عبدالله السويجي
فجّر “سيلفيو بيرلسكوني” رئيس الحكومة الإيطالية السابق، قنبلة من العيار الثقيل، يوم الجمعة الماضي، خلال حديث مع وكالة “آكي” الإيطالية، وتناقلته وسائل الإعلام المختلفة في العالم، حين قال “إن ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة بل تدخّل أرادته فرنسا”، وقال إن “ما حدث في ليبيا لم يكن ربيعاً عربياً أو ثورة للشعب، فالرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي كان محبوباً من قبل مواطنيه”، موضحاً أن “الشعب الليبي كان يفتقر إلى الحرية، لكنه كان يحصل على الخبز والسكن مجاناً” .
ورأى بيرلسكوني أن “ما حدث في ليبيا جرى وفق قرار للحكومة الفرنسية بالذهاب إلى هناك، والتدخل في نزاع داخلي وتقديمه أمام المجتمع الدولي في إطار ثورة” .
يذكر أن الحكومة الإيطالية قد شاركت في الحشد العالمي الجوي والبحري ضد القذافي، ووضعت سبعاً من قواعدها تحت تصرف قوات (الناتو)، ومعظم تلك القواعد في جنوبي إيطاليا وصقلية، وهي أميندولا، جيوا دي كولي، سينولا، أفيانو، ترابياني، ديشيمومانو، وبانتيليريا . بل إن الحكومة الإيطالية قامت بتجميد أموال القذافي في إيطاليا، وذكر موقع “قناة العربية” بتاريخ 29 مارس/ آذار ،2012 أن شرطة الضرائب الإيطالية صادرت أصولاً بقيمة 1 .1 مليار يورو (46 .1 مليار دولار) تخص أفراد من عائلة معمر القذافي، من بينها حصص في شركات إيطالية كبرى، وودائع بنكية، ودراجة نارية من نوع هارلي ديفيدسون، بناء على طلب من المحكمة الجنائية الدولية .
وكانت وسائل الإعلام قد تناقلت أخباراً عن قيام القذافي بتمويل حملة الرئيس الفرنسي ساركوزي الانتخابية، وفي الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي فجر زياد تقي الدين، الوسيط الفرنسي اللبناني المتخصص في صفقات بيع الأسلحة، فضيحة سياسية كبرى، حين أكد أنه يمتلك وثائق مكتوبة وفيديوهات، تؤكد أن القذافي منح ما يفوق 400 مليون يورو لقادة الجمهورية الفرنسية في عهد نيكولا ساركوزي .
وأكد تقي الدين، خلال مروره في برنامج (on est pas couché) على القناة الفرنسية الثانية، أنه يضع تلك الوثائق رهن إشارة العدالة الفرنسية، ويلتزم بإطلاعها عليها، حيث هي في “مكان آمن”، كما فسر تقي الدين قناعته أن ساركوزي شن الحرب على ليبيا للاستفادة مع دولة عربية من النفط الليبي، وكذا التخلّص جسدياً من العقيد المقتول أثناء الحرب في ليبيا، لأنه “يملك أدلة قاطعة على تورط ساركوزي وأصدقائه في تلقي رشى من القذافي” .
وأكد تقي الدين، خلال مروره في برنامج (on est pas couché) على القناة الفرنسية الثانية، أنه يضع تلك الوثائق رهن إشارة العدالة الفرنسية، ويلتزم بإطلاعها عليها، حيث هي في “مكان آمن”، كما فسر تقي الدين قناعته أن ساركوزي شن الحرب على ليبيا للاستفادة مع دولة عربية من النفط الليبي، وكذا التخلّص جسدياً من العقيد المقتول أثناء الحرب في ليبيا، لأنه “يملك أدلة قاطعة على تورط ساركوزي وأصدقائه في تلقي رشى من القذافي” .
وفي موضوع ذي صلة، أفادت صحيفة “ديلي ميل” في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، أن عميلاً سرياً يعمل لحساب المخابرات الفرنسية نجح بالتسلل إلى مدينة سرت الليبية، وتغلغل في صفوف الجماعات التي لاحقت العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وأن هذا العميل هو من أطلق النار على العقيد فأرداه قتيلاً بإطلاق رصاصة استقرت في رأسه، بناءً على أمر من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي .
وأشارت “ديلي ميل” إلى أن تصريح رئيس المكتب التنفيذي الليبي السابق محمود جبريل عن “عميل أجنبي تسلل وسط الثوار وقتل القذافي، تصب في مصلحة ما صرح به المصدر الموثوق”، فيما كانت مصادر دبلوماسية قد صرحت لصحيفة “كورييري دي لا سيرا” الإيطالية أنها لا تستبعد أن يكون الشخص الذي قتل العقيد الليبي عميل مخابرات أجنبية، واقتبست “ديلي ميل” ما قاله رامي العبيدي المسؤول السابق في المجلس الوطني الانتقالي، عن علمه برصد تحركات القذافي بواسطة نظام الاتصالات المرتبط بالأقمار الصناعية، عندما كان يُجري اتصالاً هاتفياً مع الرئيس السوري بشار الأسد، ومن ثم أعطيت إحداثيات موقع اختباء القذافي للثوار، بينما قامت طائرات تابعة لحلف شمال الأطلسي بقصف هذا الموقع .
وبعد مقتل القذافي بدأ السباق لنيل أكبر حصة من عملية إعمار ليبيا التي قيل إنها تقدر ب480 مليار دولار، وذكرت صحيفة “الوفد” المصرية بتاريخ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 أن فرنسا وبريطانيا بدأتا التنافس على قيادة عملية إعادة إعمار ليبيا قبل أشهر، ووصل التنافس بينهما إلى درجة أكثر حدة بعد مقتل القذافي، حيث أعلن وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونجيه يوم مقتل القذافي، أن بلاده لعبت دوراً قيادياً في المهمة ضد نظام القذافي، و”يجب أن تلعب دوراً قيادياً أيضاً في إعادة الإعمار بعد الحرب” . وطالب وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند الشركات البريطانية بحزم حقائبها والإسراع إلى ليبيا للمشاركة في عمليات إعادة الإعمار، وعدم التخلف عن الشركات الفرنسية . وحرص الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على أن يكونا أول زعيمين يزوران ليبيا بعد انتقال المجلس الانتقالي الليبي إلى طرابلس .
قُتل القذافي وانتهى نظام الجماهيرية العظمى، وخرج ساركوزي من قصر الإليزيه، لكن الحديث سيبقى متفجراً مثل حمم بركان نشط، ولاسيّما في الصحف الأجنبية، لكن السؤال الأهم هو: لماذا انتظر بيرلسكوني حتى اليوم ليعلن رأيه بصراحة ووضوح؟ وربما يسرق فرحة الانتصار من المسلحين الليبيين الذين لايزالون ينتشرون في بقاع ليبيا المختلفة، ومنهم جهة تعتقل سيف الإسلام القذافي، وكأنها دولة، ولماذا وافق الاشتراك في (الانقلاب الفرنسي العسكري) ضد ليبيا؟ وهل حديثه الجديد له علاقة في كمية (الكعكة) التي حصل عليها من إعادة إعمار ليبيا، أو أن العلاقة بينه وبين ساركوزي ساءت إلى درجة العداء وتفجير فضيحة من الوزن الثقيل، فكلام بيرلسكوني ليس وجهة نظر، ولم يتوصل إليه نتيجة تأمل عميق، فقد أفشى معلومة تعزز الأخبار والإشاعات التي تناقلتها وسائل الإعلام، فإذا صدق قول بيرلسكوني، يكون كل ما أشيع عن ساركوزي صائباً وحقيقياً، فهل يعقل أن يكون الرئيس الفرنسي السابق قد قام بتلك (الثورة) حتى يسحب الورقة من بين يدي القذافي؟ وهل أرسل رجل المخابرات الفرنسية لقتل القذافي حتى يموت السر معه، خاصة المتعلق بتمويل حملته الانتخابية؟ وهل من السهولة أن يحشد ساركوزي العالم كله من أجل أن يقتل رجلاً ساعده في حملته الانتخابية؟
ومن جانب آخر نتساءل: ألهذا تترك فرنسا الآن ليبيا تعيش الفوضى العارمة، ولا تسعى إلى استكمال بناء المؤسسات، وإعادة الأمن إلى المجتمع الليبي الذي يعاني التفكك وانتشار المسلحين؟
وهل ما ذُكر عن الدافع الفرنسي في ليبيا يشبه دوافع أخرى لما حدث في تونس ومصر واليمن وسوريا؟ وهل هناك مشاريع، على سبيل المثال، غير معلنة تؤجج الصراع في سوريا، وتبقي الحال مضطرباً في اليمن وتونس، وتستعجل سقوط الأسد؟ وهل هناك مشاريع أخرى لمصر بعد مبارك، وشيوع الفوضى السياسية، ووصول اقتصاد الدولة إلى حافة الانهيار؟
كلها أسئلة ذات علاقة بما تشهده بعض الدول العربية الآن، وما شهدته دول أخرى وغاصت في الوحل، فلا تحققت الديمقراطية ولا تحقق النمو ولا الاستقرار، فهل المطلوب أن يعيش العالم العربي في فوضى وتناحر وحروب دائمة بين الحكومات والمعارضة؟ وهل تدرك الشعوب العربية معنى أن يتحول الصراع إلى صراع ديني مذهبي طائفي؟ إنه بكل بساطة حرب أهلية .
برلسكوني قال كلمته ومضى، وستكشف الأيام دوافعها، ولكنها رسالة إلى الشعوب العربية، قصدها الزعيم الإيطالي أو لم يقصدها، تدعونا إلى التفكّر قليلاً بما مضى، وما سيأتي، خاصة أنها تزامنت مع اعتراف شيمون بيريز يوم الجمعة الماضي، رئيس دولة الكيان الصهيوني، باغتيال عرفات، فهل كان اغتيال عرفات متفقاً عليه؟ ومع مَنْ؟ . .
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
هناك تعليق واحد:
هناك جزء من اهداف برلوسكوني في تصريحه يتعلق بالتنافس الايطالي الفرنسي الاستعماري القديم على ثروات ومواقع شمال افريقيا العربية حيث ان ايطاليا كانت تعتبر ليبيا هي من حصتها الاستعمارية
وكذلك ان برلوسكوني كان اكثر المستفيدين من نظام القذافي وقد انجر الى الموقف الفرنسي مكرها في حربها ضد القذافي اضافة الى ان اقتسام الغنائم الليبية لم ترض ايطاليا في اعادة الاعمار
اما بالنسبة للعرب فهم نائمون لحد الان على امل ان يعطيهم اعداءهم بعض ما يطمحون اليه من مناصب او مكاسب
فدعهم يناموا ولا يستيقظوا
فبرنار هنري ليفي الصهيوني الفرنسي هو لورنسهم الجديد
ولكم تحياتي
إرسال تعليق