موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 9 فبراير 2012

ولات ساعة مندم.. بكائيات على أطلال العراق!

وهل ينفع الإخوة في الخليج العربي بكاءهم بعد ضياع العراق وتسليمه هدية لإيران؟
نعم يمُكن أن ينفع البكاء، شريطة أن يسبقه ويلحقه فعل يدل على تصحيح الجريمة التي ارتكبت بحق العراق والأمة العربية كلها، وبحق أقطار الخليج العربي وشعبه.





بكائيات خليجية ـ سعودية على أطلال العراق



مثنى عبدالله
ذهبت أدراج الرياح كل حجابات الامة العربية، وتحطمت كل نقاط الرصد المتقدم ضد الاعداء التي بنتها سواعد الابناء منذ الفتح العربي للعراق، حينما تعرض للغزو والاحتلال في العام 2003. كانت حسابات صانع القرار في السعودية وبقية دول الخليج ومصر والاردن خاطئة تماما، لأنها بنيت على العواطف والثارات الشخصية والتنافس على الزعامات ونيل رضى القوى الدولية، والطمع الاقتصادي الآتي من المساهمة في عملية أغتيال هذا البلد. لم يدر في خلد القيادة السعودية أبدا أن خريطة ايران السياسية ومصالحها الأمنية، سوف تنتفخ بعد أبتلاع العراق فتتماس مع الحدود الشرقية للمملكة، ويبدأ صانع القرار الايراني يتلاعب بالنسيج الوطني السعودي.
ولم يفقه صانع القرار السياسي في بقية بلدان الخليج العربي، بأن شبكات التجسس الايرانية ستعيث في أقطارهم فسادا، بعد أن يتوقف سيل المعلومات التي كان العراق يزودهم بها من خلال الحرب الشرسة التي كانت تدور بين ألاجهزة الاستخباراتية العراقية والايرانية. كان الرهان الوحيد للجميع على الحليف الامريكي، الذي يبقي العروش قائمة أن رضي ويزيلها أن غضب.
كانوا يُهرولون حاملين حقائب الدولارات كي يستأجروا موقف هذه الدولة أو تلك كي يحشدوا جهدها ضد العراق، ويشتروا هذا الكاتب أو ذاك السياسي كي يؤسسوا معارضة تستلم السلطة فوق الركام.
كانت المصالح العليا للامة مغيّبة لديهم، لذلك نظروا الى العراق على أنه خَطّاءٌ كبير ولم ينظروا الى الخطأ في الكويت على أنه حالة أستثنائية شاركوا هم في صنعها أيضا، كما لم يوازنوا بين منافعه وأخطائه، واستمرار ثقله الموازن لثقل الآخرين وبين اختفاء دوره، وامتنعوا عن تقديم أي بادرة حسن نية تعجّل من تصحيح الخطأ سواء من قبل العراق السلطة أو من قبلهم كسلطات، بينما مدّوا أيديهم الى الغرباء الذين أهدروا دماء شعبنا على مدى عقود من الزمن سواء ايران أو اسرائيل.
لقد اقتصر نظرهم الى العراق على أنه سلطة فقط وليس دولة، حتى أثبتت الايام ضحالة التفكير السياسي الاستشرافي لديهم، وجهلهم بالتحولات السياسية المرتبطة حتما بتغيرات المصالح وتبدل خرائط التحالفات السياسية الدولية والاقليمية تبعا للاستقطابات المتشكلة على المسرح السياسي.
وقد اكتشفوا بعد فوات الاوان بأن الحليف الدولي كانت أول قراراته بعد الغزو هو عدم السماح لهم بأن يتحدثوا بأسم عرب العراق، وأن لايكون لهم أي مشروع سياسي على أرضه، وأن لايحاولوا حتى مد يد العون لأهله وإيصال المساعدات المادية والمعنوية لمن في الداخل، بالرغم من أن الوضع فيه وصل الى حد الوصف بأنه بلد منكوب، ومع ذلك التزمت القيادة السعودية التزاما صارما بالتعليمات الامريكية، وحجزت تبرعات شعبية من مواطنين سعوديين هزتهم الفاجعة التي المَّت بأهلهم في العراق، وحاربت كل الاصوات الدينية التي نادت بالجهاد فيه، وقدَّمت الى المحاكم كل من ثبت قيامه بذلك.
