الراوي مستظلاً بعلم العراق الأصيل في تظاهرات العراقيين بالبحرين أول من أمس |
عودة العلم ..
عبدالستار الراوي
وصف العراقيون إقدام مجلس الحكم الانتقالي على تغيير شكل ومضمون العلم العراقي بأنه: لعبة سياسية عابثة ورخيصة. الغاية منها تحقيق الأهداف الوضيعة التالية:
- ـتزييف الواقع والالتفاف على الحقائق التاريخية؛
- ـقطع صلة العراق بأمته العربية والإساءة المتعمدة للرمز الوطني.
- إلغاء الطموح الوطني باستقلال تام، وتحرر كامل، وسيادة غير منقوصة.
كان قرار تغيير العلم العراقي؛ أولى خطوات تغييب هوية العراق العربية، عن طريق إقتلاع رمزها، وهي أيضا من أولويات التفكير الأمريكي الصهيوني في محاربة فكرة الوحدة العربية – وحدة مصر وسوريا عام 1958 وقيام الجمهورية العربية المتحدة بقيادة المناضل جمال عبد الناصر، الأمر الجوهري هو قطع العلاقة على مستوى النجوم الثلاث التي ترمز إلى الأقطار العربية الثلاثة ( العراق ومصرو سوريا) بوصفها أجزاء لمكونات أمة واحدة.
أما الهدف الثاني، فهو السعي لمحو شعار (الله أكبر) كمقدمة لاجتثاث إيمان العراقيين بالمستقبل العربي الإسلامي.
وينصرف الهدف الثالث إلى المضمون، ذلك أن أحد الأهداف الرئيسية للغزو الأمريكي في ضوء (نظرية العراق الجديد) هو تحويل الذاكرة الوطنية العراقية إلى (صفحة بيضاء)، يكتب عليها المحافظون المتصهينون ما يشاؤون من أفكار وعقائد.
وقد شهدنا ألوان العلم المفترض لمجلس الحكم الانتقالي، الذي حرص مصممه على التمازج بين الرؤية التوراتية والتسلط الأمريكي من جهة، ومجلس الحكم الانتقالي الذي تبنى عقيدة التجزئة والتقسيم العرقي والديني من جهة أخرى.
وحيال هذه اللعبة ضج العراق بالاحتجاج وهو يلقي الاسئلة :
- ـترى هل ثمة من صدفة قدرية أو تزامنية حتمت تصميم علم بول بريمر على هذا النحو المتقارب الفاضح وعلم العدو الصهيوني؟
- وهل ثمة صلة قائمة بين البيت التوراتي الخشبي ومبنى مجلس الحكم اللصيق به، أم هو محض وجود عبثي؟
- أم أن علة سببية محكمة الدواعي أوجبت توصيف العلم البديل، وفق رؤية المحتل بالتوافق مع أحزاب التحرير، الباسطة ذراعيها عند بوابة المنطقة الخضراء؟
فجرى الإملاء في غاية الدقة وتم التنفيذ بمنتهى المهارة الطاعنة للكبرياء الوطني!
- تشير المنطقة البيضاء في العلم الصهيوني إلى الصحراء العربية وفق العقيدة الصهيونية التي تعمل الرؤية الاستيطانية من خلال رمزها المتمثل بنجمة داوود على تطويرها وإجلاء سكانها الأصليين، وأما الخطان الأزرقان فيمثلان نهريّ النيل والفرات، وفي ذلك ترجمة يهودية لما جاء في سفر التكوين 15/8 (في ذلك اليوم قطع الرب مع إبراهيم ميثاقا: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر إلى النهر الكبير الفرات).
- الأسف الممض أن التنفيذ لتلك الصيغة الصهيونية قد جاء على يد عراقي ينحدر من بيت (علم) وطني، ولكن غالبا ما أفرزت العلاقات السياسية الموضوعية نتائج سياسية غاية في ضررها على الذين لم يعوا قوانينها الداخلية وتفاعلاتها، الخارجة عن إرادة القائمين عليها.
- بدأت يوم 13-1-2008 فرق الديكة في (البرلمان الديمقراطي الاتحادي الفيدرالي)، تضع معطيات قراءاتها الأولية بشأن المقترحات المتعلقة بالعلم العراقي التي قيل إنها جاءت هذه المرة من الجبهة الرباعية والثلاثية معا، وإن الجميع عازمون على إنهاء هذه القضية التي باتت تؤرق الكثيرين من السادة أعضاء البرلمان، فالعلم الحالي حسب اعتقادهم هو آخر ذكريات العهد العراقي القديم وبتغيير الرمز الوطني تكتمل حلقات (العراق الجديد).
- وبغضِّ النظر عما آلت إليه النتائج في شكل ومضمون العلم، فإن أحدا من أصحاب السلطة لم يعترض يوم دنس هذا الرمز وانتهكت قداسته الوطنية، لينسج رئيس الحكومة الرابعة على المنوال نفسه ولكن بطريقة تدعو للحنق والإشفاق عليه في زيارته الصيفية لطهران يوم 8-8-2007 صاغرا تحت العلم الإيراني، متنازلا هو الآخر عن رمز العراق، فالتقطت العدسات والأقلام المشهد الذي وصف المراسيم بـ(زيارة رئيس حكومة بدرجة سائح للجارة إيران) في ذكرى انتصار العراق، فيما نفى الكذاب الأشر علمه بالتاريخ، ولم يتوقف (دولته) أو يتساءل عن غياب العلم العراقي أثناء مراسيم الزيارة.
- حكاية العلم الوطني الذي فقد قداسته في المدينة الخضراء بعد أنْ حوَّله سلاطين الفيدراليات والأقاليم إلى محض قطع متناثرة من القماش المهلهل الشبيهة للأسف بخرق قراصنة البحار.
- أدركت وجهات نظر المناضلة، أهمية أن تمسك جماهير وثبة الكرامة بالنسخة الاصيلة للعلم العراقي، ومدى اصرارهم العنيد أن تكون راية الوثبة المظفرة وعنوانها..
- يعيدني هذا المشهد الحميم، إلى الزمن الوقور في مدرسة الزوراء الابتدائية الرابضة فوق هضبة (الدهدوانة) بين محلتي الفحامة وسوق الجديد.
ارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى (العلم)، يجب علينا أن نبقيه فوق الرؤوس عاليا ولا تنسوا علينا أن نحافظ عليه بالتعلم وحفظ الدروس.
وتعلموا أن تقفوا باحترام وثبات وصمت، أثناء تحية الصباح برفع اليد اليمنى إلى أن يستقر في أعلى السارية، ولقدسية العلم لا بد أن يوضع في مكان يليق بمقامه نظافة وطهرا.
فيما بدأت جموع التلاميذ تردد نشيد العلم للشاعر محمد صدقي الزهاوي:
عش هكذا في علو أيها العلم **** فإننا بك بعد الله نعتصم
عش خافقا في الأعالي للبقاء **** وثق بأن تؤديك الأحزاب كلهم
جاءت تحييك, من قرب مبينة **** أفراحها بك , فانظر, هذه الأمم
إن العيون قريرات بما شهدت **** والقلب يفرح والآمال تبتسم
إن احتقرت, فإن الشعب مقتحر **** أو احترمت , فإن الشعب محترم!
الشعب أنت , وأنت الشعب منتصبا! **** وأنت أنت جلال الشعب والعظم!
فإن تعش سالماً، عاشت سعادته **** وإن تمت، ماتت الآمال والهمم
هذا الهتاف الذي يعلو فتسمعه **** جميعه لك , فاسلم أيها العلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق