موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

المغفَّلة!

ربما يسمّيها البعض كذلك، وربما يقول آخرون انها مغلوبة على أمرها.. وبالتأكيد انها نموذج على الضعف الإنساني..



أياً تكن التسمية وأياً يكن الوصف، فهذا غير مهم هنا، أرجو قراءة هذه القصة القصيرة التي أبدعها الروائي والطبيب والكاتب المسرحي والمؤلف القصصي الروسي الشهير أنطون بافلوفيتش تشيخوف (29 يناير 1860 - 15 يوليو 1904).
وقصته القصيرة هذه، تصلح أن تكون رسالة إلى كل سياسي ضعيف لايعرف كيف يستخدم أدواته بشكل جيد، وينسى المثل الشائع عن تسمية الإمام الذي لايشوِّر...


المغفَّلة



منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها
قلت لها: إجلسي يا يوليا...هيّا نتحاسب...
أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود، ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك...
حسناً.. لقد اتفقنا على أن أدفع لك ثلاثين روبلاً في الشهر
قالت: أربعين
قلت: كلا.. ثلاثين.. هذا مسجل عندي... كنت دائما أدفع للمربيات ثلاثين روبلاً... حسناً لقد عملت لدينا شهرين
قالت: شهرين وخمسة أيام
قلت: شهرين بالضبط.. هكذا مسجل عندي.. إذن تستحقين (ستين روبلاً).. نخصم منها تسعة أيام آحاد.. فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط.. ثم ثلاثة أيام أعياد..
تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن.. لم تنبس بكلمة.
واصلتُ... نخصم ثلاثة أعياد إذن المجموع إثنا عشر روبلاً..
وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم يكن يدرس.. كنت تدرّسين لـ (فاريا) فقط.. وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء..
إذن إثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هممم.. واحد وأربعون روبلاً.. مضبوط؟
إحمرّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها.. وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن... لم تنبس بكلمة
قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً.. نخصم روبلين.. الفنجان أغلى من ذلك، فهو موروث، ولكن فليسامحك الله!! علينا العوض..
وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته.. نخصم عشرة.. وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاء.. ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً.. وهكذا نخصم أيضا خمسة.. وفي 10 يناير أخذتِ مني عشرة روبلات.
همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ
قلت: ولكن ذلك مسجل عندي
قالت: حسناً، ليكن
واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين.. الباقي أربعة عشر
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع.. وظهرت حبات العرق على أنفها ..
يا للفتاة المسكينة
ثم قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرةً واحدةً.. أخذت من زوجتك (ثلاثة روبلات).. لم آخذ غيرها
قلت: حقا؟.. انظري
وانا لم أسجل ذلك!!
نخصم من الأربعة عشر ثلاثة
الباقي أحد عشر..
ها هي نقودك يا عزيزتي!!
ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي
وقدَّمت لها أحد عشر روبلاً.. فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة.. وهمست: شكراً!!
*********
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب، سألتها: شكراً على ماذا؟
قالت: على النقود
قلت: يا للشيطان، ولكني نهبتك.. سلبتك.. لقد سرقت منك!.. فعلام تقولين شكراً؟
قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً
قلت: لم يعطوكِ؟!
أليس هذا غريبا!؟
لقد مزحتُ معك.. لقنتك درساً قاسياً.. سأعطيك نقودك.. الثمانين روبلاً كلها، ها هي في المظروف جهزتها لكِ!!
ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة الى هذه الدرجة؟
لماذا لا تحتجّين؟
لماذا تسكتين؟
هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟
هل يمكن ان تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة؟
ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: "يُمكن"
سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلَّمتها، الثمانين روبلاً كلها..
فشكرتني بخجل وخرجت
تطلَّعتُ في إثرها وفكّرتُ: ماأبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا؟




هناك تعليقان (2):

أحمد الأعظمي يقول...

الضعف الانساني الفردي او الجماعي ( للشعوب ) هو تحصيل حاصل لتظافر ووجود ثلاثة عوامل تتحكم فيها .. الخوف /// لقمة العيش( الاحتياج المادي /// وسيلة اقناع مؤثرة حتى وان كان الكلام كذبا ...... من تلك الاشياء الثلاثة يمكن ان تصنع شخصا ضعيفا او حتى شعبا ضعيفا ... وهذا ما يطبق بصورة مذهلة في العراق من قبل ايران او امريكا ومن ورائها اسرائيل اما الباقي (( سياسي عراقي او دولة جارة حاقدة او دولة من بعيد تنفث سمومها )) فهم ادوات لتنفيذ هذه اللعبة الحقيرة على العراقيين .. او الذي يحدث في الدول العربية ...
واذا سمحت لي استاذي الكريم ان أورد تجربة قام بها علماء نفس على عشرة اشخاص اسوياء فقد ادخلوهم الى غرفة ووضعوا بها عشرة نقاط مفاتيح كهرباء وأوهموهم بأنهم كلما ضغطوا بأصابعهم على هذه المفاتيح فإنها تحدث نوعا قويا من الصدمات الكهربائية لأشخاص آخرين يقعون في غرفة تقع في السرداب بعيدا عن أنظارهم (( أقول أوهموهم ..... لأنه لا يوجد أشخاص حقيقين في السرداب !! ولكن جعلوهم يعتقدون بأن هناك أشخاص حقيقيين يتألمون بفعلهم ! )) ... ثم برروا لهم هذا الفعل بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا سوى فئة إرهابية تعمد دائما إلى الإخلال بالأمن وانتهاك حريات الناس .. وأن هذه الوسيلة لتعذيبهم هي من اختراع السلطات الأمنية التي أوكلت إليهم هذه المهمة بدلا عنها ... لتتفرغ لمهمات أخرى !! ...كما أنكم أيها المواطنون الشرفاء الموكولون بهذه المهمة ستحصلون على مرتب شهري كبير جدا فيما اذا قمتم وأديتم هذا العمل ( التعذيب) على أحسن وجه !! ... وكان من نتائج التجربة أن هؤلاء أدوا عملهم بإتقان وبجدية بالغة .. ولم يتوانوا في عملهم .. بل بذلوا مجهودا كبيرا لانجاز عملهم .... وهذا اخي الغالي مايحدث وحدث في العراق وللعراق .. ومايحدث للشعوب العربية ايضا .... خوف + احتياج مادي ( او اغراء مادي كبير) + وسيلة اقناع مؤثرة أعلام او شخصيات دينية او سياسية او اجتماعية مؤثرة ... أدت بالنتيجة (( ضرب عصفورين بحجر )) استضعاف الشعوب والافراد لتنفيذ مخططاتها (( كأدوات )) واستضعاف الشعوب او الافراد للتطبيق عليها .... وبكل الاحوال استخدام الضعف الانساني كأدات قاتلة صامته ... اعتذر للاطالة استاذي الغالي وشكري الجزيل لأثارة هذه النقطة المهمة لتوعية الناس من خطر انزلاقهم لهوة هذا الضعف القاتل ..... احتراماتي ..

صقر العراق يقول...

اخي العزيز بعض الاحيان يكون الصمت هو اكثر ايلاماً من الكلام او من التصرف الغير محسوب ,,
شيء اخر ما وقع على العراقيين وتصرف الحكام معهم جعلهم يبحثون عن لقمة العيش والا ما الذي يجبر الانسان ان يسكت على كل هذا الضيم الذي يراه

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..