هذه رسالة من أكاديمي عراقي صديق، يعرض معاناة العراقيين خلال مشاركاتهم في مؤتمرات علمية خارج العراق المحتل، أنشرها كما وصلت إليَّ، بكل مافيها من آلام حقيقية...
وللتذكير فقط، ننصح القراء الكرام بالاطلاع على ماورد هنا...
وانا العراقي..
أشكو همّي إلى الله تعالى ورسوله والمؤمنين
أكاديمي عراقي
كنت قبل فترة حاضراً في مؤتمر علمي دولي عقد في احدى الدول الآسيوية، كوني استاذ أكاديمي في إحدى اختصاصات الطب البشري إضافة لكوني طبيب اختصاص، ولى نشاطات مختلفة في جميع انحاء العالم حيث تم توجية دعوة لي بذات المؤتمر لالقاء بحث مهم سبق ان نشر في اكثر من مجلة علمية ذات شأن تعني في البحوث العلمية وقد قامت الجهة المنظمة لذلك المؤتمر بالاعداد المتميز لمؤتمر حضرة اكثر من 3000 مشارك حيث خصصت احدى القاعات الكبرى لإلقاء بحثي والذي حضرة اكثر من 200 شخص من دول عديدة وبالتالي منح فرصة للمشاركين بتقديم استفساراتهم واسئلتهم بما يخص موضوع البحث، وقد خصص وقت مناسب للمناقشة بعد الانتهاء من إلقاء البحث، وحين جاء دور المناقشة طرحت بعض الاسئلة والاستفسارات عن بعض الامور التي تخص البحث، وكان البعض من الذين تقدموا بتلك الاستفسارات ينتمون الى دول شتى منها بريطانيا واستراليا والولايات المتحدة والبحرين والباكستان واليابان، ونال التوضيح والاجابات على تلك الاستفسارات الاستحسان والاعجاب وقد انتهت تلك المناقشات بالتصفيق الحاد، وخاصة بعد ان تم عرض شرائح (سلايدات) عن تاريخ العراق عبر العصور وعن صور لبعض المشاهد المؤلمة التي مرت على العراق ومشاهد لشوارع بغداد ولبساتين العراق وهي تزهو بالنخلة العراقية الشاهقة.
وهنا أعود لأصف الطامة الكبرى وقد انبرى احد المشاركين وقد تبين انه ذو اختصاص لاعلاقة لة على الاطلاق بموضوع المحاضرة بل وحتى لاعلاقة لة بالمؤتمر كله، فهو حاصل على درجة بكالوريوس في الطب البيطري، وقد شارك باسم احدى الكليات العراقية، حيث تكلم هذا الشخص اولا باسم العراق قائلا بأن مشاركتة جاءت نتيجة لرغبة الجهات العلمية في العراق، وقد حضر المؤتمر مع زميل آخر له... ولحد الان قد يكون الطرح مقبولا بالرغم من انة لاعلاقة للمؤتمر او للمؤتمرين بذلك ..... المهم بدأ يطرح كلاماً لاعلاقة له بموضوع المحاضرة لامن بعيد ولامن قريب... وياليت ان يكون ذلك فقط بل تحدث بلغة انجليزية بعيدة حتى عن الأبجدية الانجليزية، ولم استطع التعرف على مايريده وكذا الحال من سكرتير الجلسة ورئيسها اللذين تدخلا للتعرف على نوعية السؤال الذي يريد ان يطرحه ولم يفلح بتوضيح ذلك، وبعد القيل والقال عجَّت القاعة بالضحك، وللاسف الشديد لم أرغب بذلك كونه يعطي الانطباع السيئ عن العراقيين... تدخلت لكي اعالج الموضوع بالايحاء له ان كان يقصد كذا وكذا ... ولكنه قال بأنه مصر على سؤاله حيث عجت القاعة بالضجيج, اللعنة على الشيطان الذي جاء بهذا الشخص..
توجهت إلى الحاضرين مختصراً كلامي للمؤتمرين بأنني اعتذر عما سمعناه قائلا لهم: هذه هي ثقافة من يشاركون بمؤتمرات باسم حكومة الاحتلال بالعراق مسرعاً بالحديث عن الاستهداف المنظَّم الذي حصل لعلماء العراق، في كل الاختصاصات، بعد الاحتلال مبينا! لهم بأنني احد الذين استطاع ان يفلت من محاولتين جرت لقتلي لأن لي موقع علمي في احدى الجامعات قبل احتلال العراق، وهذا النموذج لايمثل العقل العراقي للاسف بالرغم من كونه عراقيا كما يدعي.
وقد ذكرت بعجالة اعداد العلماء الذين استهدفهم الحكومات التي جاءت بعد الاحتلال، وبدون تحفظ اقول بأن ماتحدثت بة لم يفقهه هذا المشارك (العراقي)، عجَّت القاعة بالتصفيق الحاد وكان المؤتمرون قد أرادو الدخول الى مواضيع أخرى لاعلاقة لها بالطب بل كانت سياسية، مستوضحين اكثر وأكثر عن أوضاع العراق ومايجري فيه بعد الاحتلال وفي ظل الحكومات التي ابتدعها الاحتلال، حيث تدخلت رئاسة الجلسة بأن المؤتمر علمي، وإن أراد احد الاستيضاح والاستزادة لمعرفة أوضاع العراق، فهناك وسائل وأوقات أخرى.
وفعلا كان ذلك خارج القاعة، وحصل ما حصل بعد انتهاء المحاضرة من الهمس على هذا الشخص الذي يدعي انه يمثل بلدا عظيما بكل معنى الكلمة، بلد عظيم اسمه العراق، وهذا بكل أسف حال معظم من يمثلون العرق المحتل في هذه الأيام، فلطالما سمعنا من زملائنا نوادر مضحكة ومبكية عن حال الوفود الحكومية (العراقية) التي تجوب العالم هذه الأيام مدفوعة النفقات بالكامل، ولكنها لا تفقه من هدف المؤتمرات التي تشارك بها شيئا، حيث بات الابتعاث لأغراض شخصية ولمنافع خاصة، ووفقا لعلاقات مع المسؤول الأعلى لا غير، أما مصلحة الوطن، فذلك اخر مايمكن أن يفكر به أولئك المبتعثون.
مجداً لعراق المجد الذي كان يزخر بأصحاب الكلمة واصحاب العقل النير وتعساً لأصحاب البضاعة الفاسدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق