هذه الوثيقة!

وجهات نظر
تناقلت مواقع وطنية وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي وتداولت رسائل البريد الإلكتروني وثيقة تقول ان أجهزة النظام الوطني العراقي رصدت تحركات الصهيوني برنار هنري ليفي واتصالاته مع مسعود بارزاني لغرض انشاء تشكيل تابع لتنظيم القاعدة في العراق للقيام بعمليات ارهابية داخل القطر.

وقد نبَّهتُ كل من أرسل لي هذه الوثيقة بأنها مزورة، ولكن هذه الوثيقة عادت إلى التداول من جديد، لذا سأناقش التفاصيل الآن..

أولاً، لابد من التأكيد على ضرورة عدم تداول الوثائق المزورة لأي سبب كان، لأنها تسهم في ضياع الحقيقة وتزوير التاريخ وخلط الحق بالباطل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الطرف الآخر، العدو والعميل، قام ويقوم بأعمال خسيسة كثيرة يمكن فضحه من خلالها دون الحاجة إلى تزوير وثيقة هنا أو فبركة قضية هناك، فالحقائق وحدها كافية لفضح جرائم أولئك.

ثم إذا كنا، ونحن من يدافع عن الحق والشرف، نزور الوثائق، أو نروج للمزوَّرة منها، فإننا نتساوى في ذلك مع الطرف الآخر، وهو حاشاكم، فاقد للشرف والقيم والمبادئ!

هذا من حيث المبدأ، أما من حيث التفاصيل، فنقول:

1- لم يكن برنار هنري ليفي مرشحا لرئاسة حكومة الكيان الصهيوني يوما ما، وإنما كان مرشحاً، كما اتضح لاحقا، لتولي منصب رئيس الدولة في كيان العدو، وهناك فرق كبير بين المنصبين، ويمكن الاطلاع على سيرته هنا.

2- الوثيقة مؤرخة بتاريخ 18-9-2001، فيما أعلن عن ترشيح ليفي لمنصب رئيس الكيان الصهيوني في العام 2011، بفارق 10 سنوات فقط، فكيف عرف النظام الوطني العراقي بكون ليفي سيرشح لهذا المنصب قبل 10 سنوات من ترشيحه؟

3- الوثيقة غير معنونة لأي جهة وهذا خطأ قاتل.

4- ثمة خطأ قاتل اخر، وهو ان الوثيقة تتحدث عن (عناصر جهازنا) فعن أي جهاز تتحدث؟

إن مكتب سكرتير رئيس الجمهورية لايملك أجهزة استخبارية، بمعنى انه لا توجد أجهزة استخبارية تابعة لمكتب السكرتير، وانما ترتبط أجهزة الأمن القومي كلها بمكتب السكرتير لأغراض إدارية ولضمان سرعة وصول المعلومات إلى رئيس جمهورية العراق، لاغير.

5- التوقيع الذي تحمله ليس توقيع سكرتير رئيس الجمهورية المرحوم الفريق عبد حميد محمود.

6- لايوجد في سجلات الدولة العراقية شخص يدعى عبد حميد المحمود، تولى منصب سكرتير رئيس الجمهورية.

7- الاسم الحقيقي لسكرتير رئيس الجمهورية هو عبد حميد محمود الخطاب، وهذا ماتحمله الوثائق الرسمية وماتشير إليه هذه الصورة.

8- المخاطبات الرسمية في دولة العراق لاتحمل صيغة الكيان الصهيوني الغاصب، فتلك تسمية سياسية تستخدم إعلامياً وسياسياً ولا تستخدم إدارياً على الإطلاق.

9- المخاطبات الرسمية لاتحمل صيغة تحية نضالية، لأنها صيغة مرتبطة بالمراسلات الحزبية حصراً.

10- أين التاريخ الهجري الذي يجب أن تحمله الوثائق الرسمية، على وفق أمر رئاسي معروف.

12- لايكتب رقم الصادر وتاريخ الإصدار في الوثائق الرسمية طباعة، وانما بخط اليد ساعة إصدار الكتاب، إذ ربما يختلف تاريخ طباعته عن تاريخ إصداره.

11- أول من نشر هذه الوثيقة، وهو من زوَّرها حتماً، هم عملاء المالكي هنا و هنا. وليس دفاعاً عن مسعود بارزاني ولكنني أعتقد ان الغرض من هذا النشر واضح.

بعد كل ذلك أتساءل: 

هل ثمة مبرر لترويج هذه الوثيقة إذن؟