع احد الخبراء الفرنسيين بان يبقى اثناء الغارة بالموقع ومعه جهاز يبث اشارات راديوية يلتقطها الطيارون ويستدلون على مكان المختبرات تحديدا لانها كانت هدف الصهاينة وبالفعل تم لهم ما ارادو وقتل هذا الخبير الفرنسي داخل المفاعل ..
هذا ما ذكره الكتاب ..
ولكن يبقى السؤال مطروح لماذا تمت الغارة في فترة العدوان الايراني على العراق هذا يعطي انطباع ان هناك تحالف بين ايران وامريكا والكيان الصهيوني وقد تم مكافئة ايران على فعلتها وايران غيت اكبر دليل
نعم غصة ليس فقط لم نتمكن من اسقاط اية طائرة معتدية ان كان هناك اسباب كثيرة لحدوث ذلك فالغصة أكبر لم يتم معاقبة المعتدي لاحقا بنفس فعله وهو تدمير او محاولة تدمير مفاعله النووي العدواني بالرغم لذكر القيادة في كل لقاء مع المقاتلين بأن العدو في الغرب رغم قيام الشرق بإلهائنا عنه .
مع شديد الأسف بقي التفوق الجوي المعادي عنصراً بلا علاج جدي مبدع و هذه المشكلة تعاني منها جيوش عديدة على مستوى الوطن العربي و العالم. رغم توفر الوقت و المال و لفترات طويلة من تاريخ العراق لم يعطى هذا الموضوع الإهتمام الكافي لعلاجه و الذي أدى إلى نتائج كارثية في أكثر من مرة سواء في ضرب المفاعل عام 1981 أو أم المعارك 1991 أو الحواسم عام 2003. لو تم التركيز خلال الحرب العراقية الإيرانية و ما بعدها في الأعوام 1988 و 1989 و 1990 على تطوير القوة الجوية و الدفاع الجوي و تطوير الاجراءات الهندسية لمكافحة التفوق الجوي المعادي و تقليل النفقات على التوسع في بقية فروع الجيش لربما كان الاداء و كانت النتائج أفضل
إرسال تعليق