أما المعارضة العراقية التي جمعها المال الخليجي من شوارع لندن وغيرها من العواصم الاوربية، فقد اكتشفوا أنها كانت معارضة للعراق الدولة والوجود، وليست معارضة سياسية لنظام كان يحكم، وكان ولاؤها محسوما لمن يريد الشر بهم.
فعلام اليوم ترتفع الاصوات الخليجية تنشج بالبكاء على العراق الدولة ؟ ولماذا الآن أكتشفوا بأنهم أصبحوا منكشفين من أي غطاء أستراتيجي، أمام القوة الايرانية العدوانية ؟
ألم يتحدث وزير الخارجية السعودي منذ فترة طويلة عن أن الامريكان قدموا العراق على طبق من ذهب الى ايران ؟ اذن ما الذي فعلته القيادة السعودية تجاه الامن القومي العربي في ظل هذا الكشف الخطير منذ أن صرح وزير خارجيتها بذلك وحتى اليوم؟ والجواب على ذلك نقول: لاشيء، لأن الدليل لازال موجودا في أرض العراق، جرح نازف منذ تسع سنوات وغياب خليجي - عربي كامل عن الساحة، بينما تحركت السعودية ودول الخليج في ساحات عربية أخرى لرأب الصدع، على الرغم من أن تلك الساحات لم تكن بأهمية العراق وتأثيراته عليهم وعلى عموم الامة، وسبب ذلك لأن الامريكان طلبوا منهم التحرك.
اذن عندما يبقى الجهد السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والأمني الخليجي مجرد بضاعة لخدمة متطلبات السياسة الامريكية والغربية، يتحرك عندما يطلبون ويمتنع عندما يمنعون، فأن عودة استقرار المعادلة الامنية الاقليمية التي دعا الامير تركي الفيصل اليها في مؤتمر الأمن الوطني والاقليمي لدول الخليج العربية في المنامة مؤخرا ستبقى حلما لايمكن تحقيقه، ومجرد أمنيات لدول قاصرة عن الفعل السياسي.
أن العلاقات الدولية وجدت كي تُستثمَر لصالح طرفين أو أكثر، والعلاقات مع أمريكا مقبولة ومطلوبة بالنسبة لنا نحن العرب، لكن عندما تصبح الولايات المتحدة الامريكية في أول قائمة مهددات الأمن القومي العربي كما صرح الفريق ضاحي الخلفان مدير شرطة دبي في المؤتمر المذكور، فإن من المنطقي جدا ومن أبجديات العلاقات الدولية أن تتحصن الامة ضد هذا المُهدد، وأن يسحب قادتها كل أوراق الدعم والتحشيد للسياسة الامريكية، وأن يتم التعامل معها بندية تمليها مصالح الامة الآنية والمستقبلية. لكن هذا الموقف يحتاج الى قرار مستقل مستند الى أرادة وطنية فاعلة لصانع القرار. فهل هذا العامل الحاسم هو متوفر اليوم في المنظومة السياسية العربية عامة والخليجية خاصة؟
في ضوء تطورات الموقف العراقي والتهديدات الايرانية والتركية لوحدته المجتمعية والجغرافية، وفي ضوء الحالة الفلسطينية أيضا، يمكننا القول بان الواقع أثبت بالمطلق بأن منظومة القيادة السياسية العربية، تفتقر تماما الى الارادة السياسية المستقلة في صنع القرار. فهم يقولون بأن العراق عامل فاعل في المعادلة الأمنية الاقليمية كي تستقر وتتوازن مع اسرائيل وايران، وهذا هو الواقع الفعلي لدور هذا البلد، لكنهم صمتوا وأخذوا دور المتفرج على السياسة الامريكية، التي سمحت لميليشات ومخابرات النظام الايراني بالتغلغل فيه من شماله حتى جنوبه، ومن شرقه حتى غربه, وباتت ايران صاحبة قرار سيادي في اقتصاده وأمنه وسياسته وحتى قراره الديني، فهل يتم التعامل مع تهديدات الأمن القومي بهذه الطريقة الجوفاء؟ كما تم التعامل مع القضية الليبية بحماسة منقطعة النظير، وتبارت الدول العربية والخليجية في تبيان مستوى مشاركتهم لحلف الناتو، في تلك القضية من طائرات وأموال وجنود، بينما كانوا يصطفون في الغالب الى جانب الجلاد الصهيوني ضد الضحية في فلسطين، مما يؤشر بشكل كامل الوضوح الى مستوى ذليل من التبعية.
لقد توالت التصريحات الايرانية والتركية في الفترة الاخيرة من قبل المسؤولين في كل المستويات. كلٌ يقول لديّ في العراق أتباع وأقارب وأهل يجب عدم المساس بهم، ويجب أن تكون لهم حصة في السياسة والاقتصاد والفدرالية، وأن العراق تحت سيطرتهم وحكومته من صنعهم، لكننا لم نسمع من مسؤول عربي من صناع القرار يجرؤ أن يقول مثل الذي قيل، على الرغم من أن شعب العراق عربي حتى العظم وقومي حتى النخاع، ومن حقنا عليهم وواجبهم أن يقولوا ويفعلوا لنا أكثر مما قاله الاتراك والايرانيون، الذين يستخدمون صلات الوصل الاسلامية التي تربطنا بهم، لتحقيق مصالح سياسية تخدم توجهاتهم القومية على حسابنا.
ليس لنا ألا أن نستبشر خيرا ونحن نستمع الى تصريحات وزير الخارجية السعودي مؤخرا، الذي أكد على رفض دور شاهد الزور في سياسة بلده تجاه القضية السورية، متمنين عليه أيضا ان يرفض دور المتفرج الغريب على الذي يحدث في العراق، وأن يضعهم الدم العراقي كذلك في موضع الاختبار الضميري لأنه لايختلف عن الدم السوري. دم عربي أيضا لاتركي ولا ايراني. واذا كان كما يقول (ليس هنالك اقسى من تأنيب الضمير، خاصة لمن يحرص على جديته ومصداقيته أزاء شعب شقيق) فاننا نقول أن شعب العراق مازال يتطلع الى دور يؤكد جديتكم ومصداقيتكم مع رابطة الاخوة التي تجمعكم به، وأن لايصمت صوتكم ويتوقف فعلكم وينسى ضميركم الم التأنيب، أمام النموذج الذي صنع للعراق لأنه صناعة حليفكم الامريكي الذي حشدتم جهودكم معه. فالتحالفات السياسية الدولية يجب أن تقوم على الندية، وتحقيق المصالح المشتركة، وبخلاف ذلك تصبح تبعية وتخادم لا أحد يرضاها لشقيق.
ان الرجوع عن الخطأ فضيلة أصحاب النفوس الكبيرة، والخطيئة التي حصلت في العراق أكبر، وإن أهلكم في العراق ليسوا بحاجة الى بكائيات على الاطلال، بل الى فعل يرتقي الى حجم المأساة، عندها يحكم التاريخ على الاصوات المرتفعة الآن إن كانت صادقة، أو مجرد هراء سياسي .


ملاحظة:
نُشر المقال هنا



هناك تعليقان (2):

Anonymous يقول...

نقول للكاتب ونحن ننزف أنهار من الدماء في عراقنا,,, آسف أسمعَت لو كنت تنادي حياً فمَن تنادي أموات ومومياءات
محمود النعيمي

ابو ذر العربي يقول...

اقترح ان تاخذ الدول والقوى العربية كلام الشهيد صدام حسين رحمه الله "جر سيفك"منطلقا عمليا لمواجهة الاخطار القادمة ويبداوا بتحرير العراق وفلسطين اولا بدل البكاء على الاطلال والا ستكون الكارثة والطامة الكبرى عليهم بالتاكيد
فهل من معتبر مما حدث ؟
ولكم تحياتي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..