موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 8 فبراير 2012

أميركا في العراق: من محتل تخريبي إلى ناصح منافق..!

عرفته قبل أكثر من 20 عاماً، جمعنا مبنى واحد كنا نعمل فيه معاً، أنا في (الجمهورية) وهو في (هاوكاري) لطالما تلاقينا وتمازحنا وتحادثنا، وقد عرفته عراقياً مخلصاً وصحفياً دؤوباً حريصاً على عمله، وفياً لتربة العراق الواحد من الفاو حتى ذرى دهوك.
انه عبدالله عباس، الكاتب الصحفي العراقي الرائع، الذي لم يعرف الا العراق وطناً، بعيداً عن كل الخرائط العنصرية والتسميات الشوفينية، يكتب عن الدور الأميركي في العراق من الاحتلال التخريبي المباشر الى (النصيحة) المنافقة المسمومة.


أميركا في العراق: من محتل تخريبي إلى ناصح منافق..!

عبدالله عباس

دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون العراق إلى عدم إضاعة الفرصة لحل الأزمة السياسية التي تضرب بلادهم، وحذرت العراق من إضاعة هذه الفرصة لتحقيق الرخاء والوحدة قائلة: انه ينبغي أن يتصرف كدولة ديمقراطية !! تقبل الحلول الوسط !
وحول نفس الموضوع كتب كريستوفر هِل السفير الأمريكي السابق في بغداد مقالاً نشر في الصحف قائلاَ (إن المشاكل السياسية في العراق هي صنع العراق ! لابد أن يحلها العراقيون ! صحيح أن الوساطة الخارجية من الممكن أن تساعد ، ولكن لاينبغي لأحد أن يتوهم أن القوات الأجنبية التي عملت طيلة ثمان سنوات كقوة إحتلال !! بعد الغزو قد تكون مثالية لهذه المرحلة !! ) ويضيف كريستوفر هِل ( لقد أصبحت قصة العراق المعاصر وكأنها منقوشة على الحجر ! فالقوات الأمريكية رحلت والبلد في طريقه إلى الإنهيار ويقال لنا أن العراق أصبح على وشك التحول إلى دولة إستبدادية مرةً أخرى، ولكن هذه المرة تحت حكم السياسي الشيعي نوري المالكي ...!!) هل رأيتم نفاقا معلنا وبدون رتوش من (المحررة) للعراق (أميركا) اوضح من هذا في تأريخ تصرفات أي قوة إستعمارية منذ العقد الاول من القرن الماضي وحتى الآن ؟ عدا قول الصهاينة الذين اعتبرواَ تأسيس الدولة الاستيطانية في فلسطين وتشريد أهلها الأصليين عملاَ حضارياَ من حيث تحقيق كذبة عودة اليهود لارض الميعاد !؟
بداَ ، الوضع في العراق مؤسفا وخطيرا ، والذي يعاني نتيجة هذا الوضع المؤسف هو الشعب العراقي، والمؤسف، ورغم سوداوية المشهد، لانرى في الافق ضمن تصرف الفرقاء السياسيين ، مايبشر بالإنفراج لصالح طموح الشعب العراقي في الوحدة والحرية طريقاً لاعادة بناء دولة يكون الجميع فيها قد حصلوا على الحقوق والمشاركة الفعلية في البناء من منطلق شعور المسؤول كمواطن، واضحة أمامه الحقوق والواجبات، ولا يظهر أن الجهات السياسية في ساحة العراق لها أي مبادرة تؤكد أن مصلحة ووحدة العراق ومستقبل شعبه لها الأولوية، وهم منشغلون بالصراع الجهوي والفئوي على حساب النظرة إلى مشروع بناء ماخربه الاحتلال، ولكن، حتى هذا الوضع الذي أنتج هذا الصراع هو من صنيعة الاميركى القبيح الذي أحتل العراق ونعتقد أن (أوباما) أصاب الهدف عندما أشار الى أن (ماكان مطلوبا منا أكمل) عندما أعلن سحب كافة القوات العسكرية من قواعدها في العراق، وهو واثق، أن سلفه دمر في العراق، ليس سلطة صدام حسين فحسب، بل دمر دولة لها مؤسساتها الحديثة، وهي رغم كل ما يمكن أن يقال بشأنها، كانت مستمرة منذ أكثر من ثمانين عاماً. وأن رجال الدولة الامريكية هددوا أثناء محادثات رسمية في جنيف قبيل الحرب الاولى عليه، العراق (بإرجاعه الى العصر الحجري.).
إذن الهدف الرئيس لاحتلال العراق إسقاط وهدم كل ركائز الدولة في العراق لذا فإنه تجنٍ واضح على الحقيقة القول ومن أي مصدر، أنه تم في 9 نيسان تحرير العراق، صحيح ، كان العراق وشعبه يعانان من الظلم واسع من النظام الشمولي وهذا الظلم كان يشمل الجميع ودون إستثناء، عليه أن إنقاذ الشعب العراقي لم يكن هدفاً خارج إرادته، إذاَ لايمكن أن يكون هدف الانقاذ هو تخريب وهدم بناء البلد وتفريق الشعب إلى فئات متناحرة تحت شعار الحرية..!! إضافة إلى ذلك ليس هناك شواهد في التأريخ تؤكد أن تدمير أسس الدولة هو طريق التحرير، لهذا نرى أنه وبعد الحرب العالمية الثانية ركزت علوم الاجتماع على دراسة بناء الدول ونموذج التنمية.
كل ما يقال من أكاذيب الإدارة الأمريكية حول قلقها عن الوضع العراقي وشعبه وأن العراق مهدد بالإنقسام وهي تعتبر هذا خطرا على العراق والمنطقة لايستطيع محو الحقيقة التى تقول أن تدمير العراق وتركه فى دوامة الصراعات يطول ولا يقصر وهو صناعة أمريكية مع سبق الإصرار...
التقرير الذي أصدرته محكمة بروكسل (المكوّنة من مجموعة من الشخصيات العلمية والأكاديمية والأدبية ذو منزلة عالمية معروفة ومرموقة) عن سلوكية الاحتلال الامريكي في العراق ، تؤكد أنه وبعد ايام قليلة من احداث الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر اعلن نائب وزير الدفاع بول وولفويتز، بأن التركيز الرئيسي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة سيكون ( انهاء الدول التي ترعى الارهاب) وقد وُصف العراق كونه (دولة ارهابية) وتم استهداف انهائهِ.
وقام بوش بإعلان العراق كجبهة رئيسية في حملة الحرب علي الارهاب العالمية ، وعليه غزت القوات الامريكية العراق بصورة غير قانونية تحت هدف واضح وهو تفكيك الدولة العراقية، وبمراجعة دقيقة وحيادية، نرى أن كل الدلائل تؤشر على ان الهدف من إحتلال العراق كان انهاء الدولة وكان ذلك هدفاً سياسياً متعمداً، والهدف في البداية محاربة الإرهاب تحول بعد ذلك إدعاء تحرير الشعب العراقي من الديكتاتورية. وكان رفع شعار : إنقاذ العراقيين من الشيعة والسنة والكورد، إيذاناً من الإدارة الأمريكية بعمل مبرمج لنشر الحساسيات الطائفية كخطوة اولى للتوجة نحو تقسيم الشعب العراقي، فكان تأسيس مجلس الحكم إذاناَ لتأسيس حكم المحاصصة التى يعترف كل السياسيين الحاليين بأنه أساس المشكلة في العراق ... وبالإضافة إلى هذا كان نتيجة التحرير وكما وثقها التقرير المذكور، أن مافعله المحتل بالعراق كان:
وفاة 1.3 مليون لإنعدام الكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف  
مليونان ونصف مليون لاجئ و45% يعيشون بأقل من دولارين
حرق 200 وقصف 700 مدرسة وهروب 80% من مدرسي بغداد
اغتيال 221 أكاديمياً وهروب 20 ألف طبيب..!
نعود لنقول ، أن المؤلم في المشهد العراقي، هو الإنقسام الحاصل بين الفرقاء السياسيين، وليس الشعب العراقي الذي يؤكد يومياً وبالفعل الملموس رغم المأساة التى يعيشها تمسكه بوحدة الأرض والتأريخ وتقبل التنوع برحابة صدر معتمداً على التأريخ ، حتى القومية الكردية التي تتهم من البعض بالعمل من أجل الإنفصال، نرى أن السياسيين الكورد من أكثر الناشطين لإنهاء الصراعات الفئوية والمناطقية لصالح وحدة العراق.
إن مايجري في العراق كما قلنا صناعة أميركية وقول (هِل) الأميركى بأن (العراق أصبح على وشك التحول إلى دولة إستبدادية مرةً أخرى) يدخل ضمن برنامج إدارته التى يستند على خلق الازمات، وإدارتها لصالح الثوابت الأميركية في المنطقة والعراق من ضمنها ، وبعد أن نفذ تحطيم ركائز دولة العراق، تريد إدارة الأزمات التى خلقتها على طريق النفاق ،، فهل للسياسيين اليوم في العراق إلتفات لهذه الحقيقة المرة، ونسيان المكاسب الآنية في الحكم ومكاسب الحكم لصالح الفئوية الضيقة؟
نتمنى ذلك من أجل عراق موحد نعيش على أرضه جميعاً أحراراً ومشاركين جميعاَ في البناء لنتمتع جميعاً بخيرات العراق ونغلق الصفحات السوداء التي كتبها الاميركى القبيح تحت العنوان الكاذب (التحرير) والآن وكانه يتحدى مشاعر العراقيين يكتب (كريستوفر هِل) أن قوات بلده في العراق (عملت طيلة ثمانية سنوات كقوة إحتلال ..!!)

ملاحظة:
نُشر المقال هنا، وتم تصحيح بعض ما ورد فيه من أخطاء طباعية من قبل ناشر وجهات نظر، لذا لزم التنويه.



هناك تعليقان (2):

Anonymous يقول...

ثائر
اين انتم منا واين نحن منكم ايها الصحفيون والادباء والمثقفين الاحرار لم يذهب الزمن الزاهر سدى لطالما انتم متواصلون مع المسيره وسياتي يوم اللقاء في ساحة الاحتفالات الكبرى انشاء الله عن قريب

صقر العراق يقول...

شكرا للاستاذ عبد الله عباس على المقال الرائع .. لقد حرمنا طيلة السنين الماضية من قراءة مقالاته منذ ان كان يكتب في جريدة العراق الغراء ..
تحية وسلام اليه

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..